تستضيف الرياض غداً مؤتمر القمة العربية وسط تفاؤل بأن يتوصل الزعماء العرب لموقف موحد إزاء القضايا الشائكة التي تواجه الأمة العربية، وعلى رأسها الحرب الدائرة في العراق، وما يجري في الأرض الفلسطينية، وتطورات الأحداث في لبنان، وما يواجهه السودان في دارفور.
ويسود هذا التفاؤل كل الأوساط المهتمة بالقمة، نسبة لما تحظى به المملكة من مكانة مميزة في قلوب العرب، وعلاقاتها الوثيقة بالأطراف المعنية في القضايا التي سيتناولها المؤتمر. وقد طغت أنباء القمة، والآمال المعلقة عليها، والتحليلات الخاصة بها، على الإعلام العربي طوال الأسبوعين الماضيين.
جملة من القضايا ونشرت جريدة (الحياة) اللندنية مقالاً بقلم صلاح النصراوي قال فيه إن هذه القمة ربما تكون الأولى التي يواجه فيها العالم العربي جملة من القضايا والمشكلات والأزمات الداخلية والخارجية المتشابكة والمترابطة، بطريقة لم يواجهها العرب عبر تاريخهم الحديث، مما يضيف إلى حجم التحدي الذي عليها مواجهته لتفكيك هذه الأزمات، والتي لم تعد تواجه الدول والحكومات فقط، بل أخذت تنحو منحى مجتمعياً داخل النسيج الشعبي العربي، الذي بقي متماسكاً إلى حد كبير خلال كل النكبات والنكسات التي مرت، أصبحت الآن تهدد كيانه بمخاطر الفتنة والتفتيت.
ويتابع الكاتب قائلاً: فنظرة إلى حزمة القضايا الرئيسية التي ستتبوأ جدول أعمال القمة ستوضح، ليس فقط إلى أي مدى أصبح العالم العربي غارقاً في الأزمات، بل إلى حقيقة أن هذه الأزمات تحورت تماماً، مثلما يتحور أي فيروس مرضي، وأخذت تهدد بالاستيطان داخل حجرات البيت العربي ذاته.
أردف قائلاً: إن أي نظرة إلى القضايا الكبرى التي تواجهها المنطقة، بدءاً من الصراع العربي - الإسرائيلي، ومروراً بالأزمتين العراقية واللبنانية، وانتهاء بشبح امتلاك إيران لسلاح نووي، تؤكد ليس فقط الارتباط الإقليمي البنيوي المستجد الذي أصبح يربط بين هذه القضايا، ولكن أيضا امتداداتها السلبية سواء بشكل مباشر، أم عبر تفرعاتها وتجلياتها، وخصوصاً السياسية والأيديولوجية والطائفية، إلى داخل المجتمعات العربية نفسها، ما يزيد من عبء مواجهة كل من هذه القضايا، سواء من خلال حصرها في نطاقها الضيق، أو باعتبارها تحديات خارجية مفروضة تواجه المنظومة العربية برمتها، وليس ركناً من أركانها فقط.
أجواء من التفاؤل:
وعبرت صحيفة (الدستور) الأردنية عن أجواء من التفاؤل تسود العالم العربي قبل قمة الرياض مشيرة إلى أنها أول قمة عربية تشهدها العاصمة السعودية، وتأتي بعد زخم قيادي قادته الرياض في أكثر من ملف، لكن هذا التفاؤل يرتبط بمصير مبادرة التسوية العربية وموقع حق العودة فيها، ومدى الجدية في منحه الأولوية الأساسية على أي شبر من أرض فلسطين التاريخية يتم تحريره، وهذا يعني ممارسة دبلوماسية اللاجئين على كل الأصعدة وتحديداً القانونية والإعلامية وربطها بالأفعال السياسية والتخلص من التشكيك في إمكانية العودة من الناحية العملية، وهي العدوى إلى انتشرت بين بعض القادة الفلسطينيين في أجواء مناخات أوسلو قبل غيرهم.
وقالت (الدستور): المطلوب من قمة الرياض أن تستثمر الأجواء الدولية الإيجابية وأن تطلق دبلوماسية لا ترضى بالحلول الرمزية، هذا الملف يجب أن يأخذ حجمه الطبيعي في هذه المرحلة بصياغة رؤية واحدة فلسطينية أردنية عربية وبناء أجندة موازية مشتركة في هذا المجال، فالأردن تحمل العبء الأكبر سياسياً واجتماعياً واقتصادياً في قضية اللاجئين وهو الأقدر على عرضها أمام العالم، فالمسألة بالنسبة للأردن مرتبطة بمستقبل الدولة وبالتنمية وبالتكامل السياسي، بمستقبل دولة منجزة وليست دولة موعودة.
خطوات أولى:
وكتب د. علي فخرو مقالاً في (الاتحاد) الإماراتية عبر عن تطلعاته نحو قمة الرياض قال فيه: أمام مؤتمر القمة العربي فرصة لإنجاز الخطوات الأولى. يستطيع المؤتمر أن يعلن بصراحة تامة وقوفه المطلق مع حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية ودعمه المادي والمعنوي لها، وأن يكوّن وفداً يمثل المؤتمر والأمة ليجوب العالم ويكسر الحصار الأمريكي الظالم.
