|
نظام المؤسسات الصحفية مرةً أخرى..
|
** في نظام المؤسسات الصحفية الجديد جوانب إيجابية كثيرة، وفيه ما فيه من جوانب القصور وهي كثيرة أيضاً..
** فالنظام الجديد يرسخ في مادة من مواده نَصَّاً لقيام مجلس لإدارة المؤسسة الصحفية، وهو ما أغفله النظام القديم..
** والنظام الجديد يلغي لجنة الإشراف على التحرير الوصاية!! التي وردت في النظام القديم، وهذا الإلغاء جاء على ما يبدو لتعذُّر قيام لجنة الإشراف بمسؤولياتها بسبب ازدواجية صلاحياتها مع مسؤوليات وصلاحيات رئيس التحرير..
** النظام الجديد أعفى المؤسسات الصحفية من شرط عضوية المؤسسة لكل من المدير العام ورئيس التحرير بخلاف ما كان يشترطه النظام السابق..
** كما أن النظام الجديد أجاز تعيين المدير العام دون الحاجة إلى موافقة وزارة الإعلام، وهو ما كان سائداً من قبل..
** والنظام الجديد اكتفى بالرفع عن رئيس التحرير المرشح إلى وزارة الإعلام لأخذ الموافقة عليه، بديلاً من الرفع للوزارة بأسماء ثلاثة مرشحين مثلما كان ينص عليه النظام السابق..
** في النظام الجديد نصوص تحمي الصحفي من إجراءات الفصل التعسفي، إذ إن فصله من عمله أصبح لا يتم إلا بتوصية مسببة من رئيس التحرير وموافقة من مجلس الإدارة..
** وفي ظل النظام الجديد أصبحت المؤسسات الصحفية القائمة حالياً تملك حق إصدار صحف إضافية بقرار من وزارة الإعلام ودون أن تكون هناك حاجة إلى الرفع بذلك إلى مجلس الوزراء بخلاف ما كان ينص عليه النظام السابق..
** والنظام الجديد عالج موضوع الازدواجية في عضوية المؤسسات الصحفية بأن منع الجمع بين أكثر من عضوية في أكثر من مؤسسة صحفية للعضو الواحد، أي أن تقتصر عضويته على مؤسسة صحفية واحدة وذلك تعديلاً لوضع كان قائماً..
** ويلاحظ في النظام الجديد اهتمامه بتنظيم المؤسسات الصحفية وفق أسس علمية، وذلك بأن ألزم المؤسسات بوضع الهياكل واللوائح المنظمة لسير العمل فيها، وهوما لم يطالب به النظام السابق..
** في النظام الجديد لوحظ عنايته بشؤون الصحفيين وخدمة مصالحهم وحقوقهم والرفع عنها لدى مختلف الجهات، يتضح ذلك من تبنِّيه لإقامة هيئة للصحفيين تمثل نشاطهم، وهي بمثابة جمعية أو اتحاد وإن اختلفت المسميات، وهو ما أغفلته اللائحة السابقة..
** النظام الجديد صاحبته لائحة تنفيذية، فسَّرت بعض بنوده وأضافت ما يتمشى مع أهدافه، فيما كان النظام السابق وحيداً وبلا لائحة تنفيذية..
** هذا عرض سريع لبعض إيجابيات النظام الجديد، وقد تعمدت أن أؤجل الحديث عن الثغرات التي وجدتها فيه، وهي ثغرات لا يمكن أن نخفيها، أو نفقد القدرة على وضع اليد عليها، غير أنني آثرت تأجيل الحديث عنها إلى حين، فمن حق هذا النظام أن يأخذ حقه من الوقت للتجربة والتطبيق قبل إصدار الحكم عليه، فقد أعطينا النظام السابق أكثر من أربعين عاماً، ومن حق النظام الجديد أن تتسع له صدورنا ولو لبعض الوقت.
