|
إصلاح العالم..!
|
يتحدثون عن الإصلاح في منطقتنا ودولنا..
بقياساتهم وتقاليدهم وبما يحقق مصالحهم..
بزعم أنها تستجيب لتطلعات الشعوب العربية وتحقق الرفاهية لهم..
ويقدمون أفكارهم بغطاء ينم عن رغبة حقيقية بالإصلاح فيما هم يخططون لأبعد من ذلك بكثير..
***
إنهم من يخلق المشكلة ويسمم الأجواء ثم يضعون أنفسهم في موقف الربان المنقذ..
وهم ولا أعتقد أننا نخطئ التقدير مَنْ يروق لهم إثارة الفتن وخلط الأوراق وتحويل الدول المستهدفة إلى أراضٍ محروقة..
***
هؤلاء باسم تحقيق الديمقراطية..
والدفاع عن حقوق الإنسان..
والانتصار للشعوب المستضعفة..
يطرحون من حين لآخر أفكاراً ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب..
ولا من مستفيد..
إلا هؤلاء الذين يتربصون بنا شراً ويكيدون لنا العداء..
***
فهذا العراق وهذه أفغانستان كمثالينِ ماذا تَحققَ لمواطنيها غير الدمار والقتل وعدم الاستقرار..
أين الوعود بتحريرها من أنظمتها الفاسدة ومن ثم إضفاء جو من الحرية والأمن؟..
وماذا يجري في السجون والمعتقلات؟..
وأين وعلى ماذا تنفق الثروات في مدن دمرت ومصالح اختفت من الوجود؟..
***
وهذا التلويح بالعصا الغليظة على السودان..
ومثله سوريا..
وهناك قائمة طويلة من الدول ينتظرها نفس المصير..
إلا أن تنزل رحمة الله لا رحمة الولايات المتحدة الأمريكية..
كيف بنا أن نقبل بمثل هذه الطروحات الأمريكية وشواهد أفعالها تعطي أسوأ الانطباعات؟..
ومتى يكون العرب في مستوى التحدي لمواجهة أقدارهم وما يخفيه لهم المخطط القادم؟..
***
إن أمتنا بدون أن تتعاون وتتكاتف، وإن هي استمرت على ما هي عليه من حال..
فسوف يستقوي عليها حتى مَنْ تُصنف بأنها دول صغيرة..
بما لا يكون لدولنا حينئذ حول ولا قوة للدفاع عن حقوقها المشروعة..
أو خيار لعدم القبول بالأمر الواقع..
***
وهنا، ما أحرانا أن نراجع مواقفنا مع بعضنا البعض ومع مواقف الغير منا..
نفتح صفحاتها المجهولة ونلقي بالنا لها..
بما يحمينا، فلا نقع على حين غرة بما لا مصلحة لنا به ومنه..
فالأيام تمضي بسرعة..
وكذلك الترتيبات والمخططات التي ينوي العدو تنفيذها..
وقد تكون بحجمها التدميري شاملة وبأكثر مما نتصور أو نتوقع..
ويكون الاسترخاء منا بانتظار ما سيحدث هو الخطر الجسيم بعينه..
***
أكتب هذا الكلام، وحبر بيان مؤتمر قمة الجزائر لم يجف بعد..
وهو وإن تفاءل به بعضنا لم يختلف كثيراً عن المؤتمرات السابقة..
وإن كان يضيف رقماً على عدد المؤتمرات التي عقدت..
فهو في كل الأحوال لا يضيف اطمئناناً على ما نحن فيه أو على ما هو قادم..
وبالتالي، هل أقول بألم: لقد أصبح الوقت متأخراً جداً أمام مواجهة التحدي القادم الذي ربما غير حالنا من حال إلى حال!!.
خالد المالك
|
|
| width="68%" valign="top" align="center" dir="rtl">
توقع عودة حوالي 1.4 مليون لاجئ إلى منازلهم في السودان هذا العام مأساة الحرب يجسدها طفل اسمه (الساعة واحدة)!
|
* إعداد أشرف البربري
إذا كانت الأحداث الكبرى والشخصيات البارزة في أي صراع هي التي تستقطب اهتمام الإعلام فإنها قلّما تكون قادرة على تقديم الصورة الحقيقية للمأساة التي يخلفها الصراع. مأساة الحرب الأهلية التي عانى منها السودان على مدى أكثر من عشرين عاما ليست استثناء من هذه القاعدة.
فإذا كانت الأضواء والاهتمامات تركزت في فترة من الفترات على المعارك الكبرى في الحرب ثم على الاجتماعات الكبرى في المفاوضات فإن قصة واحدة يمكن أن ترسم بأكبر قدر من التفاصيل والدقة ملامح مأساة السودان.
وقد نشرت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور تقريرا معبرا عن مأساة اللاجئين السودانيين العائدين الى ديارهم في الجنوب من خلال قصة طفل رضيع لم يجد سوى هذا الاسم الغريب (الساعة واحدة) ليحمله ليظل طوال حياته شاهدا على المأساة.
