|
وماذا بعد..؟!
|
في كلِّ يومٍ..
من ساعة لأخرى..
يتكررُ المشهدُ، تُعاد الصورةُ، مع أن السيناريو واحد وإنْ اختلف أسلوب العرض..
إنه مشهد الظلم الحاضن للمآسي المؤلمة.
***
أتساءل: أهكذا يريد الاستعمار بأن يبقى العراق؟..
قتال بلا هوادة بين المواطنين، بمساعدة الطغاة..
على الهوية، ومن غير هوية..
إنها شهوة الجزارين والقتلة ومصاصي دماء الضعفاء التي غالباً ما تسود سلوك المستعمرين.
***
هل يريدون أن يقولوا لنا: ليكتب مَنْ يكتب عن العراق المحتل، دون أن يلقوا بالاً لما يُكتب عنهم..
هل الهدف أن يسخروا ممن لا يعجبه الوضع في العراق، حين يحتج على ما لا يعجبه من التطورات الدامية في هذا البلد الشقيق..
ليؤكدوا مع كل قطرة دم ينزفها صريع أو قتيل بأن شيئاً لن يتغير أو يتبدل إلا إلى ما هو أسوأ.
***
أكتبُ هذا ومؤشرات الحرب الأهلية في العراق تقرع أبوابها بقوة من يوم لآخر..
بما يرضي القوات المحتلة وأعداء العراق، وأولئك الذين لا يسعدهم استقراره والحفاظ على وحدته الوطنية.
***
وأسأل: كيف نفسر نتائج الانتخابات التي جرت في ظل استمرار الاحتلال، وتأثيرها ودورها بما يجري من قتال بين الأشقاء؟..
وهذا القانون الذي تم بموجبه توزيع مراكز السلطة والمواقع القيادية بين فئات شعب العراق، هل هو الطريق لاستقرار العراق، أم أنه صِيْغَ هكذا لإشعال الفتنة وإبقائها مستمرة؟..
ثم عدم الاستقرار ولو ليوم واحد، وفقدان الأمن، ومواكب الشهداء من العراقيين تتواصل وبازدياد، ماذا يعني ذلك، وإلى أين يسير؟.
***
قصة العراق مع الاحتلال قصة دامية ومؤلمة، وتستحق أن تُروَى وأن يُكتب تاريخها بأمانة وصدق..
وفيها من الدروس والعبر ما ينبغي أن يلم بها العراقيون فيعودون إلى التفاهم والحوار الصادق لبناء دولتهم قبل أن يؤول الحل إلى إنشاء دويلات صغيرة تتقاتل بعد أن يتم الانفصال.
***
هل حان زمن التفاهم والوعي، أم أن العراقيين أمام زلزال قادم لن يبقي ولن يذر أحداً من المواطنين ليقدم ولو شهادته على ما جرى من جرائم؟..
وهل الحل بيد العراقيين، أم بيد غيرهم، أم أنه لم يعد بيد أي أحد، إذ إنَّ السيطرة على الوضع أصبحت خارج القدرة والرغبة والسعي نحو ذلك؟.
***
باختصار، أين يكمن الحل، ومتى يتوقف العنف، وهل من مخرج للعراق من محنته؟..
نعم، هذه الفتنة أَمَا لها مِنْ حلٍ، وإنْ وُجِدَ فمتى، حتى لا يستمر المشهد الدامي على النحو الذي يتكرر أمام أنظارنا وعلى أسماعنا كل يوم.
خالد المالك
|
|
|
قاتل مجنون يلبس جلد ضحاياه مشاعر متناقضة تجاه النساء أنتجت إحساساً دموياً داخله
|
* إعداد - وليد الشهري
يعتقد كثير من عشاق أفلام الإثارة والرعب أنها مجرد تخيلات لروائي سطر أبشع الصور التي استطاع عقله البسيط أن يتخيلها في صفحات روايته أو قصته، ولكن في الحقيقة أن أغلب كتاب مثل هذا النوع من القصص قد أخذوا إلهامهم من بعض قضايا السفاحين العالميين، وعشاق هذا النوع من الأفلام قد شاهدوا بالتأكيد فيلم (صمت الحملان) الذي جسد فيه الممثل الإنجليزي أنتوني هوبكنز دور الدكتور المجنون هانيبل ليكتور والذي يقوم بقتل ضحاياه وأكل لحمهم.
