|
الملتقى في مجلة الجزيرة
|
في ملتقى هذه المجلة..
حيث يتنفس القراء..
ويبوحون بفيض من صدق مشاعرهم وعطاءاتهم..
ينثرونها في هذا الفضاء الجميل..
شدّاً لأزرنا وتأكيداً على محبتهم لنا..
معطِّرين بها عرق أولئك الزملاء الكبار..
***
في هذا الملتقى..
وقد ضاقت مساحته وصفحاته لاستيعاب بريده الكبير..
رغم الحرص على عدم حجب أيٍّ من رسائل هؤلاء المحبِّين
أقول لكم..
وإن استعصى علينا نشرُ كلِّ ما يصلنا منكم وهو أثيرٌ عندنا..
فإن مشاعركم لها في عقولنا وقلوبنا وعواطفنا مساحةٌ دافئة لاستيعابها..
فنحن ومن خلالها وبها نعمل على ما نعتقد أنه يُرضيكم ويُلبي تطلعاتكم..
لأننا بغيرها وبدونكم لن يُكتب لنا النجاح في مشوار عملنا معكم..
***
هذا منهجٌ اختطيناه لأنفسنا..
ولن نحيد عنه..
قناعةً منا بضرورته وأهميته..
وبالاتفاق والتوافق معكم على أسسه..
ضمن مشروع صحفي كبير يعتمد نجاحه فيما يعتمد على التعاون معكم..
فأنتم القرّاء..
وأنتم المعلنون..
وأنتم بعد الله من نتكئ عليهم لتحقيق هذا النجاح..
***
لهذا أقول لكم بثقة واطمئنان..
إن مجلة الجزيرة..
وهي في شهرها الثاني من عمرها المديد إن شاء الله..
ستظلُّ أبداً وكما رُسم لها..
عروساً لكل المجلات..
بالتميُّز والتفرُّد والابتكار..
هكذا وعدني الزملاء في أسرة تحريرها..
وهو وعدٌ مني لكم..
خالد المالك
|
|
|
الفريسة تهزم الصياد: بيتروف.. «أفضل» نموذج للعميل الفاشل
|
إعداد: محمد يوسف
في عام 1970 وأثناء أحد المنتديات الاجتماعية بأحد المراكز التجارية في قلب مدينة نيويورك قام «سيرجي فيكتوروفيتش بيتروف» بافتعال حديث يبدو وللوهلة الأولى أنه حديث عابر مع أحد المتواجدين بالمنتدى وهو مهندس أمريكي يعمل بشركة جرومان للفضاء والطيران والمتخصصة في تصنيع المقاتلات الحربية.
واستهل بيتروف المبادرة بتعريف نفسه على أنه من أصل روسي وأنه جاء للولايات المتحدة في مهمة رسمية لمدة خمس سنوات من قبل هيئة الأمم المتحدة للقيام بأعمال الترجمة للموضوعات العلمية المتخصصة في مجال هندسة الفضاء والطيران.
بدأ المهندس الأمريكي بعد ذلك تقديم نفسه وأشار إلى أنه يعمل في مجال تصميم الطائرات المقاتلةF14 (إف14) حيث تم تكليف شركة جرومان للفضاء والطيران بتطويرها، وأضاف قائلا إن شركة جرومان تقوم حاليا بتخفيض حجم العمالة مما يهدد مستقبله المهني بالشركة.
أعرب بيتروف عن رغبته في مقابلة المهندس مرة أخرى وقام بدعوته لتناول العشاء بأحد مطاعم مدينة نيويورك، وبالفعل تم اللقاء الذي استمر لمدة ساعتين تقريبا تناولا خلاله العديد من الموضوعات العامة، ثم بدأ بيتروف بعد ذلك في نسج خيوط مخططه عندما أخبر المهندس الأمريكي بأنه بصدد إنشاء مشروع ضخم بأحد أحياء مدينة نيويورك وأنه يرغب في توظيف المهندس شريطة أن يترك عمله الحالي بشركة جرومان، واستطرد بيتروف قائلا إنه يعكف حاليا على إعداد رسالة الدكتوراه في مجال التصميم الفني والهندسي للطائرة المقاتلة F14، ولذا فإنه يرغب في الحصول على أية معلومات قد تفيده في هذا المجال وإن تعذر عليه ذلك فأية معلومات تتعلق بمصنع جرومان، وأخبره أيضا بأنه على استعداد لدفع مقابل مادي معقول وقيمته 300 دولار شهريا نظير الإدلاء بمعلومات ذات قيمة.
بعد أسبوع كان اللقاء الثالث الذي شعر المهندس بعده بعدم الارتياح وارتيابه لنوايا بيتروف الذي أبدى اهتماما كبيرا بالضائقة المالية والظروف غير المستقرة التي يمر بها في ذلك الوقت، وعلى الفور قام المهندس بإبلاغ مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI وأعرب لهم عن مخاوفه تجاه بيتروف وأبدى استعداده للتعاون معهم حتى يتم كشف الغموض الذي يحيط بهذه الشخصية الروسية، ثم قام فريق من مكتب التحقيقات بتقصي الأمر وطلبوا منه الاستمرار في هذه اللقاءات مع التركيز على طلب المزيد من المال في اللقاءات القادمة.
