|
مرور الرياض: من أجل حملة ناجحة!
|
يبذل مرور الرياض جهداً كبيراً للحد من استهتار قائدي المركبات، بمعاقبتهم على السرعة الجنونية التي أصبحت سمة في هذه المدينة المكتظة بالناس والسيارات.
***
كل مداخل الرياض ومخارجها وطرقها السريعة زرع فيها رجال المرور، وأقيمت حولها نقاط تفتيش لإيقاف من تتجاوز سرعته من السائقين على ما هو محدد ومسموح به في هذه الشوارع.
***
وهي نقاط تفتيش متحركة من حيث المكان والزمان بقصد مفاجأة السائقين المستهترين بِمَا لم يتوقعوه، فيما لو أنهم تجاوزوا السرعة المحدّدة المسموح بها لهم، إذ سيكون رجال المرور بانتظارهم مع قسيمة المخالفة.
***
لكن وبعد عدة شهور من هذا الجهد الكبير لم أرَ إقلاعاً عن السرعة أو تهدئة لها من لدن السائقين، ربما لأن مبلغ الغرامة لا يساوي شيئاً أمام رغبة هؤلاء في قيادة مركباتهم بتهوّر وجنون.
***
ولهذا، فقد يكون من الأفضل أن تكون الغرامة المالية تصاعدية تتناسب مع تكرار المخالفة، وقد يكون ضرورياً أن تنتهي الغرامات المالية وتتوقف عند عدد محدد من المخالفات، بحيث يستعاض عنها بأخذ قائد المركبة إلى غرف الإيقاف، مع سحب رخصة القيادة منه إذا لم يرتدع بعد ذلك، وبالتالي منعه لبعض الوقت من حقه في قيادة سيارته.
***
هناك مخالفات مرورية كثيرة ومتنوِّعة، والتركيز على المحاسبة عن السرعة - مع أهميتها - لا يكفي، إذ لا بد من النظر أيضاً وبجدية للمخالفات الأخرى، وبينها تجاوز إشارات المرور وهي حمراء، وهذه في نمو وازدياد كما هو ملحوظ، وتحتاج هي الأخرى إلى عقوبات صارمة، وقبل ذلك إلى متابعات دقيقة.
***
ولا ننسى أولئك الذين يقودون سياراتهم في اتجاه معاكس، أو يخترقون انسياب حركة السيارات في الطرق السريعة بالانتقال من اليسار إلى اليمين ثم العودة من اليمين إلى اليسار في مشهد يتكرَّر أكثر من مرة ومن أكثر من سائق في شارع واحد وزمن واحد.
***
إنها مسؤولية كبيرة، أعرف أن رجل المرور وحده دون مساعدة السائقين لا يمكن أن يضبط حركة السير، وليس بمقدوره أن يحد أو يلغي الحوادث المرورية الدامية، وإنه بحاجة إلى تعاون الناس معه ومساعدته على أداء واجبه ومهمته.
***
لكني أعرف أيضاً أن الاستهتار بالتعليمات والأنظمة من قبل السائقين ربما كان مرده إلى المرونة والتسامح من أجهزة المرور مع مَنْ يخالف النظام، بسبب بعض الشفاعات التي قد يكون مقبولاً الاستجابة لها حين لا تكون لأشخاص هم دائماً ضيوف لدى أمكنة الإيقاف في مرور الرياض.
***
لهذا، رأيت أن أطلع مدير مرور الرياض العقيد عبد الرحمن المقبل على بعض ما اعتقدت أهميته من ملاحظات وانطباعات عن حالة المرور في الرياض، وأن أذكِّره بأن الحملة التي يقوم بها مرور الرياض يجب أن تستمر.