وكاتب هذا الفيلم لم يأت بهذه الفكرة من فراغ ولكن شد نظره بعض القضايا الشهيرة لعدد من السفاحين التي ساعدت في ولادة شخصية الدكتور هنيبل ليكتور في هذا الفلم ولعل المجرم في قضيتنا لهذا الأسبوع أحد هؤلاء المرعبين الذين ساعدوا في تكوين هذه الشخصية الحقيرة لدى هذا الكاتب والتي أرعبت الجماهير في أنحاء العالم بتفاصيلها المقززة.
قضية هذا الأسبوع حدثت ببلدة بلاين فيلد بمقاطعة وسكنسون الأمريكية حيث عاشت هذه البلدة في أواسط القرن الماضي فترة من الرعب والخوف لم يستطع الزمن بطوله أن يمحو معالمها من قلوب المعاصرين لها من سكان المنطقة. ففي السابع عشر من شهر نوفمبر سنة 1957م كشف الشريف آرثر سكالي النقاب عن أبشع جرائم التاريخ بالصدفة البحتة حيث كان يريد التحقيق في حادثة اختفاء السيدة بيرنس ووردن والبالغة من العمر 52 عاماً.
وكانت السيدة ووردن قد اختفت صباح ذلك اليوم من محل الخردة الذي كانت تديره بوسط البلدة وأثناء تحقق الشريف سكالي من الأمر وجد آثارا لدماء بشرية في المحل ووصل بيع مقيد باسم شخص يدعى أيدي جين وآثار للصراع فيما يبدو بين الضحية والخاطف كما وجد الشريف آثار أقدام الفاعل على الأرضية والتي طبعت بدم الضحية أثناء جرها للخارج. فقام الشريف سكالي بالروتين البوليسي المتبع في القضايا المشابهة واصدر مذكرة تفتيش من قاضي البلدة بحق أيدي جين والذي كان يقطن مزرعته الخاصة والواقعة على أطراف البلدة، وعند وصول الشريف للمزرعة المنشودة قام بقرع الباب عدة مرات دون أن يحصل على جواب، وطبقاً للمذكرة التي بحوزته فإنه يحق له التفتيش دون إذن المالك.
وبالفعل قام الشريف باقتحام المنزل وأثناء تجوله داخل المنزل اصطدم بعدد من الأغراض المتناثرة في أرجاء المنزل ولم يستطع مشاهدة ما حوله لشدة الظلمة فقام بتشغيل مصباحه الكهربائي ليفاجأ بمنظر مريب وكأن المنزل قد هجر منذ سنين فأثاثه غير مرتب وتحوم في المحيط رائحة شبيهه برائحة الجثث المتحللة وفيما هو يقوم بالبحث آملاً في إيجاد دليل يخبره بمكان السيدة شعر بشيء يصطدم بكتفه الأيسر وعندما التف لمشاهدته تفاجأ بضحية معلقة بأرجلها لسقف الغرفة وبسبب الظلمة ظن الشريف أن ما رآه هو في الحقيقة جثة غزال بري حيث إن الموسم كان موسم الصيد لمثل هذه الحيوانات وطريقة التعليق شبيهة بتعليق الصيد المتبعة مع الغزلان ولكن الصدمة أتت عندما صوب ضوء المصباح باتجاه ما كان يحسبه غزالاً برياً ليفاجأ بأنه في الحقيقة جثة بشرية قد تم تفريغ أمعائها وقطع رأسها وتحامل الشريف سكالي على نفسه حتى لا يستفرغ من الرائحة الكريهة المنبعثة ومن هول ما رآه، فتحامل على نفسه حتى خرج خارج المنزل وليرسل طلب استغاثة مستعجلة لزملائه ليروا الفاجعة المعلقة بإحدى غرف منزل الموت كما سمته البلدة فيما بعد.
