|
نظام المؤسسات الصحفية مرةً أخرى..
|
** في نظام المؤسسات الصحفية الجديد جوانب إيجابية كثيرة، وفيه ما فيه من جوانب القصور وهي كثيرة أيضاً..
** فالنظام الجديد يرسخ في مادة من مواده نَصَّاً لقيام مجلس لإدارة المؤسسة الصحفية، وهو ما أغفله النظام القديم..
** والنظام الجديد يلغي لجنة الإشراف على التحرير الوصاية!! التي وردت في النظام القديم، وهذا الإلغاء جاء على ما يبدو لتعذُّر قيام لجنة الإشراف بمسؤولياتها بسبب ازدواجية صلاحياتها مع مسؤوليات وصلاحيات رئيس التحرير..
** النظام الجديد أعفى المؤسسات الصحفية من شرط عضوية المؤسسة لكل من المدير العام ورئيس التحرير بخلاف ما كان يشترطه النظام السابق..
** كما أن النظام الجديد أجاز تعيين المدير العام دون الحاجة إلى موافقة وزارة الإعلام، وهو ما كان سائداً من قبل..
** والنظام الجديد اكتفى بالرفع عن رئيس التحرير المرشح إلى وزارة الإعلام لأخذ الموافقة عليه، بديلاً من الرفع للوزارة بأسماء ثلاثة مرشحين مثلما كان ينص عليه النظام السابق..
** في النظام الجديد نصوص تحمي الصحفي من إجراءات الفصل التعسفي، إذ إن فصله من عمله أصبح لا يتم إلا بتوصية مسببة من رئيس التحرير وموافقة من مجلس الإدارة..
** وفي ظل النظام الجديد أصبحت المؤسسات الصحفية القائمة حالياً تملك حق إصدار صحف إضافية بقرار من وزارة الإعلام ودون أن تكون هناك حاجة إلى الرفع بذلك إلى مجلس الوزراء بخلاف ما كان ينص عليه النظام السابق..
** والنظام الجديد عالج موضوع الازدواجية في عضوية المؤسسات الصحفية بأن منع الجمع بين أكثر من عضوية في أكثر من مؤسسة صحفية للعضو الواحد، أي أن تقتصر عضويته على مؤسسة صحفية واحدة وذلك تعديلاً لوضع كان قائماً..
** ويلاحظ في النظام الجديد اهتمامه بتنظيم المؤسسات الصحفية وفق أسس علمية، وذلك بأن ألزم المؤسسات بوضع الهياكل واللوائح المنظمة لسير العمل فيها، وهوما لم يطالب به النظام السابق..
** في النظام الجديد لوحظ عنايته بشؤون الصحفيين وخدمة مصالحهم وحقوقهم والرفع عنها لدى مختلف الجهات، يتضح ذلك من تبنِّيه لإقامة هيئة للصحفيين تمثل نشاطهم، وهي بمثابة جمعية أو اتحاد وإن اختلفت المسميات، وهو ما أغفلته اللائحة السابقة..
** النظام الجديد صاحبته لائحة تنفيذية، فسَّرت بعض بنوده وأضافت ما يتمشى مع أهدافه، فيما كان النظام السابق وحيداً وبلا لائحة تنفيذية..
** هذا عرض سريع لبعض إيجابيات النظام الجديد، وقد تعمدت أن أؤجل الحديث عن الثغرات التي وجدتها فيه، وهي ثغرات لا يمكن أن نخفيها، أو نفقد القدرة على وضع اليد عليها، غير أنني آثرت تأجيل الحديث عنها إلى حين، فمن حق هذا النظام أن يأخذ حقه من الوقت للتجربة والتطبيق قبل إصدار الحكم عليه، فقد أعطينا النظام السابق أكثر من أربعين عاماً، ومن حق النظام الجديد أن تتسع له صدورنا ولو لبعض الوقت.
++
خالد المالك
++
|
|
|
سور الأزبكية انتقل إلى العراق المتنبي يبيع الكتب في بغداد! معرض دائم للكتاب في عاصمة الخلافة
|
* بغداد د. حميد عبد الله:
من شارع الرشيد أحد أهم شوارع بغداد يتفرع شارع ضيق وقصير اسمه ( شارع المتنبي )، وبرغم أن الرشيد والمتنبي عاشا في عصرين متباعدين تفصل بينهما قرون من الزمن إلا أن جغرافية المدن فرضت أحكامها على قوانين التاريخ، فجعلت المتنبي ابنا للرشيد !!
