استكمالا لموضوع الأسبوع الفائت الذي عنونته ب(عندما غاب) وكنت اقصد بهذا الغائب.. الحوار
واليوم كما وعدتكم وبعد طول تأمل وبحث.. أهدي لكم مجموعة من الوصفات والخطوات العملية سيعود معها الغائب المفقود (الحوار) وترسم السعادة في سماء كل بيت بإذن الله.
هل هناك فرصة؟
إن الحوار مهارة تكتسب مهما كبر العمر أو تصلبت الأفكار أو ساءت الظروف.. فقط عندما تحضر الإرادة ونقرر أن نعيد الحوار الجميل إلى بيوتنا سيعود فقط نحتاج معه إلى تدريب وصبر ويصبح شيئا من مهارات الحياة التلقائية.
لماذا الحوار؟
* يقول علماء النفس: إن وراء كل دافع سلوك.. والله لو استشعرنا قيمة الحوار وجماله وفائدته لبكينا ندما على مسافات من الهجر طالت ورياح من القطيعة جففت كل رطب ويضاف إلى هذا أن في الغالب حسبما يكون الأبوان يكون الأبناء.
* إن البيوت التي تنشأ على الحوار هي بيوت مستقرة مطمئنة يتمتع أفرادها بصحة نفيسة وعاطفية ممتازة
* والحوار متنفس قوي للمشاعر السلبية والحوار المتحضر يحمل في ثناياه رسالة جميلة مفادها أن الحب موجود والدفء العاطفي حاضر إضافة إلى معاني الاحترام والتقدير ومع الحوار سيقضى على المشاكل في مهدها ودلالة واضحة على الحميمة
الحوار بين الترف والضرورة!
الطلاق في مجتمعاتنا وصل نسبته لحد مخيف وبعد تتبع واستقصاء وجد أن السبب الأول والاهم هو انعدام الحوار المتحضر كما أشرت لهذا في مقال الأسبوع الماضي، أزواج وزوجات لم يتعودوا على فن الحوار ولم يتعلموا أصوله فكان الحصاد المر.. إذن فليدرك جميع الأزواج أن الحوار ليس خيارا ولا ثمة أي بديل عنه إن أردنا حياة هانئة سعيدة.
من يبدأ؟
إن الزوجين مسئولان عن إحضار هذا الغائب وترويضه بنفس النسبة، ولا يجوز أن يتنصل أحدهما من المسئولية ويحاول أن يلقيها بالكامل على الطرف الآخر فلعبة (الإسقاط) حيلة الضعفاء ولنتذكر جميعا أن من يبدأ أولا هو الأقوى! فإن أردت أن يتغير وضعك أو أن يتغير الطرف الآخر فابدأ أنت بنفسك أولاً.
الطيبة وحدها
لا تكفي!
* أؤكد على أن (حسن النية أمر في غاية الأهمية ولكنه لا يكفي) فكون أحد الزوجين محبا عاشقا مخلصا فهذا وحده لا يجلب فرحا ولا يصنع سعادة حيث إنه من المفترض أن نتعلم الأساليب والأدوات التي تنتج حوارا مفيدا جميلا.
في أي شيء نتحاور؟
* يعاني الكثير من البيوت مرض الخرس الزوجي وكأن الزوجين قد حرما نعمة النطق! والحوار لا يعني بالضرورة أن يكون على أمور ذات شأن فلا مانع من أن يكون الحوار ابتداء بتعليق على أحداث اليوم أو مناقشة برنامج تلفزيوني أو استدعاء ذكريات جميلة وانتهاء بمشكلات الصغار والتعبير عما يزعج إضافة لأهداف الأسرة وطموحاتها.
وليس الذكر كالأنثى
على الزوج أن يتفهم حاجة الزوجة للكلام، ويستوعب حاجتها لأذن صاغية وقلب متعاطف ولسان رقيق وعلى الزوجة أن تدرك أن الحوار لا يأتي بالقوة لذا يجب على الزوجة ألا تجبر زوجها على الحديث حال عدم استعداده، وألا تسيء تفسير موقفه هذا.
بداية جميلة = نهاية جميلة
لا يخلو أحد من صفات حسنة وايجابيات فما أجمل أن يريد أحد الزوجين أن يناقش الشريك حول خطأ معين وقع فيه فمن غير المستحسن أن يبدأ بالسلبيات فهذا مما يقفل باب الحوار ويثير النفوس.. وليكن الحديث عن الجانب الخير أولاً، فهذا يمهد لسماع الملاحظات وتقبلها السلبي
كيف نتعلم الحوار؟
يوجد وسائل كثيرة أخرى لتعلّم الحوار - قراءة كتب مختصة بذلك وأنصح بقراءة كتاب الرجال من المريخ والنساء من الزهرة وكتاب العادات السبع للأسر الناجحة.
