|
|
بين إعصارين وثالث!!
|
ما كادت الولايات المتحدة الأمريكية تلملم جراحها وتتأمل المشاهد الدامية والخسائر الجسيمة لإعصار (كاترينا) الذي ضرب (لويزيانا) ولم يترك مجالاً للحياة الطبيعية فيها من دون أن يتم إعمارها من جديد..
حتى هبَّت عاصفة أخرى لتضرب مناطق في ولايات تكساس وفلوريدا وتزور من جديد (لويزيانا) في أسوأ الكوارث الطبيعية التي تتعرَّض لها أمريكا في تاريخها.
***
وهكذا يفعل إعصار (ريتا) ما فعله من قبل إعصار (كاترينا) من تشريد للناس وإضرار بالاقتصاد وهدم للمنشآت وتدمير لمساحات واسعة من تلك المناطق التي زحف نحوها هذا الإعصار الشديد في قوته وتأثيره..
وهو ما جعل الذعر يصيب سكان هذه المناطق فيسرعون إلى الهرب من مدن (نيو أورليانز) و(هيوستن) وغيرها إلى مناطق هي الأكثر أمناً، ولكن أنَّى ذلك للكثيرين منهم، في ظل أزمة الحصول على مقاعد في الطائرات ومساكن في الفنادق إلى جانب توقّف حركة السير وازدحام الطرق البرية بسبب الهروب الجماعي لسكان المناطق المنكوبة.
***
كانت المشاهد للحالة التي كان عليها المهدَّدون بإعصار (كاترينا) المدمِّر كما تبدو في مواكب السيارات على امتداد الطرق محزنة ومؤلمة، لكنها إرادة الله التي لا رادَّ لها، وما من دولة قادرة على أن توقف زحفاً إعصارياً كهذا ولو كانت هذه الدولة بحجم قوة أمريكا إلا أن يشاء الله..
حتى المواد الغذائية في (هيوستن) كما يحدثني المقيمون من السعوديين هناك فُقدت من الأسواق، مثلما اختفت في (نيو أورليانز) عندما هبَّ الإعصار الأول وأغرق المدينة بالسيول، وحوَّلها إلى مدينة أشباح يتقاتل فيها اللصوص والمجرمون وأولئك الجوعى للاستحواذ على ما تبقى فيها من بقايا مواد غذائية لسد رمق البطون الجائعة هناك.
***
ولسنا نكتب هذا من باب التشفّي، أو الشعور بأن ما يحدث لأمريكا هو عقاب من الله على مواقفها السياسية غير العادلة مع كثير من دول العالم وبالأخص مع العرب فهذا علمه عند الله، ولكننا نصف حالة ونتحدث عن حقيقة بأن الله إذا أراد شيئاً قال له كن فيكون..
وأن أمريكا بما تعرَّضت له وعجزت عن مقاومته، لا يختلف إعصارها عن الإعصار (الآسيوي) الذي اعتقد البعض يومها أنه لو حدث في أمريكا أو أي دولة أوروبية لما كان حجم الخسائر بهذه الصورة التي رأيناها، فإذا بالإعصارين اللذين ضربا أمريكا في فترتين لا يفصل بينهما سوى شهر واحد يظهران عجز أمريكا عن مواجهة هذين الإعصارين بإيقاف أو تهدئة زحفهما وآثارهما المدمرة.
***
نريد أن نقول: إذا دعتك قدرتك على ظلم الناس فتذكّر قدرة الله عليك، ذلك قول تعلَّمناه منذ الصغر، وتستعيده ذواكرنا كلما مسَّنا أو مسَّ غيرنا ما يسيء إليه أو إلينا، وهو درس يجب أن يستفيد منه الجميع، حتى يتوفر للجميع جو سليم يتفيأ كل منا بظل من أمنه واستقراره وهوائه العليل..
وللتذكير فقط، فما من أحد يسره أن يرى هذه المشاهد، أو يعتقد أنها لمصلحته، إلا أن يكون إنساناً غير سوي وغير إنساني، لكن لا بأس من التذكير بأن فيها الكثير من العبر والدروس التي يجب أن يتعلَّم الجميع منها ويستفيدوا من ظواهرها، بالابتعاد عن إيذاء الآخرين أو المسِّ بحقوقهم، ولكن هل من متعظ؟!.
