|
السعودة الخيار الأول ولكن؟! |
إذا كنا نعاني اليوم من مشكلة في قبول أولادنا وبناتنا في الجامعات..
وإن قبلوا فبغير التخصصات التي يميلون إليها ويحبذون دراستها..
فضلاً عن أن قبولهم وإن استجاب لرغباتهم، فإنه ليس بالضرورة أن يستجيب لمتطلبات السوق..
فهذا يعني أن هناك مشكلة كبيرة، وهي إذ تطل علينا اليوم وبهذا الحجم، فإنها تنذر بما هو أكبر وأخطر في المستقبل..
***
هناك محاولات..
وهناك جهود..
للحيلولة دون استفحالها..
حتى لا تمتد إلى ما هو أكثر من ذلك..
لكنها محاولات أشبه ما تكون بالتهدئة والمسكِّن لها..
بانتظار المستقبل الغامض والمجهول..
الذي لا أحد منا قرأ مؤشراته كما ينبغي ومثلما نتمنى..
لا أقلل بذلك من الجهد الذي يبذل حالياً..
ولا من المعالجات السابقة وهي كثيرة ومهمة..
كما أني لا أغفل حجم القلق الذي يساور الجميع..
والخوف الذي يتحدث عنه كل منا..
فالمشكلة تكبر وتتمدد وتؤثِّر سلباً وكثيراً على كل المستويات..
بما لا قدرة لأحد أن يخفيها أو ينكرها..
وهي مع شديد الأسف بإطراد نحو ما هو أكبر وأخطر..
***
وقبل أن نعالج تزايد نمو العمالة الأجنبية في بلادنا..
ونتحدث عن خطورة إشغال سوق العمل بها..
وبدلاً من أن يكون كلامنا عن البطالة في صفوف السعوديين..
علينا أولاً وثانياً وأخيراً أن نفكر في تعليم أبنائنا بشكل صحيح..
من حيث إتاحة فرص القبول في الجامعات والكليات والمعاهد للجميع ودون استثناء..
وتوفير التخصصات بما يتفق مع حاجة سوق العمل لها..
بديلاً لتكدس الشباب والشابات بتخصصات وشهادات لا حاجة لها..
وعندئذٍ لن تكون هناك حاجة لكل هذا العدد من العاملين غير السعوديين..
وعندئذٍ أيضاً لن يشتكي سعودي واحد أو سعودية واحدة من أنه أو أنها بلا عمل..
وسنكون بهذا قد قضينا على هذه المشكلة وتداعياتها وسلبياتها الأمنية والأخلاقية..
***
قصدت بهذه الكلمة أن أضيف صوتاً إلى أصوات أخرى تحدثت أو سوف تتحدث عن شيء يؤرقنا كثيراً..
ويقلقنا كلما رأينا من يشتكي من شبابنا بأنه بلا وظيفة وبلا عمل وبلا دخل يعيش منه..
ولا بد أن يتحرك الجميع للمشاركة في المعالجة والإسهام بالرأي وبما يهدي للوطن وللمواطن حلاً لقضية طالت وكثر الحديث حولها دون حل نهائي وشامل ومقنع لها.
خالد المالك
|
|
|
سياحة زراعة الكلى في العالم (22) أعضاء بشرية..للبيع! * إعداد محمد الزواوي |
في الاسبوع الماضي عرضنا قصة البرازيلي هرنان الذي دفعه الفقر الى بيع كليته الى مريض اسرائيلي يدعى آرى مقابل 6 آلاف دولار وكيف تغيرت حياة الاثنين رأسا على عقب بعد هذه العملية.
في الجزء الثاني نقدم العواقب القانونية لاجراء مثل هذا النوع من العمليات واختلاف العقوبات المطبقة في دول العالم لمثل هذا النوع من العمليات.
لم يكن آري يعلم أنه طبقًا لقانون الأنسجة الآدمية الجنوب إفريقي لعام 1983 فإن آري والمتبرع قد خرقا القانون، ولكن سمسار الأعضاء والأطباء الذين جنوا معظم الأرباح كانوا الهدف الرئيسي للشرطة.
