* إعداد - صلاح شنكل

بدت في الأفق ملامح غامضة للقضية التي لم يتبينها الكثيرون، ربما لم يبن جمرها للعيان، لكن قطعاً ستبدو كبيرة متسعة إذا تطاير منها الدخان يوماً ما، ولات ساعة مندم، فظاهرة التشرد قديمة قدم التاريخ، وهي ليست قاصرة على أمة بعينها أو دول محددة، تنبت متى ما وجدت خصوبة النماء والسقيا والرعاية، فأكثر المجتمعات تحضراً لا تخلو من بعض ملامح وصور التشرد، لكنها تتشكل حسب كل بيئة وقابلية كل مجتمع لها، وبدأ الحديث عن إطلالة الظاهرة يخرج عن طوق الهمس، إن لم يصل مرحلة الصدح أو الهاجس.

القضية تبدو مرتبطة بظروف معينة، وباعتبارات خاصة، وبأنماط محددة من السلوكيات التي قد تدفع بها إلى دائرة الاتساع، لكنها قطعاً تعد ناراً تحت الرماد، تومض ولا تكاد تنطفئ، وان لم تجد الاجتثاث فالله وحده الذي يعلم مقدار المحيط الذي سيؤطر دائرتها.

المشردون في الشوارع، محور قد يبدو هلامي الشكل والتصور، لكنه واضح المعالم كحالة وصفية، وكإفراز اجتماعي، لن يكون للإيجابية نصيب فيه بالتأكيد، وللمستقبل حوله قول لا يفصح عنه الآن، فكان محور نقاشنا هذا الأسبوع حول الظاهرة، وكيف ينظر إليها الناس كل من زاويته التي يقف فيها، ولم تبتعد مداخلات أصدقاء المنتدى عن محور القضية، وقد أسهموا بآراء لامست الوجع بهدف التشخيص، ولم تدغدغه فحسب، وكان الناتج الأسطر التالية:شيخة الراشد

ظاهرة التشرد في كل زمان ومكان لم تكن مبتورة عن محيطها الاجتماعي والاقتصادي، بل هي انعكاس طبيعي لظواهر أخرى خصوصاً ما يتعلق منها بوضع الوالدين، وتماسك الأسرة وتعاملها مع الأبناء، وكونها إفرازات سلبية فهذا حقيقي بدون شك، ونسأل الله أن يلطف بنا.

وجود خلل

( سالم خميس السليم

الإنسان بطبعه لا يحب الانعزال أو الانفصال عن بقية أفراد أسرته، وهذه سمة متوافرة حتى لدى الحيوان، ناهيك عن البشر، لكن إذا اضطر البعض إلى التشرد وقضاء جزء كبير من وقته في الشوارع فهذا يعني أن هناك خللاً ما يجب أن يبحث الناس عن لإصلاحه.

وبال على الجميع

(إبراهيم بن عبد الله الشريف

التشرد ظاهرة اجتماعية اقتصادية سلبية ولا تترك إلا الآثار السلبية، وهي مع اختلاف الأسباب والنتائج بين بلد وآخر، لكن محصلتها النهائية وبال على المجتمع برمته، لأن منها تخرج كافة الجرائم والسلوكيات الشاذة، فالتشرد في حد ذاته إفراز لمشكلات أخرى، منها الهجرة غير الطبيعية، أو التفكك الأسري، أو النشوء في بيئة غير طبيعية، أو انحراف الأسرة.

( أم عبد الله

أرى أن هذا العنوان مبالغ فيه، لأن ما يبدو إلى البعض أنه ظاهرة تشرد، ما هي إلا حالات نادرة ومحدودة، ولا تحتاج إلى كل هذه النظرة التشاؤمية، فالمجتمع المتماسك التكافلي، لا تسمح بيئته بنشوء مثل هذه الظواهر التي لا تنمو إلا في ظل مناخات معينة هي غير متوفرة لدينا ولله الحمد.

قبل الاستفحال

(علي سعيد بن ظافر

المهددات التي تواجه مجتمعات اليوم كثيرة، وكلها تنشأ وتترعرع تحت أسماعنا وأبصارنا إن لم تكن من صنع أيدينا، ومن الأفضل لدى تناول أي من تلك المشكلات أو التحديات أن تطرح للنقاش الجاد المثمر قبل أن يستفحل أمرها، ونحن الآن أمام ظاهرة، إن لم تكن تشكل خطورة اليوم فيمكن أن تكون كذلك غداً، إذن علينا التفاعل معها بما تستحق من الجدية والوعي والإقرار بوجودها إن كانت موجودة ومن ثم التعاطي مع خطوات علاجها.