***
كشف الغموض التاريخي للقاتل
على الرغم من رسالة الاستغاثة المشوشة التي أرسلها الشريف سكالي لمساعديه لكن النجدة وصلت في لمح البصر ومن بينهم ابن الضحية مساعد الشريف فرانك ووردن الذي أصيب بانهيار عصبي في مسرح الجريمة وهو يرى جثة والدته معلقة وتتهاوى بلا رأس وسط الغرفة المريبة والمظلمة. ولكن ما صدم المحققين هو ما سيكتشفونه فيما بعد والذي كان له الأثر في بقية حياتهم وطاردهم في كوابيسهم حتى يومنا هذا فأثناء التحقيق في أسباب الوفاة اكتشف المحققون أن معظم المنزل قد تم تأثيثه من بقايا بشرية فكل ما كان يراه المحققون داخل الغرفة كان يوحي لهم بالموت ولم يخطر ببالهم بأنهم قد دخلوا وادي الموت وهم يحققون في قضية السيدة ووردن وكان احد المحققين قد استغرب من شكل زبدية كان قد وجدها على إحدى طاولات المنزل ليكتشف فيما بعد أنها مأخوذة من الجزء العلوي لجمجمة بشرية وأثناء استمرار التفتيش اكتشف المحققون أن أغطية المصابيح وسلة المهملات وغيرها من الأغراض قد تم صنعها من الجلد البشري كما وجدوا حزاما مصنوعا من حلمات الثدي، والجلد، ورأس، وأربعة أنوف، بالإضافة للقلب.
ولم يستطع الكثير من المحققين الاستمرار في التحقيق لهول ما رأوه من فظائع بحق الإنسانية، والمنزل الذي يعود تصميمه لأوائل القرن الماضي قد كان مسرحاً لعدة جرائم بحق النساء والرجال على مدى فترة طويلة وعلى الرغم من البلاغات التي وصلت لمكتب الشريف في السابق بوجود ضحايا في المنزل إلا أنها لم تؤخذ بعين الاعتبار من قبل المجتمع في بلدة بلاين فيلد لعلمهم وثقتهم بضعف وحياء المالك أيدي جين والذي حسب قول الكثير من سكان المنطقة بأنهم لم يكونوا ليتوقعوا بأن يؤذي أيدي فراشة في الهواء فما بالك بكائن بشري حي.
ولكن الحقيقة أوضحت بأنه حتى أضعف وأخجل الأشخاص بإمكانه أن يكون وحشاً كاسراً يفتك بأرواح الناس في أية لحظة، ولكن، ما هو الأمر الذي أرغم ايدي على ارتكاب مثل هذا الفعل الفظيع؟
***
نشأة كابوس اسمه (ايدي جين)!
ولد إدوارد ثيودور (الاسم الحقيقي لايدي جين) في السابع والعشرين من أغسطس سنة 1906م ببلدة لاكروس بولاية وسكنسون الأمريكية، وكان أيدي الابن الأوسط حيث كان أخوه الأكبر هنري يكبره بسبع سنوات، و كانت أوغوستا وهي أم جين امرأة محافظة ومتدينة وكانت صلبة في تعاملها مع أبنائها، وكانت الدروس الدينية اليومية من أهم سمات تعاملها مع أبنائها وكانت غالباً ما تحذرهم من ارتكاب الذنوب حتى لا يتعرضوا لعذاب الرب وكانت دائما ما تصور المرأة على أنها الشر الأكبر والجدار الفاصل بين الإنسان والجنة. وغالباً ما كانت تقوم بتحذير أبنائها من التعرف على البنات الأخريات وتقوم بالمستحيل في سبيل تحقيق ذلك، وقد قامت أوغوستا بافتتاح محل للبقالة من أجل دعم أبنائها في العيش بهناء كغيرهم من الأبناء ولكن تعاملها القاسي غالباً ما كان يولد شعورا معاكسا وفهما مغايرا لدى أبنائها عن أهدافها المبتغاة أما الأب جورج جين فكان رجلا ضعيفا ومدمنا على شرب الكحول ولم يكن له دور فعال في تربية أبنائه وكانت أوغوستا غالباً ما تمطره بالشتائم وتشير إلى إهماله وعدم كفاءته لتحمل المسؤوليات في تربية أبنائهما أو القيام بأي عمل آخر. وقد استطاعت أوغوستا من خلال محلها أن تجمع مبلغاً محترماً يمكنها من الانتقال هي وأبنائها من مدينة لاكروس التي كانت غالباً ما تسميها بمدينة الخطيئة بسبب الحياة العصرية والمدنية التي كانت تعيشها المدينة. وبالفعل ففي سنة 1914م انتقلت العائلة إلى مزرعة نائية بضواحي بلدة بلاين فيلد والتي تبعد بنحو ربع ميل عن أقرب منطقة سكنية. وعلى الرغم من كفاح الأم ومحاولتها أبعاد أبنائها من الاحتكاك بأي من نشاطات العالم الخارجي إلا أن جميع محاولاتها باءت بالفشل كما هو متعارف عليه في علم التربية فلا يمكن السيطرة على الأبناء وعزلهم عن العالم الخارجي بأية طريقة.
