في قصة حقيقية ترويها الكاتبة أليس مونرو تتناول فيها الكاتبة حياة أمها مع مرض الزهايمر تقول فيها: مرضت أمي بمرض الزهايمر واستطعت إيجاد منزل خدمي خاص وممرضة جيدة تدعى بريسيلا بارسيلون التي ساعدتها خلال السنوات العشر الأخيرة من حياتها.
اعتادت بريسيلا، من الفلبين، طهو الخضراوات الطازجة وإعداد ولائم من اللحم. كما كانت تعتني بأمي؛ فتقلم أظافرها وتجعلها في أبهى صورة دائماً حتى أصبحت أمي بدينة، وكان لا بد أن تبدأ عمل ريجيم.
بعد ذلك بدأت أمي الانسحاب من مشاركة المجموعة بالمنزل وتميل نحو بريسيلا التي كانت تعتني بها طوال اليوم.
أخذت سارة بوللي، الممثلة الكندية، قصة أليس مونرو القصيرة وقامت بإخراجها في هذا الفيلم الرائع. تلك المخرجة التي يترقبها مستقبل باهر في مجال عملها كمخرجة مكنت جولي كريستي وجوردون بيتسنت واليمبيا دوكاكيس أبطال الفيلم من الحصول على وسام الاستحقاق الأكاديمي بينما حصلت هي على وسامين: الأول عن أحسن إخراج والثاني عن أحسن عرض سينمائي.
تدور أحداث الفيلم حول جرانت، الذي يجسده جوردون بينسنت، الأستاذ المتقاعد والمتزوج من فيونا، جولي كريستي، وهى سيدة عمرها 44 عاما. وقد لاحظ كلا الزوجين أن فيونا أصبحت تنسى الأشياء كثيراً بمرور الوقت. وفي محاولة لتفادي تلك المشكلة التي طرأت؛ أبدت فيونا احتياجها لخدمة منزلية، إلا أن جرانت كان معارضاً لتلك الفكرة وفضّل العيش في منزلهم الصغير الذي يتساقط عليه الجليد الذي قضى به نحو عشرين عاماً من حياتهما الزوجية. أما فيونا فكانت متكلفة وتهتم بمظهرها وأنانية لدرجة أنه يصعب عليها تقبل فكرة أن تنسى غسل أسنانها وترك ملابسها متسخة. وعلى الرغم من أن فيونا تنسى الحاضر إلا أن ذاكرتها يصعب عليها نسيان كيف آلمها جرانت بحماقاته السابقة بمغازلة الكثير من الطالبات. هل تتسامح فيونا عن تلك الأحداث وتقرر الاستمرار في حياتها الزوجية؟
في الخدمة المنزلية سرعان ما نسيت فيونا من هو جرانت وارتبطت بأحد المرضى الذي يُطلق عليه أوبري ويجسده مايكل مارفي، حتى أصبحت أول من يعتني به ويصاحبه دائماً فقد كان هو يحتاج إليها بالفعل. أما جرانت فقد كان يصارع أحزانه ووحدته حيث يذهب لفيونا كل يوم يجلس وحيداً يرقب زوجه وهي تعتني بأوبري وقد حاول رؤيتها وأخيراً سألها عن سبب اهتمامها بأوبري فأفصحت عن أسبابها، أما نحن فنعلم تلك الأسباب.
تعود الكاتبة لتضيف: (بعد أن انتقلت أمي من المنزل، تلقيت اتصالا هاتفياً من بريسيلا تطلب فيه لقائي على انفراد. للوهلة الأولى تيقنت أن والدتي تتصرف بطريقة غير لائقة فقد اعتاد الجميع على لغة أمي الفظة ولكن ماذا أصاب تصرفاتها الآن! هل تقوم أمي بإخفاء الطعام أو سرقة النقود من رفقائها؟ إن معرفتي بأمي تجعلني لا أنزعج من تصرفاتها غير اللائقة ولكن هذه المرة جعلتني أتساءل بالفعل. تلك التصرفات تُعرف بالأعراض الثانوية لمرض الزهايمر ولذلك قمت بالاعتذار لبريسيلا نيابة عن أمي).
على الجانب الآخر، أخرجت ماريان، أوليمبيا دوكاكيس، زوجها أوبري من هذا المنزل. وترك فراقه آثارا مدمرة على فيونا. وقد أصابها إحباط شديد لدرجة أن جرانت قرر أن يعمل أقصى ما في وسعه لكي يعيد أوبري إلى فيونا مرة ثانية.
تأخذ أحداث الفيلم (بعيداً عنها) منعطفا دراميا غير متوقع. ولمشاهد أحب فيلم (منزل الطاحونة) و(300) و(بعد 28 أسبوعا) وفيلم (إجازة) أقول: إن الحاسة الفنية للكاتبة المخرجة سارة بوللي غمرتني بالفعل.
إن إخراج فيلم عن مرض الزهايمر بدون استنزاف عاطفي أو عزف على أوتار القلب ليس سهلاً بل قد يكون مستحيلاً قبل هذا العمل الفني. فقد أظهرت بوللي موهبتها ككاتبة بأن جاءت لنا بأحاديث رقيقة ومدمرة في الوقت نفسه.
****
* إخراج: سارة بوللي
* سيناريو: سارة بوللي - الفيلم مأخوذ عن القصة القصيرة (وقفت الغزالة على الجبل) للكاتبة أليس مونرو
* إنتاج: دانيال إيرون وسيمون أوردل وجنيز وايس
* المنتج المنفذ: أتوم إيجويان ودوج مانكوف
* مدير التصوير: لوك مونتبيلير
* موسيقى: جوناثان جولد سميث
* تصميم إنتاج: كاثلين كليمي
* ملابس: دبرا هانسون
* تحرير: ديفيد وارنسبي
*بطولة:
* جولي كريستي
في دور فيونا
* جوردون بينسنت
في دور جرانت
* أوليمبيا دوكاكيس
في دور ماريان
* كريستن تومسون
في دور كريستي
* دميخائيل مارفي
في دور أوبري
* وندي كروسون
في دور مادلين