|
الفضائيات العربية إلى أين؟!
|
أصبح إطلاق قناة فضائية غاية في البساطة في ظل التقدم الهائل الذي تقوده ثورة الاتصالات..
ولم تعدْ التكاليفُ محبطةً لِمَنْ يقوده الاهتمام لتبني قناة تُخاطب العالم طالما اقتصر ذلك على ميزانية متواضعة ومحدودة.
***
ولهذا لم تعدْ الخيارات أمام المشاهد محدودة بعدد قليل من الفضائيات..
وإنما أصبح في حيرة مع تكاثر القنوات الفضائية وتنوع اهتماماتها..
بحيث يحتار أي من القنوات عليه أن يشاهدها، ومن أين له ذلك الوقت الذي يسمح له بمشاهدة عدد من الفضائيات..
***
لكن أكثر ما يشغل بال المرء..
ويثير هواجسه..
وتخوفه مما يشاهده عبر هذه القنوات..
أنَّ أكثر هذه الفضائيات أصبحت تشكل ظاهرة سلبية على تفكير المشاهد بما تعرضه من حوارات وصور ومواضيع متنوعة.
***
وما هو واضح لي أن الفضائيات العربية هي الأكثر والأسرع في الانتشار..
وهي موجهة لكل الفئات العمرية..
وتحمل الغث والسمين فيما تقدمه لمشاهديها..
وعبثاً تحاول المحطات المخلصة لرسالتها أن تزاحم وتكسب المشاهد على حساب القنوات التي تدغدغ عواطف الشباب.
***
هناك قضايا عربية كثيرة تحتاج إلى إعلام قوي..
وإلى طروحات موضوعية تُناقش همومنا للوصول إلى نتائج تخدم مثل هذه القضايا..
ومثل ذلك لا تقوم به ولا تقوم عليه إلا وسيلة إعلامية ناجحة، وقادرة على انتقاء القدرات المتمكنة للحديث عنها.
***
ولكن أين هذه القدرات؟..
وأين هذه القنوات؟..
وأين هذا المشاهد الذي ينحاز وينصرف لهذا النوع من الفضائيات ويتفاعل مع ما يُعرض فيها؟.
***
لقد تحولت الفضائيات في أغلبها إلى تجارة رابحة..
يسعى أصحابها إلى كسب المُعْلِن والمُشَاهِد بأي وسيلة كانت..
ولا يهمه بعد ذلك دوره ومسؤوليته في خدمة قضايا أمته والدفاع عنها.
***
ولعله من المناسب أن نشير إلى أن ازدحام الشاشة التلفازية بكل هذا العدد من الفضائيات العربية قد ساهم في بعثرة الجهود..
بل وفي (سلق) المواد الإعلامية التي تُقدم للمشاهدين، بحيث أصبحت المنوعات والأغاني ورسائل العشاق هي البديل للدفاع عن قضايا الأمة ومستقبلها.
***
نقول ذلك، ونحن نعلم جيداً بأنه لا توجد طريقة لضبط ما أَشرنا إليه إلا حين تتحرك ضمائر أصحابها..
لأن مثل هذه الفضائيات تأخذ تراخيصها من دول يوجد فيها فسحة من التسامح والحرية المطلقة لبث ما تريده من مواد.
***
لكن الأمل يحدونا بأن تكون المرحلة القادمة مهيأة لتعديل هذا الوضع المائل..
ليس هذا فقط، وإنما أيضاً في تصفية المحطات غير المفيدة للمشاهدين..
وبأن تخضع أي محطة جديدة سوف يتبناها أي من أبناء العروبة إلى دراسة مكثفة، وإلى جهد كبير يسبق إطلالتها، حتى تستفيد منها الأمة، ويستمتع المشاهد بمتابعته لها.