وكان أولى العقبات التي واجهتها الأم أهمية ذهاب أبنائها للمدرسة، وكان مستوى أبنائها العام في المجال الدراسي متوسط، إلا أن أيدي قد أبدع في مجال القراءة وبدأ في قراءة الكثير من كتب المغامرات والمجلات التي ساعدت أيدي في صغره على تكوين عالمه التخيلي الخاص. وقد واجه أيدي في صغره مضايقات كثيرة من قبل زملائه في المدرسة الذين كانوا غالباً يسخرون منه ومن تصرفاته التوحدية واحمرار وجهه خجلاً عند محادثة الغير مما سبب له عقدة كانت الشعلة المثلى والبذرة الخصبة لجنونه في سن النضج. وكانت أوغوستا نادراً ما تبدي رضاها عن أبنائها وغالباً ما تنعتهم بشتى الصفات وتشبههم بالفشل مستعينة بأبيهم كمثال حي على فشلهم المستقبلي وبأنهم سيصبحون مثله في الكبر.
***
هنري يقتل في ظروف غامضة!
بعد وفاة والد ايدي سنة1940م تحمل الأبناء على عاتقهم حمل الدعم المادي للعائلة ومساعدة والدتهم في الأمور المادية فبدأوا بالعمل في عدد من الوظائف الشاقة فيما عدا ايدي الذي فضل العمل كمربٍ للأطفال وهو عمل يعتبر غريبا بالنسبة للذكور في المجتمع الأمريكي وغالباًَ ما يكون من تخصص النساء. وكان ايدي ينظر إلى أخيه هنري بإعجاب لما كان يملكه هنري من قوة الشخصية والبنية الجسمانية الصلبة التي أهلته للعمل في وظائف شاقة كتحميل البضائع ونقلها للمستثمرين ولكن ايدي سرعان ما تحول إعجابه بأخيه الأكبر إلى كره شديد كان الشرارة الأولى لظهور السفاح والمجرم داخل ايدي ففي أحد الأيام عاد هنري إلى المنزل ليجد أخاه ايدي قد عاد للتو من أحد البيوت التي كان يعمل كمرب للأطفال فيها ولشدة غضبه على حال أخيه قام برفع صوته على أمه مطالباً إياها بتحرير ايدي حتى يتمكن من الاختلاط بشكل أكبر مع المجتمع، ولكن من الطبيعي أن ترفض أوغوستا طلب ابنها الأكبر طالما أن ابنها ايدي ينفذ تعاليمها حرفياً في الابتعاد وعدم الاختلاط بالمجتمع المذنب كما كانت تسميه.