++
خالد المالك
++
|
|
|
واشنطن تستعد لحرب «جائرة» بغداد تحترق.. سيناريو مرعب وشيك!! تاريخياً.. حروب المدن تقود إلى خسائر كبرى للمهاجمين والمدافعين
|
مجلة الجزيرة الترجمة:
على الرغم مما يبديه العراق من تجاوب تجاه قرارات الأمم المتحدة إلا أنه من الواضح ان الولايات المتحدة تتحين الفرص وتنتظر السانحة لشن حرب يعتقد انها ستكون «جائرة» على العراق، ولتنفيذ برنامجها أو استراتيجيتها في خوض أقصر حروبها التي تأمل ألا تتجاوز اسبوعاً واحداً أو ثلاثة اسابيع على اقصى تقدير فان الادارة الامريكية قد تستخدم جميع ما لديها من تكنولوجيا متقدمة لحرق المدن العراقية الرئيسة، كما يمكن ان تمارس حصاراً وتجويعاً للعراقيين مستخدمة نمطاً من الأسلحة غير المسبوقة في حرب المدن القادمة سواءً قنابل الميكروويف او صواريخ «الجحيم» او الاسلحة الذكية لتدمير المدن بما فيها من بشر، ويعتقد مراقبون ان التحذيرات التي تطلقها واشنطن تجاه بغداد من مغبة استخدام اسلحة الدمار الشامل انما تعتبر بمثابة الاعلان المبطن بما قد تلجأ اليه الولايات المتحدة من استخدام لجميع الوسائل دون الالتزام بأي قيود بما يطلق عليه بأخلاقيات الحرب.
يشير تقرير لهيئة الأركان المشتركة للجيش الأمريكي إلى أن المخططين العسكريين الأمريكيين مستعدون لاستخدام القوة الهائلة لتدمير المدن العراقية في أي عملية لغزو العراق، ويظهر التقرير وهو بمثابة مسودة لخطة أمريكية لاستخدام التفوق العسكري الأمريكي الكاسح في تدمير وتصفية عدو، ان كبار الضباط الأمريكيين سيفضلون التعامل مع المدن الكبرى مثل بغداد والبصرة كأهداف يتم تدميرها عن بعد عبر القصف الجوي وليس باعتبارها مناطق قتال.
هذا التقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز على موقعها عبر الإنترنت في موضوع تحت عنوان «مبدأ حروب المدن المشتركة»، وكلمة المشتركة كمصطلح عسكري تعني العملية العسكرية التي تشترك فيها القوات الجوية والبحرية والقوات الخاصة تحت قيادة واحدة.
والواقع أن التقرير الذي نشرته الصحيفة تايمز هو تقرير غير أمين لأنه يقول ان الاستراتيجية الأمريكية الجديدة تقوم على أساس تجنب قتال المدن لتفادي سقوط خسائر كبيرة في صفوف الأمريكيين وكذلك تقليل الخسائر في صفوف المدنيين العراقيين إلى أدنى مستوى.
ولكن قراءة دقيقة لهذا التقرير سوف تصل بنا إلى نتيجة مخالفة تماما: فعلى الرغم من الحديث العارض عن القلق بالنسبة للخسائر البشرية فإن التقرير يقدم استخدام الأسلحة الأمريكية المتطورة على نطاق واسع مع حتمية وقوع خسائر بشرية جسيمة في صفوف المدنيين يقدمه باعتباره بديلا عن القتال في المدن من بيت إلى بيت.
يقول المخططون العسكريون ان قتال المدن مكلف جدا لكل من المهاجمين والمدافعين ويحتاج إلى وقت طويل وينطوي على مخاطر شديدة.
يذكر التقرير أن «القتال البري يعد أصعب أنواع حروب المدن وأكثرها تكلفة، وكل معارك المدن على مر التاريخ أسفرت عن خسائر هائلة لكل من المهاجمين والمدافعين وكذلك لهؤلاء الذين لايشتركون في القتال، وتزداد هذه المخاطر حاليا مع زيادة مساحات المدن وتشابكها وارتفاع عدد سكانها».
الواقع أن تعقد البيئة الطبيعية يقيد استخدام القوة الجوية ويقلل من مزايا التفوق التكنولوجي التي تمتلكها القوة الأمريكية على هذا الصعيد، ووفقا للتقرير فإن المدن تقلص كثيرا من التفوق التكنولوجي للقوة الكبرى.
