|
جيل الطفرة ..! |
كلما عادت بي الذكرى إلى الوراء لاستذكار زمن مضى وانقضى من أعمارنا..
وأعني بذلك زمن مرحلة ما قبل الطفرة الاقتصادية التي شهدتها المملكة..
وحولتها (نمواً وتطوراً وازدهاراً) إلى ما هي عليه اليوم..
وكلما جلت بنظري أقارن بين صورها المعبرة عن حاضرها وماضيها في كل الميادين والمناشط وعلى مستوى الإنسان..
***
كلما وجدت نفسي في هذا الجو..
وضمن إطار المراجعة والمقارنة من جيل إلى آخر وبين أجيال..
أدركت أن هذا جزء من التاريخ الذي لم يُعتنَ به بعد..
وأن هذه مراحل مهمة في شخصية الدولة وشخصية الإنسان على حد سواء..
***
وبكل كبرياء الإنسان..
بما كان عليه..
وبما أصبح فيه..
بهذا الذي غير معالم المملكة..
وصورتها في العالم..
مقارنة بما كانت عليه قبل الطفرة..
يأتي السؤال: ولكن إلى أين؟
***
فقد تطورت المملكة حضارياً..
واتسع العمران في كل مدينة وقرية فيها..
وأخذ شكل التخطيط ينمو نحو إراحة العين في كثير منه..
وتعلم الإنسان..
وتخصص..
واكتسب الخبرة والمهارة..
وبقي السؤال: ولكن إلى أين؟.
***
التوسع العمراني وإن جاء وفق نسق وتخطيط سليم لا يكفي..
وكذلك التربية والتعليم والتخصص بدون مبادرات أخرى يفتقدها الإنسان ويفتقر إليها الوطن..
المطلوب إذاً..
والمهم في كل الأوقات..
وضمن الإجابة عن السؤال إياه: أن نتخلص من الارتهان للماضي ما لم يكن فيه جدوى لنا..
***
ما زلت أرى أننا مكبلون بقيود لا معنى لها..
من التقاليد..
ومن العادات..
ومن التعود..
بما لا فائدة فيه..
ولا ضرورة له..
بما يوحي بأن هذا التطور على مستوى الدولة وعلى مستوى المواطن سيظل مظهرياً ما لم يستجب لتطلعات وآمال الأكثرية من الناس..
***
لابد من التمسك بالجيد من عاداتنا..
واعتبار بعض تقاليدنا جزءاً من شخصياتنا..
وأن نبقى على ما تعودنا عليه من سلوك حسن..
وأن يكون ذلك في إطار التمسك بقيمنا وتعاليم ديننا..
وليس فقط لأن هذا ما وجدنا عليه آباءنا وأجدادنا..
***
جيل الطفرة..
بما هو عليه بعض أفراده من اندفاع غير موزون..
ومن اهتمام بالشكل فقط..
ومن تباه بالمظهر دون المخبر..
هذا الجيل..
الذي تتسم حياة بعض أفراده بالاسترخاء..
وبالانفاق على ملذات الحياة بما صرفه عن غيرها..
آن له أن يفكر بالحال الذي كانت عليه أجيال سابقة..
وأن يتأمل في واقعه والحال الذي هو عليه الآن..
فلعل هذا يفيده بأن يعتمد على نفسه وذاته وبالتالي ليبني مستقبله كما يجب وكما ينتظر منه.
خالد المالك
|
|
|
بعد انتهاء المناظرة الثالثة وبدء العد التنازلي لموعد الانتخابات المحللون وخبراء الرأي العام: كل الاحتمالات مفتوحة أمام بوش وكيري * إعداد أشرف البربري |
بعد أن انتهى موسم المناظرات في انتخابات الرئاسة الأمريكية بشبه انتصار للمرشح الديموقراطي جون كيري على حساب خصمه الرئيس بوش يتوقف المحللون ومسئولو حملات الانتخابات لمراجعة نتائج هذه المناظرات مع اقتراب موعد الانتخابات الحقيقي.
من خلال رؤية كلية للمناظرات الثلاثة التي جرت بين الرئيس الأمريكي جورج بوش ومنافسه الديموقراطي في انتخابات الرئاسة الأمريكية جون كيري وفي تقرير بصحيفة كريستيان ساينس مونيتور كتبت ليندا فيلدمان تقول: إنه من حق كيري أن يعتقد أنه بات قادراً على منافسة خصمه كتفاً بكتف وفقاً لما أسفرت عنه هذه المناظرات التي بلغت مدتها 270 دقيقة.