وفي الوقت نفسه يعلن رفضه التام لأي تعديل في المبادرة العربية بشأن فلسطين، معتبراً إياها خطّاً أحمر لا يمكن تجاوزه، وأنه لا مجال للتنازل عن حق العودة لكل الفلسطينيين إلى كل أرضهم. وقال د. فخرو: يستطيع المؤتمرون أن يطالبوا بجدول زمني واضح لانسحاب القوات المحتلة من العراق واستعدادهم للمساعدة الأمنية والسياسية والاقتصادية أثناء الفترة الانتقالية من حكم الأقلية المحكومة بالاحتلال إلى الحكم الديمقراطي العربي المستقل والحُر.
يستطيع المجتمعون أن تكون لهم قرارات قومية تخرج لبنان والسودان والصومال من قبضة الابتزاز الأمريكي وتمنع الدخول في مواجهة عبثية مع إيران وتفعّل من جديد النظام الإقليمي العربي القومي الذي طال أمد استباحته.
وختم مقاله مؤكداً على أن: اتخاذ مثل هذه الخطوات سيعزز الممانعة العربية ضد المشروع الأمريكي- الصهيوني، وسيكسر حالات الخوف والشلل وهذه فرصة تاريخية لمؤتمر القمة!
الملف اللبناني:
وتناولت صحيفة (النهار) البيروتية في مقال للصحفي سمير منصور الأجواء التي تسود اللقاءات بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس كتلة (المستقبل) النائب سعد الحريري قبيل مؤتمر القمة، مشيراً إلى أن الزعيمين ضخا المزيد من الأجواء الإيجابية والتفاؤل على جلساتهما المتتالية في رد مباشر على من لا يزال مصراً على التشاؤم.
ومن جهة ثانية أوردت صحيفة (الشرق الأوسط) في تصريحاً للرئيس اللبناني إميل لحود ثمن فيه المساعي التي تبذلها السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين من أجل المساهمة في حل الأزمة الداخلية الراهنة في لبنان، مؤكداً أنه سيرأس وفد بلاده لقمة الرياض، ومعرباً عن تطلعه إلى لقاء الملك عبدالله بن عبدالعزيز للتعبير له عن امتنان اللبنانيين لما يقوم به من أجل وطنهم.
قضية دارفور:
وأورد المركز السوداني للخدمات الصحفية على لسان محمد الأمين الكارب، سفير السودان بالسعودية، أن السودان أعد مشاركة متميزة في القمة، حيث سيتسلم الملك عبدالله بن عبدالعزيز، خادم الحرمين الشريفين، رئاسة القمة التاسعة عشرة من المشير عمر البشير، رئيس الدورة الحالية.
وأشار إلى أن قمة الرياض تعتبر مواصلة لقمة الخرطوم في ظروف تواجه فيها الأمة العربية تحديات كبيرة، خاصة فيما يتعلق بالنزاع العربي الإسرائيلي، والأوضاع في العراق ولبنان والصومال، إضافة لقضايا التعاون العربي المشترك في المجالات الاقتصادية والاجتماعية المختلفة.
وأوضح الكارب أن الرئيس عمر البشير، رئيس الدورة الحالية، في اتصال وتنسيق مستمر مع خادم الحرمين الشريفين خلال العام المنصرم في كافة القضايا، منوهاً بالدعم المادي الملموس الذي قدمته الدول العربية، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، عن طريق الجامعة العربية، للقوات الإفريقية المتواجدة بدارفور، بناء على القرار الذي أصدره القادة العرب في قمة الخرطوم في مارس الماضي.
وتوقع الكارب أن تشهد القمة العربية التاسعة عشرة اختراقات إيجابية في الملفات الساخنة، لما للمملكة العربية السعودية من وزن إقليمي ودولي كبيرين.
الآمال والتطلعات:
وفي مصر اعتبرت الصحف المصرية أن الجماهير العربية باتت تترقب القمة العربية بالرياض، وما ستسفر عنها من مواقف وتنسيقات وحلول للمشكلات المعقدة التي تشهدها المنطقة.
وأوضحت الصحف المصرية أن التوصل إلى نتائج ترقى إلى مستوى التطلعات يتطلب اتخاذ مواقف تجاه بعض القضايا الساخنة، وخاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، التي تحتاج إلى موقف عربي شجاع لمواجهة الضغوط الإسرائيلية المدعومة دولياً، وعدم السماح بتعديل مبادرة السلام العربية، أو الانتقاص من حقوق الفلسطينيين.
ودعت الصحف المصرية إلى موقف عربي قوي يرفض تقسيم العراق، ويدعو إلى وقف العنف الدموي فيه، والمساعدة في تهيئة الأجواء لانسحاب قوى الاحتلال منه، والتعاون مع القوى الإقليمية المؤثرة، مشيرة إلى أن العرب مطالبون أيضاً بمنع تحول دارفور، الإقليم السوداني، إلى عراق آخر، ومنع التدخل العسكري الأجنبي فيه.