* إعداد - وفاء الناصر
في الأمومة المتأخرة كما في كل مجتمع هناك تحول في نمط حياة الجيل الجديد من البنات العصريات، يراه بعض الناس طبيعياً مع تغير إيقاع العصر، في حين يعتقد آخرون أن رفض الأمومة انقلاب في عقلية شابات يتمردن على دورهن الحقيقي في الحياة، ولكن ذلك لا ينفي أن بعض الشابات الجامعيات يجمعن بين الأمومة والدراسة الجامعية في آن معاً.
شابة في العقد الثاني من عمرها تعمل في وظيفة تتطلب منها كثرة التنقل والسفر، تقول إن طبيعة عملها تمنعها من الارتباط والتفكير بأن تصبح أماً وتضيف: أحب الأطفال كثيراً وألاحظ مدى سعادة أخواتي وصديقاتي بكونهن أمهات لكن الأمر مختلف بالنسبة إلي، فأنا لا أصلح لأن أكون أماً حتى لو تزوجت الشخص المناسب، فالأمومة التزام مقدس وفي الوقت الحاضر لدي التزامات أخرى تمنعني من ممارسة دوري كأم.
ومن الأسباب الأخرى التي تدفع شابات كثيرات إلى عدم التفكير بإنجاب الأولاد بعد زواجهن، أو تأخير الإنجاب إلى مراحل لاحقة، إصرار الشابات على إكمال تحصيلهن العلمي ونيل الشهادات العليا التي تبعدهن عن الأجواء الأسرية وواجباتها، وتقول خريجة في الحقوق، وتحضر رسالة ماجستير في القانون الدولي ومتزوجة منذ مدة قصيرة: الأمومة ليست من أولويات حياتي الآن، فمنذ الأيام الأولى لزواجي اتفقت مع زوجي على أن موضوع الأولاد مؤجل حتى إشعار الآخر أن الإنجاب يأتي بعد نيلها شهادة الدكتوراة في تخصصها، كما أن زوجها لا يمانع في أن ينتظر عامين آخرين لتحقق زوجته طموحها العلمي، غير أن زوجة شابة أخرى تستبعد فكرة إنجاب الأولاد وتحمل مسؤولية تربيتهم، لأن زوجها أيمن لا يزال يبحث عن عمل إضافي يؤمن لهما حياة مريحة في المستقبل.
ويبدو أن تأمين وضع مستقر لتختار الشابات الأمومة لا يرتبطذ دوماً بالعامل الاقتصادي وإنما بالحال النفسية وطبيعة القرارات الشخصية وتعترف شابة بأنها تسرعت كثيراً في زواجها لذا فهي قررت التريث قبل أن تضم إلى عائلتها أطفالاً قد يجبرونها على المضي في وضع غير مستقر وتضيف وملامح الضيق تبدو بوضوح على وجهها: (لا أعتقد أنني مؤهلة الآن لأكون أماً، وعلى الأغلب لن أحسن إدارة أمور الأطفال وتربيتهم فليس لدي خبرة أمي أو جدتي).
ويفسر خبراء في التربية وعلم النفس هذا الأمر بأن الأنثى الشابة قد لا تحرص على الحمل فور زواجها، خاصة إذا شعرت بأنها لم تصل بعد إلى الاقتناع بأنها أصبحت ناضجة بالقدر الكافي، وقد لا يفضل الزوجان الشابان الإنجاب مبكراً، خوفاً من تحمل أعباء المسؤولية خصوصاً إذا تضافرت عوامل اقتصادية ونفسية أخرى، يرافقها شعور لدى المرأة الشابة بأنها ما تزال أقرب إلى سن المراهقة من مرحلة الرشد.
وفي حين يعد ذلك أمراً طبيعياً في سن الشباب إلا أن هناك تخوفا لدى بعض الفتيات من تغير تكوينهن الجسدي بعد الحمل، وهو ما يشكل عاملاً إضافياً لعزوفهن عن فكر الأمومة، والغريب أن الاستجابة لدافع الأمومة تعود إلى نوازل عاطفية لا عقلانية لدى الأغلبية فقد يحدث أن يبتهج الزوجان الشابان بحدوث الحمل حتى ولم يخططا مسبقاً لذلك.