فبيع وشراء الكلى عبر ثلاث دول يعد الجريمة المثلى في القرن الحادي والعشرين، وهذا ما يصفه المحقق يوهان ويسلز كلما اقترب أكثر إلى تفاصيل قضيته الجديدة، فقد وقعت تلك العملية في داخل عدة دول، كلها تبعد آلاف الأميال عن جنوب إفريقيا، ولكن كان من الصعب تحديد أين وقعت الجريمة وأين حدث تسليم الأموال، لذا فإذا ما قامت دولة بتضييق الخناق على المجموعة فسوف يهربون إلى دولة أخرى.
وفي أثناء عمله في القضية تعاون يوهان مع مجموعة من نخبة (لفرع التجاري) في الشرطة، وهو النظير الجنوب إفريقي لشعبة مكافحة سرقة وابتزاز أموال الأغنياء في المباحث الفيدرالية الأمريكية.
وقد رأس الفريق النقيب لويس هيلبيرج، وبحلول منتصف عام 2003 كانت لدى الفريق فكرة راسخة عما حدث، فالمتبرعون يحصلون على مبالغ تتراوح ما بين 6 آلاف و18 ألف دولار نظير بيعهم الكلى، وهم يأتون من إسرائيل والبرازيل وربما روسيا ورومانيا أيضًا، وذلك بعدما ظهرت أسماء في سجلات المستشفى تشبه أسماء مواطني شرق أوروبا.
وهناك طبيبان في مستشفى سانت أوجستين يبدو أنهما الأكثر تورطًا، وقد بدا أن أحد الأطباء من جنوب إفريقيا قد جنى أرباحًا تصل إلى 450 ألف دولار بإجرائه 107 عملية. ويقول المحققون إن تلك المنظمة انطبق عليها 11 شرطًا من إجمالي 12 لتصبح تلك المنظمة (عصابة) إجرامية مشابهة لعصابات المافيا، والشرط الوحيد المتبقي هو أن تلك المنظمة لم ترتكب أي جريمة قتل.
وبعد يوم طويل شاق من العمل في التحقيقات اتجه يوهان والنقيب هيلبيرج ومحقق ثالث إلى مطعم للهامبورجر، ثم قاموا باحتساء قدح من القهوة وأخذوا يتناقشون بشأن القضية.
سألهم المحقق: (إلى أي مدى يمكن أن تصل إليه إذا ما أراد ابنك زرع كلية؟)، وقد فتح ذلك السؤال بابًا للنقاش حول شرعية وأخلاقية القانون الذين أقسموا جميعًا على الحفاظ عليه. فبالنسبة لمعظم الناس فإن رد الفعل المبدئي حول شراء أو بيع أجزاء من أجسادهم هو الرفض الفوري، وهذا هو ما يطلق عليه المتخصصون في علم الأخلاق الحيوية (عامل الرفض والاشمئزاز).
ولكن الداعم الأخلاقي لهذا الشعور والذي بدوره أصبح قانونًا مشرعًا عادة ما يصعب التصريح به، كما يقول والتر روبنسون طبيب الأطفال والمتخصص في علم الأخلاق الحيوية بكلية الطب بجامعة هارفارد بكمبريدج بولاية ماساشوستس.
ويضيف: (إن هذا يعد انتهاكًا (للطبيعة) ولكن (الطبيعة) هي شيء يصعب وصفه)، فهي يمكن أن تنبعث من أخلاقيات الناس أو من قيمهم الدينية، أو من انحيازهم إلى شيء ما أو للتقاليد.
وقد انخرط المحققون في النقاش لدرجة أنهم نسوا قهوتهم التي أصبحت باردة، ثم قاموا بمناقشة الجانب الآخر من القضية، فتناقشوا في الشائعات التي تدور حول عمليات تجارة الأعضاء وأن الناس يقتلون فيها وأنها ربما تكون صحيحة، فالنقاد يقولون إن النظام الحالي قد أدى إلى إطلاق سلسلة خطيرة لبيع وتملك الجسد البشري، والتي يمكن أن تحول الأحياء الفقيرة والقذرة حول العالم إلى مستودعات للأجزاء الآدمية ليتاجر فيها الأغنياء، فاليوم في أحد أحياء مانيلا الفقيرة فإن بيع الكلى قد قاد إلى عمليات بيع الرئة وقرنية العين أيضًا.
جثث بلا اعضاء!
