* تحقيق - حمد العنزي / * تصوير - حسين حمدي
انتشرت في الشوارع ظاهرة الباعة الجائلين الباسطين بضاعتهم على الأرصفة في الأسواق أو في الشوارع أو في الطرق العامة؛ مما دعا الكثيرين ممن ليست لديهم وظائف أو شهادات إلى سلوك هذا الطريق أو امتهان هذه المهنة التي لا تكلف الشخص مبالغ مادية كبيرة كاستئجار محل أو تحمل مسؤوليات أخرى؛ فهم يتجولون في الشوارع ويحملون بضاعتهم، على سياراتهم الخاصة أو بوسائل أخرى، ويكون ذلك بطرق غير نظامية. وقد أبدى الكثيرون من أصحاب المحال التجارية عدم رضاهم عما يقوم به هؤلاء الباعة الذين أصبحوا يجذبون الزبائن نتيجة اختلاف الأسعار بينهم وبين المحال؛ وذلك نظراً لعدم تحملهم أيّ مصاريف أو مستلزمات أخرى، وقد قامت البلدية بالكثير من الحملات؛ من أجل إنهاء هذه الظاهرة من خلال منع نشاط هؤلاء الباعة ومصادرة بضاعتهم، لكن دون إيجاد حل نهائي للمشكلة؛ حيث نجدهم يعودون إلى ممارسة البيع بشكل يومي في أماكن أصبحت مخصصة لهم.
(مجلة الجزيرة) تجولت في الأماكن التي ينتشرون فيها باستمرار، وقامت بالتعرف على الأسباب التي دفعتهم إلى مزاولة هذه المهنة، وكيف ينظر أصحاب المحال التجارية إلى ظاهرة الباعة المتجولين والباسطين أمام محالهم، وكيف يرى أفراد المجتمع مثل هؤلاء الباعة في الشوارع والأرصفة.
مردود مجز
توجهنا إلى عمر عبدالله وهو صاحب سيارة محملة بالكثير من البضائع المختلفة والمتنوعة يجوب بها الأسواق والشوارع، ويقوم ببيع كل شيء لديه بخمسة ريالات، وقد ذكر أنه يقوم بالبيع بالسيارة منذ فترة طويلة، وأنها ذات مردود مجز جداً أفضل من وجوده داخل محل واحد؛ فهو يعرض بضاعته في كل مكان وفي كل حي، وهي تجد إقبالاً كبيراً من قبل الزبائن. قال: أنا أبيع بسعر أرخص بكثير من المحال، والبضاعة الموجودة لديّ موجودة لدى المحال. وذكر أنه امتهن هذه المهنة نتيجة عدم وجود وظيفة أخرى، وهو حاصل على شهادة الابتدائية، لكنه لم يحصل على وظيفة يكون مردودها المالي مناسباً؛ فقام ببيع البضاعة في الشوارع، وهو يشتري بضاعته من مدينة جدة؛ فتكون بسعر مناسب، ويقوم ببيعها في مدينة الرياض. وعن أبرز العوائق التي تصادف مثل هذه المهنة قال: إن البلدية تقوم باستمرار بمطاردتنا ومصادرة البضاعة أو حجز السيارة في بعض الأحيان إلا أنني تعودت على ممارسة البيع في الشوارع نتيجة المردود المالي الجيد من هذه المهنة.
تنظيم العمل
يقول عبدلله محمد (صاحب سيارة بيع فواكه متجولة وحاصل على شهادة رابع ابتدائي) إنه توجه إلى هذه المهنة بعدما قام بالبحث عن الكثير من الوظائف، ولكنه لم يحصل على أي وظيفة فاتجه إلى بيع الخضار والفواكه داخل سيارته الخاصة، وهو يقوم ببيع بضاعته في الشوارع العامة أو أمام المساجد عند أوقات الصلاة، وهي مهنة ذات مردود مجز، وأضاف: نحن نبيع بأسعار أرخص من أسعار المحال التي تبيع الخضار والفواكه، ولكننا غالباً ما نواجه صعوبات من قبل سيارات البلدية التي تمنعنا من البيع في الشوارع أو أمام المساجد؛ لذا أرجو من البلدية أن تقوم بعمل مكان مخصص لنا في كل حي أو الأسواق ويكون مبسطاً أو سوقاً بشكل نظامي؛ لكي نتلافى المخالفات وتكون عملية البيع والشراء بشكل منظم؛ وذلك من أجل الحد من عملية البيع في الشوارع والأرصفة.