وتعددت اللقاءات بين المهندس وبيتروف الذي تعهد بدفع المقابل المادي الذي يتراوح بين 100 : 300 دولار تبعا لنوعية ودرجة سرية المعلومة المقدمة، وجرت العادة على أن تتم هذه اللقاءات بصفة شهرية بمطاعم مختلفة بأحياء مدينة نيويورك وبالقرب من محطات قطارات السكة الحديد حيث تم رصد هذه اللقاءات من قبل فريق مكتب التحقيقات الفيدرالي.
ومع تطور العلاقة بين بيتروف والمهندس الذي كان يتقاضى 250 دولاراً عن كل تقرير يقدمه، وعلى الرغم من إلحاح بيتروف المتواصل بتزويده بمعلومات وتقارير فنية سرية تتعلق بالطائرة المقاتلةF14، استمر المهندس في تقديم المعلومات العادية الروتينية معللا ذلك بصعوبة الحصول على تلك التقارير في ذلك الوقت، وعندئذ اقترح بيتروف أن يقوم المهندس بتقديم طلب لنقله من مكانه الحالي إلى مكان آخر بمصنع جرومان يتيح له الحصول على معلومات وتقارير هندسية، وأكد أنه مستعد لتعويضه ماديا عن أية خسائر مادية قد تترتب على ذلك.
ونتيجة لإلحاح بيتروف المتواصل قام المهندس وبالتنسيق مع مكتب التحقيقات الفيدرالي بتزويد العميل الروسي بتصاميم ورسوم هندسية لجناح الطائرة المقاتلةF14 على أن يقوم بإعادتها إليه مرة أخرى قبل صبيحة اليوم التالي، وللتغلب على هذه المشكلة قام بيتروف في اللقاء الذي تم في شهر مارس 1971م بإحضار ماكينة تصوير أوراق وكاميرا صغيرة الحجم (35ملم) مجهزة بفيلم يستطيع التقاط72 صورة فوتوغرافية عالية الجودة.
وفي اجتماع شهر يناير 1972م قام بيتروف بإبلاغ المهندس أن عقده مع هيئة الأمم المتحدة سينتهي في أكتوبر أو نوفمبر من نفس السنة، وأن عليه مغادرة نيويورك والعودة إلى روسيا الأمر الذي يتطلب معه تدبير شخص آخر يحل محله في نيويورك.
وبالفعل تم اتخاذ التدابير المناسبة وتبادل كلمات السر حتى يستطيع العميل الجديد التعرف على المهندس ومن ثم البدء في العمل سويا والتخابر لصالح روسيا.
ثم يأتي الاجتماع الخامس عشر والأخير في قضية العميل الروسي بيتروف حيث دارت أحداث اللقاء بأحد المطاعم الواقعة بالقرب من حي باتشوج في 14 فبراير 1972م، وهناك ارتسمت علامات البهجة على وجه بيتروف عندما أخبره المهندس بأن لديه تقارير ومعلومات في غاية السرية تتعلق بمشروع الطائرة المقاتلة F140 واستطرد بيتروف الحديث عن إمكانية استخدام الجهاز اللاسلكي لتبادل الأخبار وتحديد مواعيد اللقاءات الأخرى.
لكن للقدر قول آخر، وحدث مالم يخطر ببال بيتروف، فبعد أن تناولا طعام العشاء وانصرفا سويا من المطعم وصعدا سيارة المهندس التي كانت بانتظارهما، طلب المهندس المقابل المادي ولكن بيتروف أوضح له أن عليه قراءة التقارير أولا قبل تقدير القيمة المالية، وعند ذلك تناول المهندس مغلفا كبيرا يحتوي على تقارير هندسية وفيلم بالإضافة إلى أوراق أخرى تصدرت صفحاتها عبارة «سري للغاية» وقام بتسليمه للعميل الروسي الذي وضعه في حقيبته ثم قام بدوره بإعطائه مغلفا صغيرا وهم بالخروج من السيارة متجها نحو موقف السيارات، وفي هذه اللحظة وبإشارة متفق عليها تمكن أفراد مكتب التحقيقات الفيدرالي من توقيف العميل الروسي والقاء القبض عليه.
وفي صبيحة اليوم التالي تم عرض بيتروف على المحكمة التنفيذية ببروكلين التي أمرت بإخلاء سبيله بكفالة وقدرها 000 ،500 دولار أمريكي تمهيدا لعرضه على المحكمة العسكرية في اليوم التالي مع إحضار مترجم، ومن الطريف أن بيتروف الذي أنكر معرفته للغة الإنجليزية قد عمل كمترجم بهيئة الأمم المتحدة.
تم استدعاء بيتروف وإخلاء سبيله بعد تخفيض الكفالة إلى 000 ،100 دولار أمريكي بعد أن نسبت إليه تهمتي التجسس لصالح دولة أجنبية وانتهاك قانون العملاء الأجانب، وفي 14 أغسطس 1972م وبناء على تعليمات من البيت الأبيض أصدرت وزارة العدل الأمريكية قرارا برفض الدعوى وترحيل بيتروف إلى بلاده وذلك من منطلق حرص الولايات المتحدة الأمريكية على مصالحها القومية وسياستها الخارجية.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|