وأثناء النقاش طرح يوهان وجهة نظر أخرى، فقال إن (الحياة بالفعل رخيصة جدًا في تلك المجتمعات، فالناس ربما يقتلون بعضهم البعض من أجل المشاجرة على سلاح أو على مبلغ نقدي قليل للغاية)، وإذا ما بدأت في إعطاء الناس أموالاً نظير بيعهم لكليتهم (فإن الأمر سوف ينتهي بنا إلى أن نبدأ في العثور على العديد من الجثث البشرية بلا أعضاء).
وذلك النوع من السيناريو المستقبلي الرهيب هو ما جعل يوهان يصل إلى نتيجة وينتهي به مطاف التفكير، فقام المحققون من على المنضدة، وقوى تصميمهم على فتح ملف تلك القضية.
بعد ذلك بعدة أسابيع أضاف يوهان بندًا رئيسيًا آخر لموقفه، فعندما كان يتناول طعام الفطور، فتح أحد البرامج الإخبارية الأمريكية، وكان المذيع يحاور أم قتل ابنها البالغ من العمر 17 عامًا في حادث سيارة، وبعد موافقة الأم قام الأطباء باستخلاص 47 عضوًا ونسيجًا من جسد ابنها، بما في ذلك
القرنية والكليتين والكبد والرئتين والقلب، وقال يوهان لنفسه: (لم أكن أعلم أنه يمكن الحصول على كل تلك الأعضاء من جسد واحد فقط).
وقد سأل المذيع الأم إذا ما كانت تتوقع أن تحصل على أموال نظير تخليها عن أعضاء ابنها طواعية، ولا يزال يوهان يتذكر إجابة تلك الأم التي ردت على المذيع قائلة:(كيف يمكن أن أتلقى أموالاً نظير ذلك؟ فالله أعطى كل منا جسده الذي نستخدمه ونحن أحياء، فقد أعطانا ذلك الجسد مجانًا، فكيف نتلقى أموالاً من شخص آخر نظير جزء منه؟).
وفي تلك الأثناء كان هناك رجل آخر يسمى س. زور، اعترف بأنه تلقى مبلغ 18 ألف دولار نظير موافقته على بيع كليته، وكان ممددا على منضدة العمليات في مستشفى سانت أوجستين بالبرازيل، قبل عدة دقائق من تسليم عضوه إلى رجل إسرائيلي مريض يدعى أجانيا روبل، ولكنه أصيب بهلع كبير، فقام مسرعًا من على منضدة العمليات، وأخذ ملابسه في يده، وهرب إلى المطار كما أخذ معه 18 ألف دولار التي كان من المقرر أن يأخذها نظير تبرعه بكليته.
وعلى الفور قام رجل يدعى شوشان ميير والذي وجهت له اتهامات بعد ذلك بأنه عضو في تلك المنظمة بالاتصال بالشرطة، وأبلغهم أن السيد زور قام بسرقة تلك الأموال. والسيد ميير يبدو أنه كان يأمل بصورة تدعو للدهشة في أن الشرطة سوف تساعد على منع تلك الصفقة غير الشرعية من أن تفسد، ولكن ما قام به كان الخطوة الأخيرة التي أرادتها الشرطة للقبض على تلك المنظمة.
ففي صباح يوم 27 نوفمبر 2003 بعد عام ويوم من خضوع هيرناني إلى الجراحة، قام يوهان وهيلبيرج وفريق من الشرطة مع مصورين والعديد من المخبرين في ملابس مدنية بالالتقاء في موقف السيارات في مستشفى سانت أوجستين، ثم هرعوا مسرعين إلى أعلى التل إلى قسم زراعة الأعضاء بالمستشفى.
وأعلن هيلبيرج رئيس الفريق أنه معه مذكرة لتفتيش المستشفى وأنه سوف يصادر عدة ملفات.
وأضاف يوهان أنه محقق خاص يحقق في جرائم ارتكبت في انتهاك لقانون الأنسجة البشرية, ولم يكن في حاجة إلى أمر بالبحث كما يستطيع أن ينظر إلى أي من ملفات المستشفى في أي وقت.
ودخل أحد المكاتب الجانبية، وكانت معلقة فيه لوحة بيضاء مكتوب عليها اسمان: (أ. روبل)، و(روجيرو بيزيرا) وتاريخ اليوم. وسأل ليندي ديكسون أحد أعضاء المستشفى والتي سوف يتم القبض عليها بعد ذلك بتهمة التواطؤ مع المنظمة: (ما هذا؟)، فردت عليه قائلة بأن هذين الرجلين يخضعان في تلك الأثناء إلى عملية جراحية في الطابق الأعلى.
