إعداد: تنكزار سفوك
* الصين - رويترز
منذ عام 2003 ساعدت عقاقير تقدم بتمويل من الدولة على تراجع عدد الوفيات التي تفشت في ريف منطقة هينان منذ التسعينيات لتصبح بؤرة للمرض في الصين. وقدرت الأمم المتحدة أن المرض فتك بنحو 31 ألف صيني في العام الماضي.. في أمكنة مثل قرية لنج التي ابتليت بالمرض أفرزت نجاة مزارعين مصابين بفيروس إتش. اي. في من الموت مشكلات لم يكن المزارعون والحكومة مهيأين لها.
فقد توفي نحو 40 قروياً من سكانها جراء إصابتهم بالإيدز من بينهم خمسة في العام الماضي تاركين نحو 24 طفلاً دون أحد الأبوين أو الاثنين معاً، ويعاني مَنْ أمهلهم الموت من الفقر ورعاية صحية واهية مما يضطر كثيرين لتحمل حياة تتجمع فيها كل مصاعب مزارعي الصين الفقراء.
ويقول تشانج كي الطبيب المعالج لمرض الإيدز بمستشفى يو آن في بكين الذي درس تفشي المرض في هينان وفي نهاية المطاف يعكس مشكلات النظام الصحي في الريف. لا يتوافر العلاج في معظم الأحوال أو أنه معيب، كما أن التوعية غير مناسبة، ولا يمكن الفصل بين المرض والفقر.
ويعجز كثير من المزارعين الذين أوهنهم المرض عن العمل، ويعيشون على محصول ضعيف، ودخل أقل كثيراً مما يجنيه المزارع السليم، ورغم ذلك فإن الحال أفضل مما كان عليه من قبل.. وحتى أربع سنوات مضت أو نحو ذلك كان الموت مصير آلاف المزارعين الذين أصيبوا بالإيدز، ولم يلقوا سوى رعاية بدائية نتيجة رفض المسؤولين الاعتراف بوجود المرض. وكان لرغبة كثير من المسؤولين المحليين في التزام الصمت سبب.
وقال جاو ياو جي وهو من أول الأطباء الذين كشفوا وجود المرض: إن هؤلاء المسؤولين وأقاربهم كانوا يملكون حصصاً في (مراكز الدم) التجارية التي انتشرت في هينان في منتصف التسعينيات.
وكان المزارعون يبيعون الدم بكميات كبيرة - ومن أجل الحصول على مبالغ أكبر وسرعة التعافي وبيع مزيد من الكميات - فصلت مراكز الدم البلازما القيمة عن الدم، وأعادت حقن المتبرعين بما تبقى من كرات دم ممزوجة بكرات دم متبرعين آخرين مصابين بفيروس اتش. إي. في بأغلب الأحوال.
وقال جاو: لم يلاحق أبداً من يستحقون العقاب على ما اقترفوه، كانت جريمة بكل بساطة ووضوح، واليوم توقفت علميات جمع الدم بشكل جماعي، وتقدم 253 عيادة ريفية تمولها الدولة في أرجاء هينان للسكان المصابين بالمرض العلاج مجاناً لكبح المرض.
ويوجد في عيادات ضعيفة التمويل أقراص إسبرين وأدوية أخرى بسيطة لعلاج أعراض المرض، ولكن مزارعين مثل لنج ووانج يقولان إنها لا تساعد غالباً في علاجها، ويبدو أن السياسة تحدد المساعدة المتاحة.
فقد اختارت هينان 38 قرية (رئيسة) تحصل على عقاقير ومساعدة أكبر، ومن أبرزها قرية ونلو التي زارها رئيس الوزراء الصيني وين جيا باو في عام 2005م.
وخلت القائمة من قرى أخرى في هينان بها عدد كبير من مرضى الإيدز ليعاني السكان من فقر أشد، وفي معظم الأحوال من دون علاج أحدث، وفي قرية روانلو على بعد ساعة بالسيارة من قرية لنج يقبع هان فو جيانج في كوخ متهالك. لقد باع هان دمه وانتقل إليه المرض ولم يعد فيما يبدو للعقاقير المجانية التي يتناولها تأثير.
ويشكو هان (34 عاماً) من طفح جلدي وإعياء مستمر ويطالب بعقاقير أقوى، ولكن قريته ليست ضمن القرى الرئيسة، ومن ثم لا يمكنه الحصول عليها.
ويقول: ما المساعدة التي نتلقاها؟ أدوية سيئة هذا كل شيء.
وجوال دقيق بمناسبة عيد الربيع صنع منه خبزاً يتجمع في كومة فوق مائدته، ومضى قائلاً: (سيبقى لفترة طويلة).
ويعاني كثير من مرضى الإيدز في هينان العوز وسوء التغذية، ويقولون: إنهم لا يقوون على الزراعة.
وذكر أكثر من 60 في المئة من المزارعين المصابين بالمرض في هينان ممن التقاهم الطبيب تشانج في العام الماضي أنهم لا يأكلون اللحم إلا مرتين في العام على أقصى تقدير.
وقال تشانج: أعتقد أن ضغط الفقر أشد من ضغط المرض، ولم يعرف مطلقاً على وجه التحديد عدد من أصابهم المرض..
ويقدر تشانج أن نحو 300 ألف من سكان المنطقة البالغ تعدادها 98 مليون نسمة انتقل إليهم المرض نتيجة تجارة الدم.
وفي الأسبوع الماضي قالت هينان إن بها 35232 حالة مؤكدة للإصابة بالمرض في نهاية 2006 وهو رقم لم يصدقه الخبراء كثيراً بوصفه منخفضاً جداً.