***
جريمة غامضة
ولما كان يحمله ايدي من محبة شديدة لأمه فقد رأى أن تصرف أخيه هنري كان غير مقبول ولابد من إيقافه عند حده فلم يكن ايدي ليسمح لأي كائن حي بأن يؤذي أمه التي أحبها بشكل أقرب إلى الهستيري منه إلى الطبيعي، وفي سنة 1944م شب حريق في المزرعة الخاصة بعائلة ايدي جين ونهض هنري وأخوه ايدي محاولين إطفاءه ومنع انتشاره في بقية أرجاء المزرعة وفيما الأخوان يتصارعان مع ألسنة اللهب عاد ايدي وحيداً إلى المنزل وهو يصرخ باسم أخيه هنري مدعياً أنه قد اختفى أثناء محاولتهما إطفاء ألسنة اللهب في المزرعة فقامت الأم المذعورة باستدعاء رجال الشرطة وفور وصولهم اندهشوا عندما قام ايدي نفسه الذي ادعى اختفاء أخيه بأخذهم إلى مكان جثة هنري الممدة على أرض المزرعة مع وجود آثار للضرب على رأسه.
ولكن لم يتوقع رجال الشرطة أن يقوم الفتى ايدي بقتل أخيه وكيف يستطيع ذلك وهو الفتى المعروف في البلدة بخجله وخوفه وحب الوحدة، وكان لذلك أثره الكبير في إزهاق العديد من الأرواح على مر السنين المقبلة. وعاش ايدي بعد ذلك في كنف أمه التي كان مهووساً بحبها فقد كانت الشخص الوحيد في العالم الذي يستمع له ويمكنه التحاور معها بكل بساطه دون أن يخاف من أن يتعرض للسخرية أو الاستهزاء بعاداته الغريبة. ولكن هذا
الأمر لم يستمر طويلاً، ففي التاسع والعشرين من شهر ديسمبر سنة 1945م توفيت أوغوستا والدة ايدي بعد تعرضها لعدد من الجلطات في القلب أنهت حياتها بعد معاناة طويلة. وشعر ايدي بعد ذلك بأنه وحيد في هذا المحيط الكبير بعد فقده صديقه وحبه الأوحد المتمثل في أمه وأصبح تائهاً لا يعرف ماذا يصنع ففي ظروفه الحالية والنفسية كانت الخيارات محدودة جداً في ظل التخلف والجهل الذي عاشهما طيلة نشأته.
***
القاتل المجنون ينتقل من عالم النور إلى عالم الظلمات
بعد وفاة والدته آثر ايدي العيش في مزرعة العائلة وبدأ بتكوين محيطه ونشاطه الجديد باختيارات عشوائية وغير دقيقة فاعتمد في كسب عيشه على الأشغال الغريبة التي كان يقوم بها من مراقبة أطفال العائلات ونقل بعض البضاعة في سيارته وغيرها وبالنسبة للبيت فقد قام ايدي بعزل كل الغرف التي كانت تذكره بأمه والتي كانت تتردد عليها كثيراً وآثر العيش في المطبخ وغرفة جانبية صغيرة في الطابق السفلي وبالرغم من شغفه الكبير بالقراءة والتي تعد في أحيان كثيرة من الصفات الجيدة لكنها كانت من أهم أسباب تطور الحالة التي عاشها ايدي بسبب اختياراته الخاطئة في قراءة الكتب غير المفيدة. فكان يركز على مجلات القتل والكتب الخاصة بعالم الأموات ومع مرور الوقت ظهرت عادة جديدة وهي زيارة القبور فغالباً ما كان ايدي يزور قبور أهل البلدة لدرجة أن قام بتدنيسها وحفر بعضها وسرقة أعضاء بشرية منها ومع مرور الوقت زادت حالة الوحدة لدى ايدي وبدأت مواضيع قراءاته تتطور لتصل الى كتب تشريح الجسد البشري وقراءة قصص قاطعي الرءوس في البحار الجنوبية وغالباً ما كان يقرأها على الأطفال الذين يقوم بحضانتهم للعائلات التي تستفيد من خدماته وبدأت زياراته القبور تزيد على مر الزمن حتى أصبحت شبه يومية وكثيرا ما كان يقرأ الصحف المحلية لمعرفة آخر الوفيات حتى يتجهز لزيارتها عندما تقبر وسرقة أعضائها التي لم تتحلل بعد. وكان أيدي يفضل جثث الفتيات ويقوم بسلخ جلودهن ومحاولة لبس الجلد فكان يريد معرفة حقيقة الشعور النسائي الذي كان يحبه وأصبح لدى ايدي هاجس التحول وتغيير الجنس فأصبح يحلم بأن يصبح فتاة ولعل تأثير حبه الهستيري لوالدته هو السبب في جعله يفضل الجنس النسائي على الذكري. وفي أحد الأيام قام أحد الأطفال الذين يقوم ايدي بحضانتهم بزيارته في مزرعته فأراه الرءوس البشرية التي يملكها وأخبره بأنه تحصل عليها من قاطعي الرؤوس في بحار الجنوب. وعندما قام الطفل بإخبار أهل البلدة أخذ الجميع كلامه على محمل الهزل حتى إنهم كانوا يتبادلون النكات والضحك مع ايدي في الموضوع نفسه وكانوا يسألونه عن الرءوس فيقول إنه يحتفظ بها في غرفة نومه فيقابل كلامه بالضحك الهستيري من الجميع ولم يتوقع أحد أن يقول ايدي يقول الحقيقة منذ البداية.
