|
السعودة الخيار الأول ولكن؟! |
إذا كنا نعاني اليوم من مشكلة في قبول أولادنا وبناتنا في الجامعات..
وإن قبلوا فبغير التخصصات التي يميلون إليها ويحبذون دراستها..
فضلاً عن أن قبولهم وإن استجاب لرغباتهم، فإنه ليس بالضرورة أن يستجيب لمتطلبات السوق..
فهذا يعني أن هناك مشكلة كبيرة، وهي إذ تطل علينا اليوم وبهذا الحجم، فإنها تنذر بما هو أكبر وأخطر في المستقبل..
***
هناك محاولات..
وهناك جهود..
للحيلولة دون استفحالها..
حتى لا تمتد إلى ما هو أكثر من ذلك..
لكنها محاولات أشبه ما تكون بالتهدئة والمسكِّن لها..
بانتظار المستقبل الغامض والمجهول..
الذي لا أحد منا قرأ مؤشراته كما ينبغي ومثلما نتمنى..
لا أقلل بذلك من الجهد الذي يبذل حالياً..
ولا من المعالجات السابقة وهي كثيرة ومهمة..
كما أني لا أغفل حجم القلق الذي يساور الجميع..
والخوف الذي يتحدث عنه كل منا..
فالمشكلة تكبر وتتمدد وتؤثِّر سلباً وكثيراً على كل المستويات..
بما لا قدرة لأحد أن يخفيها أو ينكرها..
وهي مع شديد الأسف بإطراد نحو ما هو أكبر وأخطر..
***
وقبل أن نعالج تزايد نمو العمالة الأجنبية في بلادنا..
ونتحدث عن خطورة إشغال سوق العمل بها..
وبدلاً من أن يكون كلامنا عن البطالة في صفوف السعوديين..
علينا أولاً وثانياً وأخيراً أن نفكر في تعليم أبنائنا بشكل صحيح..
من حيث إتاحة فرص القبول في الجامعات والكليات والمعاهد للجميع ودون استثناء..
وتوفير التخصصات بما يتفق مع حاجة سوق العمل لها..
بديلاً لتكدس الشباب والشابات بتخصصات وشهادات لا حاجة لها..
وعندئذٍ لن تكون هناك حاجة لكل هذا العدد من العاملين غير السعوديين..
وعندئذٍ أيضاً لن يشتكي سعودي واحد أو سعودية واحدة من أنه أو أنها بلا عمل..
وسنكون بهذا قد قضينا على هذه المشكلة وتداعياتها وسلبياتها الأمنية والأخلاقية..
***
قصدت بهذه الكلمة أن أضيف صوتاً إلى أصوات أخرى تحدثت أو سوف تتحدث عن شيء يؤرقنا كثيراً..
ويقلقنا كلما رأينا من يشتكي من شبابنا بأنه بلا وظيفة وبلا عمل وبلا دخل يعيش منه..
ولا بد أن يتحرك الجميع للمشاركة في المعالجة والإسهام بالرأي وبما يهدي للوطن وللمواطن حلاً لقضية طالت وكثر الحديث حولها دون حل نهائي وشامل ومقنع لها.
خالد المالك
|
|
|
بعد اختطاف الصحفيين الفرنسيين الصراع الأمريكي الفرنسي يظهر على الساحة العراقية * إعداد ياسمينة صالح |
في الوقت الذي أدى فيه اختطاف الصحفيين الفرنسيين كريستيان شيسنو وجورج مالبرونو وسائقهما السوري (محمد الجندي) يوم 24 أغسطس الماضي، في المنطقة الخاضعة للاحتلال الأمريكي في العراق، إلى الصمت المطبق، جاءت رسالة من المختطفين، لترفع من صوت التنديد الدولي.
كانت الرسالة عبارة عن شريط فيديو، من خلالها بدأ الصحفيان الفرنسيان يتكلمان بالتداول، دون أن يظهر المختطفون. بيان مرفق أعلن أن الرجلين احتجزتهما جماعة تطلق على نفسها اسم (الجيش الإسلامي في العراق) والذي يطلب من فرنسا أن تلغي (قانون حظر الحجاب) وتمنح مهلة 48 ساعة للرد. ولم يكن هنالك أي معلومة عن (محمد الجندي) .