وبينما تربع الأب عرش الخلافة، وحصد أمجادها ومآثرها، تبوأ الابن عرش الشعر فكان اسما لم يجرؤ أحد قبله ولن يقدر أحد بعده أن ينافسه في بناءالقصيدة العربية حتى صار اشهر شعراء العرب منذ الجاهلية وحتى العولمة !
ومثلما يتجدد شعر المتنبي بالبلاغة والإعجاز فان شارعه يتوهج بالحضور الثقافي الكثيف الذي يشهده صبيحة كل يوم جمعة، حتى إن مشهد الثقافة العراقية يبدوشديد الوضوح في هذا الشارع.
من غير موعد مسبق، بإمكانك أن تلتقي أيا من نجوم الثقافة في العراق وما عليك سوى أن تزور شارع المتنبي صباح يوم الجمعة .. جموع من المبدعين والمثقفين والأكاديميين والأدباء يرسمون بحضورهم ألوان الطيف الثقافي العراقي من خلال مهرجان عفوي لم تقف وراء تنظيمه مؤسسة ثقافية بل منظمه الأول هو حرص هؤلاء المثقفين على زيارة الشارع صباح هذا اليوم لإلقاء تحية الصباح على أبى الطيب المتنبي الذي يتلمس المثقفون حضوره في كل مكتبة ومطبعة و محل من محال التصحيف والتجليد وبين باعة الكتب الذين يعرضون بضاعتهم على الأرصفة والإسفلت وسطوح السيارات حتى إن المارة يجدون صعوبة في تخطي الكتب التي تكاد لكثرتها أن تغلق الشارع.
من حق هذا الشارع أن يصاب بالغرور ويشعر بالخيلاء على شوارع العاصمة قاطبة. فهو يتشرف منذ اكثر من 70 عاما بحمل اسم أحد أهم شعراء العرب، ثم انه اصبح شارع الثقافة بلا منافس، والطريف أن الشارع قاب قوسين أو ادني من مجسم الرصافي أحد اكبر شعراء العراق في نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين.
تأثير ثقافي
ولتأثيره الثقافي عكف الكثير من المؤرخين على توثيق حياة ذلك الشارع، لكن معلوماتهم تباينت حسب مصادرهم والوثائق التي حصلوا عليها، غير أن الشيخ جلال الحنفي البغدادي إمام وخطيب جامع الخلفاء من الذين تابعوا عن كثب مسيرة هذا الشارع بحكم كونه تلميذا في مدرسة ابتدائية كان الطريق المفضي إليها يمر عبر شارع المتنبي.
وإذا أخذنا شهادة الحنفي فان هذا الشارع لم يكن معنيا بالثقافة في أوائل القرن العشرين وقد سمى ب ( اتمك خانة) أي شارع المطبخ، حيث كان يضم بنايةقديمة تابعة للجيش يتم فيها إعداد الطعام وتجهيز«الصمون» للجنود، وفي مطلع الثلاثينيات من القرن الماضي أطلق عليه اسم المتنبي من قبل لجنة شكلت لتسمية شوارع ومحلات بغداد،غير أن (باعة الثقافة) كانوا يبسطون نفوذهم على الشارع حتى قبل أن يحمل اسم المتنبي، فكانت المطابع ومحال تجليد الكتب (الصحاحيف)، وإدارات بعض الصحف والمجلات العراقية تفرض حضورها على بقية الأنشطة التجارية في الشارع.
فكانت هناك جريدة (الحوادث) لصاحبها عادل عوني ومجلة (المناهل) لعبداللطيف بستانة .. ثم انتقلت مجموعة من المكتبات من سوق السراي إلى شارع المتنبي. والتي تعد من أهم المكتبات في العاصمة بغداد ومن بينها المكتبة العصريةومكتبة البيان ومكتبة المثنى.
وعلى ذكر هذه المكتبات، فان شارع المتنبي ومعه الكتاب والناشرون العراقيون والمعنيون بالثقافة قد فجعوا عام 2000 بكارثة حلت بمكتبة المثنى، حيث شب فيها حريق لم تعرف أسبابه، أتى على مئات الآلاف من المخطوطات النادرة وكتب التراث.