وقد أدرك يوهان على الفور أن روبل هو الرجل الإسرائيلي الذي نقلت إليه الكلية وكانت تجري عملية خياطة جرحه أثناء هروب زور.
وفي تلك الأثناء كان روبل يجلس على سرير العمليات إلى جوار متبرع آخر، وهو رجل برازيلي يدعى روجيريو بيزيرا داسيلفا، وعندها أدرك يوهان مدى كفاءة وتعقيد تلك المنظمة، فبعد أيام قليلة من هروب أحد المتبرعين، استطاعت المنظمة أن تعثر على متبرع آخر على منضدة العمليات، وقد علم بعد ذلك أن هذا الرجل تلقى مبلغ 6 آلاف دولار فقط نظير كليته، أما روبل المتلقي لتلك الكلية فقد دفع مبلغ 45 ألف دولار نظير حصوله على كلية جديدة.
وقد قررت الشرطة القبض على الرجلين أثناء رقادهما على سرير غرفة العمليات، ولكن بعد عدة أيام أضافت الشرطة ثلاث حالات قبض جديدة، وقد اعترف روبل المتلقي للكلية بأنه مذنب، وتم تغريمه مبلغ 770 دولارًا وعاد إلى إسرائيل، كما تم توجيه تهم إلى اثنين من صغار مسئولي المنظمة بينهما ميير, الأول دخل في اتفاق عفو مشروط، وتمت محاكمة ميير في 13 يوليو الماضي، في حين لم توجه تهم إلى بيزيرا داسيلفا، ولكنه خسر مبلغ 6 آلاف دولار نظير كليته.
وفي الأسبوع ذاته قامت الشرطة البرازيلية أيضًا بالقبض على اثنين من الإسرائيليين وتسعة برازيليين. ضاعت الستة آلاف دولار وبعد ما يقرب من عام من رحلته إلى جنوب إفريقيا، تبخر مبلغ الستة آلاف دولار التي كان قبضها هيرناني نظير كليته، في حين قامت زوجته ديزي ببيع الحلوى من أجل سداد فواتيرهما، وقام هيرناني ببيع دراجته النارية بعدما انزلق على أحد الطرق في ليلة ممطرة واصطدم بمؤخرة شاحنة، وأصبح الآن يسير بعرج في قدميه. والمأزق الذي يعيشه هيرناني شائع بين بائعي الكلى، فطبقًا لدراسة أعدت في الهند فإن بيع الأعضاء لم يؤد سوى إلى زيادة الفقر، فما يقرب من 54% من البائعين كانوا فقراء بشدة قبل فقدانهم كليتهم، وبعد عام من بيعهم لأعضائهم لا يزال 74% منهم غارقين في الديون، كما تناقص متوسط دخل عائلتهم بنسبة 30%.
أما بالنسبة لهيرناني فإن الأمور ربما ازدادت سوءًا، ففي 2 ديسمبر عام 2003 كان هيرناني مثله مثل 40 مليون برازيلي يشاهد الأخبار المسائية في قناة (جلوبو) البرازيلية، وكان قد مر بيوم طويل شاق، وقد سمع أن صديقه الذي باع كليته صاحب الفولكس فاجن البيضاء اللامعة والذي ساعد على إقناع هيرناني على بيع كليته تم القبض عليه في حملة مداهمات مفاجئة في ذلك الصباح، ولا أحد يعلم لماذا لاحقته المباحث الفيدرالية البرازيلية.
وعندما كان هيرناني يجلس على أريكته ذلك المساء مع صديق آخر له اكتشف لماذا تم القبض على صديقه، فقد أعلن المذيع أن قوات الشرطة في جنوب إفريقيا استطاعت أن تصل إلى منظمة دولية لتجارة الأعضاء، وقامت السلطات باعتقال 11 شخصًا من المتورطين في هذا العمل، ومن المتوقع أن تجري مزيدًا من الاعتقالات، وقد قفزت عبارات (تجارة الأعضاء) و(الاعتقال) أمام مخيلة هيرناني، تمامًا مثلما حدث في ذلك اليوم عندما قفزت عبارة ذلك الرجل الأصلع (إننا ندفع 6000 دولار)... ولكنه في تلك المرة كان فزعًا للغاية.