***
ولعله يفكر في تفعيل دور رجالات المرور الذين يتولون ضبط المخالفات بسيارات مدنية تجوب شوارع الرياض بزيادة عددهم، وزيادة المساحة التي يتحركون فيها مع زيادة ساعات التغطية المرورية من أجل هذا الغرض، وذلك للتعرّف أكثر على المخالفين الأكثر خطورة؛ وأعني بهم مَنْ يتجاوزون إشارات المرور وهي حمراء، أو يأخذون خط سير معاكساً، أو مَنْ يضايقون سيارات الغير التي تسير أمامهم ملتزمين بحدود السرعة المسموح بها، بينما هم يريدون منها أن تتجاوز ذلك أو تفتح الطريق لهم ليمارسوا استهتارهم، وإن لم تفعل ذلك فقد يتعرض هذا السائق الملتزم بالنظام من سائق متهور وضع صدام سيارته بمحاذاة سيارة الملتزم بنظام المرور وربما الاحتكاك بها، وتعريض نفسه وغيره للخطر.
خالد المالك
|
|
|
مصانع تنكزار سفوك
|
يوم ولادتها انفجرت البراكين وتحولت العلاقات الاجتماعية وتغيرت علاقة الأب بابنه والأم بطفلها وتغيرت العلاقات الدولية ومهدت الشوارع واختلفت هندسة المباني والمدن فكان التحول الكبير وكان الفيضان الجارف يزيل كل قديم بال وكل متخلف ومعاق، لم يعد للمنجل دور ولم يعد لسنابل الفلاح وحطبه قيمة...
دخلت في كل شيء فنفخت في الاقتصاد والسياسة وصنعت ما عجز عنه البشر لزمن طويل، صنعت كل شي للخير والشر، للدفاع والهجوم للأكل والمرعى، للشرب والمأوى، لم تبخل على المجتمعات بشيء، فلا تمل آلاتها من العطاء، وتضخ في خلايا المجتمعات أسباب العيش، فيسود من يمتلكها ويتخلف من يفتقدها أو قد يزول لاحقاً من لم يشم أحياءها، رائحة الكربون ونسمة الزيوت المهدرجة، فصحيح أنها تؤذي الرئة لكنها تنعش الأفئدة وتولد الرفاهية...
عرفت قيمتها الدول المتحضرة فجلبوها من كل حدب وصوب ونشروها في كل مكان ومجال، وأتقنوا تدويرها فأعطتهم الكثير ولم تأخذ منهم إلا القليل، تفتحت بين آلاتها مواهب شبابها وتنعمت من خيراتها شيوخهم وتقوت سواعد جنودهم... ولم يدرك بعض المجتمعات فضائلها فباتت تأخذ من هنا وتشحذ من هناك، تستورد الفضلات وتأخذ بأغلى الأثمان ما ينتج هناك بأقلها.
لكن آلات المصانع تحس بالسعادة وهي تعمل في مجتمع دون آخر، ففي بعضها يتقن الكوادر إدارتها وصيانتها والعناية بها فهي طفلها المدلل، ولما لا فقد نقلت أبناءهم إلى عالم آخر فيه الرفاه وفيه السؤدد، محركاتها ومفاصلها تعمل بنشاط، يديرها فنيون وماهرون جهابذة ومبدعون.
وفي مجتمعات أخرى أكل الصدأ جلدها وسيبدأ في الأحشاء قريباً، وتراكم الغبار والأتربة على أوعيتها ومداخلها ومخارجها، وإذا ما عملت بعضها فالقدر مكتوب لها أن تعيش لحين ثم تتعطل، قطعها غالية واستيرادها أغلى ومديروها غافلون ومصنعوها غائبون، الكل يقهر من عملها ويتمنى أن يعود الزمن القديم يوم لم تكن هناك آلة ولا صاروخ، ليبدع هو في الحرفة والحياكة وليثبت لمنافسه جدارة الأنامل والعضلات وأفعالها أمام الفكر والإبداع، لكن الزمن لن يعود إلى الوراء، وسيبقى المصنع يدور العجلة ويرفع ما يريد ويسقط كل عتيق عنيد.
tengeza@hotmail.com
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|