Al Jazirah NewsPaper Sunday  28/06/2009 G Issue 13422
الأحد 05 رجب 1430   العدد  13422
دور الأيتام والعذاب
د. عبد الله بن سعد العبيد

 

وردني عددٌ من رسائل المحمول والإيميلات والمكالمات الهاتفية توصف حال إحدى دور الأيتام بالمملكة ولم يتضح موقع الدار أو المنطقة التابعة لها غير أن ما شاهدته - إن صدق ذلك - يقشعر له البدن ويقف له شعر الرأس ويندى له الجبين.

فما شاهدته وغيري من الآلاف الذين وصلهم ذلك المشهد عبر أحد برامج الإنترنت لا يتصور أحدٌ أنه يحدث في سجون دول غابت عنها الإنسانية وما تحمله تلك الإنسانية من مبادئ وقيم فضلاً عن أن يكون في دار يُفترض لها أن تقوم برعاية وحماية وفوق ذلك تربية وتعليم أطفال لا ذنب لهم سوى أنهم فقدوا أسرهم نتيجة حوادث أو خطيئة.

وحتى لا يطول سردي لما شاهدته وغيري وأمعن في وصفه ووصف الشعور الذي ينتاب الشخص الذي يشاهده، كنت أتوقع أن يظهر من ينفي ذلك الخبر أو يؤكده، وهذه الخطوة الأخيرة لا يمكن أن يقوم بها أحد من داخل تلك الدور. فلا يمكن أن يظهر لنا مسؤول عن دار رعاية ويؤكد صحة خبر ضرب وامتهان لشخصية طفل أو مراهق يراد له أن يصبح رجلاً سوياً في المستقبل، ذلك أننا جُبلنا بالفطرة على إخفاء الحقيقة، بل وإنكارها إذا ما تم اكتشافها.

فقد تعلمنا من إدارات العلاقات العامة وهي الجهة المناط بها دوماً دور تكذيب الأخبار وإظهار المنظومة التي تتبع لها بأحلى وأبهى صورها، كنت أنتظر أن تخرج علينا بتكذيب الخبر بالتأكيد ونفي أن يكون ما تم توزيعه قد حدث بالفعل في إحدى تلك الدور وأنها تهيب بالعموم عدم تصديق ما يأتي إليهم من إشاعات الغرض منها النيل من سمعة تلك الدور، وأنها كذلك ستأخذ كل ما يمكن لها من أدوات قانونية لملاحقة من قام بهذه الفعلة المشينة والتي تؤثر سلباً ليس فقط في سمعة الدور وإنما في مشاعر الناس سواءً داخل دور الرعاية أو خارجها.

أو أن تقوم جهة أعلى تُشرف على تلك الدور بالإعلان أنها قد قامت بالفعل بإحالة مسؤولي تلك الدار إلى التحقيق وأنها تنتظر نتائج ذلك التحقيق لمعاقبة من قام بفعل الضرب والإهانة ومن ثم إعفاء المسؤول الأول عن تلك الدار ومعاقبة من سولت له نفسه ضرب وإهانة حدث في تلك الدار.

هذا أعزائي القراء أقل ما يمكن أن يتم فعله لامتصاص غضب الناس وما أحدثه ذلك المشهد من إثارة للرأي العام في قضية إنسانية تمس مشاعرهم وأحاسيسهم على اختلاف مستوياتهم ونفسياتهم وشخصياتهم. لكنّ شيئاً من ذلك لم يحدث.

أعلمُ تمام العلم أن ما تم توزيعه وشاهده أعداد لا استطيع حصرها أو تقريب أرقامها قد يكون مفبركاً تماماً بفعل انتقام شخصي أو إثارة للرأي العام ضد جهة معينة، لكنّ أياً كان السبب أو الدافع، فما حدث يجب عدم السكوت عنه، بل يجب أن يسارع من بيده الأمر إلى أحد أمرين مما ذكرته سابقاً.

أما ان يترك الأمر ليتم تناوله في المجالس والشوارع والأزقة والمدارس وكل مكان ويستمر مسلسل إرساله عبر وسائل البريد الإلكترونية، فهذا ما لا يجب السكوت عنه.

فهل يخرج علينا مسؤول في تلك الدور أو الجهة الإشرافية ليعلن حقيقة وواقع الأمر قبل استفحاله؟ هذا ما نتمناه.



dr.aobaid@gmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد