| |
نوارة فوزية ناصر النعيم / عنيزة
|
|
نوارة.. هل أنت غاضبة مني..؟! يحق لك لا تعرفين ظروفي.. نسيت أنني قلت لك ذات يوم: إن الطير يرقص مذبوحاً من الألم.. يحق لك يا نوارة.. لأنني لا أطيق الحديث حينما يخفق قلبي يعزف حزيناً وأن كوارث الدهر لم تفتأ تنخر عظمي وتجعلني لا أستكين.. نسيت يا نوارة أنني أكثر الناس حباً وأكثرهم إخلاصاً (إلا الشديد القوي يردني عنك).. بيني وبينك يا نوارة.. لغة أحبها وإيمانك بي يكسوني جميلاً من رأسي حتى أخمص القدم.. ويربطني بك ود خالص لا تعكِّره المصلحة ولا الانتظار والتوجُّس وأعلم يقيناً أنك تدركين ذلك.. وربما تتساءلين..؟! وأحياناً تتعجبين.. لا تتعجبي يا نوارة.. الأرواح جنود مجنَّدة.. تُحلِّق في فضاء واسع.. ترفرف في هواء نقي.. تمكث على غصون يانعة.. لكن يا نوارة.. تلتهب الأفئدة من الألم ويقف بيننا وبين القدرة عجز ضعيف يمنعنا أن نُقدِّم أو نُؤخِّر.. وتبقى أقدامنا تتحسس المكان لتعلم يقيناً أنها على الأقل فوق هذه الأرض وتحت هذه السماء.. ويكفينا فضلاً من القدر أن يجعلنا في محيطك نتنفس أنفاسك وتحتك أكتافنا بك لنعلم أننا في مأمن.. يا نوارة وظروف هذه الحياة السقيمة تُكبِّل يديّ بأقدامي وتجعلني أفكر بدل المرة آلاف المرات، وتنتحر كل أحلامي لأنني أفقد العضد المخلص أو الصديق المساعد.. ويظن الآخرون أننا لا نتنفس من السعادة.. وقلوبنا يعتلجها همٌّ قاتلٌ وحزنٌ ساحقٌ وحسبنا أننا في الضراء من الصابرين.. يا نوارة وكل ما يدور على أفواه المتفوهين هراء ليس بعده هراء، وسموم تملأ الآذان واعتقادات (أن الله سيبطلها).. ويربت على كتفي أن تاريخنا حافل بالصدق والإخلاص ولا مجال لأفواه تنعق أو عقول تدبر.. لكني مقصِّرة معك حتى النخاع وأخشى من الصيد في الفضاءات المحظورة.. وهم كثر يا نوارة.. أتعبني هذا المجتمع كثيراً.. إنهم كالذباب يلتهم قطرات الحلى حتى يعكِّر صفاءها ويجعل بقاياها لا تشتهيها الأنفس ولا تقبلها القلوب.. وأنت يا نوارة.. كما عهدتك.. ما كتبت عنك يوماً أستفيض حباً أو أستدر عطفاً أو أطلب مغزى.. كان وما زال قلبي يا نوارة يتحدث عنك لقلمي ويخالجني يقين بذلك.. ولي مع نتوء الجرح مشوار طويل آليت على نفسي ألا ينتهي فكل ألم يبدأ كبيراً ثم يصغر إلا حزن ذاتي يولد صغيراً ويتعهده الآخرون ويكفله قلبي.. يا لهذه الحياة يا نوارة تمنحني باليمين وتطعننا بالشمال، وكأننا نعيش ونحن نترقَّب العطاء خوفاً من الخيانة!! نوارة قلبي.. ولك في قلبي شيء لا يعترف بالظروف.. ما حسبت والله أنني سأفضي لك هكذا.. ولا أنتظر بعدها إلا الراحة التي يشعر بها المتحدثون لشخص يثقون به كثيراً.. وإن بسطتها على الملأ فلدي إحساس عظيم بأنها لك ولا يفهمها الآخرون.. لك وحدك يا نوارة يفيض هذا الإحساس المرهف وتشتعل المصابيح في الشوارع وتغلق الظلماء على نفسها.. أبواباً موصدة.. لك أنت يا نوارة تهرول القلوب ذهاباً وإياباً وسعياً وطوافاً، حتى ينبع الماء الزلال وترتوي القلوب العطشى.. سامحيني يا نوارة فلم تعد الأعياد تقرع في قلبي الطبول!!
|
|
|
| |
|