بينما يرى ضيف الله محمد (صاحب بضاعة عطور متجول في الأسواق والأماكن التي يتجمع فيها الأشخاص، وهو يبيع عطوراً مخلطة من قبله) أن أصحاب المحال التجارية هم السبب الرئيس وراء المضايقات التي تقع لهم من قبل البلدية، ويقول: نحن نبيع بسعر أقل بكثير منها، وحتى إذا كانت بضاعتنا تختلف عن بضاعة أصحاب المحال فهم يتضايقون منا ولا يسمحون لنا بالبسط أمام محالهم، ويقومون برفع الشكاوى ضدنا باعتبارنا نقوم بإيذائهم من خلال وجودنا أمام محالهم، ونبيع بأسعار أقل من الأسعار الموجودة لديهم، والحمد لله أن هذه المهنة مهنة غير محرمة، وتكف الشخص عن أن يتجه ويسلك طرقاً محرمة وغير مشروعة؛ فهي تلبي احتياجات الأشخاص من خلال مردود مالي مناسب، كما أن الكثير من الزبائن يقومون بتشجيعنا على هذه المهنة من خلال معرفتهم أن هذا الشخص هو سعودي الجنسية، ويمارس مثل هذه الأعمال الشريفة، وهي حقيقة نعتبرها إيجابية في بيعنا في الأسواق أو الأماكن المختلفة؛ فيوجد زبائن يشترون منا من أول مرة ويأتون إلينا مرة أخرى لأنهم عرفوا البضاعة والجودة لدينا بسعر يختلف عن أسعار المحال الأخرى؛ لذلك نرجو من البلدية أن تقوم بتنسيق نشاط الباعة المتجولين أو الباسطين في الشوارع؛ لتكون العملية نظامية بشكل كبير.
حلول جزئية
أما جمال أحمد فقد كان أمام أحد المساجد وقام ببسط بضاعته في ساحة المسجد وهو بائع خضار متجول في الأسواق والمساجد ويقوم بتنزيل بضاعته في الصباح في مكان معين أو المكان الذي يتوافد إليه الأشخاص بشكل كبير، وقال: إن الأشخاص يقومون بالشراء منا بشكل كبير والبعض يفضلون بضاعتنا على البضاعة الموجودة في الأسواق إلا أن البلدية تقوم باستمرار بمصادرة بضاعتنا أو في حالة وجود سيارة يقومون بحجزها وعدم خروجها من الحجز إلا بدفع غرامة مالية لكي تخرج السيارة من الحجز، وهذه من أكبر المعوقات التي نصادفها أثناء عملية البيع.
أما أم عويض صاحبة بسطة في أحد الأسواق فذكرت أنه في السابق كانت البلدية تسبب لهم مشكلات كبرى في حالة وضع بسطاتهم أمام المحال التجارية وتضايقهم إلا أنهم طالبوهم بأن يضعوا صناديق بشكل نظامي تجنباً للمضايقات، وأضاف: الحمد لله منذ أن وضعوا الصناديق لم نحصل على أي مخالفة من قبل البلدية ونبيع البضاعة المختلفة التي تكون بأسعار مناسبة جداً تختلف عن أسعار المحال.