خالد المالك
|
|
| width="68%" valign="top" align="center" dir="rtl">
رسم صورته الفراعنة على جدران معابدهم العود.. آلة موسيقية قهرت الزمن!
|
* القاهرة / تحقيق ولاء حمادة
العود.. كبير العائلة التي تضم (الجيتار) و(المندولين) يعد الآلة الموسيقية الأكثر دلالاً في الموسيقى الشرقية ويكتسب شرعية خاصة في التخت الشرقي، وقد رسم صورته الفراعنة على جدران معابدهم في طيبة القديمة، ودندن به أشهر المطربين، فاكتسبوا بدورهم شرعية الوجود والبقاء في دنيا الألحان المزدحمة بالأصيل والوافد.
والعود إن حكى، نطق دررا، وإذا سكت فإن صمته بلاغة، وربما كان هذا الصمت احتجاجاً على الضجيج الذي سببته آلات مستوردة من وراء البحار فأحالت ليلنا نهاراً، وهربت النجوم كالبشر الفارين من الطاعون.
هو آلة الطرب إن حانت لحظة الطرب، وهو الوالد لمواليد تحمل اسماء أخرى: (البزق) و(الجيتار) و(المندولين) وهو كبير العائلة، والمعلم الذي بدونه يصبح أي ملحن مجرد صخب، وبه يكتسب اللحن الشرقي سمته الأساسية، ربع التون الذي يميز الموسيقى الشرقية عن غيرها من موسيقات العالم.
وللعود تاريخ، فهو أبن أصيل، أو هكذا حكت الحفريات التي عثر عليها في مدافن طيبة أوائل هذا القرن، وآلة العود الفرعونية ما زالت موجودة في المتحف المصري ببرلين، رفيعة المقام لها تقدير واحترام، لأنها شاهد على حضارة المصريين في الزمن الذي كان، أي وقت أن كانت أوروبا تعيش في الأساطير والظلمات.
والعود ليس أغنية قديمة على إيقاع فرعوني، وإنما أغنية سرمدية تبحر في الزمن، كلما اقترب الناس من اللحن الأصيل.
وإذا كانت صناعات كثيرة لم تقو على تحدي الزمن، فإن صناعة العود ما زالت تجذب إليها أجيالاً وراء أجيال دون أن تفقد بريقها، والدليل في شارع محمد علي.
كان يا ما كان
مازال شارع محمد علي أو شارع الفن الأسبق بالقاهرة رغم أفول نجمه معقلاً لصناعة العود، وما زالت بعض دكاكين هذه الصناعة تقف شاهدة على تاريخ الفن في هذا الشارع الذي تخرج منه أساتذة الغناء والتمثيل مثل: إسماعيل ياسين وكارم محمود، ومحمد العزبي، وصالح عبد الحي، ومحمد رشدي حتى أحمد عدوية.
التقينا بالحاج حسين العواد، أقدم صناع العود في الشارع والذي ما زال يحتضن العود منذ أكثر من خمسين عاماً.
سألناه عن سر الصنعة، فرد قائلا وهو يتحسر على أيام زمان، والفن الذي كان: إن أفراد عائلتي يعملون منذ عام 1906 في صناعة العود، وفي نفس المكان من شارع محمد علي، حيث بدأ والدي تأسيس هذا المحل، وتعليم بعض الشباب الصنعة.
ويضيف الحاج حسين: أن والدي من أصل سوري، وكان يعيش في حلب حيث كانت صناعة العود مزدهرة أيضاً هناك، ثم جاء مهاجراً إلى مصر، لأنها عاصمة الفن في الوطن العربي، وبالطبع كان لابد من الاستقرار في شارع محمد علي وكان شارع الفن فيما مضى.
ورداً على سؤالنا للحاج حسين عن أشهر الزبائن الذين ترددوا على هذا المحل يقول: هم كبار اهل الغناء والتلحين في مصر والوطن العربي، ومن أشهرهم سيد درويش، ومحمد عبدالوهاب، وفريد الأطرش، وأم كلثوم، ورياض السنباطي. ويتابع قائلا : مازال كل عازفي العود في مصر في العصر الحالي يترددون على محلي ومعظمهم من أساتذة وتلاميذ معاهد الموسيقى، وعازفي الفرق الموسيقية وكبار الملحنين.