فالطبيعة العامة للمدن تقلل خط الرؤية بالنسبة إلى القوات المهاجمة وكذلك تقلل القدرة على مراقبة النيران والسيطرة على السكان وكذلك القدرات الاتصالية مما يجعل العمليات الجوية أكثر صعوبة، يقلل كل ذلك ايضا من فاعلية الدعم البحري بالنيران من خلال الصواريخ البعيدة المدى التي يمكن ان تطلقها السفن الأمريكية المتمركزة في البحار، أما بالنسبة إلى مسألة الحشد والإمداد فإن قتال المدن ينطوي على صعوبة كبيرة مما يدفع القوات المهاجمة إلى الاعتماد على مجموعات قتالية صغيرة العدد، علاوة على ذلك فإن القيود التي تفرضها الحاجة إلى تقليص خسائر المدنيين والحفاظ على البنية الأساسية تقلل ايضا من أهمية التفوق التكنولوجي للقوات المهاجمة.
من الواضح أن هذه الوثيقة التي أعدتها وزارة الدفاع الأمريكية تشير باستمرار إلى ثلاثة أمثلة تاريخية على حروب المدن والتي لقيت فيها قوى عسكرية متفوقة جدا هزائم كبرى حتى على تحقيقها نجاحات تكتيكية في البداية.
في معركة ستالينجراد واجهت القوات النازية المهاجمة ضد الاتحاد السوفيتي هزيمة قاسية بعد أن نجح الهجوم السوفيتي المضاد في محاصرة الجيش السادس الألماني ودفعه للاستسلام.
وفي معركة مدينة «هو» الفيتنامية والتي كانت أكبر مدينة خاضعة لقوات التحرير الفيتنامية في أثناء الهجوم الأمريكي الكبير في فبراير عام 1968م، تعرضت قوات مشاة البحرية الأمريكية الأمريكية إلى خسائر هائلة في الوقت الذي كان الرأي العام المعارض لهذه الحرب في أمريكا يتزايد بصورة كبيرة.
وأخيرا فشلت القوات الروسية خلال حربها ضد الثوار الشيشان عامي 1994 و1995في اقتحام العاصمة جروزني أربع مرات متتالية مما أدى إلى زيادة المعارضة العامة في روسيا لهذه الحرب.
حمامات دم
يشعر المخططون العسكريون الأمريكيون بالقلق تجاه حمام الدم الذي قد تشهده مدينتا بغداد والبصرة وإمكانية أن يؤدي ذلك إلى زيادة المعارضة للحرب داخل أمريكا.
لذلك يقول التقرير ان القصف الجوي لهاتين المدينتين يمكن أن يعالج هذه المشكلة، عن طريق ضرب هذه المدن بالطائرات وعزلها قبل شن الهجوم البري.
يقول التقرير ان القائد في أي هجوم على مدينة يلجأ إلى المعركة الجوية بما يتفق مع أهدافه العملياتية بأقصى صورة ممكنة وذلك من خلال التأثير الكبير في القوات المعادية والسيطرة على القوات الصديقة والمعلومات المناخية وقبل كل ذلك لتقليل خسائر قتال المدن، وبعيدا عن المصطلح العسكري الذي استخدمه تقرير البنتاجون فإن المقصود بخسائر المدن هو خسائر القوات المهاجمة وسكان المدن وبنيتها الأساسية، أما مفهوم التأثير الكبير فيعني تحويل كل عناصر المعركة للعمل لصالح القوات المهاجمة.
وبلغة أبسط يمكن القول ان هذا يعني تسوية المباني بالأرض حتى تتمكن القوات المهاجمة من الحشد وتدمير البنية الأساسية لحرمان المدافعين عن المدن من المياه والكهرباء وغيرها من مصادر الحياة وطرد أو قتل المدنيين الذين يرفضون مغادرة هذه المدن. وتطالب الوثيقة الصادرة عن هيئة الأركان المشتركة باستخدام النيران لتحقيق الشروط المناسبة للتحرك والمناورة أثناء العملية واستخدام التحرك والمناورة أثناء العملية لإيجاد الظروف المناسبة لنشر النيران.
وتؤكد هيئة الأركان المشتركة على أنه لن تكون هناك أي حدود أمام القادة الأمريكيين في معركة المدن بالنسبة لاستخدامهم للقوة النيرانية لأن أفضل استراتيجية في مثل هذا القتال هو استخدام كل ما هو متاح من أسلحة وتقنيات للقوة المهاجمة.
كما يطالب التقرير بتحقيق العزل الطبيعي والمعنوي والمعلوماتي للمناطق السكنية المستهدفة من خلال محاصرتها قبل الهجوم عليها.
