لا يمكن للمرء أن ينتظر من الآخرين أن يعطوه حقه من الاحترام الطبيعي والمشروع الذي يعتقد أنه يستحقه، إنْ لم يسبقهم بنفسه في ممارسة كل الأدوار التي تظهر للناس احترامه لنفسه واعتزازه بها؛ إذ إنه كلما هانت على المرء نفسه وتعامل معها بقسوة وظلم فجرَّدها من قيمتها ولم يعطها حقها من الاحترام، كلما افتقد إلى تقدير الناس له بعدم وضعه في المكان الذي يستحقه.
كثيرون لا يعرفون مكانتهم الحقيقية، سواء من الذين تنازلوا عن حقهم في هذا، أو أولئك الذين يريدون أن يأخذوا ما ليس لهم به حق، ربما عن جهل، أو اعتقاد وتوهّم منهم بأن الرقيب غائب أو غير موجود عن تتبع تصرفاتهم، بينما هم يمارسون تلويث أسمائهم وشخصياتهم بشيء من التصرفات أو الممارسات العبثية التي تعطي أسوأ انطباع عنهم، حتى وإن فهموا الرسالة بشكل خاطئ.
لا أقصد أحداً بعينه في هذا الكلام، لكني أتحدث عن ظاهرة لسلوك بعض الناس بأخذهم لمواقع ليست لهم أحياناً، وفي تصنّع بعض الأدوار لبعض المواقف الأخرى، واللجوء إلى تبريرات مضحكة لإخفاء ما قد يكون موضع ملاحظة وربما سخرية في بعض الأحيان على ما يكون مرفوضاً من النظرة العامة والسريعة لهذا النوع من التصرفات.
وما من أحد تصرف بخطأ، أو ارتكب ما يخالف قناعات الناس، إلا وكان موضع تندّرهم، مع أنه كان أفضل له بين كل الخيارات القادرة على تحقيق شيء من طموحاته أو كلها، أن يتكئ إلى ما يعزز مكانته من غير إذلالها باللجوء إلى هذا النوع من الممارسات البهلوانية التي لا تفيده بقدر ما تلحق الضرر بمكانته وقيمته بين الناس.
لاحظوا تصرفات بعض الناس، في المواقع العامة والخاصة، أولئك الذين لا يعبأون بالآخرين، فيتصرفون بما لا يضيف لهم إلا المزيد من الانطباع السيئ الذي لا يخدمهم، وسيكون عندئذٍ بمقدوركم وضع قياسات لهؤلاء من حيث محدودية ثقافتهم عند المقارنة بين ما هو صحيح كان ينبغي أن يتمسكوا به أو خطأ كان من الضروري على هؤلاء أن يتجنبوه في حركاتهم وتصرفاتهم.
وقارنوهم بمن يكبرونهم مركزاً وظيفياً وتعليمياً وسناً، ويفوقونهم خبرةً وعقلاً وتعاملاً صادقاً؛ لتعرفوا أي مسافة تفصل بين هؤلاء وأولئك في تقدير الأمور واستحضار الحسابات الصحيحة لمعرفة متطلبات بناء الشخصية المتوازنة والمحببة لكل الناس، بعيداً عن هذه الصورة المهزوزة لبعض الناس غير المؤهلين للاندماج في مجتمع الخير والحب والوئام.
أسأل بعد كل هذا:
متى نتعلم من أدب المجالس، ومن مقاعد الدرس، فضلاً عن منابر المساجد والحياة في البيت، ما ينبغي أن نتعلمه؛ حتى نكون رحماء على أنفسنا؛ فلا نكذب أو ننافق أو نتزلف، أو نأخذ مكاناً ليس لنا؟ متى نتعلم من التجارب ما يغنينا عن ظلم أنفسنا؟.
****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMSتبدأ برقم الكاتب«2» ثم أرسلها إلى الكود 82244