***
فبينما كانت نورا سواح في طريق عودتها إلى مسقط رأسها في جنوب السودان بعد نحو 18 عاما من النزوح بسبب الحرب الأهلية عادت نورا سواح لتجد رضيعا ملقى بين القاذورات يبكي.
التقطت الطفل وألقمته ثديها لترضعه. وبعد أن بدأ يتحرك أعطته إلى سيدة أخرى للعناية به. كان ذلك في الساعة الواحدة ظهرا لذلك أطلقوا على هذا الوليد اسم (الساعة واحدة).
هو اسم غريب بكل تأكيد. تقول الام عن الطفل (إنه نعمة من الله).
لقد بدأت قصة هذه الام ورضيعها ذي الاسم الغريب قبل شهور عندما تعرضت عائلتها إلى هجوم في الوقت الذي كانت تتنقل فيه عبر الأراضي الجرداء شديدة الحرارة.
وفي الواقع فإن عام 2005 أصبح عام عودة السودانيين الأفارقة إلى منازلهم بعد أن انتهت الحرب الأهلية في جنوب السودان.
وإذا كانت القارة الإفريقية قد عانت من الحروب الأهلية خلال النصف الثاني من القرن العشرين فإن أغلب هذه الحروب من الصومال إلى السودان إما انتهت أو حتى خفت حدتها وقاربت على الانتهاء. لذلك فإن مئات الآلاف من الأفارقة بدأوا يعودون إلى منازلهم مع عائلاتهم وإعادة بناء حياتهم التي تبددت بعد عشرات السنين من الشتات.
ففي السودان بمفرده من المتوقع عودة حوالي 1.4 مليون لاجئ إلى منازلهم خلال العام الحالي من بين حوالي أربعة ملايين لاجئ شردتهم الحرب الأهلية في جنوب السودان على مدى 22 عاما بعد توقيع اتفاق السلام بين حكومة الخرطوم والمتمردين الجنوبيين في التاسع من يناير الماضي. ولكن الأمر بالنسبة للطفل (الساعة واحدة) وامه الجديدة ينطوي على مخاطر جديدة محتملة مع العودة الكثيفة للاجئين وتجدد النزاع بين اللاجئين وبعضهم البعض على الأراضي القديمة. بالنسبة لنورا سواح فإن قصة تحولها إلى أم لطفل اسمه (الساعة واحدة) بدأت عام 1986 عندما تركت هي وزوجها مسقط رأسها في جنوب السودان خلال الحرب بين الحكومة السودانية والمتمردين.
قطعت نورا وزوجها نحو 550 كيلومترا نحو العاصمة السودانية الخرطوم في الشمال وانضمت إلى مئات الآلاف من اللاجئين السودانيين الأفارقة. وفي عام 1993 مات زوجها..
وفي أواخر عام 2003 وعندما أصبحت عودة السلام إلى الجنوب وشيكة قررت نورا سواح وعدد من رفاقها اللاجئين العودة إلى ديارهم. وتشكلت المجموعة من عشرين سيدة وأطفالهن. وكان لديها من المال ما يكفي لاصطحاب أربعة أطفال فقط من بين أطفالها التسعة حيث تركت الباقين وراءها في الشمال.
في البداية استقلت المجموعة الحافلات المتجهة نحو الجنوب ولكنها بعد ذلك اضطرت إلى السير على الأقدام. وبعد يوم واحد من الوصول إلى جنوب السودان سمع صوت إطلاق رصاص.
بعد ذلك أدركت النسوة أن مواجهة مسلحة بين مسلحين عرب ومسلحين جنوبيين زنوج أسفرت عن مقتل العديد من الأشخاص وفرار عدد آخر.
هذا هو الموقف والمكان الذي وجدت فيه نورا سواح الطفل الذي أسمته (الساعة واحدة). ففي كل قرية تصل إليها في جنوب السودان كانت تسأل هل فقد أحد طفلا؟ ولكن أحدا لم يقل إنه يعرف هذا الطفل.
توصلت نورا في النهاية إلى أن والدي الطفل ربما يكونان قد قتلا في المواجهات المسلحة وربما فرا بأقصى سرعة ممكنة هربا من الموت.
وبالنسبة لنورا كانت رعاية الطفل مرتبطة تماما برغبتها في التغيير ولو في أضيق الحدود في ظل هذه الحلقة المفرغة من الموت والدمار التي يعيش فيها السودان منذ عشرات السنين. فهي تقول (لكي يكون لدينا سودان جديد يجب أن نكون بشرا في البداية).
وقد واجه الكثير من العائدين السودانيين المخاطر نفسها التي واجهت نورا وعائلتها. فقد كشف مسح أجراه مسؤولون جنوبيون في نوفمبر الماضي أن العائدين تركوا منازلهم منذ أكثر من 18 عاما.
ولكي يعودوا فإنهم يقطعون رحلة تتراوح مدتها بين ثلاثة أيام و17 يوما ويأكلون العشب من على شواطئ الأنهار.
وقد أصيب العديد منهم بجراح جراء تبادل إطلاق النار بين القوات الحكومية والمتمردين.