يعني هذا التكتيك في حالة المناطق السكنية الكثيفة السكان حرمان سكان هذه المناطق من المياة والكهرباء والغذاء بل وكذلك من الرعاية الطبية، بمعنى تجويع هؤلاء السكان لإرغامهم على الخضوع عن طريق الحصار، ورغم ذلك فقد لايكفي هذا الحصار وتجد القوات المهاجمة نفسها بلا خيار سوى الهجوم، في هذه الحالة يقول التقرير ان فرصة القوات المشتركة في النجاح في تنفيذ هذا النوع من الهجوم والمناورة ستتعاظم من خلال قدرة هذه القوات على شن هجمات سريعة على أهداف محددة بكل مصادر القوة لديها.
أهمية الإعلام
يعطي التقرير وسائل الإعلام أهمية كبرى، حيث يطالب بوجود خطة محكمة من جانب أفرع الشؤون العامة والشؤون المعنوية وذلك لتحقيق أقصى تعاون ممكن بين القوات المشتركة ووسائل الإعلام، لأن التعاون الناجح مع وسائل الإعلام يمكن أن يساعد على السيطرة على المعلومات الخارجة من مناطق القتال مما يساعد على الاحتفاظ بالدعم الداخلي والخارجي للقتال.
ولكي نشرح هذا الكلام نقول ان المقصود به أن القوات الأمريكية تعتمد على وسائل الإعلام لكي تجمل الكارثة القادمة على المدن العراقية من خلال تقليل عدد الخسائر التي يتم الإعلان عنها ونشر الأكاذيب الرسمية لوزارة الدفاع باعتبارها حقائق مثل القول بأن المدنيين الذين سقطوا أثناء القتال كانوا دروعا بشرية يستخدمها العدو ولهذا قتلوا!!!
وفي إشارة واضحة إلى أهمية وسائل الإعلام خلال المعركة القادمة بالنسبة للمخططين العسكريين يقول التقرير ان هزيمة القوات الأمريكية في فيتنام خلال هجومها الكبير على المدن الفيتنامية لم يحدث فقط في قتال المدن وإنما وقع أولا في المعركة الإعلامية التي خسرتها القوات الأمريكية.
كما يشير التقرير إلى مجموعة من الدروس السياسية التي استخلصتها القوات الروسية من معركتها الأولى في الشيشان عامي 1994 و1995 والتي تم الاستفادة منها في المعركة الثانية عامي 1999 و2000 وذلك من خلال السيطرة الواسعة على وسائل الإعلام لضمان سيطرة الرؤية الرسمية للحرب على الرأي العام في روسيا، وقد فازت روسيا في المعركة الإعلامية من اليوم الأول للقتال.
أخلاقيات الحرب
يدرك المخططون العسكريون الأمريكيون أن الوسائل التي ستلجأ إليها قواتهم في حربها بالعراق يمكن ان تجعل من القادة والجنود الأمريكيين أهدافا محتملة لمحاكم جرائم الحرب الدولية. وفي هذا السياق يقول التقرير ان الإدارة الأمريكية سوف تدافع عن عملياتها وتبررها في ضوء التفسير الأمريكي لقوانين الحرب الدولية.
ويقول التقرير انه على الرغم من أن بعض المدنيين والممتلكات المدنية ليست من الأهداف المحددة للعمليات العسكرية فإن تعرضها للخسائر لن يكون مخالفا للقانون إذا وقعت هذه الخسائر أثناء الهجوم على هدف عسكري وإذا لم تكن هذه الخسائر المدنية كبيرة مقارنة بالمكاسب العسكرية التي حققها الهجوم.
والحقيقة أن المسؤولين الأمريكيين لا يبررون فقط سقوط قتلى في صفوف المدنيين وإنما يستعدون أيضا لتبرير استخدام الأسلحة الكيماوية والبيولوجية وفقا للتقرير.
وعلى الرغم من اعتراف التقرير بالتحريم الدولي لاستخدام الأسلحة الكيماوية وفقا للمعاهدة الدولية للأسلحة الكيماوية التي وقعت عليها الولايات المتحدة فإن هذا التقرير يمضي للقول بأن استخدام الولايات المتحدة لهذا النوع من الأسلحة في حالة السيطرة على أسرى الحرب أو الاضطرابات المدنية لا يمثل انتهاكا للمعاهدة الدولية.