ما الذي حدث؟ حسب الكثير من الشهادات والتحاليل التي نشرتها الصحف الدولية، فإن الصحفيين وقعا في فخ نصبته لهما مكالمة مجهولة جاءت من شخص يدعي أنه يمثل إحدى الجماعات المسلحة النشطة في العراق، وأن الأمر يتعلق بسبق صحفي بالنسبة اليهما.
جريدة (نيويورك تايمز) كانت الوحيدة التي علقت على الموضوع بكتابة عبارة (فخ صحفي) للحديث عن الاختطاف، وبالتالي كتبت جريدة (لاروبوبليكا) الإيطالية عن الرهينتين الفرنسيتين بنفس أسلوب الفخ، مما يستدعي القول إن الصحفيين كانا على موعد مع شخص يقودهما إلى المكان المتفق عليه. لكن الشخص لم يأت وحده، بل جاء مع عدد من الأشخاص ليحتجزوا (كريستيان شيسنو وجورج مالبرونو) والسائق السوري الذي كان ضحية في الموضوع.
المساومة
يجب قبل كل شيء تحليل شكل الملف بعد الاختطاف. فشريط الفيديو وصل بشكل سري إلى قناة عربية تلقت قبل هذا بيانات أخرى تحمل نفس التوقيع. وبهذا الشكل تستطيع القناة أن تؤكد أن الأشرطة العديدة التي تحمل توقيع (الجيش الإسلامي في العراق) جاءت من مصدر واحد. الإخراج هو الذي يحدد الاختلاف بين أشرطة الفيديو المعتادة التي ترسلها الجماعات التي تنشط في السر في الشرق الأوسط. الإخراج الذي يكون عادة منمقا جدا، والصوت واضحا: خطتان واضحتان ودقيقتان. المختطفون لا يظهرون في الصورة. الملف مجهز بمداخلة بالفرنسية وأخرى بالعربية لأجل بثه على القنوات الفرنسية والعربية. ولكن القنوات الفرنسية رفضت بث الشريط حتى لا يسمحوا للمختطفين بفرض رؤيتهم.
يجب علينا تحليل مضمون شريط الفيديو: كما يوضح (حسن غريب) مؤلف كتاب (بيانات حول الجماعات السياسية العامة والسرية في العراق) ، فإن (الجيش الإسلامي في العراق) لا يمت بأي صلة لأي تنظيم معارض معروف على الساحة. ليس له أي وجود إعلامي إلا منذ أن جعل الحكومة الفلبينية تحمل حقائبها وتغادر العراق.
في بيان مصور، بثته قناة الجزيرة بتاريخ 10 يوليو، قال (انجيلو دو لاكروز) إنه وقع رهينة بين أيدي ما يسمى (الجيش الإسلامي في العراق) ، وطلب من الرئيسة الفلبينية (غلوريا أرويو) أن تسحب جنودها في ظرف 72 ساعة، وإلا فسيتم القضاء عليه. خضعت الفلبين للمساومة بتاريخ 12 يوليو. انسحب الجنود تماما في 20 يوليو، والرهينة تم إطلاق سراحها. العديد من أعضاء التحالف انتقدوا الضعف الذي قابلت به مانيلا الأزمة، بينما ظهر (الجيش الإسلامي في العراق) كواحد من جماعات المقاومة الأكثر تأثيرا بعد أن أقنع طرفا أجنبيا من مغادرة العراق! ولكنها مسرحية واضحة أن يلجأ المدعو (الجيش الإسلامي في العراق) ، لأجل أن يحرر بلده المحتل من قبل أكثر من 200.000 جندي والعديد من المرتزقة الأجانب، وضع كهدف له التواجد الفلبيني المتكون من 80 جنديا. وطلب منهم مغادرة العراق قبل 20 يوليو، في الوقت الذي كان فيه هؤلاء الرجال يستعدون للرحيل رسميا في 20 أغسطس..