في أحد ايام رحلة العودة واجهت نورا مجموعة من المسلحين الذين طلبوا منها دفع ضريبة مرور. قدمت مجموعة النساء اللائي كن برفقة نورا أموالا وجواهر كن يحملنها إلى الرجال الذين سمحوا لهن بالمرور.
وبعد ذلك بعدة أميال تعرضت المجموعة لإطلاق النار فجرت نورا بسرعة لتنجو بحياتها. تقول نورا إنها شاهدت بعض الرجال الذين أطلقوا عليهن النار وكانوا من الرجال الذين أخذوا منهن الأموال والجواهر.
وبعد رحلة استمرت تسعة أشهر تضمنت توقفات للعمل من أجل كسب بعض المال وصلت نورا سواح إلى منزلها.
في البداية استقبلها أقاربها بترحيب دافئ واحتضنوا أبناءها. ولكنهم لم يكونوا قادرين على تحمل عبء إعاشتها للأبد.
والحكومة أعطت الأرض التي كانت تمتلكها نورا وزوجها قبل التهجير إلى شركة هاتف محمول جديدة.
وهي لا تتوقع استرداد هذه الأرض. وسرعان ما انتقلت هي وأطفالها إلى المخيم الحالي الذي تعيش فيه ويضم حوالي 350 شخصا وهو عبارة عن مجموعة من المنازل المقامة من جريد النخيل. ويستطيع الطفل (الساعة واحدة) أن يقف داخل المنزل وينظر إلى الأطفال الآخرين من خلال أوراق الجريد.
والكل ينامون على أرض قذرة ويستخدمون شبكات رقيقة عند النوم لحماية أنفسهم من تطفل الحشرات. وأكثر ما تحتاج إليه نورا حاليا هو توفير الرعاية لأطفالها. فليس لديها الوقت الكافي لهذه الرعاية حيث انها تعمل في قطع الأشجار للانفاق على أطفالها. والمشهد في السودان لا يختلف كثيرا عنه في العديد من الدول الإفريقية التي عانت خلال السنوات الماضية من كارثة الحروب الأهلية وما أسفر عنها من هجرة مئات الآلاف. ففي ليبيريا تخطط الأمم المتحدة للمساعدة في إعادة 150 ألف شخص إلى منازلهم خلال العام الحالي بعد عودة نحو سبعة آلاف العام الماضي.
كما أن هناك توقعات بعودة 150 ألف لاجئ إلى بروندي مقابل عودة تسعين الف لاجئ العام الماضي. أيضا من المتوقع عودة 53 ألف لاجئ إلى منازلهم في أنجولا وعشرة آلاف لاجئ إلى منازلهم في رواندا وعدد غير محدد في الصومال. وهذه الأعداد هي فقط التي ستفوز بمساعدة الأمم المتحدة في رحلة العودة.
ولكن هناك مئات الآلاف بالتأكيد سوف يعودون بطريقتهم الخاصة. وإذا نجحت أوغندا في إنهاء الحرب الأهلية بين الحكومة ومتمردي الشمال خلال العام الحالي فربما يعود نحو 1.6 مليون لاجئ إلى منازلهم أيضا. وهناك مئات الآلاف الذين غادروا ديارهم في مناطق أخرى من إفريقيا مثل شرق جمهورية الكونغو الديموقراطية.
وتقول الأمم المتحدة ان الشهرين الماضيين شهدا فرار نحو 25 ألف سوداني في منطقة صراع أخرى هي دارفور وتحولهم إلى لاجئين.
وهناك جدل واسع بشأن كيفية التعامل مع أزمة عودة اللاجئين إلى ديارهم.
فمنظمات الإغاثة الدولية ترفض بناء المزيد من المخيمات لاستقبال اللاجئين العائدين إلى ديارهم حتى لا تتحول عودتهم إلى لجوء جديد ولكن هذه المرة في ديارهم وتطالب هذه المنظمات عائلات العائدين بمساعدتهم من أجل إعادة بناء حياتهم مرة أخرى.
يقول أحد أعضاء فريق الأمم المتحدة في جنوب السودان طلب عدم الكشف عن هويته (يوجد الكثير جدا من المخيمات. ولا يجب أن يكون معنى السلام هو بناء المزيد من المخيمات).
ولكن المسؤولين المحليين في جنوب السودان يحذرون من العودة الكثيفة المفاجئة للاجئين لأنها يمكن أن تؤدي إلى توترات جديدة بين المقيمين والعائدين. يقول مورويل ماجوك مسئول حي في مدينة رومبيك جنوب السودان (ما الذي يفترض أن أفعله؟ هل يجب عليّ استضافة كل هؤلاء العائدين في منزلي؟).
أما بالنسبة لنورا فهي تريد من الحكومة منحها أرضا جديدة تعويضا عن تلك التي منحتها لشركة الهاتف المحمول حتى تستطيع إحضار باقي أطفالها ليعيشوا مع أخوتهم.
وأخيرا تقول إن رحلة العودة رغم كل شيء تستحق كل المعاناة.
فقد نجت من الخطر في الخرطوم وكافأها الله بهذا الطفل (الساعة الواحدة).
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|