ويقول ان استخدام القنابل الحارقة وهي من الأسلحة الكيماوية مشروعا مادام لن يؤدي إلى سقوط خسائر لا داعي لها، والحقيقة أن هذه الكلمات لا تخفف فقط القيود المفروضة على استخدام الأسلحة الكيماوية ولكنها أيضا تمثل تصريحا بحرق المدن العراقية.
المدنيون والحرب
وفي نهايتها فإن الوثيقة التي أعدتها هيئة الأركان المشتركة للجيش الأمريكي تتحدث عن المدنيين بعد تحقيق النصر ومعاملتهم في ظل سيطرة القوات المهاجمة على الحياة في المناطق السكنية.
يقارن التقرير بين فشل القوات الإسرائيلية أثناء غزوها للبنان عام 1982 عندما تركت المليشيات المسلحة اللبنانية تذبح اللاجئين الفلسطينيين والدور البريطاني الناجح في أيرلندا الشمالية. ويرى التقرير أن التجربة البريطانية في أيرلندا الشمالية نموذجاً ناجحاً، حيث نجح البريطانيون في السيطرة على مناطق أيرلندا الشمالية دون أن تثير مواجهات مع السكان من خلال تواجد قواتها على أرض هذه البلاد، كما أن الوجود البريطاني في العاصمة الأيرلندية «بلفاست» يقدم نموذجا آخر على التعاون بين الأجهزةالخدمية والمؤسسات في البلد.
عندما يتم الاحتلال الأمريكي لبغداد في المستقبل فإن هذه القوات وفقا للتقرير ستلجأ إلى المزج بين ما قام به الإسرائيليون في لبنان وما قام به البريطانيون في أيرلندا.
أسلحة جديدة
يتوقع المحللون والخبراء العسكريون ان تشهد الضربة المرتقبة للعراق ظهور اسلحة متقدمة ومتطورة، ربما لم يتم استخدام بعضها في العملية العسكرية التي جرت في افغانستان قبل اثني عشرشهرا، ويرجحون ان تتراوح هذه الاسلحة بين اجهزة التصوير بالاقمار الصناعية، التي تستطيع تمييز الدبابة عن الحافلة، حتى في حالة وجود سحب كثيفة، وفي الوقت الذي ينصب فيه تركيز واضعي الخطط العسكرية حاليا على الاستعداد لخوض حرب لاتستمر اكثر من اسبوع، يقول «دانييل جوري» المحلل العسكري في معهد ليكسنجتون في واشنطن «ان الطريقة التي جرت بها حرب الخليج الاولى كانت تشبه طريقة خوض الحرب العالمية الثانية، من حيث الاعتماد على تحقيق الهيمنة الجوية سحق الدفاعات، والحد من استخدام الافراد العسكريين، ثم دخول الحرب وهو اسلوب ينطوي على عملية اكثر سرعة ودقة، ويهدف الى احداث تأثير، اما الضربة القادمة فسوف تكون اكثر من مجرد عملية جراحية، سواء بالنسبة لاستخدام قوة المتفجرات او في تنفيذ العملية الشاملة».
على الرغم من انصراف الاهتمام حاليا الى ضمان حصول الولايات المتحدة على دليل يسمح لها بالمضي قدما في الحرب، الا ان الامم المتحدة تريد الحصول على قائمة بالعلماء العراقيين ذوي الصلة ببرامج الاسلحة بنهاية الشهر الجاري، وتعزيز مسار عملية التفتيش عن الاسلحة، التي تجري على قدم وساق حاليا.
الهيمنة الجوية
يتفق المحللون على ان الهيمنة الامريكية العسكرية سوف تضمن عدم اطالة امد الحرب في العراق، من خلال استخدام اسلحة حديثة، و يورد جوري وآخرون امثلة عليها من قبيل القنابل الذكية الموجهة بالاقمار الصناعية المعروفة باسم الذخيرة الهجومية المباشرة المشتركة «جي.دي.ايه.ام.اس.» وهي اسلحة تم استخدام عدد منها في افغانستان، ومن المحتمل نشر المزيد منها في العراق.