قال له صديقه: (يجب عليك أن ترحل من هنا فورًا)، وظلت كلمة واحدة تتردد على عقله: (لماذا؟)، فأنا لم أفعل شيئًا خطأ، ولم أؤذ أحدًا، لقد عبرت المحيط من أجل منح حياة لرجل محتضر، لقد قمت فقط ببيع ما أملك، فلماذا يفعلون ذلك؟ لماذا أنا؟ سوف أذهب إلى السجن، وفي خلال دقائق قام بتغيير ملابسه واختفى في ظلمة الليل.
سرعان ما عبر أحد الأبواب المعدنية لأحد الفنادق المحلية المشبوهة حيث يتم تأجير الغرفة بالساعة، وقد دهش موظف الاستقبال عندما رأى هيرناني بمفرده ويبحث عن غرفة، ولكنه قبل بطاقة الائتمان الخاصة بهيرناني وسلمه مفتاح غرفته.
كان يرتعش من الخوف، وجلس على سرير الغرفة الكئيبة يحلق في نفسه في المرآة، ولكنه لم يكن يراجع قراره ببيعه كليته، كما أنه لم يكن يشعر بالقلق بشأن عثور الشرطة عليه، لقد كان قلقًا من ثمن الغرفة الباهظ، فكان يخشى من أن حسابه البنكي ربما لن يغطي تكاليف الغرفة التي يصل إيجارها إلى 7 دولارات في الليلة.
ومع استقرار التحقيقات في عام 2004، كان يوهان لا يزال غير مستقر بشأن توجهه الديني فيما يتعلق ببيع الأعضاء، وعندما كان عائدًا إلى منزله في إحدى الليالي بسيارته، اكتشف أن موقفه قد تغير من ميوله الأولية تجاه أنه (لن يفعل شيئًا) من أجل إنقاذ نفسه أو أحد أفراد أسرته فيما يتعلق بشراء كلية. وبعد كل ما عرفه الآن فقد حاول أن يجد طريقة قانونية.
فعلى سبيل المثال كان يوهان وأخوه وأعز أصدقائه لديهم فصيلة دم (O) سالبة، وكانوا يعلمون أنه إذا ما احتاج أحدهم نقل دم أو حتى زراعة أحد الأعضاء، فإن الآخر سوف يفي بذلك، فقد كان يعلم أشخاصًا قاموا بذلك، فمنذ سنتين قامت امرأة بالتبرع بكليتها إلى زميل لها، وحدث نفسه قائلاً: (لقد كانت تضحية كبيرة منها)، واليوم بعد 16 شهرًا من جراحته أصبح عمر آري باتش اليوم 57 عامًا، ويعيش حياة جديدة من الحرية، وسوف يتزوج ابنه الأصغر هذا الصيف، وسوف يحضر آري حفل الزفاف تحت مظلة في الحديقة. وكان الأطباء قد أخبروه أنه يجب عليه أن يأخذ دواء ليقمع مناعة الجسم بقية حياته لكيلا يلفظ الكلية الجديدة، كما أنه حساس لضوء الشمس، فلا يستطيع أن يخرج في شمس منتصف اليوم ووجد أنه لا يستطيع أيضًا أن يذهب إلى الشاطئ أو حتى إلى أحد حمامات السباحة العامة، فقد نصحه الأطباء بأن يبتعد عن أي وسيلة يمكن أن تنقل إليه أمراض بما في ذلك الذهاب إلى حمامات السباحة العامة.
يقول آري وهو يجلس في إحدى الأمسيات الدافئة في منزله وتظهر
خلفه الأزهار في حديقته: (أنا لدي رباطة جأش وتسليم بقدري الخاص، فهناك العديد من الأشياء في الحياة كان يمكن أن تكون أسوأ، ولكن حمدًا لله أنا بخير الآن).
الخاتمة
بحسب ما وصلت إليه التحقيقات فإن المنظمة التي نسقت عمليات تجارة الكلى لمدة عامين على الأقل في دوربان بين البرازيليين والإسرائيليين تم تفكيكها، ولكن التجارة العالمية والجدل المثار حولها لم ينتهيا بعد.