***
مسلسل القتل الشنيع للقاتل المجنون
ويعود تاريخ القتل لدى ايدي إلى ما قبل حادثة السيدة ووردن ففي أواخر الأربعينيات مروراً بالخمسينيات من القرن الماضي تلقت شرطة وسكنسون العديد من القضايا المتعلقة بأشخاص مفقودين وكانت حملات البحث شاسعة في ذلك الوقت وقد قامت بتفتيش العديد من المقاطعات ولكن
أربع قضايا تحديداً كانت محيرة بجميع المقاييس للشرطة. وأولى هذه القضايا كانت قضية اختفاء الطفلة جورجيا ويكلر والبالغة من العمر ثمان سنوات وكان ذلك في الأول من مايو سنة 1947م وبالرغم من مئات المتطوعين من السكان الذين شاركوا فرق البحث في محاولة العثور على جورجيا وقاموا بتمشيط مقاطعة جيفرسون بولاية وسكنسون إلا أن القضية أغلقت ولم يسمع أي شيء عن الفتاة ولم يعاد فتح القضية حتى اليوم الذي تم القبض فيه على ايدي جين. والقضية الأخرى حدثت بعد اختفاء جورجيا بست سنوات لفتاة تبلغ من العمر 15عاماً في نفس المقاطعة التي ولد فيها ايدي وهي مقاطعة لاكروس، والفتاة التي تدعى ايفلين هارتلي كانت تقوم بحضانة أطفال إحدى العائلات المجاورة ليلة اختطافها وحاول والدها مرات عدة أن يتصل بها على المنزل الذي كانت تعمل به ولكن دون جدوى عندها قام الأب بزيارة المنزل شخصياً ليفاجأ بخلوه ووجود بقع من الدم تملأ صالة المنزل ولم يجد سوى أحد حذاءيها ونظارتها الخاصة وبعض علامات المقاومة حيث يبدو أن ايفلين كانت تحاول مقاومة المعتدي عليها ولكن الواضح أنها فشلت في ذلك. وقام الأب بالاتصال على الشرطة التي لم تتحصل سوى على بعض بصمات الأرجل والأيدي الدموية في الموقع. بعد أيام بسيطة وجدت الشرطة الملابس الخاصة التي كانت ترتديها ايفلين ملقاة بجانب أحد الخطوط السريعة.
***
اختفاء نادلة مقهى
وفي عام1952من شهر نوفمبر توقف رجلان بأحد صالونات الشرب بولاية بلاين فيلد ومكثا بضع ساعات قبل أن يرحلا إلى رحلة الصيد التي خططا لها ولم يشاهدهما أحد منذ ذلك الوقت، وفي شتاء 1954م اختفت صاحبة أحد مقاهي الشرب في الولاية وتدعى ماري هوغان في ظروف غامضة ومشابهة للقضايا السابقة حيث لم تجد الشرطة سوى بقع الدم التي طالما اعتاد المجرم أن يتركها خلفه، ولكن هذه المرة وجدت الشرطة بعض خراطيش الرصاص الفارغة والتي استخدمت فيما يبدو لقتل الضحية ولم يجد المحققون في القضايا الأربع سوى بعض بصمات لإطارات سيارة تبين فيما بعد أنها من نوع (فورد) واستمر المحققون في بحثهم
وشعروا بأن المجرم سيقع قريباً في قبضتهم بسبب كثرة أخطائه في كل مرة يرتكب فيها جريمة جديدة.