وربما لو لم تعقد هذه المناظرات التلفزيونية لكانت فرصة الرئيس جورج بوش في الفوز بفترة رئاسية ثانية في الثاني من نوفمبر المقبل أكبر.
فقبل المناظرة الأولى التي جرت الشهر الماضي كانت كل استطلاعات الرأي تشير إلى تفوق شعبية بوش على منافسه السيناتور الديموقراطي جون كيري. أما من خلال المناظرات فقد أتيح للشعب الأمريكي التعرف على المتنافسين عن قرب وهما يتحدثان بشكل مباشر عن القضايا الخطيرة بالنسبة للولايات المتحدة على الصعيدين الداخلي والخارجي.
والحقيقة أن المنافسة بين الرجلين شرسة للغاية بحيث لا يمكن لأي استطلاع رأي في أي ولاية حتى ان يخرج ليؤكد بصورة حاسمة أن أحد المتنافسين سيفوز بأصوات الولاية.
معنى ذلك أن كل الاحتمالات مفتوحة. فقد يفوز بوش بعدد أكبر من الأصوات ولكنه يخسر أصوات المجمع الانتخابي فتكون النتيجة بالتأكيد هي خسارة البيت الأبيض كما حدث مع منافسه في الانتخابات الماضية المرشح الديموقراطي آل جور. وقد يحدث نفس الأمر مع كيري.
ولكن ترى ما الذي يمكن أن يحسم هذا السباق الرئاسي؟
التقت صحيفة (كريستيان سياينس مونيتور) بعدد كبير من المحللين من مختلف التوجهات.
كما التقت بخبراء ينتمون للحزبين الجمهوري والديموقراطي وخبراء مستقلين وكان السؤال هو تصورهم لنهاية هذا السباق.
وقال ستيفن واين أستاذ العلوم السياسية في جامعة جورج تاون الأمريكية: (الشيء الذي يمكن أن يغير اتجاهات الناخبين في هذه المرحلة من السباق هو حدث ما مثل استمرار ارتفاع أسعار النفط أو انخفاض مؤشر داو جونز للأسهم الأمريكية إلى أقل من عشرة آلاف نقطة أو حدوث تطور مفاجئ سواء كان إيجابياً أو سلبياً في العراق. أو وقوع هجوم إرهابي كبير وهو الذي سيكون في مصلحة الرئيس بوش على المدى القصير).
ويضيف قائلاً: اعتقد أن الناخبين وبخاصة في الولايات غير المحسومة سلفاً أو التي تشهد منافسة شرسة بين المرشحين سوف يتعرضون من الآن وحتى موعد التصويت في الثاني من نوفمبر لطوفان من الإعلانات الانتخابية في الصحافة والإذاعة والتلفزيوني لكلا المرشحين.
ويتابع قائلاً: (كما ستمتلئ شاشات التلفزيون بالتغطيات الإعلامية للجولات الانتخابية لكل من كيري وبوش وبخاصة في الولايات الرئيسية) كما نتوقع أن تشهد الفترة المقبلة استطلاعات يومية للرأي والنتائج التي تكشفت عن تحول في اتجاه تأييد الناخبين من ناحية إلى أخرى.
**
شخصية المرشحين
ويتوقع ستيفن واين أن يركز كيري في الفترة المقبلة على إبراز جوانب شخصيته، حيث يسود اعتقاد قوي أن الأمريكيين يختارون المرشح على أساس الارتياح الشخصي أو القيم التي يعبر عنها أكثر مما يختارونه على أساس مواقفه تجاه القضايا المهمة.
وعن موقف الرئيس الأمريكي في السباق يقول واين: يجب أن يعترف بوش بأن بعض الأمور لم تمض وفقاً لما كان يخططه.
وقد كان هذا جزءاً من مشكلة والده الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش عندما كان الاقتصاد الأمريكي يعاني من الركود ولكنه رفض الاعتراف بذلك مما أدى في نهاية الأمر إلى هزيمته أمام منافسه الديموقراطي في ذلك الوقت الرئيس السابق بيل كلينتون.
ويقول خبير قياسات الرأي العام في الحزب الجمهوري وايت أريس: (الشعب يريد الرئيس الذي يعترف بوجود المشكلات ويمكن أن يكون أكثر شفافية وصراحة).
ويضيف أن (كيري مازال في حاجة إلى اتخاذ موقف ثابت تجاه العراق).
في الوقت نفسه فإن بوش يستطيع الاستفادة من شخصيته القيادية.