الفلبين التي هي حليفة مخلصة لأمريكا ليس لها أي هامش سياسي، وجنودها مدربون ومؤطرون ومعدون من قبل البنتاجون.
الرئيسة الفلبينية (غلوريا أرويو) تم اختيارها من قبل بيل كلينتون إبان دراستهما الجامعية. بعبارة أخرى، الانسحاب السريع الذي حدث لم يكن له أي معنى على الساحة، والقرار الذي اتخذته الفلبين لم يكن ليوجد من دون موافقة البيت الأبيض، مهما كانت ردود الفعل التي ظهرت كواجهة من بعد ذلك.
نفس التوقيع ظهر في عملية اختطاف وموت الصحفي الإيطالي (اينزو بالدوني) . هذه المرة كان الأمر يتعلق بالضغط على روما لأجل سحب 3000 جندي في ظرف 48 ساعة. مطلب بدا من الناحية التقنية مستحيلا. في الوقت ذاته ووفقا لما جاء في الصحافة الإيطالية، يظهر أن السيد (بالدوني) ، لم يتعرض للتصفية، ولكنه مات أثناء الاحتجاز. العملية فشلت من دون أن يعلم أحد نوع السيناريو الذي كان مرتبا لها.
مطلب إلغاء (قانون حظر الحجاب) الذي أعلنه الخاطفون مقابل الإفراج عن الرهينتين الفرنسيين لا تبدو له صلة بالواقع العراقي الذي يعيش فيه البلد تحت وطأة الاحتلال الأجنبي، (الجيش الإسلامي في العراق) يهتم بتغيير قانون على أرض دولة صديقة. لهذا يبدو الأمر غريبا أن يكون هؤلاء المطالبون عراقيين.
للمختطفين دراية أن الدخول المدرسي الفرنسي، الذي يصادف البدء في تطبيق هذا القانون، يكون في 6 سبتمبر، وأن هذا القرار يجب أن يتخذ قبل نهاية الأسبوع. ولكنهم يجهلون، أو يتجاهلون، أن البرلمان وحده يملك صلاحية إلغاء قانون ما، وأن هذا الأخير في عطلة.
مبدأ الخطف والمساومة لا ينبعان من الإيمان ولكن من اللصوصية العلنية. الجميع أدان العملية بمن فيهم السلطات الدينية في العراق التي سبق وأعلنت رسالتها أيضا منذ أن صارت الممارسة منتشرة داخل العراق.
ردات الفعل
لنحلل الآن ردة فعل السلطات الفرنسية: فبمجرد الإعلان عن الخبر، اجتمع الوزير الأول مع لجنة وزارية للأزمة. استدعى وزير الداخلية اللجنة الفرنسية للديانة الإسلامية. اجتمع الوزير الأول مع لجنة وزارية ثانية لمناقشة الأزمة، التي تبدأ بالاتصال بعدد من رؤساء المجالس. رئيس الجمهورية الفرنسي وجه خطابا إلى الأمة.
في اليوم التالي، وزير الشؤون الخارجية يلتقي في القاهرة بالأمين العام للجامعة العربية، ثم يلتقي بنظيره المصري. وفد دبلوماسي وعسكري فرنسي يتوجه إلى بغداد. يلتقي رئيس الجمهورية مع نظيره الروسي والوزير الأول الألماني في مدينة (سوتشي) .
في أقل من ثلاثة أيام، استطاعت الشبكة الدبلوماسية الفرنسية أن تحصل على تأييد معظم علماء الدين المعروفين وكل التشكيلات السياسية والمؤسسات العربية. ردة الفعل هذه بالمقارنة لتلك التي تلت قضية الرهائن في بيروت ويوغسلافيا، قد تبدو خالية من البعد الكافي، بالإضافة إلى أن مطالب المختطفين تبدو غير منطقية ولا يمكن فهمها، تماما كردة فعل الدول العربية، إلا من منظور أن كل شخص صار يعرف اللعبة الخفية.