* حضور الدورات التدريبية، الحلقات الحوارية وليس المهم فقط أن نتعلم بل الأهم أن نمارسه ونصحح أخطاءنا في ذلك.
متى نتحاور؟
للأسف أن الخطأ الشنيع الذي يقع فيه الزوجان هو عدم اختيار الوقت المناسب للحوار فجل الحوارات للأسف تتم وهما في حالة شعورية غير مستقرة صاحبها انفعال وتوتر وهذا كفيل بقتل الحوار في مهده وإشعال نيران الخصام وأنسب وقت للحوار وقت سكينة النفوس وصفائها وكذلك يجب الحرص على عدم الحديث عن نقص أو خطأ فيه أمام الأهل أو الآخرين أو حتى الأبناء فهذا فيه من الإهانة والتشهير ما لا تحمد عقباه
احذر
* أخي الزوج أختي الزوجة لا تدخلا الحوار كما لو كان معركة يجب أن ننتصر فيها ونفحم المقابل، وإذا وقعت على محاورك وقد أخطأ فلا تستفزك شهوة النصر بتعجل إظهار ذلك حيث إن هذا الأسلوب مهين له وغالبا لن يغفر لك هذا الجرح وعليك بنصحه ومعالجة الخطأ بحكمة ورفق.
الحلقة الأقوى!
* إن مشكلة المشاكل وأساس المصائب هي عدم إتقان مهارة الإنصات فهناك اندفاع أرعن وشهوة عارمة نحو الكلام ومقاطعة الآخر قبل أن يعبر عن رأيه وينفس عن مشاعره فلا بد من الإصغاء إلى الشخص الآخر والتفاعل معه بكل الجوارح
وهدوا للطيب من القول
الأسلوب أو انتقاء الكلمات سلاح ذو حدين: إما أن يزيد المشكلة اشتعالاً أو يقضي على الخلاف قبل تفاقمه، إذن فالوضوح مطلوب وتجنب الغموض أيضًا مطلوب في المصارحة، فعلى الزوجين ألا يحورا الكلمات، ولكن يحددان نطقهما فهو أجدى للمصارحة.
قاعدة مهمة
قاعدة: عميقة تقول (اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية)، قد نختلف نعم، لكننا نختلف لأن هذه طبيعة البشر (ولا يزالون مختلفين) وجميعنا نريد مصلحة الأسرة، وما دام في الأمر مصلحة فالود واجب رغم الاختلاف
الحلقة الأقوى
القوي هو الذي يجيد مهارة الانسحاب، حتى تهدأ النفوس ويصبح الحوار موضوعيا.
الخريطة ليست الواقع
يقول الدكتور عبدالكريم بكار عن المحاور المتمدن (إنه لا يحرص على إقناع صاحبه برأيه ليتبناه إنما يقوم بإضاءة نقطة مظلمة وتوضيح قضية غامضة... انتهى كلامه) فلا تجزم بخطأ الآخر واحفظ ماء وجه الشريك ومهد له خط العودة واحذر محاصرته وشجعه على الاعتذار مثمنا شجاعته وتذكر دائما أن
للحقيقة أكثر من وجه والخريطة في أحيان كثيرة ليست الواقع فهناك من لديه نزعة نحو إلغاء الآخر وإقصائه وإحراجه وهذا لا شك يدل على ضعف الشخصية.
لقد بات من غير المقنع الخضوع لبيئة ألفت سياسة الاستحواذ واستمرأت ثقافة الاستيلاء!
تلك أمة قد خلت...
* إياك واجترار السوابق واستدعاء أخطاء الماضي وإحراج الشريك بسقطات الماضي فهذا من شأنه إفساد الحوار وإيغار الصدور حقدا وألما
قبل النهاية
* جميل أن تستظل الأسرة بأكملها الصغار والكبار بحوار جيد حيث تفتح قنوات الاتصال مع الصغير والكبير الحوار فن ومهارة وتطبيق، الحوار يحتاج إلى نماذج وليس إلى خطباء منظرين، ليس المهم من سيبدأ، المهم أن نبدأ، ولنفتح النوافذ لتشرق شمس الحوار من جديد في بيوتنا ومعها سندرك أن للحياة معنى آخر وتذكر أخي الزوج وأختي الزوجة أن الحب هو الصفقة الوحيدة التي تكون نتيجتها إما فائزين أو خاسرين!
*****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب «7515» ثم أرسلها إلى الكود 82244
د. خالد بن صالح المنيف
Khalids225@hotmail.com