ولكن في الوقت نفسه يرى بعض المحللين أن بوش يمكن أن يخسر بسبب حرصه على الظهور بمظهر القائد الحاسم، حيث يرى بعض الناخبين أنه عنيد وغير مستعد لتغيير سياساته عندما يكون هذا التغيير مطلوباً.
ويقول ويل مارشال رئيس معهد السياسات التقدمية وهو مركز أبحاث ديموقراطي: (الناخب المتردد البسيط يحتاج إلى التأكد من أن بوش لا يتبنى سياسات الجناح اليميني).
ويضيف أنه يعتقد أن كل نقاط القوة والضعف لدى الرئيس بوش معروفة للجميع وبصورة كاملة بحيث يكون من الصعب على حملته الانتخابية عمل شيء مؤثر من أجل تغيير تقييم الناخبين له.
وفي الوقت نفسه علق كثيرون من المحللين على الطبيعة غير العادية للمعركة الانتخابية الراهنة التي تبدو كاستفتاء على المرشح المنافس للرئيس الذي يطمح في فترة رئاسة ثانية.
فقد كان الطبيعي في انتخابات الرئاسة الأمريكية أن يكون التصويت أشبه باستفتاء على الرئيس.
وفي هذه الحالة فإن استطلاعات الرأي المتتالية تشير إلى أن نسبة رضا الناخبين عن أداء الرئيس بوش في حدود خمسين في المائة أو أقل. لذلك فالسؤال الحقيقي في هذه الانتخابات هو: هل هذا يكفي لكي يختار الناخبون المرشح المنافس للرئيس والذي يفتقد إلى الخبرات التنفيذية ليصبح رئيساً لأمريكا؟
طريقة كلينتون
يقول مارشال: إنه لكي يستطيع كيري أن يبدو (مقنعاً) بما يكفي للفوز بالانتخابات عليه أن يقنع الناخبين بأنه سيحكم أمريكا على طريقة كلينتون وليس كليبرالي من ولاية ماساشوستس.
والحقيقة أن بوش يحاول دائماً الإشارة إلى أن كيري ليبرالي من ماساشوستس ولا يصلح للرئاسة.
في الوقت نفسه فإن كيري يحتاج إلى إقناع الأمة بأن برنامجه لنظام الرعاية الصحية لا يعني إخضاع النظام للدولة ولكنه في الوقت نفسه يضمن توفير العلاج للمرضى غير القادرين والذين لا يتمتعون بالتأمين الصحي.
وعلى الرغم من الشكوك التي تحيط بنتائج استطلاعات الرأي بشأن الفائز في المناظرات فإن هذه الاستطلاعات تشير إلى فوز كيري فيها.
ففي استطلاع للرأي أجراه معهد جالوب لصالح شبكة سي إن إن وجريدة يو إس أيه توداي قال 52 في المئة من المشاركين: إن كيري هو الفائز مقابل 39 في المئة قالوا: إن بوش هو الفائز.
أما استطلاع رأي شبكة أيه بي سي نيوز فكشف عن حصول كيري على تأييد 42 في المئة مقابل 41 لبوش. وفي استطلاع شبكة سي بي إس قال 39 في المئة: إن كيري فاز فيها مقابل 25 في المئة قالوا: إن بوش هو الذي حسم المناظرة لصالحه.
أما المحلل الجمهوري فرانك لونتز فأجرى بحثاً على مجموعة ناخبين أطلق عليهم اسم مجموعة تركيز في مدينة تيمبي بولاية أريزونا التي استضافت المناظرة الأخيرة. وضمت المجموعة 23 ناخباً بهدف معرفة رد فعلهم الفوري على المناظرة.
وقال لونتز: إن 13 من الناخبين أكدوا أن كيري حسم المناظرة لصالحه في حين لم يقل أحد أن بوش فاز فيها وقال عشرة ناخبون: إن النتيجة هي التعادل.
وفي الوقت نفسه قال لونتز: إن 16 ممن شاركوا في الاستطلاع مستعدين لاختيار بوش إذا ما أجري التصويت اليوم مقابل خمسة قالوا: إنهم سيختارون كيري وقال ناخب واحد: إنه سيختار مرشح ليبرالي وقال آخر: إنه لم يحدد موقفه بعد.
ويقول لونتز: إن غالبية الناخبين يرون أن كيري مجادل جيد بالفعل لكنهم لا يثقون فيه. فجون كيري مازال يعاني من نقص في مصداقيته. وعليه أن يعالجها. وعليه إقناع الناخبين بأنه يعني ما يقول ويقول ما يعنيه بالفعل. وينهي لونتز كلامه بالقول: إن تأثير المناظرات قصير الأجل ولن يتذكر الناس أداء كيري فيها.