إن قراءة متأنية للتصريحات التي أدلى بها رئيس الجمهورية الفرنسي تكشف تلك العناية التي يبديها حول المختطفين، تاركا للمستقبل مسألة كشفهم. رئيس الدولة أعلن عن المهمة التي كلف بها وزير خارجيته. بالخصوص وهو يضع أولوية الدفاع عن مبدأ الجمهورية، ليس للرد على الجدال القائم حول الحجاب، ولكن كمضاد حيوي للمشروع الأمريكي حول صراع الحضارات.
لننتقل إلى ردة فعل الولايات المتحدة وإسرائيل: البيت الأبيض بدا أخرس. الناطق الرسمي باسم البيت الأبيض رد على سؤال طرحه عليه صحفي على هامش تجمع للمرشح بوش ليعلن أن الإرهابيين يريدون إضعاف الإصرار الذي يبديه المجتمع الدولي. هذا كل شيء بالنسبة للمعلقين الرسميين.
جورج بوش الأب أعلن أنه بالنظر إلى ما يجري لهم يجب على الفرنسيين أن يقولوا الآن إن الرئيس بوش كان محقا فيما يخص الإرهاب. تحليل مثير يصب في نفس الخط الذي رسمه الأمريكيين بعد أحداث مدريد.
المختطفان الفرنسيان يطالبان الشعب الفرنسي بالتظاهر ضد قانون حظر الحجاب.
المعلقون يقولون إن الحكومة الفرنسية تحصد ما زرعته وفق ما تذهب إليه من أنها (فرنسا) غير متسامحة مع المسلمين ومتساهلة مع الإرهابيين. تل أبيب، التي عادة ما تعلق على كل ما يجري في المنطقة، انغمست في الصمت. في ذلك الصمت الأصم، بحيث إن لا الولايات المتحدة ولا إسرائيل أبديتا أدنى تعاطف، ولا حتى من باب اللباقة، مع الرهينتين الفرنسيتين أو مع فرنسا. جبهة بوش تأمل أن تكون هذه القضية درسا للفرنسيين.
انقلاب دبلوماسي
من البداية، يبدو أن جاك شيراك قد فهم أن الأزمة تتجاوز كثيرا مسألة حياة الرهينتين أو مسألة قانون حظر الحجاب، بل إن أبعادها تكمن في المواقع الدبلوماسية لفرنسا التي تقف في وجه المشروع الأمريكي في شن حرب الحضارات.
صراع الحضارات ليس حربا بين الشرق والغرب فحسب، ولكنه حرب أهلية بعيدة المدى يراد بها نهش القوى الفاعلة في الداخل. ليس لأجل إحداث التوازن الديموغرافي الداخلي بين المجالس أو المؤسسات، ولكن الأمر يتعلق بتحديد معالم المشروع الاستراتيجي نفسه. إذن، بينما كانت عملية الحرب النفسية لأجل إحداث الانقسام بين الفرنسيين ووضعهم أمام التناقضات الدبلوماسية، استطاع الإليزيه أن يحول هذه الكارثة إلى حالة من التأييد المطلق من العالم الإسلامي.
الصحافة الأمريكية راقبت التصريحات الصادرة عن المسؤولين العرب إزاء عمليات الاختطاف التي يتعرض إليها الأبرياء في العراق وبالخصوص عملية اختطاف الصحفيين الفرنسيين، حيث تعمدت جل الصحف الأمريكية إلى إخفاء المساندة السياسية الدولية للدبلوماسية الفرنسية. كما تعمدت إخفاء اللعبة التي يدور فيها محور الحرب في العراق، والتي يدينها كل المسلمين الشرفاء وكل القوى المتسامحة في العالم.
(في ظرف أيام، شهدت فرنسا عبر كل الممثلين الشرق أوسطيين ما عدا المتعاونين العراقيين وإسرائيل، ولادة جبهة أخرى لمجابهة دعاة الحرب والتي تريد اليوم أن تصنع من الإسلام (غولا) كي تحاربه وتلغيه من الأرض وهو الأمر الذي سيكون صعبا لأن الإسلام هو دين كل زمان ومكان ولأنه إيمان عميق بأن السلام هو الحل لكل مشاكل البشر) يقول: (فيليب دو فيلبان) في مقابلة تلفزيونية معه شاهدها أكثر من 20 مليون فرنسي وانجلوسكسوني.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|