البحث عن لقمة العيش
تقول أم سطام: إن الفقر والحاجة دفعانا إلى العمل والبسط على الطرقات نظراً إلى حاجتنا الماسة إلى المادة، ونظراً إلى أني أقوم بإعالة أولاد وأسرة كبيرة، والحمد لله البسطة ساعدتني في سد احتياجاتي، وهي توفر لنا مبلغاً مالياً مناسباً؛ فنحن نبيع بضاعتنا أفضل من الذين يبيعون في المحال، وأرخص منها؛ لذلك تجد الزبائن يفضلون الشراء من عندنا، ولكن أعتقد أن أصحاب المحال لا يرغبون في وجودنا أمام تلك المحال؛ نظراً إلى أننا نبيع بأسعار معقولة ومقبولة لدى الجميع.
أما أحد المشترين الذي قام بالشراء من الباعة المتجولين، وهو منصور محمد، فقد عبر عن رضاه التام عن هؤلاء البائعين؛ كونهم يبيعون بأسعار مناسبة وأرخص بشكل كبير من المحال التي توجد في الأسواق، وقال: لذلك أنا أفضل الشراء منهم على أن أشتري من المحال، وأعتقد أن بضاعتهم في بعض الأحيان تكون مناسبة؛ لأنها تكون جديدة. أما عند بعضهم فتكون قد تعرضت للشمس نظراً لوقوفهم في الحر فترة طويلة جداً.
حسين محمد أحد المشترين من الباعة المتجولين والباسطين في الشوارع يرى: ليس كل ما يريده الشخص يجده لدى الباعة، ولكن في بعض الأحيان تجد عندهم حاجات ذات أسعار جيدة ومقبولة؛ لذلك نقوم بشرائها منهم، وقال: في بعض الأحيان أستغل فرصة وجودهم في القرب من الطريق أو عند الخروج من المسجد فأفضل الشراء منهم؛ لما في ذلك من كسب للوقت والحد من الذهاب إلى الأسواق؛ فهم يقومون بدور مناسب وفعال؛ لذلك أدعو إلى استمرارية عملهم، ويفضل أن يكون ذلك وفق قوانين وقواعد تقوم بتنظيم هذه العملية من قبل البلدية.
رأي أصحاب المحال
يرى محمد دريمالي صاحب محل تجاري: ما يقوم به الباعة المتجولون من عرض بضاعتهم في الشوارع والأسواق وكذلك الباسطات أمام محالنا يؤثر فينا من ناحية الإقبال؛ فهم يبيعون بسعر أقل بقليل من الأسعار التي لدينا، كما أنه توجد بعض الباسطات التي قامت البلدية بالسماح لها بالبسط أمام محالنا، وهو شيء خاطئ ولا يجوز؛ فنحن نتحمل إيجار المحل وهم يبسطون على الأرصفة من دون أن يدفعوا تكاليف إيجار أو غير ذلك؛ لذلك تجد أسعارهم تختلف عن أسعار المحال، والزبائن يبحثون دائماً عن السعر الأرخص، وتمنى أن تقوم البلدية بإبعادهم على الأقل من أمام المحال وإيجاد مكان آخر مناسب لهم.
وكذلك قال أحمد عبدالله صاحب محل: إن البلدية سمحت لبعض البائعات بالبسط أمام محالنا منذ فترة طويلة، وكان عددهن قليلاً جداً إلا أنه في الوقت الحالي أصبح الكثير من الأشخاص في الأسواق يقومون ببسط بضاعتهم أمام محالنا بأعداد كبيرة ببضاعات مختلفة، وكل مرة يأتي إلينا شخص، سواء كان في سيارة محملة أو معه أغراض يحملها، ويبسطون أمام محالنا؛ فيجب على البلدية سرعة التدخل لحل هذه المشكلة والحد من هذه الأعداد التي بدأت تتزايد لهؤلاء الأشخاص بشكل يومي، كما أن بعض الزبائن أصبح لديهم اعتقاد أن الموجودين في الشوارع أسعارهم أقل من أسعارنا، لكن أسعارهم مقاربة للأسعار التي لدينا بشكل كبير، ولا تختلف أسعارهم كثيراً عن أسعار المحال.