لم يخترق مهنة الثقافة في هذا الشارع سوى ثلاثة محامين وطبيبين أحدهما أجنبي يدعى ماكس ماكوفسكي مازال الكثيرون يتندرون بقصة مريض كتب له الطبيب ماكوفسكي وصفة طبية هي عبارة عن (ورد لسان الثور) وهو من الأعشاب الطبية الشائعة في العراق، ولكن الطبيب كتب الوصفة باللغة الإنكليزية فبحث المريض عن الدواءالمطلوب فلم يعثر عليه في الصيدليات الأربعة التي كانت موجودة في بغداد آنذاك مما اضطره أن يكلف الطبيب بجلب الدواء من خارج العراق، وجاء الطبيب بالدواء مقابل مبلغ مالي كبير رغم أن أن سعر ه زهيد لانه متوفر لدى معظم العشابين والعطارين في بغداد فكاد المريض أن يموت ندما.
معرض الكتاب
يصف المؤرخ العراقي المعروف الدكتور عماد رؤوف شارع المتنبي اليوم بأنه عبارةعن معرض دائم للكتاب، ويشبهه بسوق الازبكية في القاهرة، ويلاحظ انتشار الحوارا ت الثقافية على أرصفة الشارع، بينما المثقفون يتحلقون حول أكوام من الكتب المتنوعة، والطريف أن نعيم الشطري صاحب اشهر مكتبة في الشارع ينظم اسبوعيا مزادا علنيا للكتب فيتجمع حوله نجوم الأدب والثقافة وكبارالمؤرخين ليقتنوا مبتغاهم.
مفارقات
ومن المفارقات المضحكة المبكية أن هناك الكثير من الكتب التي خرجت من المكتبات الخاصة لكبار الأدباء والمفكرين العراقيين بفعل الحصار لتعرض نفسها على الأرصفة بعد ان اضطر أصحابها لبيعها، فلا تستغرب إذا اشتريت كتابا وقرأت في حاشيته عبارة (من كتب الدكتور حسين علي محفوظ) أو (من كتب الدكتور علي جوادالطاهر)، أو جلال الحنفي، أو حسب الشيخ جعفر .. أو عبد الرزاق الحسني وغيرهم كثر.
وإذا صادفت أديبا معروفا، أو مؤرخا مشهورا، أو شاعرا نجما. وهو يتأبط مجموعة من الكتب فلا تتصور انه قد اشتراها، فالأرجح انه قد أخرجهامن مكتبته ليبيعها تحت وطأة الحصار.
ثقافة الاستنساخ
الظاهرة الأخرى التي أنتجها الحصار وألقى بها في شارع المتنبي هي ( ثقافةالاستنساخ )، فالكتاب الذي يصدر في القاهرة أو بيروت ما أن يدخل إلى العراق حتى تتلقفه أجهزة الاستنساخ فتطبع منه مئات الآلاف من النسخ، حتى إن اقتناءالنسخ الأصلية من الكتب صار غير مألوف لندرتها وارتفاع أثمانها، وأصبح الاستنساخ هو الثقافة السائدة.
لقد قلب الحصار المقولة المشهورة التي تقول إن (القاهرة تكتب وبيروت تطبع وبغداد تقرأ ) فأصبحت بغداد (تستنسخ وتقرأ) حتى إن الناشر المصري المشهور محمد مدبولي لعن الحصار الثقافي ومن أوجدوه لانه جعل الكتاب الذي يصدره في القاهرة يفرخ ألف كتاب مستنسخ في بغداد، أما حقوق الطبع والتأليف فان قوانين الحصار تسقطها كما أسقطت ثوابت كثيرة في الثقافة والحياة.
والحقيقة أن هموم الثقافة، والأخطار المحدقة بالعراق، هي القاسم المشترك لجميع الأحاديث والحوارات التي يشهدها الشارع، وهي حوارات ما أن يسمعها المارة حتى يشعروا ان في نشازها تناغما وفي صياحها ألفة.
جولات
ولم يكتف رواد الشارع باجتيازه مرة واحدة فربما لم يجدوا ضالتهم في المرةالأولى فيضطرون أن يقطعوا الشارع جيئة وذهابا ليطلعوا على ما فيه جانبيه من كتب ومجلات وإذ ينتهي مشوار البحث عن الكتاب يلتقي رواد الشارع في محطات معروفة هي المقاهي الثقافية واشهرها مقهى الشابندر بأبوابه الخشبية ونار كيلاته العامرة بالجمر، ومقهى حسن عجمي الذي لا تسمع فيه حديثا غير حديث الأدب.
ومن الأشياء التي يتندر بها الرواد أن الشارع لا يدخله أحد وهو مهموم أومكروب إلا وخرج وقد انقشعت همومه حتى لو كانت بارتفاع الجبال وثقلها !!فعلى قدر أهل العزم تأتى العزائم
ورحم الله أبا الطيب الذي ابصر أدبه العميان .. وأسمعت كلماته الطرشان.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|