يتبادر إلى ذهني إسم (الوطن) الذي لا يغيب بتاريخه وامتداده وسجله الناصع، كلما جاء على لساني أو لسان غيري اسم الملك (عبدالعزيز)، وتفتح صفحة (الوطن) من جديد أمام عيني ببهائه وشموخه مع كلمة (عبدالعزيز) حين تسمعها أذني، أو أقرأها في صحيفة أو كتاب.
* * *
فالوطن والملك عبدالعزيز وجهان لعملة واحدة، لكنهما - مع هذا التوصف أو التشبيه - أكبر من كل العملات، قيمة وأهمية ومحبة، وهما لصيقان في السيرة والمسيرة، وأثيران لدى كل المخلصين والأوفياء، وتوأمان في المحصلة النهائية للنضال المشرف، وشريكان في كتابة هذا التاريخ البهي.
* * *
إذ لا أحد استطاع أن يحقق وحدة راسخة وقوية وممتدة بكل هذا الاتساع، مثلما حقق ذلك الملك عبدالعزيز - رحمه الله - بنجاحه في لم الشمل وإقامة هذه الوحدة في شبه الجزيرة العربية، وكل من حاول أو سعى لتحقيق مثل هذا الإنجاز من الزعماء العرب لم يزد مجهوده عن شعارات وخطب رنانة، لم تجلب لأمتنا غير الخلافات والصراعات، وكان مآلها الفشل.
* * *
حتى من نجح في تمرير سعيه وتفكيره لقيام وحدة عربية بمواصفاتٍ ما أعتقد أنها الوحدة العربية التي سيولد من رحمها القوة والقدرة على مواجهة الأعداء لم تصمد، ولم يطل المقام بها، وانتهت إلى انفصال قضى على أي تفكير أو آمال أو محاولة مستقبلية لتجارب أخرى، في ظل الشعور المحبط والفشل المتوقع لها.
* * *
وأياً كان الحديث عن الوحدة العربية، فلا أحد يملك تجربة ناجحة يستطيع أن يختارها نموذجاً وحيداً، غير الوحدة النموذج التي قادها الملك عبدالعزيز، وجعل منها التجربة الأغنى والأثرى في الكفاح الصحيح الذي توّج بالانتصارات المتلاحقة، ومن ثم بتوحيد هذه الديار المقدسة تحت مسمى المملكة العربية السعودية.
* * *
ولولا هذه الوحدة، لبقي هذا الجزء الأهم من العالم، الذي يحتضن أهم المقدسات الإسلامية، وأكبر احتياطي من النفط، وتقع أراضيه على ثغرين مهمين هما البحر الأحمر والخليج العربي، أقول لولا هذه الوحدة لبقي هذا الجزء الغالي من الأرض فتكاً للصراعات والخلافات، ونهباً للصوص وفرصة للأعداء لتقويض أمنه واستقراره.
* * *
وإذ تحتفل المملكة بالذكرى السنوية لليوم الوطني، فإنما لتذكر بكثير من الإجلال والتقدير والوفاء الملك عبدالعزيز، ذلك البطل الذي أدار دفة معاركه بعقله وحنكته وشجاعته وإقدامه، حتى تحقق له النصر المبين بمساعدة رجال مخلصين وضعوا أرواحهم فداء للدين والوطن والمليك.
* * *
وحين مات الملك المؤسس، كان قد أرسى قواعد الحكم، ونشر الرخاء في ربوع الوطن الغالي، وأقام نظاماً يعتمد على المؤسسات، فضلاً عن فتحه كل النوافذ والأبواب لعلاقات متوازنة مع دول العالم في دولة آمنة ومستقرة.
* * *
على أن مثل هذه الإنجازات وغيرها كثير لم تتوقف بوفاة الملك عبدالعزيز، ولم تهن عزائم الرجال برحيله، وإنما واصل أبناؤه العمل من بعده مستلهمين من مواقفه وسياساته ونظراته الثاقبة القدوة في ممارسة مسؤوليات الحكم وإدارة مؤسسات الدولة.
* * *
ومن الوفاء أن نتذكر الملك سعود والملك فيصل والملك خالد والملك فهد - رحمهم الله - فنتذكر معهم المشروعات العملاقة التي أنجزوها، بما في ذلك حمايتهم لاستقرار الوطن والذود عنه، وبذل كل ما يوفر الراحة والرخاء لأبناء الوطن على امتداد الوطن، حيثما كانت هناك حاجة إلى أي مشروع في أي مجال من المجالات.
* * *
وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، لا بدّ لمن له عين تبصر وسمع يصغي، أن يلاحظ حجم التطور الهائل الذي يقوده هذا الملك المصلح بمساعدة أخيه وحبيبه سمو ولي العهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز، بما لا حاجة إلى مزيد من الكلام الذي يتوسع فيه بالحديث عن هذا الإنجازات بكل تفاصيلها.
* * *
ولا أعتقد أننا بحاجة إلى التدليل على ما تم من إنجازات كبيرة ومهمة وغير عادية منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز مروراً بكل ما تحقق في عهد أبنائه الملوك حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله؛ فالمملكة بكل مناطقها ومحافظاتها ومدنها ومراكزها وقراها الكثر، وعلى امتداد كل مساحات الوطن الغالي، تبرز على الأرض المعالم الحضارية الكثيرة الدالة على حجم الإنجاز، بما لا حاجة إلى استحضار شواهد أو نماذج للتأكيد على صحة ما نقول.
* * *
كل عام وهذا الوطن وكل مواطن بخير إن شاء الله، فالسواعد تبني والعقول ترسم الخطى، والرجال الأبطال في قواتنا المسلحة والحرس الوطني والأمن العام يحمون حق المواطن في حياة حرة كريمة وفي وطن مقدس نؤمن جميعاً بأن المساس به خط أحمر، والإساءة إليه تعد من المحرمات والمحظورات.
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب «2» ثم أرسلها إلى الكود 82244