لا توجد ظاهرة

(سامي عيد العتيبي

أقول بصراحة لا توجد ظاهرة مشردين لدرجة أنها تترك إفرازات سلبية تهدد مجتمعنا مستقبلاً، كل الذي يمكن أن يكون على هذه الشاكلة هو وجود بعض النماذج التي لا أجزم بأنها من رحم المجتمع، وإذا كان ظني هذا في غير محله، فلا بد أن الناس يقفون على أبعاد مختلفة من كل حدث وظاهرة، وربما المظاهر التي بدت للبعض تحكمها ظروف خاصة.

إفرازات سالبة

(موضي بنت أحمد الشبيلي

حينما تظهر شرارة التشرد في أي مكان، فإنها تنذر بنار قادمة ربما لا تحرق فقط من يمشي فوقها، فإذا كان الشباب والمراهقون الذين يعيشون في كنف آبائهم وأسرهم يصعب في زماننا هذا السيطرة عليهم وتجنب هفواتهم، فكيف بنا بمواجهة فئة هي أصلاً غير مستقيمة، وإفرازاتها سالبة لا محالة؟ الأمر يحتاج إلى كثير من التدبر، والتخطيط لبحث القضية في مهدها وعدم تركها للأيام والظروف.

عدم التهاون

(نواف بن محمد السهلي

لا شك أن التشرد ظاهرة عواقبها وخيمة، وعوامل نشوئها كثيرة لكنها تتم أمام أعين المجتمع، وإذا استخف بها الناس فستنعكس على شكل إفرازات سلبية، فالمشرد هو نتاج طبيعي لغلطة من شخص آخر وليس من الضروري أن يكون هو السبب في تشريد نفسه، لكنه سيترك أثراً سالباً على جيل آخر من المجتمع ربما ليس هو الجيل الذي ظلمه أو شرده، فالقضية مركبة، ومعقدة إلى حد كبير.

التوعية بالظاهرة

(عبد الله الغامدي

قبل الحديث عن الآثار السلبية لظاهرة التشرد، يجدر بنا أن نبحث عن أسباب هذه الظاهرة، ومفهومها، ومتى نطلق على الفرد متشرداً، وكيف نحميه ونحتمي منه؟ وهل المشرد هو مصدر شر فقط أم أن علينا التعاطف معه وحل مشكلته من ناحية إنسانية؟ فالظاهرة بدون شك هي دخيلة على مجتمعنا، والكثير من الناس لا يدركون أسبابها أو مخاطرها، لذا يجب التوعية بها ومن ثم التحذير من إفرازاتها السلبية.

جانب إنساني

(فوزية اليوسف

بلادنا - ولله الحمد - رائدة في مجال العمل الخيري، كما أن وزارة الشؤون الاجتماعية لديها من الكوادر والبرامج ما يمكن أن يتولى مواجهة ما يبدو أنه مشكلة قابلة للتوسع والانتشار، فالعمل الخيري والاجتماعي في بلادنا ينطلق من قاعدة إسلامية وإنسانية، ولدينا الكثير من التجارب عن مبادرات الأعمال الإنسانية يمكن الاستفادة منها في مواجهة مشكلة التشرد قبل أن تتحول إلى إفرازات سلبية في المستقبل.

حل جذري

(منصور الرويشد

تمثل ظاهرة التشرد واحدة من أكبر المشكلات التي تواجه المجتمعات اليوم، لأن المشرد لا يشعر بالانتماء لا للوطن ولا للمجتمع، ولا للثقافة فهو يعيش حالة انفصام دائم بل يكون حاقداً على المجتمع ويريد الانتقام منه متى ما سنحت الفرصة لذلك، لذا نجد أن الإفرازات السلبية التي تحدثتم عنها نابعة من هذا الجانب، يجب علينا البحث عن حلول لهذه المشكلة، أولا لكي نحل قضية هذه الفئة، ثانياً لكي بجنب المجتمع ويلاتها المقبلة، وإفرازاتها السلبية التي لا مفر منها ما لم تحل القضية جذرياً.