يرى الخبراء انه تم تطوير الكثير من القنابل الذكية المتاحة، و«القنابل المتفجرة في المخابئ» طراز «جي.بي.يو 28» والقنابل طراز «بي.ال. يو 31» وتم تجهيز هذه الاسلحة التي تم تصميمها بحيث يكون لها القدرة على التسلل الى المنشآت الحصينة تحت الارض، بجهاز جديد يطلق عليه اسم «الفتيل الذكي» الذي يسمح للقنبلة بإحصاء عدد الطوابق التي يتعين المرور خلالها قبل تفجيرها.
يعد جهاز «الثيرموباريك» الذي تم استخدام واحد فقط منه في افغانستان واخطأ هدفه صنفا جديدا من القنابل المستخدمة التي يمكن ان تتسلل الى الاماكن المغلقة، والمواقع الكائنة تحت الارض، ثم تحدث انفجارا يترتب عليه درجة حرارة عالية وضغط شديد يكفي لتدمير العناصر البيولوجية التي تحدث امراضا مثل الانثراكس «الجمرة الخبيثة» والجدري.
قنابل الميكروويف
يترقب المحللون والخبراء العسكريون ظهور سلاح لم يتم اختباره في معركة بشكل كامل يطلق عليه اسم «قنبلة الميكروويف» التي يعكف الخبراء الامريكيون والبريطانيون عليها منذ عدة سنوات، وهي عبارة عن قنبلة تنفجر في الجو وتطلق نبضات من الطاقة المغناطيسية تبحث عن الشبكات الكهربائية وانظمة الكومبيوتر وتحرقها، حتى لو كانت مخبأة تحت الارض، ويمكن استخدام قنابل الميكروويف ايضا في احداث حالة هياج بجلد الشخص الذي يتعرض لنبضاته، وهو السلاح الذي تقوم اجهزة الامن الامريكية باجراء الاختبارات عليه بهدف استخدامه في السيطرة على التجمعات الجماهيرية.
يقول كريس هيلمان المحلل البارز في مركز الدراسات الدفاعية «انه سيتم بالتأكيد استخدام هذا السلاح .
نار الجحيم
تشكل قائمة الاسلحة الجديدة والمتطورة الاخرى المتوقع استخدامها في ضرب العراق: دبابة قتالية متطورة، طراز «ابرامز ام.اي.ايه.تو» وطائرة هيليكوبترطراز «اباتشي لونجبو» وطائرة بدون طيار تطير على ارتفاعات عالية طراز «بريداتور» لها القدرة على حمل اجهزة مراقبة بالاقمار الصناعية اوصواريخ هيلفاير «نار الجحيم» وطائرة «سترايكير» وهي مركبة مقاتلة مدرعة تتمتع بامكانيات مناورة عالية.
من ناحية اخرى يرى واضعو الخطط العسكرية ان القوات البرية سوف تلعب دورا هاما في الحرب المرتقبة تماما مثل دور القاذفات، على عكس الحملات الاخيرة التي جرت في كوسوفا وافغانستان.
ويعتقد جون بايك مدير منظمة «جلوبال سيكيورتي» ان التفوق التكنولوجي الامريكي سوف يعني عدم استمرار أي عملية عسكرية اكثر من اسبوع واحد.
وقال «اعتقد ان اتخاذ قرار خوض هذه الحرب، سوف يعني عودة ظهور اهمية القوات البرية».
القنبلة الذكية.. غبية أحياناً
احتل مصطلح القنبلة الذكية مكاناً بارزاً في القاموس السياسي منذ اداء القنبلتين الذكيتين الامريكيتين مهمتهما على الوجه الاكمل عندما اصابتا ماوصفته وزارة الدفاع الامريكية «البنتاجون» بانه مركز قيادة وسيطرة عراقي خلال حرب الخليج عام 1991 بعد ان اخترقت القنبلتان ووزنهما 2000 رطل ويتم توجيههما بالليزر عشرة اقدام من الاسمنت المسلح وانفجرتا محدثتين فجوة في ملجأ العامرية واحرقتا 408 مدنيين عراقيين.. فيما يعتبر ابرز الحوادث التي تشهدها الحروب الحديثة فتكا بالمدنيين، لايزال حادث ملجأ العامرية العراقي يشكل لغزا يبحث عن تفسير في الوقت الذي يعكف فيه واضعو الخطط العسكرية الامريكية على وضع الخطط الخاصة بالدخول في معركة اخرى مع العراق.