***
انقشاع الغموض وتكشف الحقائق
تم القبض على ايدي جين ولكن ليس بدهاء أو ذكاء المحققين ولكن بالصدفة البحتة التي مكنت الشريف سكالي من كشف الغموض، والآن وبعد أن أصبح ايدي في قبضة يد العدالة نفى كل الاتهامات الموجهة بحقه وصرح بأنه ليس لديه علم بالجثث المكتشفة ولكن مع الوقت بدأ ايدي يقر بالجرائم الموجهة إليه فاعترف بقتل كل من بيرنس ووردن وماري هوغمان وأما بقية الجرائم فقد نفى أي صلة له بها. فما كان أمام الشرطة سوى البحث في مزرعة ايدي في محاولة للعثور على جثث للضحايا المفقودين قد تكون مدفونة في أرجاء المزرعة وبعد أيام من البحث المضني تم الكشف عن عشر جثث ولكن ايدي أقر بأن كل هذه الجثث والجماجم تعود للمقابر التي كان يسرقها فما كان من الشرطة سوى الاستئذان من أهل الضحايا لتفتيش القبور وبالفعل وجدت الشرطة معظم المقابر قد فقد منها بعض الأجزاء، ولم تستطع الشرطة أن تحاكم ايدي إلا في قضيتين فقط، وكان من الطبيعي أن يستخدم محامو ايدي حجة الجنون والمرض النفسي والتي قد تنقذه من حكم الموت بالصعق في الكرسي الكهربائي، وبين ليلة وضحاها أصبحت مقاطعة بلاين فيلد واحدة من اشهر بقاع الأرض بعد كشف وسائل الإعلام الأمريكية عن جرائم ايدي البشعة بحق ضحاياه. كما جذبت القضية اهتمام الأطباء النفسيين الذين ابدوا اهتمامهم في دراسة حالة ايدي النفسية ومعرفة الأسباب التي أدت به للقيام بمثل هذه الفظائع. وأصبحت بلاين فيلد تعج برجال الإعلام والمصورين بعد أن كانت مهجورة من قبل الرأي العام والأنظار. وقام عدد من المستثمرين بالإعلان عن إقامة مزاد لبعض البقايا والأثاث الموجود في منزل ايدي ولكن أحد سكان البلدة وجد في هذا الإعلان إساءة لأهل البلدة وقام بإشعال المزرعة وحرقها في الليل ليأتي رجال الإطفاء ويجدوا منزل ايدي قد سوي بالتراب، ونظراً للحالة الصحية والهستيرية التي كان عليها ايدي ليلة القبض عليه فقد تم إرساله لإحدى المصحات النفسية والتي قضى فيها قرابة العشر سنوات قبل أن تقر المحكمة أنه قد أصبح جاهزاً للمحاكمة. وتم عقد المحاكمة في السابع من نوفمبر سنة 1968م وبعد عدة جلسات ومداولات والاستماع لعشرات الشهود قرر القاضي واكن الحكم أن ايدي وجد مذنباً بجريمة القتل من الدرجة الأولى ولكن لحالته الصحية تحول الحكم فيما بعد إلى غير مذنب بحجة الجنون. وتم نقله لمستشفى الولاية المركزي للصحة النفسية وبمجانين الإجرام. وقضى فيه ايدي بقية سنوات عمره حتى توفي في السادس والعشرين من يوليو سنة 1984م بعد معاناة طويلة مع مرض السرطان ليموت وحيداً كما عاش وحيداً. ولم يكن أهل الضحايا راضين عن حكم المحكمة ولكن بعد سماعهم نبأ وفاته أحسوا ببعض الرضا وقد تم دفن جثمان ايدي المجنون بجانب قبر أمه التي كانت السبب في ولادة هذا المعتوه وليس ببعيد من مقابر الأشخاص الذين سرق أعضاءهم ليسدل الستار على أشنع وأعنف قضايا القتل في القرن العشرين.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|