**
الدبلوماسية يا غبي
ومنذ 12عاماً فاز الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون في انتخابات الرئاسة ضد منافسه الرئيس الجمهوري في ذلك الوقت جورج بوش الأب عندما رفع شعار (إنه الاقتصاد ياغبي) كشعار لحملته الانتخابية في إشارة إلى تدهور الاقتصاد الأمريكي خلال الفترة الرئاسية الأولى للرئيس جورج بوش الأب الذي ركز على السياسة الخارجية الأمريكية وحقق فيها نجاحات كبيرة، حيث أنهار الاتحاد السوفيتي وعقد العرب والإسرائيليون مؤتمر مدريد للسلام وحرر الكويت من الغزو العراقي.
والآن يمكن أن يرفع كيري شعار (إنها الدبلوماسية يا غبي) كشعار لحملته الانتخابية ضد الرئيس الجمهوري جورج بوش الابن.
فالرئيس الأمريكي يعتمد على القوة العسكرية بشكل أساسي في التعامل مع ملف السياسة الخارجية. في الوقت نفسه تحتل أزمة العراق والحرب ضد الإرهاب قمة الأجندة القومية لدى الناخب الأمريكي.
وفي مقال لها بصحيفة (كريستيان ساينس مونيتور) تقول الكاتبة الأمريكية هيلينا كوبان: إن الناخبين الأمريكيين يدركون تماماً أن الفائز في انتخابات الثاني من نوفمبر المقبل مهما كان سيجد نفسه مضطراً لمواجهة تحديات صعبة تتمثل في إيجاد مخرج نصف كريم من العراق في الوقت الذي سيواصل محاربة الجماعات الإرهابية التي تهدد الأمن العالمي.
والحقيقة أن الولايات المتحدة لن تستطيع تحقيق أي من الهدفين اعتماداً على نفسها فقط. لذلك فأي كان الرئيس الأمريكي المقبل عليه أن يعمل بفاعلية مع الدول الأخرى في العالم.
ويقول جون كيري المرشح الديموقراطي للرئاسة: إنه سيجعل هذه النقطة على قمة جدول أولوياته ووصف بالفعل بعض الخطوات التي يقول: إنه سوف يتخذها لتحقيق هذا الهدف.
وفي الوقت نفسه فإن الرئيس جورج بوش يبدو أنه يتحرك أيضاً نحو المزيد من التعاون والقليل من المواجهات مع الدول الأخرى في التعامل مع الملف العراقي.
وعلى الرئيس بوش أن يوسع نطاق هذه الطريقة الجديدة بحيث لا يقتصر تعاون أمريكا مع المجتمع الدولي على العراق فقط ولكن يمتد إلى العديد من القضايا الدولية.
وقد رصدت كوبان في مقالها عدداً من الإشارات الجيدة التي صدرت عن إدارة الرئيس بوش تجاه العراق منها مشاركة القوات الأمريكية في اتفاق وقف إطلاق النار بين الحكومة العراقية المؤقتة وميليشيا جيش المهدي التي يتزعمها الزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر.
والإشارة الثانية تعهد وزير الخارجية الأمريكي كولن باول بعقد اجتماع لدول مجموعة الثماني الكبرى والدول المجاورة للعراق في نوفمبر المقبل.
وهذا المؤتمر سيضم إيران وسوريا على نفس المائدة مع الولايات المتحدة وغيرها من دول مجموعة الثماني التي تضم أيضاً اليابان وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وكندا وبريطانيا وروسيا.
فكل من إيران وسوريا ترتبطان بحدود برية طويلة مع العراق. لذلك فإن تعاونهما جوهري للغاية إذا ما أريد للانتخابات العراقية المقرر إجراؤها في يناير الماضي أن تتم كما هو مخطط.
وهذه الخطوات تشير إلى أن الرئيس بوش ومستشاريه فهموا على الأقل بالنسبة للعراق أن الولايات المتحدة تحتاج إلى التعاون مع عدد أكبر من الأطراف الأخرى إذا ما أرادت أن تحفظ ماء وجهها في هذه الأرض المضطربة.
والواقع يقول: إنه إذا كانت هناك فرصة لنجاح الانتخابات العراقية المنتظرة وبغض النظر عمّن سيكون رئيساً للولايات المتحدة في ذلك الوقت فإنه يجب أن تلعب الأمم المتحدة دوراً أكبر في الإشراف على تلك الانتخابات.
