|
كيف يكون الحوار؟!
|
يوماً بعد آخر..
أشعر بغياب ما أتمنى حضوره..
وحضور ما أتمنى غيابه..
ما يهمني أمره..
وذلك الذي لا يدخل ضمن اهتماماتي أو دائرة حرصي عليه.
***
وفي كل يوم..
تمر أمامي صور عديدة..
بعضها بالغ الأهمية..
وبعضها الآخر لا قيمة ولا معنى له في سلم الأولويات وغير الأولويات بالنسبة لاهتماماتي.
***
في السياسة والاقتصاد، وحيث يوجد حديث مهم أو غير مهم في الشأن الاجتماعي..
أجد نفسي بين هذه العناوين الكثيرة..
دون أن يكون لي أي خيار للاقتراب أو الابتعاد عنها..
ومن غير أن أسأل أو أستأذن أو أن تكون لي رغبة أو عدم رغبة بذلك.
***
وحين يكون الحديث عن الإعلام أو التعليم مثلاً..
فالأمر لا يحتاج إلى أكثر من سؤال يوجه إليك..
وهنا فأنت مدعو إلى إبداء الرأي شئت أم أبيت، ولو من باب الأدب واحترام الطرف الآخر..
وعندئذ فالنقاش ينتهي بلا جدوى ومن غير فائدة..
ويتبخر سريعاً مثلما يتبخر الماء حين يكون عند درجة الغليان.
***
حواراتنا ومناقشاتنا لا يتم عادة التحضير لها..
ولا نحسن اختيار مواضيعها أو أشخاصها..
وغالباً ما تكون بلا هدف أو مبرر لإثارتها..
وهي على كل حال لا تعدو أن تكون جزءا من الجو العام لاجتماعاتنا.
***
ومع ذلك فإن فتح الأجواء أمام سماع كل الآراء..
حتى ولو جاء من غير تخطيط..
هو بذاته عمل مقبول..
ولا بأس فيه إن أحسنا اختيار المواضيع..
وأدرنا الحوار بانضباط وإصغاء.
***
وقد يكون من المناسب لمن يشارك في النقاش...
أن يكون لديه ما يقوله..
وأن يحترم الرأي الآخر..
وخاصة حين يكون هناك هدف مشترك يود الجميع الوصول إليه.
***
وبقي أن أقول بعد كل هذا: إن فن الحوار..
تدريسه..
وتعليمه..
وإفهام الجميع أسسه وقواعده..
علم تقع المسؤولية في إشاعته على المدرسة والبيت أولاً وعلى المجتمع ثانياً.
خالد المالك
|
|
| width="68%" valign="top" align="center" dir="rtl">
وهكذا دواليك وردي! عبدالباسط شاطرابي
|
دعوهم يرقصون ويتمايلون، واتركوا فنانيهم وفناناتهم يهشّكون ويبشّكون، فوالله ذاك زبد لا غير، فحتى لو كثر أهل الهتاف والتصفيق، وحتى لو تعدد أهل البحلقة في الخصور والنحور، فلن يبقى من بصمتهم شيء، ولن يأتي الصباح حتى يكونوا قد أصبحوا أثراً بعد عين!.
بالأمس القريب استمعت إلى أغنية للفنان العملاق محمد وردي، والاستماع كان مقروناً بالمشاهدة، فالأغنية كانت مبثوثة من خلال الفضائية السودانية، وجدت الرجل كعهده عملاقاً كالهرم، ووجدته قامة تستحق مكانتها بعد أن حفرت بصماتها في وجدان الشعب السوداني قرابة نصف قرن من الزمان..
كان وردي هو وردي.. صوت السودان.. العملاق الذي يحمل الفن رسالة إلى الدنيا.. حيث للكلمة معنى، وللنغمة معنى، وللوقفة معنى، وللحركة معنى.
وردي الذي أحب شعبه.. وهام بقضاياه، وغنى لشموخه وكبريائه، وافتتن بحسانه، واعتز بانتمائه، ودفع مهر حبه للوطن سنوات عجافاً في سجون الديكتاتوريات، وسنوات أخرى في منافٍ إجبارية بعيداً عن أرض النيلين وأهلها.
انظروا للعملاق الزاحف نحو الثمانين.. إنه ما زال يملأ الدنيا غناءً أصيلاً.. ويرش في حياتنا أريجاً فردوسياً، وردي ما زال يصدح للسودان أرضاً وشعباً، وللعروبة انتماءً وهوية، ولإفريقيا قارة سمراء حاضنة للوطن، ولقيم الخير والحضارة والإنسانية إرثاً مشتركاً بين شعوب الدنيا كافة.
الاستماع لوردي (حالة) و(مناخ).. فالدنيا تكتسي بوجوده حللاً من ألوان السحر وفيسفساء التاريخ.. إنه قادر، بجرأة وسلاسة، أن يمزج كل فانتازيا الأساطير، ورومانسيات العشق، وجماليات الخيال، ومعطيات الواقع!.
والرجل ليس قامة فقط في اختيار الكلمة، وفي تأليف الألحان، وفي الأداء الصوتي الباهر، وفي المواقف الوطنية، إنه كذلك، قامة في تواضع الكبار، وقامة في التعاطي الإنساني، وقامة في حب الخير وبذله للآخرين.
نعم.. دعوا الراقصين يرقصون ويتمايلون، ودعوا المهشّكين المبشّكين يهشكون ويبشكون، فما يفعلونه فقاعات صابون لن تلبث أن تزول.. أما التاريخ وصفحاته فلن يبقى فيهما سوى العمالقة.. من أمثال وردي.. وبقية من مبدعين!.
shatarabi@hotmail.com
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|