في كل صحيفة يقتضي من رئيس تحريرها أن يبرز أرقام هاتفه وبريده الإلكتروني وفاكسه في كل عدد يصدر عن الصحيفة، لتمكين القراء من التواصل معه، وإطلاعه على ملاحظاتهم ووجهات نظرهم واقتراحاتهم.
وقد أصبح هذا التقليد ضمن متطلبات أي إصدار صحفي، للوصول إلى معالجة أي خطأ، بتفعيل ملاحظات القراء، وتحويلها إلى برنامج عمل، يقوم على تضييق التباين في القناعات بين ما يراه رئيس التحرير والعاملون معه من جهة، وبين ما يراه قراء الصحيفة من جهة أخرى.
***
وأي إغفال أو إهمال أو تهميش لما يبديه القراء من وجهات نظر لا يخدم مستقبل الصحيفة، ولا يقودها إلى الصفوف الأولى في المنافسة مع زميلاتها من الصحف الأخرى، بل إن ذلك قد يلقي بظلاله على هروب قرائها إلى صحف أخرى.
وما من رئيس تحرير جاد في عمله وحريص على نجاح صحيفته، إلا وكان ضمن اهتماماته العمل على إرضاء القراء الذين من دونهم لا قيمة للصحيفة ولا تأثير لها، وبخاصة حين تكون العلاقة بين الصحيفة والقراء بهذا الحجم من التنافر والتباعد.
***
لكن إبداء الرأي وتقديم المشورة والتعبير عن وجهات النظر لها أصولها وأساليبها وقنواتها والطرق الصحيحة لإيصالها إلى رئيس التحرير ومن يعمل معه من الصحفيين، وإذا لم يلتزم القراء بذلك فإنهم يُسقطون حقهم في التعبير عن وجهات نظرهم، وبالتالي أخذها على مأخذ الجد.
ومن بين قواعد التعبير عن وجهات النظر هذه أن يستخدم كل قارئ عناوين رئيس التحرير المرتبطة بالعمل فقط، وهي الموضحة في كل عدد يصدر عن الصحيفة لإيصال ما يريد أن يبلغ به رئيس التحرير، لأن هذا هو أقصر الطرق للوصول إلى مبتغاه وهدفه.
***
ولا يجوز مهما كانت نوايا المتصل طيبة وسليمة وناصحة ومحبة استخدام هاتف رئيس التحرير المتنقل على مدى ساعات اليوم - ليلاً ونهاراً وفي كل وقت - وإشغاله عن عمله ووقته الخاص بملاحظة تتناوب شريحة من القراء في تكرارها على مسامعه، في حين كان يمكن إرسال هذه الملاحظة مكتوبة إلى الصحيفة مباشرة.
أقول هذا وأنا لا أشك في أن مصدر هذه الاتصالات غَيْرة هؤلاء على صحفهم ومحبتهم للقائمين عليها، غير أن هذا الأسلوب لا يخدم الهدف، وربما تحدث أحدهم في توقيت غير مناسب، فضلاً عن أن المعالجة لأي خطأ لا تتحقق بالضغط على الصحيفة من خلال حشد أكبر عدد من المتصلين، بقدر ما يتم تقدير الملاحظة والاستجابة لها بما تتسم به من موضوعية وتبرير سليم.
***
ومن المؤكد أن أي رئيس تحرير لأي صحيفة لا يضيق بالنقد ولا يتبرم منه، وأن قناعته المؤكدة أن أي نقد إنما هو إحدى أدواته في تطوير الأداء والمستوى في صحيفته، غير أن الاختلاف مع هؤلاء هو في الأسلوب والآلية لإيصاله، وليس في المبدأ الذي هو محل الاحترام.
وباختصار شديد فنحن في صحيفة الجزيرة نريد المزيد من الملاحظات التي تفيدنا في استمرار خطوات التطوير، ولكن باختيار التوقيت المناسب، ووسيلة الاتصال الصحيحة من خلال الصحيفة بعناوينها المعلنة وليس من خلال هاتف المنزل أو الهاتف النقال لرئيس التحرير، وأن تكون الملاحظة لها قيمة، ونعدكم بأننا سوف نستفيد منها.
خالد المالك
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب «2» ثم أرسلها إلى الكود 82244