ففي جنوب إفريقيا تم توجيه تهم لأربعة من أعضاء المنظمة وينتظرون المحاكمة، وقام يوهان ويسيلز والنقيب هيلبيرج وفريقه بتوسيع نطاق التحقيقات في مستشفيات جوهانسبرج وكيب تاون.
وفي الوقت الراهن بدأت الحكومات حول العالم في تغيير قوانينها المتعلقة بتجارة الأعضاء، ففي إسرائيل على سبيل المثال هناك مشروع قانون اقترحته وزارة الصحة يهدف إلى وقف تورط الدولة بتلك التجارة عن طريق استهداف سماسرة الأعضاء، بما في ذلك توقيع عقوبات تصل إلى السجن لمدة ثلاث سنوات.
وهناك اقتراح آخر يمكن أن يسمح للمتطوعين بالتبرع بأعضائهم بأن يتم تغطية كافة نفقات رعايتهم الصحية مستقبلاً، إضافة إلى تعويضهم ماديًا نظير غيابهم عن العمل في الوقت الذي يتعافون فيه بعد إجراء الجراحة.
وهناك آخرون في إسرائيل مثل فريدلاندر يقترحون أن تنشئ الحكومة صندوقًا لإعطاء تعويضات كبيرة إلى أولئك المتطوعين الذين اختاروا أن يكونوا متبرعين أحياء بأعضائهم. امتيازات للمتبرعين وفي الولايات المتحدة أصبحت ولاية ويسكونسن منذ وقت قريب أول ولاية تعطي المتبرعين الأحياء إعفاء ضريبي يصل إلى 10 آلاف دولار، وتعويضهم عن رواتبهم وتغطية نفقاتهم الطبية وتكاليف سفرهم.
وهناك 14 ولاية أخرى على الأقل تفكر في اتخاذ إجراءات مماثلة، وفي أبريل الماضي وقع الرئيس بوش على قانون تحسين التبرع بالأعضاء والتعافي، والذي يقوم بتعويض المتبرعين الأحياء عن النفقات التي تسببت فيها عملية التبرع، كما يمول المشاريع البحثية التي تهدف إلى زيادة عمليات التطوع.
ولكن القوانين ربما لا تستطيع ملاحقة السوق العالمية التي تتحرك بسرعة التجارة ذاتها، فهناك على سبيل المثال مطالب عالية على الكبد، والذي يمكن أن يعمل كجزء بكامل وظائفه في جسد المستقبِل، والآن هناك موقع liver4you. org يعد (بجراحة زراعة كبد في أقل من عشرة أيام) في الفلبين.
وقد طار مراسل (الكريستيان ساينس مونيتور) إلى ريسايف بالبرازيل، والتقى بهيرناني جوميز داسيلفا وزوجته ديزي أربع مرات على مر أربعة أيام لاستعادة ذكريات ما حدث، وبعد ذلك استطاع الحصول على المزيد من الحقائق والتفاصيل عن طريق الهاتف من داسيلفا محاميهم ومن مصادر الشرطة البرازيلية.
وقد دفعت المونيتور للسيد جوميز داسيلفا مبالغ نقدية نظير استخدام صورته مع الإسرائيلي الذي حصل على كليته في جنوب إفريقيا، وبطبيعة الحال فإن المونيتور عادة لا تدفع لمن تقوم بالحوار معهم نظير معلومات لتتجنب تصادم المصالح، ولكن تلك المخاطرة في هذه الحالة بدت هامشية. فقد ذهب محرر الجريدة أبراهام ماكلوفلين مرتين إلى دوربان بجنوب إفريقيا، وقضى أربعة أيام التقى فيها بأفراد من الشرطة ومحققين وذهب لزيارة مستشفى سانت أوجستين. ومن وثائق محاكم جنوب إفريقيا ومن الصور التي أعطاها له هيرناني استطاعت المونيتور تعقب المتلقي الإسرائيلي لكلية هيرناني، ولكن المتلقي رفض أن يتم محاورته من محررة الجريدة نيكول جوتي.
وفي القدس قامت المحررة إيلين بروشير بمقابلة آري باتش مرتين مع زوجته ماري، واللذين رحبا بتبادل تجربتهما مع الجريدة، كما تحدثا لأكثر من 12 مرة عبر الهاتف.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|