خالد المالك
|
|
|
|
من خلال كتاب صدر حديثاً وتُرجم للعربية
كاتب أمريكي يستعرض علاقات واشنطن بالشرق الأوسط خلال 200 عام
|
يعيد كاتب أمريكي تاريخ العلاقة بين بلاده ومنطقة الشرق الأوسط إلى نحو 200 عام لكنه يعتبر (التورط) الأمريكي في هذه المنطقة نوعا من المغامرة، ويقول ديفيد ليش أستاذ تاريخ الشرق الأوسط بجامعة ترينيتي بالولايات المتحدة إن بلاده هي أكثر القوى الخارجية تأثيرا في الشرق الأوسط مع أنها في الوقت نفسه ليست أكثرها شعبية وكان بالإمكان أن تكون السياسة الأمريكية أبعد نظرا بكثير.
وأضاف في كتاب (الشرق الأوسط والولايات المتحدة.. إعادة تقييم تاريخي وسياسي) أن الصورة المشوهة للشرق الأوسط والإسلام لدى الأمريكيين بدأت منذ فترة تكوين الدولة وبلغت ذروتها في عهد الرئيس الثالث للولايات المتحدة توماس جيفرسون (18011809) الذي خاض حربا لوقف ما اعتبره أعمال قرصنة في البحر المتوسط.
وصدرت ضمن سلسلة المشروع القومي للترجمة عن المجلس الأعلى للثقافة بمصر ترجمة عربية للكتاب الذي قام ليش بتحريره ويقع في 766 صفحة من القطع الكبير.
الكتاب الذي ترجمه المصري أحمد محمود هو مجموعة دراسات لكتاب أمريكيين وعرب عن علاقة الولايات المتحدة بمنطقة الشرق الأوسط في أزمات وحقب تاريخية شهدتها دول مثل إيران وأفغانستان وتركيا وإسرائيل ومنطقة الخليج ومصر خاصة أثناء العدوان الثلاثي البريطاني الفرنسي الإسرائيلي عام 1956 وخلال حرب 1967 التي استولت فيها إسرائيل على شبه جزيرة سيناء المصرية وهضبة الجولان السورية إضافة إلى قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية العربية.
وقال محمود مترجم الكتاب في مقدمة الكتاب ان العلم الأمريكي رفع خارج البلاد لأول مرة على معسكر للجيش في شمال افريقيا عام 1805م.
وأضاف أن عام 1801 شهد خوض أمريكا حربا لتأمين حرية الملاحة في أعالي البحار بعد أن أمر والي طرابلس يوسف قرمنلي باشا جنوده بتحطيم سارية العلم المرفوع فوق القنصلية الأمريكية في طرابلس في أعقاب رفض الأمريكيين دفع قدر أكبر من الإتاوة ضمانا لحماية السفن الأمريكية من القرصنة.
وفي عام 1805 حققت الولايات المتحدة نصرها الكبير حين قصفت السفن الأمريكية مدينة درنة (في ليبيا)، وأدى التوصل إلى سلام مع الوالي إلى إجهاض خطة كانت تستهدف إحلال حاكم آخر محله، وكانت تلك هي المرة الأولى التي يرفع فيها العلم الأمريكي على معسكر للجيش على أرض العالم القديم.
وتضمن الكتاب دراسة للباحث الأمريكي مارفن فاينباوم أشار فيها إلى أن أفغانستان لم تظهر على خريطة السياسة الأمريكية حتى عام 1979 وأن العلاقات الأمريكية الأفغانية شهدت فصولا وتطورات ففي عام 1996 وعندما كانت حركة طالبان على وشك فرض سيطرتها على أنحاء البلاد قررت الولايات المتحدة إقامة صلات مع النظام الجديد وكان بعض المسؤولين الأمريكيين يعتقدون أن مصادقة الحركة قد تحقق فوائد مبكرة.