ويزيد من غموض هذا اللغز الذي نما خلال الحملات الجوية على يوغسلافيا وافغانستان مقولة انه ليس بالضرورة ان يؤدي استخدام قنابل اكثر دقة في التصويب الى خفض معدلات الخسائر البشرية المدنية.
لقد كانت نسبة القنابل التي كان يتم توجيهها بدقة اثناء حرب الخليج لاتزيد على 3% وارتفعت هذه النسبة الى 30% اثناء قصف يوغسلافيا عام 1999 ثم الى70 % خلال الحملة الجوية على افغانستان في العام الماضي، ومع ذلك ففي كل حالة ازداد معدل الخسائر البشرية المدنية الناجم عن اسقاط القنابل.
ملجأ العامرية
ان قصف ملجأ العامرية يكشف عن بعض المشاكل، لعل ابرزها نقص المعلومات الجيدة على الارض، ويروج الامريكيون ان القصف استهدف الملجأ بعد التقاط اشارات اليكترونية صادرة عن الموقع، في الوقت الذي استطاعت فيه اقمار التجسس الصناعية التقاط صور لافراد كثيرين وسيارات في حالة دخول وخروج الى ومن الملجأ.
هنا يقول شارلز هيمان محرر نشرة جينز المتخصصة في رصد حالة الجيوش في العالم والتي تتخذ من لندن مقرا لها ان البنتاجون لم يكتشف حتى وقت متأخر جدا ان العراقيين وضعوا «هوائي» لالتقاط الاشارات على قمة الملجأ متصل بمركز اتصالات على بعد 300 ياردة باسلاك «كابل»، يعتقد المراقبون ان الامريكيين من خلال مثل ذلك التحليل يسعون الى تبرير ضرب المدنيين.
يقول الامريكيون ان قنبلتين فقط سقطتا على ملجأ العامرية من بين جملة القنابل والصواريخ التي اطلقتها قوات التحالف الدولي على العراق عام 1991 والتي بلغ عددها 250 الف قنبلة وصاروخ، الا ان هاتين القنبلتين حددتا مفهوم الحرب لدى الكثيرين من العراقيين، فقد اضطرت واشنطن بعد ستة اسابيع من الحملة الجوية على العراق الى خفض عدد الهجمات على وسط بغداد.
يرى هيمان ان «على الرئيس العراقي صدام حسين ان يتوقع سقوط مدنيين اخرين، وانتشار صور الامهات العراقيات وهن يولولن، الى جانب صور الاطفال القتلى، اذا شنت امريكا حربا جوية اخرى على العراق، ذلك جزء من اللعبة».
تشير تقديرات مؤسسة بروكينجز في واشنطن الصادرة في مطلع الشهر الجاري الى ان عدد القتلى من المدنيين العراقيين ربما يصل الى عشرات الآلاف.. وتضيف المؤسسة: «بل ان القصف بعناية من جانب القوات الامريكية قد يسفر عن وقوع عدد كبير من الخسائر البشرية المدنية، في ضوء قرار صدام المحتمل بالاحتماء بالمدن مستخدما المدنيين دروعا بشرية لحماية قواته العسكرية».
مؤشرات خطيرة
يقول الخبراء العسكريون ان نسبة الخسائر المدنية الى الخسائر العسكرية زادت من 10% قبل قرن من الزمان الى 90% في الحروب الحديثة، بسبب التحول من حرب الخنادق، وعدم الرغبة في وقوع خسائر عسكرية، وظهور اسلحة التكنولوجيا الراقية ذات المسافات البعيدة، فقد حدث تقدم تكنولوجي في مجال القنابل الذكية منذ عام 1991 الا ان الحروب تقع في ظل ظروف منقوصة.
ان الاعتماد على البيانات وحدها قد يؤدي الى الوقوع في الخطأ، وربما تفشل اقراص الكومبيوتر في مهمتها، بل ان المزيد من الدقة قد يؤدي الى الافراط في الثقة بالنفس وبالتالي الوقوع في دائرة الغرور.
يقول فريد كابلان مؤلف كتاب «سحرة هرمجدون» ان الحملة الجوية لتخليص كوسوفا من السيطرة الصربية عام 1998 تعتبر نقطة هامة هنا، ويضيف قائلا: «ان القصف قتل مدنيين بنفس معدل المدنيين الذين قتلتهم حملة «الرعد» الجوية على فيتنام، وكان احد اسباب ذلك هو التحسن الذي شهدته دقة تصويب القنابل الذكية الامر الذي شجع القادة على توجيه عدد اكبر من هذ القنابل الى الاهداف، لكن ذلك أدى الى حدوث المزيد من الاخطاء المتكررة».
