في البدء من حق الكاتب أن يعلن مطلبه ويرسم كلمته ويرفع صوته، وأن يتبنّى الموقف الوطني والاجتماعي المناسب حسب ما يمليه عليه وعيه وضميره، وليس على حساب مصلحته الشخصية وطمعه الذاتي والأنانية المتفرّدة، وأن يعي جيداً الحقيقة كاملة خلال تعامله مع الواقع،وعليه حين ينشر فكره وأطروحاته أن يفعلها من أجل إثراء تنمية الوطن وبناء روح التفاهم والحوار الاجتماعي...
....إننا نملك كوكبة كبيرة من المثقفين تتمتع بدرجة عالية من الوعي والنضوج الفكري والذكاء الحاد، وهي بمستوى المسئولية من أجل إرساء قواعد ثابتة تخدم الوطن والأمة السعودية، إنّ على كتّابنا أن يؤدوا دورهم الوطني المطلوب منهم بكل شفافية وتجرُّد، وبعيداً عن الإقليمية والطائفية والأطروحات والاتجاهات والأيديولوجيات المتعددة، ويقوموا بتوعية أفراد الأمة السعودية وتعزيز أواصر اللحمة الواحدة والأخوة الواحدة والحس الوطني الواحد، حتى نبني دولة عصرية ونموذجية يحتذي بها بقيه العالم، إنّ على كتّابنا بغضّ النظر عن انتماءاتهم الفكرية والإقليمية والقبلية والعائلية، أن يسعوا جاهدين لتقديم ما هو نافع ومفيد للأمه ووحدتها الوطنية وتكاتفها وتآخيها، وتعزيز أهدافها النبيلة ومبادئها الفاضلة والعمل على درء المخاطر المحدقة بها من خلال طرح المساهمات الفعالة سواء في المقالة أو المحاضرة أو المسرح أو الإذاعة أو التلفزيون. إنّ أعداء الأمة والوطن ما فتئوا يبثون سموم الفتنة والفرقة لتفعيل الشقوق وتكبير الشروخ والصدوع في صرح وطننا الأشم، وعلى كتّابنا في المقابل أن يخصصوا كتاباتهم وجل حياتهم لخدمة الأمة والوطن وأن يكونوا صوتاً وكتابه ضد تلك الأصوات المبحوحة والأقلام المأجورة وفضح ممارساتهم غير الإنسانية وغير الوطنية. إن على كتّابنا أن يشكلوا تياراً قوياً متماسكاً ضد كل التيارات الفاشية والعنصرية وكل المتزيين بثياب الأفكار المنحرفة وإن شع بريقها، أولئك الذين يندسون خلف المواقع الإلكترونية العفنة أو الصحف الصفراء، لينشروا أفكارهم الجهنمية وسمومهم القاتلة، متسربلين بأهداف فكرية تنطلق من غباء واضح وبائن، هؤلاء الذين غدوا يفترشون أسواق النخاسة الإعلامية ويمارسون فيها أبشع الإرهاب الكلامي بارتزاق مدفوع الأجر وبأموال سحت حرام. إنّ على كتّابنا بقوة كتاباتهم أن ينتصروا للوطن السعودي وللأمة السعودية، وأن يدعوا في كتاباتهم للتآخي والحب والتسامح والعدالة الاجتماعية والقيم الفاضلة والانتماء الخالص والاحترام المتبادل، خدمة للوحدة الوطنية والنهضة السعودية وألفة الوطن ورموزه وعلاماته التي يجب أن نفرش لهم جميعاً نصوصاً كبيرة دائمة وواضحة، وأن يكونوا منشغلين لغوياً وتفكيرياً بهموم الناس وقضاياهم، وأن يذهبوا بعيداً في ذلك بدون ضلالات ولا دلالات، بل يضعون حاجات الناس عند المسافات المكشوفة والحقيقة الصحيحة، وأن تكون نصوصهم محتشدة بالرغبة اللذيذة ومنسوجة بدفء الانتماء لوطن عريق، وعليهم أن يجففوا أحزان الناس بنوع من المكاشفة المرتبطة بفعل استحضار المشكلة، وأن لا يتمردوا بصخب، ولا يلغوا بصخب، ولا يتنابزوا بصخب، وأن تكون (سايكولوجيا) التأمل العميق لديهم وفق الدلالة التي يجب أن يتلمّسوا البهجة من خلالها، وأن تكون لغتهم واضحة غير مبهمة ولا (شفرات) مركبة غير متجانسة، وعليهم أن يحلموا بدون أقنعة، وأن يذهبوا مباشرة إلى المعنى، وأن تكون كتاباتهم تنداح وتتسع في صورة لغوية جميلة من أجل خلق واقع معاش، وأن تكون لكتاباتهم طقوس واضحة واقعية وغير ملتوية، تبدأ من الفكرة وحتى إيضاح البرهان وإيجاد الدليل، وأن تكون قوة القضية التي يكتبون عنها تجعلهم أكثر قدرة على صناعة تركيب الجمل وتجلي الصورة بشكل حركي ولغوي فائق ملموس، بعيداً عن عشوائية الاختيار، وأن تكون مخيلة الكاتب وقدرته الإبداعية تعكس شخصيته ومزاجه اللغوي لتولد لنا تحليلاً غاية في الدقة وفي الرؤية وفي الإثارة والصورة، وأن تكون للكاتب طاقة استثنائية يتعمّق فيها فعل الحضور، وأن تكون لديه تقنية كتابية يعتمد عليها في قدرته على توظيف البنية الكتابية وفق إيقاع حرفي يقوم على أساس هدف معين، إنني في الأخير أقدم لكتّابنا باقة ورد مخلوطة من نرجس وياسمين وفل وريحان وكادي، وأدعوهم جميعاً للكتابة وفق ذلك في أعمدتهم وزواياهم وقصائدهم وخواطرهم، بعيداً عن حكايات الشاة المسمومة والغزالة الشاردة وشلالات المياه المتدفقة، وجريان المياه العذبة والقباب الصخرية والشمس واقراط الفضة، والأمكنة الغائرة والتعاويذ المصطنعة، وسرائر الأمكنة الإليفة، وانسكاب الفجر والليل الغارق بعماه، ولغة النيازك ومنظر الأرخبيل، وروائح الأمكنه وغبار التفاصيل العتيقة، وارتعاشات الشهوة العالقة وتجليات الأشياء وإغواءات الطقوس.
ramadan.alanazi@aliaf.com