|
مرور الرياض: من أجل حملة ناجحة!
|
يبذل مرور الرياض جهداً كبيراً للحد من استهتار قائدي المركبات، بمعاقبتهم على السرعة الجنونية التي أصبحت سمة في هذه المدينة المكتظة بالناس والسيارات.
***
كل مداخل الرياض ومخارجها وطرقها السريعة زرع فيها رجال المرور، وأقيمت حولها نقاط تفتيش لإيقاف من تتجاوز سرعته من السائقين على ما هو محدد ومسموح به في هذه الشوارع.
***
وهي نقاط تفتيش متحركة من حيث المكان والزمان بقصد مفاجأة السائقين المستهترين بِمَا لم يتوقعوه، فيما لو أنهم تجاوزوا السرعة المحدّدة المسموح بها لهم، إذ سيكون رجال المرور بانتظارهم مع قسيمة المخالفة.
***
لكن وبعد عدة شهور من هذا الجهد الكبير لم أرَ إقلاعاً عن السرعة أو تهدئة لها من لدن السائقين، ربما لأن مبلغ الغرامة لا يساوي شيئاً أمام رغبة هؤلاء في قيادة مركباتهم بتهوّر وجنون.
***
ولهذا، فقد يكون من الأفضل أن تكون الغرامة المالية تصاعدية تتناسب مع تكرار المخالفة، وقد يكون ضرورياً أن تنتهي الغرامات المالية وتتوقف عند عدد محدد من المخالفات، بحيث يستعاض عنها بأخذ قائد المركبة إلى غرف الإيقاف، مع سحب رخصة القيادة منه إذا لم يرتدع بعد ذلك، وبالتالي منعه لبعض الوقت من حقه في قيادة سيارته.
***
هناك مخالفات مرورية كثيرة ومتنوِّعة، والتركيز على المحاسبة عن السرعة - مع أهميتها - لا يكفي، إذ لا بد من النظر أيضاً وبجدية للمخالفات الأخرى، وبينها تجاوز إشارات المرور وهي حمراء، وهذه في نمو وازدياد كما هو ملحوظ، وتحتاج هي الأخرى إلى عقوبات صارمة، وقبل ذلك إلى متابعات دقيقة.
***
ولا ننسى أولئك الذين يقودون سياراتهم في اتجاه معاكس، أو يخترقون انسياب حركة السيارات في الطرق السريعة بالانتقال من اليسار إلى اليمين ثم العودة من اليمين إلى اليسار في مشهد يتكرَّر أكثر من مرة ومن أكثر من سائق في شارع واحد وزمن واحد.
***
إنها مسؤولية كبيرة، أعرف أن رجل المرور وحده دون مساعدة السائقين لا يمكن أن يضبط حركة السير، وليس بمقدوره أن يحد أو يلغي الحوادث المرورية الدامية، وإنه بحاجة إلى تعاون الناس معه ومساعدته على أداء واجبه ومهمته.
***
لكني أعرف أيضاً أن الاستهتار بالتعليمات والأنظمة من قبل السائقين ربما كان مرده إلى المرونة والتسامح من أجهزة المرور مع مَنْ يخالف النظام، بسبب بعض الشفاعات التي قد يكون مقبولاً الاستجابة لها حين لا تكون لأشخاص هم دائماً ضيوف لدى أمكنة الإيقاف في مرور الرياض.
***
لهذا، رأيت أن أطلع مدير مرور الرياض العقيد عبد الرحمن المقبل على بعض ما اعتقدت أهميته من ملاحظات وانطباعات عن حالة المرور في الرياض، وأن أذكِّره بأن الحملة التي يقوم بها مرور الرياض يجب أن تستمر.
***
ولعله يفكر في تفعيل دور رجالات المرور الذين يتولون ضبط المخالفات بسيارات مدنية تجوب شوارع الرياض بزيادة عددهم، وزيادة المساحة التي يتحركون فيها مع زيادة ساعات التغطية المرورية من أجل هذا الغرض، وذلك للتعرّف أكثر على المخالفين الأكثر خطورة؛ وأعني بهم مَنْ يتجاوزون إشارات المرور وهي حمراء، أو يأخذون خط سير معاكساً، أو مَنْ يضايقون سيارات الغير التي تسير أمامهم ملتزمين بحدود السرعة المسموح بها، بينما هم يريدون منها أن تتجاوز ذلك أو تفتح الطريق لهم ليمارسوا استهتارهم، وإن لم تفعل ذلك فقد يتعرض هذا السائق الملتزم بالنظام من سائق متهور وضع صدام سيارته بمحاذاة سيارة الملتزم بنظام المرور وربما الاحتكاك بها، وتعريض نفسه وغيره للخطر.
خالد المالك
|
|
|
خبير أمريكي في شؤون الشرق الأوسط محذراً: حصار حماس فكرة كارثية لن تضر سوى الولايات المتحدة!
|
* إعداد - أشرف البربري
رغم مرور ما يقرب من شهرين على الانتخابات التشريعية الفلسطينية التي انتهت بالفوز المدوي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) ما زالت دوائر صنع القرار ومراكز البحث في واشنطن وغيرها من عواصم العالم تبحث عن تصورات للمستقبل وتفسيرات لهذه النتائج.
وقد نشر موقع مجلس الشؤون الخارجية الأمريكي حوارا مطولا مع دانيال برومبرج الخبير في شؤون الحركات الديمقراطية بالشرق الأوسط والمستشار السياسي للمعهد الأمريكي للسلام الدولي تناول فيه كل ما يتعلق بفوز حركة حماس من دلالات وتفسيرات وتوقعات.
وفي هذا الحوار يقول برومبرج إن فوز حركة حماس في الانتخابات الفلسطينية يكشف بوضوح عن الفراغ السياسي في المناطق الفلسطينية المحتلة وغياب البديل الثالث بين كل من المعارضة الإسلامية ممثلة في حماس والعلمانية الحاكمة ممثلة في حركة فتح.
وأشار إلى أن هذا الوضع يعد مشكلة حقيقية في فلسطين وفي المنطقة بشكل عام حيث يغيب البديل الثالث ما بين حكومات سيئة السمعة ومعارضة إسلامية.
وأشار الرجل في حواره إلى أنه لا يعتقد أن إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش قد توصلت إلى قرار بشأن سبل مواجهة مشكلة المساعدات الاقتصادية للفلسطينيين بعد تولي حماس الحكم موضحا ان هذه القضية تحتاج إلى تفكير عميق بهدف الوصول إلى أسلوب متوازن وفعال.
وربما بدا الأمر وكأن واشنطن أصبحت أمام دواء مر لا تريد ابتلاعه لكنها مضطرة لذلك.
والقول بأن الإدارة الأمريكية قادرة على معالجة الموقف الجديد في السلطة الفلسطينية من خلال جعل نجاح حكومة حماس في إدارة المناطق الفلسطينية مستحيلا بحيث تضطر في النهاية إلى رفع الراية البيضاء ينطوي على خطأ استراتيجي كبير.
فما أن تقرر الولايات المتحدة والدول الغربية وقف تقديم المساعدات الاقتصادية للفلسطينيين ستسارع إيران لتقديم شيك على بياض لحركة حماس وستكون واشنطن في هذه الحالة كما أطلقت النار على نفسها.
وفيما يلي نص الحوار الذي أجراه مستشار تحرير الموقع برنارد جورتسمان:
* الجميع ما زال مهتما بما يحدث في المناطق الفلسطينية وقد فازت حماس بأغلبية مقاعد المجلس التشريحي الجديد رغم أنها لم تحقق الأغلبية المطلقة في التصويت الشعبي حيث لم تتجاوز نسبة الأصوات الإجمالية التي حصلت عليها 45 في المائة تقريبا وهو أقل مما حصلت عليه حركة فتح. فما دلالة ما حدث في المناطق الفلسطينية بالنسبة لقضية الديمقراطية في العالم العربي؟
- برومبرج: نتائج الانتخابات الفلسطينية تقول لنا إن الإسلاميين لم يفوزوا لأنهم يمثلون الأغلبية ولكن لأن الإسلاميين أكثر تنظيما وانضباطا من الأحزاب الحاكمة التي تعاني الانقسامات التي ارتبطت بالحكومات وهي أيضا سيئة السمعة.
وأنا أعتقد أن غياب المنافسة الفعالة وانتشار المشكلات الاقتصادية والاجتماعية بالإضافة إلى ضعف النظام الانتخابي هي التي أدت إلى تحقيق جماعة لا تحظى بالأغلبية الحقيقية في الشارع للفوز بأغلبية مقاعد البرلمان.
والمشكلة من وجهة نظري هي أنه إذا حاولت حركة المقاومة الإسلامية تنفيذ ميثاقها الأساسي وإقامة دولة دينية فسوف تجد نفسها معزولة ومحاصرة حتى من جانب الفلسطينيين لأن قطاعاً كبيراً من الفلسطينيين لا يؤيدون هذا الميثاق. وهذا بالطبع يختلف عن موضوع التعامل مع إسرائيل.
وعندما نتحدث عن قضية المليشيات المسلحة فإننا يجب أن نتذكر حقيقة أن حماس لها جناحها العسكري وكذلك حركة فتح أيضا وبالتالي فإن احتمالات نشوب صراع حقيقي بين الحركتين يظل قائما، بل إن قيام حرب أهلية في فلسطين على غرار الحرب الأهلية في لبنان يظل قائما إذا لم تتوصل فتح وحماس إلى طريقة سياسية لإدارة الصراع بينهما، لذلك فأنا أعتقد أنه لدينا مشكلة حقيقية بالنسبة لهذه القضية، فقيام حرب أهلية بين الفلسطينيين لا يخدم المصالح الأمريكية ولا حتى المصالح الفلسطينية، والمفارقة أن هذه المشكلة على وجه التحديد ليست أكثر من صورة للمشكلة الأكبر على مستوى المنطقة العربية كلها. فهناك حالة من الاستقطاب السياسي في الدول العربية بشكل عام ما بين معسكر الإسلاميين ومعسكر الأحزاب الحكومية مع غياب تام للصوت الثالث أو البديل الثالث.
ضربة لخطط بوش
* عندما تحدثنا معا في نوفمبر2003 كان الرئيس بوش قد أدلى بخطاب عن الديمقراطية والحرية في الشرق الأوسط وأعاد هذا الكلام في خطاب تنصيبه رئيسا للولايات المتحدة لفترة ثانية في يناير 2005م وبعض الناس يقولون إن فوز حماس في الانتخابات بعد ذلك مباشرة يشكل ضربة لخطط بوش لنشر الديمقراطية في هذه المنطقة فكيف تفسر هذه القضية؟
- برومبرج: حسنا، بداية أود التأكيد على أنني لست من مؤيدي سياسات الرئيس بوش ورغم ذلك فأنا اعتقد أنه سيكون من الخطأ القول إن الانتخابات الفلسطينية نفسها تظهر حماقة الدعم الأمريكي للديمقراطية في الشرق الأوسط. فقبل كل شيء يجب التأكيد على أن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ذو طبيعة فريدة ونظرا لفشل عملية السلام فإن الناخبين الفلسطينيين صوتوا لصالح حماس. وربما لم تكن حماس لتحقق وجودا كبيرا لو كانت هناك عملية سلام ناجحة.
علاوة على ذلك فإن عواقب القول بأن دعم الديمقراطية في الشرق الأوسط عملية فاشلة ستكون إما الإبقاء على الأوضاع الراهنة في هذه المنطقة على ما هي عليه أو - وهو الأشد خطورة - الانقلاب على نتائج الانتخابات الفلسطينية والإطاحة بحركة حماس وهو ما يعني عدم وجود حكومة تحظى بالشرعية لعشرات السنوات المقبلة لذلك أنا أعتقد أن القول إن نتائج الانتخابات الفلسطينية تشير إلى عدم شرعية فكرة عدم الديمقراطية في الشرق الأوسط هو قول غير أمين وخطير في الوقت نفسه.
فالظروف سيئة جدا في الحالة الفلسطينية ولا يجب القياس عليها، واعتقد أن تغيير النظام الانتخابي في فلسطين بحيث يتم الاعتماد على نظام القائمة النسبية سوف يحد كثيرا من نفوذ حركة حماس، فقد أظهرت النتائج أن حماس حصلت على عدد كبير من مقاعد الدوائر الفردية لأن الانتخابات في هذه الدوائر تعتمد على القدرة على التنظيم والحشد أكثر مما تعتمد على الشعبية. ثم إن هناك قضية أخرى وهي ضرورة قيام الولايات المتحدة بدعم الأحزاب السياسية غير الإسلامية في الشرق الأوسط.
الحقيقة أن تخصيص20 في المائة فقط من ميزانية المعهد الوطني للديمقراطية وهو منظمة أمريكية تهدف إلى نشر الديمقراطية في الشرق الأوسط بشكل خاص لدعم الأحزاب السياسية هو كارثة بكل المقاييس، فنحن لا نجد في الدول العربية حتى الآن أي أحزاب سياسية فعالة بجانب الأحزاب الإسلامية رغم أن الأحزاب الإسلامية لا تتمتع بدعم الأغلبية في كل الأحوال. وهنا يظهر تناقض واضح ورئيس وفي الوقت نفسه يشير إلى وجود فجوة في النظام السياسي بهذه المنطقة يعطي أملا كبيرا في ظهور أحزاب سياسية علمانية وليبرالية توفر البديل الثالث لشعوب تلك الدول التي تجد نفسها بين مطرقة الحكومات وسندان الأحزاب.
أصوات مختلفة
* اعتقد أن السياسة الأمريكية في هذه اللحظة تستند إلى الأمل في أن تغير حركة حماس موقفها تجاه إسرائيل، ولكن ألا ترى أن هذا الأمر ينطوي على قدر من الغموض في البداية؟
- برومبرج: المشكلة الحقيقية من وجهة نظري هي أننا نتلقى من واشنطن أصواتا مختلفة وإشارات متباينة وهو أمر ليس بغريب على واشنطن، فهناك دائما إشارات مختلفة وربما متناقضة وهناك مراكز متعددة لصناعة القرار من وزارة الخارجية إلى البيت الأبيض إلى الكونجرس، بل هناك أجنحة متصارعة داخل وزارة الخارجية نفسها، وبالتالي فإنه من غير الواضح تماما حتى الآن ما يمكن أن نسميه سياسة أمريكية ملموسة تجاه حركة حماس، ولكن وجهة نظري الشخصية هي ضرورة تشجيع حركة حماس على قبول إسرائيل والاعتراف بالاتفاقيات التي وقعتها السلطة الفلسطينية من قبل، وفي الوقت نفسه علينا ألا نلجأ إلى سياسة قطع المساعدات عن الفلسطينيين لأن هذا سوف يؤدي إلى تدهور الوضع بصورة أكبر وسوف تفيد حماس نفسها أكثر مما تضرها. لذلك فصياغة سياسة فعالة ومثمرة للتعامل مع حركة حماس تحتاج إلى تفكير عميق وإلى قدر كبير من التوازن والهدوء، وربما يحتاج أن يتناول الأمريكيون دواء لم يكونوا يفضلون تناوله.
أما فكرة معالجة الموقف من خلال حصار حماس والفلسطينيين وجعل استمرارها في السلطة أمرا مستحيلا فإنها فكرة كارثية لن تضر سوى الولايات المتحدة، فهي من ناحية سوف تبدد مصداقية الإدارة الأمريكية باعتبارها راعية للديمقراطية حيث سينظر إلى موقفها باعتباره عقابا للشعب الفلسطيني على خياراته الديمقراطية في الوقت نفسه فإن قطع المساعدات الاقتصادية الدولية عن الفلسطينيين يحتاج إلى معالجة دقيقة فحتى قرار إسرائيل وقف تحويل المستحقات المالية للفلسطينيين إلى السلطة بعد فوز حماس ليس سوى قرار مرحلي مرتبط بالانتخابات الإسرائيلية المقرر إجراؤها أواخر الشهر الحالي.
جولة رايس
* أنهت وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس جولة في الدول العربية بهدف إقناعها بعدم تقديم أي أموال لحركة حماس حتى تغير سياساتها فما هو تعليقك؟
- برومبرج: اعتقد أن مهمة رايس في مصر كانت أسهل، فربما يبدي المصريون قدرا أكبر من التعاطف مع المطالب الأمريكية لأن موقفهم المعلن هو ضرورة اعتراف حماس بالاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل والوفاء بأي التزامات على الجانب الفلسطيني قبل الانتخابات. ولكنني أعتقد أنه لو حاولت الولايات المتحدة الضغط على الدول العربية بطريقة علنية وفجة من أجل منع المساعدات عن الفلسطينيين فإن الكثير من أصدقاء أمريكا في المنطقة العربية لن يقبلوا بهذا الموقف الأمريكي.
واعتقد أن المطلوب بذل قدر أكبر من الجهد من أجل التوصل إلى قناة تضمن وصول الأموال إلى المؤسسات التي تخدم الشعب الفلسطيني وفي الوقت نفسه لا تمثل حركة حماس مع الاعتراف بأن حماس مازالت هي الحكومة المنتخبة بطريقة ديمقراطية نزيهة. وأنا شخصيا لست متأكدا من طبيعة هذه الطريقة ولكنني على كل الأحوال اعتقد انه إذا تعاملت الولايات المتحدة مع الفلسطينيين وأصدقائها العرب بهذه الغطرسة التي يطالب بها البعض في واشنطن فستكون النتيجة سيئة جدا بالنسبة للمصالح الأمريكية.
ملف إيران النووي
* دعنا ننتقل إلى قليلا إلى إيران التي كتبت عنها كثيرا هل تتوقع التوصل إلى اتفاق بشأن الملف النووي الإيراني؟
- برومبرج: أشك في ذلك فأنا اعتقد أن الإيرانيين متمسكون ببرنامجهم النووي. واعتقد أن الأمر يتعلق بالكرامة الوطنية بالنسبة لهم وأصبح من الصعب جدا بالنسبة للإيرانيين أن يروا أنفسهم وقد تراجعوا عن الطريق الذي ربما ليس من الضروري أن يسيروا فيه واعتقد أنه من الصعب تصديق ما يقوله الإيرانيون عن الطبيعة السلمية لبرنامجهم النووي. بل إنه لا يمكن حتى لخبير غير متخصص في الملف الإيراني أن يصدق ما يقوله الإيرانيون. واعتقد أن الإيرانيين مصرون على المضي قدما في هذا الطريق والمشكلة بالنسبة للغرب تكمن في أن العقوبات التي قد تفرض على إيران ربما لن تؤدي إلى النتائج المرغوبة. بل إن الأمر سيزداد صعوبة بالنسبة للغرب إذا كانت العقوبات تهدف إلى منع إيران من تصدير نفطها وهو أمر لن تقبل به الأسواق الدولية في اللحظة الراهنة في ظل الارتفاع القياسي لأسعار هذه السلعة الاستراتيجية. كما أن توجيه ضربة عسكرية إلى إيران يمكن أن يبطئ البرنامج النووي الإيراني دون أن يوقفه تماما لوجود عدد كبير من المنشآت النووية الإيرانية التي لا يعرف عنها الغرب شيئا. لذلك فإنني اعتقد أن الواقع على المدى الطويل يفرض علينا ضرورة التعايش مع دولة إيرانية لم تدخل رسميا النادي النووي ولم تمتلك أسلحة هجومية ولكنها تمتلك القدرة على الانتقال إلى هذه المرحلة بسرعة وبدرجة كبيرة من الغموض في الوقت نفسه.
وعلينا فقط أن نتعلم كيفية التعايش مع هذا الغموض لأن الوقت أو الفرصة لمنع البرنامج النووي الإيراني من التحول إلى سلاح نووي قد فاتت بالفعل.
معركة خاسرة
* قبل أيام أعلنت كونداليزا رايس عن نوع من برامج التبادل الثقافي مع الإيرانيين ولكن لم يبد الإيرانيون اهتماما كبيرا بهذا العرض فما هو تعليقك؟
- برومبرج: حسنا، أعتقد أن إعلان كونداليزا رايس عن تخصيص 75 مليون دولار لبرامج التواصل الثقافي مع الإيرانيين هو أمر مثير جدا، فهذا الإعلان يشير إلى حقيقة مهمة ربما لم تكن ملحوظة لأسباب مفهومة في طهران. وهذه الحقيقة هي أن دعاة تغيير نظام الحكم الإيراني في واشنطن قد خسروا معركتهم، فمحتوى البرنامج الذي أعلنته رايس هو محاولة لدمقرطة المجتمع الإيراني على المدى الطويل وليس تغيير نظام الحكم والحقيقة أنني سواء اتفقت مع رايس أو عارضتها فإن التواصل والتبادل وتمرير الدعم إلى العمل السياسي في إطار عملية طويلة المدى للاندماج مع قطاع سياسي واجتماعي معين سيكون أمرا مفيدا على المدى الطويل حيث سيكون في مقدور واشنطن عندما تحين اللحظة المناسبة أن تؤثر في المشهد السياسي الداخلي في إيران، ليس هذا فحسب بل إن هذا القطاع السياسي والاجتماعي من الإيرانيين يمكن أن ينمي قوته ووجوده داخل المشهد الإيراني وصولا إلى تحقيق الانتخابات