اما وليام اركين الخبير الحربي والمعلق العسكري الذي زار العراق ضمن بعثة دراسية من جامعة هارفارد الامريكية لتقييم الخسائر الناجمة عن الحرب، فقد شاهد سجلات المستشفيات العراقية التي تؤكد احصاء الخسائر البشرية في ملجأ العامرية، «لقد كان القصف اكبر حوادث الدمار غير المباشرة التي تشهدها حرب حديثة».. مشيرا الى انه ترك اثره على الجانبين في الحرب.
سلاح جديد
ويقول اركين ان اثر هذه «الحقبة الجديدة من الحروب» سوف يظهر من خلال تقليل الخسائر البشرية، وهو العمل البطولي الفذ الذي يمكن للجيش ان ينجزه، ان الخسائر المدنية البشرية في العراق ربما تعتمد على طول امد الحرب، والاستراتيجيات العراقية والامريكية في المدن،والاستخدام المحتمل من جانب العراق للاسلحة الكيميائية.
ان واضعي الخطط الامريكية يؤمنون بالقنابل الافضل، بعد ان فتحت الذخيرة التي يتم توجيهها بالليزر وتتكلف الواحدة منها 250 الف دولار الطريق امام الوصول الى مايسمى «الذخيرة الهجومية المباشرة المشتركة» وهي عبارة عن مجموعة وحدات فنية تتكلف الواحدة منها 20 الف دولار، وتستطيع تحويل انماط كثيرة من القنابل الى قنابل «ذكية» يتم التحكم فيها بالاقمار الصناعية.
حرب أفغانستان
شهدت الحرب في افغانستان استخدام الاسلحة بشكل متعادل تقريبا بمعدل النصف، حيث استخدمت وحدات القوات الخاصة الامريكية على الارض القنابل التقليدية الموجهة بالليزر في ضرب اهداف متحركة قريبة، كما تم استخدام الذخيرة الهجومية المباشرة في الغالب في ضرب اهداف ثابتة، وفي الوقت الذي يتوقع فيه «البنتاجون» اندلاع الحرب فانه لايكف عن تعزيز انتاج هذه الاسلحة.
الفشل الذريع
يقول اركين «اذا فشلت القنابل الموجهة بالليزر، فإن فشلها يكون ذريعا.. فقد تبتعد ميلا او اكثر عن الهدف، ربما بفعل حبس الليزر، او بسبب الظروف الجوية، او وقوع خطأ من جانب قائد الطائرة، وفي مثل هذه الحالات تضل القنبلة طريقها» اما اذا اخفقت الذخيرة المباشرة الموجهة بالاقمار الصناعية بسبب عطل في النظام فانها تسقط على بعد خمسين ياردة من الهدف فقط.
ترى وزارة الدفاع الامريكية في ظل هذه التطورات «ان اكثر الاماكن اماناً للمدني العراقي هو سرير نومه في منزله» غير ان ذلك لا يحمل الكثير من السلوان بالنسبة للذين كانوا بالقرب من مستودع العامرية عندما اصابته القنابل الذكية، حيث لايزال حسين عبدالله في منزله بالقرب من المستودع، لقد كان نائما في الساعة الرابعة والنصف صباحا عندما سقطت القنابل واطاحت بزجاج نوافذ منزله، واحدثت شروخا لازالت موجودة في اساسات منزله، عندما اندفعت شظية بحجم ذراعه السميك بقوة لتخترق حائطاً يبعد عن رأسه مسافة قدم ونصف القدم فقط !!.
يعيد حسن عبدالله استعراض شريط ذكرياته عن هذه الايام قائلا «لقد انبطحنا على الأرض خوفاً من وقوع انفجار، وكانت اجسادنا ترتعد.. حيث كانت هناك خسائر بشرية في كل حرب.. انهم يطلقون صواريخ وليس حجارة!!
++
* خدمة كريستيان ساينس مونيتور خاص ب«مجلة الجزيرة» النيويورك تايمز واشنطن بوست
++
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|