ورطة واشنطن
وقال ليش إن الإجراء الأمريكي في أفغانستان في أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001 ورط واشنطن بشكل أكثر عمقا في شؤون آسيا الوسطى، ولكنه اعتبر ذلك نجاحا يمهد لإعادة بناء أفغانستان لتصبح أشبه بكيان مستقر ومتعاون، ويبقى أن نرى إن كان الجهد المشترك في أفغانستان سيصبح نموذجا يمكن تكراره في أماكن أخرى حين تقتضي الظروف ذلك.
وشنت الولايات المتحدة في نهاية عام 2001 حربا لإسقاط نظام طالبان في أفغانستان بعد اتهام تنظيم القاعدة الذي استضافته بالقيام بهجمات 11 سبتمبر.
وانتقد مفكرون وفنانون أمريكيون منهم نعوم تشومسكي وإدوارد سعيد ومايكل بارنتي وأوليفر ستون وسوزان ساراندون رد الفعل الأمريكي بعد الهجمات وأصدروا بيانا عنوانه (ليس باسمنا) أعلنوا فيه براءتهم من سياسة بلادهم كي لا يقال إن الشعب في الولايات المتحدة لم يفعل شيئا عندما أعلنت حكومته حربا بلا حدود وأسست لمبادئ قمعية متصلبة جديدة، وقد اخترنا مناصرة شعوب العالم كافة.
وقال الكاتب إن أمريكا عززت علاقتها بشاه إيران ودعمته باعتباره شرطي الخليج انطلاقا من مبدأ أرساه الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون (19691974) بعد التورط في حرب فيتنام بإيجاد بدلاء لبلاده لتحقيق المصالح الاستراتيجية الكونية الأمريكية وكان يتصور كذلك أن إسرائيل تقوم بدور مماثل في قلب الشرق الأوسط.
وغزت الولايات المتحدة فيتنام في منتصف الستينيات واستطاعت المقاومة بوسائل محدودة دحر الاحتلال وكبدته خسائر دفعت الإدارة الأمريكية إلى سحب قواتها في مطلع السبعينيات تحت ضغط الرأي العام المعارض للحرب.
وقال ليش إنه مع سقوط شاه إيران الذي أطاحت به الثورة الاسلامية التي قادها الزعيم الراحل آية الله الخميني عام 1979 ومع الحرب العراقية الإيرانية التي استمرت ثماني سنوات من عام 1980 وحتى عام 1988 بدأت واشنطن تنظر إلى الرئيس العراقي (السابق) صدام حسين على أنه رجل الدرك (الشرطي) الجديد في المنطقة، ربما يقوم بالدور الذي لم يقم به الرئيس المصري (السابق) أنور السادات حق قيامه وهو قيادة الإجماع العربي المعتدل نحو السلام مع إسرائيل.
وفاجأ السادات العالم عام 1977 بزيارة إسرائيل وأقامت مصر علاقات دبلوماسية مع الدولة اليهودية بعد توقيع معاهدة السلام عام 1979م.
واستبعد العضو السابق لمجلس الأمن القومي الأمريكي وليام كوانت أستاذ العلوم السياسية في جامعة فرجينيا إمكانية أن تفرض الولايات المتحدة مشروعا خاصا بها على الشرق الأوسط رغم تصور أنها القوة الكونية الوحيدة الباقية. هناك حتمية تقول إن الشرق الأوسط سوف ينظر إلى الولايات المتحدة نظرة شك وريبة لمجرد أنها أقوى دولة في العالم.
وتذهب دراسة أخرى في الكتاب إلى أنه رغم مرور سنوات على عملية السلام بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية فإن المحادثات تصل إلى طريق مسدود.
وأضاف الكتاب أن التاريخ أظهر في كثير من الأحيان أن الكفاح من أجل الاستقلال نادرا ما يكتب له النصر على طاولة المفاوضات بل إنه ينتصر بعد كفاح مسلح طويل وممتد يعرفونه الآن بأنه إرهاب.
ويبدو أن الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة هم الآن المحدد الحقيقي للسياسة الخارجية للمنظمة والسلطة في غياب القيادة الفاعلة والدعم السياسي على المستويين الإقليمي والمحلي.
وبدأت المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين عام 1991 ووقع الجانبان اتفاق أوسلو عام 1993 حيث تصافح الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحق رابين الذي اغتاله متشدد يهودي في نوفمبر تشرين الثاني عام 1995م.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|