الديمقراطية المطلوبة وهذا ما يجعلني أؤكد أن دعاة تغيير نظام الحكم الإيراني في واشنطن قد خسروا معركتهم واعتقد أن سياسة رايس الحالية هي انعكاس لتيار الواقعية الجديدة في السياسة الخارجية الأمريكية التي تنطلق من الإيمان بضرورة التعامل مع إيران كما هي وبذل الجهود من أجل التوصل إلى اتفاق مع أوروبا بشأن أفضل السبل للتعامل مع إيران وملفها النووي على وجه التحديد. وهذه الاستراتيجية الجديدة تختلف تماما عن تلك الاستراتيجية التي كانت تتبناها إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش في السنوات السابقة، واعتقد أن رايس توصلت إلى هذه السياسة الجديدة من خلال رصد التيار العام داخل منظمات أمريكية مثل المعهد الوطني للديمقراطية وغيره من المؤسسات الداعمة للحركات الديمقراطية في العالم، والحقيقة أن السياسة الأمريكية تجاه إيران اصطدمت بحقيقة تقول إنه لكي تحقق انفراجا مع في العلاقات مع أي دولة لابد من وجود هذه العلاقات من البداية، وأنت لا تستطيع القضاء على التوتر في علاقة ما دون وجود الحد الأدنى من الأساس الذي تبدأ منه هذه العلاقة.
استفزاز إيران
* إن هذا يؤدي بنا إلى نوع من التناقض فبرنامج الإدارة الأمريكية استفز إيران بإعلانه إنه يهدف إلى دمقرطة المجتمع الإيراني وكأن المطلوب من الحكم في إيران أن يرسل أعدادا كبيرة من شباب بلاده إلى واشنطن لتحقيق أهداف أمريكية ليست بالضرورة هي أهداف الحكم في طهران؟
- برومبرج: اتفق معك جزئيا ورغم ذلك فإن إعلان رايس يشير إلى استعداد واشنطن إلى تبني منهج أكثر تراكمية من أجل الوصول إلى الديمقراطية في إيران ولكن تتبقى حقيقة أن الإدارة الأمريكية ما زالت تفتقد إلى البنية الأساسية لتحقيق هذا الهدف في الوقت الراهن.
في الوقت نفسه فإن على صناع القرار في واشنطن إدراك أن نجاح مثل هذا البرنامج يحتاج في البداية إلى إقامة علاقات مع إيران والاعتراف بحكومتها والاعتراف بأن واشنطن لا تستطيع إقامة تلك العلاقة التي ربطت واشنطن وطهران في عهد حكم الشاه مرة أخرى في ظل حكومة الجمهورية الإسلامية.
نجاد والعرض الأمريكي
* ألا تعتقد أن الرئيس الإيراني أحمدي نجاد سيكون مهتما بهذا العرض الأمريكي؟
- برومبرج: لا اعتقد أن العرض الأمريكي يمكن أن يثير اهتمام الرئيس الإيراني فهو رجل ملتزم بأجندة محددة فهو يمثل منهج الزعيم الروحي للثورة الإيرانية الراحل آية الله الخميني تجاه الولايات المتحدة ولكن هناك جناح برجماتي في التيار المحافظ الذي يقبض على السلطة في إيران الآن، وهذا الجناح يميل إلى التفاوض مع واشنطن وأن ينسب إليه فضل أي مفاوضات معها تسمح لإيران بإعادة بناء علاقاتها بشروط تكون مقبولة من النخبة المفكرة في السياسة الخارجية الإيرانية ولكن المشكلة أن هذه النخبة لم تعد تحتل مراكز صناعة القرار في السياسة الخارجية الإيرانية الآن فقد وضع نجاد الكثير من الشخصيات الموالية له ولأفكاره في تلك المراكز ولذلك اعتقد أنه لا توجد على الأقل الآن فرصة حقيقية لتحقيق اتصال فعال مع الحكومة الإيرانية.
* هل تتوقع أن يدعم نجاد حركة حماس في فلسطين؟
- برومبرج: يمكن أن يحدث هذا إذا قررت الدول الغربية قطع كل المساعدات عن الفلسطينيين، ففي هذه الحالة سوف تقدم إيران لحكومة حماس كل ما تريده. وهذا سبب آخر يدعونا إلى التفكير بعمق في أسلوب التعامل مع الواقع السياسي الجديد في المناطق الفلسطينية.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|