والجدل الذي اشتعل حول الانتخابات الأفغانية يوضح تماماً حساسية الدور الذي تلعبه الأمم المتحدة.
وفي الوقت نفسه يوضح أن قيمة الأمم المتحدة في مثل هذه الانتخابات تفوق قيمة الولايات المتحدة. ولكن السؤال هو كيف يمكن إقناع الأعضاء الدائمين الآخرين في مجلس الأمن الدولي ودول العالم الأخرى ككل للقيام بدور أكبر في العراق؟
وهذا هو المجال التقليدي لفنون الدبلوماسية التي تتضمن الرغبة في الاستماع إلى الآخرين والسماح لهم بلعب دور في الأزمة. ويجب ألا تتوقع الولايات المتحدة التي لا يزيد عدد سكانها عن أربعة في المئة من إجمالي سكان العالم أن تهتم دول العالم بمخاوفها إذا لم تظهر هي أيضاً اهتماماً بمخاوف دول العالم.
والحقيقة أن الوقت لم يفت أمام الإدارة الأمريكية لكي تعمل وفق هذا المنهج. ولكن هذه الإدارة ومنذ أواخر عام 2001 قد أدارت ظهرها للعالم في الكثير من القضايا المهمة وأصمت أذنها تجاه العديد من القضايا المهمة مثل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وظاهرة الاحتباس الحراري وارتفاع درجة حرارة الأرض وتحرير التجارة العالمية.
وفي الوقت نفسه كانت مستعدة ونفذت بالفعل غزو العراق على الرغم من معارضة العديد من شعوب وحكومات العالم لهذه الخطوة ودون الحصول على تفويض من الأمم المتحدة.
والواقع أن هذا الغزو الأمريكي للعراق كان انتهاكاً واضحاً للعديد من القيود التي يفرضها ميثاق الأمم المتحدة على حق الدول في استخدام القوة العسكرية ضد دولة أخرى.
**
مأزق عسكري
في الوقت نفسه فإن المأزق العسكري الذي وجد 135 ألف جندي أمريكي أنفسهم فيه في العراق لم يكن مفاجأة للكثيرين.
فهذه القوة كانت أقل كثيراً مما يحتاج إليه تأمين دولة مثل العراق بعد احتلالها. وعندما أدركت إدارة الرئيس بوش حجم المأزق الذي أوقعت نفسها فيه في العراق حاولت البحث عمّن يمكن أن يساعدها ولكنه وجدت وكما تقول هيلينا كوبان أن أطراف اللعبة سواء داخل العراق أو خارجها تقول لها (طبعاً نستطيع التفكير في مساعدتك ولكن بشرط أن تساعدينا أيضاً).
وبالنسبة لبعض الدول فإن المساعدة يمكن أن تكون مالية ولكن بالنسبة للكثير من الدول في الشرق الأوسط، فالمساعدة ليست مالية ولكنها سياسية. والحقيقة أن تعاون هذه الدول مع واشنطن حيوي سواء لحفظ السلام في العراق وخروج أمريكا من هذا المأزق، أو في الحرب ضد تنظيم القاعدة.
فهذه الدول تريد على وجه الخصوص دوراً أمريكياً أكثر فاعلية في البحث عن تسوية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
ولكن مثل هذا الدور كان غائباً تماماً خلال العامين الماضيين.
فواشنطن التي تدفع أغلب فواتير إسرائيل تسمح لرئيس وزرائها المتشدد آرييل شارون بالابتعاد تماماً عن طريق المفاوضات في الوقت الذي يستقطع مساحات شاسعة من الأراضي الفلسطينية المحتلة ويضمها إلى إسرائيل.
فهل مثل هذه الأجندة التي ذكرتها والتي تشمل تحسين العلاقة بين واشنطن والأمم المتحدة وتفعيل الدور الأمريكي في عملية السلام بالشرق الأوسط والتعامل بقدّر أكبر من الحساسية تجاه مخاوف الدول الأخرى تنطوي على صعوبة كبيرة بالنسبة لأي إدارة أمريكية؟
بالتأكيد هي تنطوي على تغيير كبير عن السياسات التي اتبعتها الولايات المتحدة على مدى السنوات الثلاث الماضية. ولكن تلك السياسات التي اتبعت خلال السنوات الماضية لم تحقق لأمريكا الأمن الذي تحتاج إليه. إذن اعتقد أن (الدبلوماسية) هي ما يمكن أن يقيم على أساسها الناخب الأمريكي برنامج فرسي سباق الرئاسة الحالي.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|