ويقول الحاج حسين، في رده على سؤالنا عن مكونات صناعة العود، انه يصنع من الخشب (الأرو) أو (الزان) أو (الجوز) وبعض أنواع الصوف للزخرفة والتجميل.
ويستطرد قائلا : أهم مكونات العود ما يلي:
* القصعة: وهو الصندوق المصوت البيضاويعلى شكل نصف كمثريويغطي وجه هذا الصندوق بغطاء من الخشب الخفيف.
* الرقبة: هي الجزء العلوي للعود، وأهم أجزائه، فهي موضع العفق على الأوتار، ومصدر حدوث الأصوات.
* الدساتين: ومفرده دستان.. وهو لفظ فارسي مُعرب يطلق على العلامات التي توضع فوق الرقبة لتحديد مواضع عفق الإمساك بقوةأصابع اليد اليسري المستعملة في العزف وهي السبابة والوسطى والخنصر والبنصر، ومواضع هذه الدساتين أو العلامات على الرقبة يخضع بعضها لحسابات دقيقة تحدد نسب أصوات السلم الموسيقي بعضها إلى بعض مبتدئة من جهة (الأنف)، وهي القطعة الرقيقة الموضوعة في نهاية الرقبة لإسناد الأوتار عليها ورفعها قليلاً عن الرقبة.
* المفاتيح: وهي قطع صغيرة من الخشب وعددها 12 مفتاحاً عادة، تثبت في ثقوب الجزء النهائي بعد الرقبة.
* الريشة: وهي القطعة التي يضرب بها على الأوتار وتصنع دائماً من قدم النسر، ويستعمل ظهرها الأملس للعزف على الأوتار لتخرج لنا أعذب الألحان.
وسألنا الحاج حسين ان كانت هناك ثمة تغيرات أو تطورات تطرأ على العود من آن لآخر فرد قائلا: بالطبع مازال يطرأ على العود تغيرات، وأحدثها هو (البنجأ) وهو الجزء الذي يحمل مفاتيح التحكم في الأوتار سواء كانت خماسية، أو سداسية، أو سباعية، أو ثمانية فضلاً عن الزخرفة والتجميل.
أخشاب وأصداف
ويمسك بطرف الحديث الحاج أحمد مدبولي ويحكي عن الخطوات التي تمر بها صناعة العود، ويقول: الحرفة وحدها لا تكفي في هذا المجال، فالخيال مطلوب، والإبداع هام للغاية، والصانع الماهر هو الذي يتخيل شكل العود وشكل زخرفته قبل أن يبدأ في تقطيع الخشب، وينبغي أن يرسم مخططاً له مثل (الباترون) خاصة واجهة العود.
أما التجويف الخلفي فتقوم بإعداده ماكينات خاصة هي التي تستخدم في تقطيع الخشب وفق المقاسات المحددة، فالشغل كله موجود في واجهة العود.
ويقول ان الأصداف المستخدمة في زخرفة الواجهة يتم شراؤها من شارع الصاغة بحي الحسين، وهي تكون معبأة في أكياس بأحجام وأعداد معينة، هناك عود يحتاج إلى 300 قطعة صغيرة من الصدف الملون (أبيض وأسود) وهناك 200 قطعة، وأيضاً هناك الأقل من ذلك، ويحدد سعر العود وفق نوعية الخشب، وعدد الأصداف المستخدمة.
وعن أفضل نوعية يفضلها الملحنون يقول الحاج حسين: الموسيقيون الكبار يفضلون خشب الجوز لأنهم متمكنون من الآلة، ولهم خبرة في استخدامها أما الهواة فيفضلون (الأرو) لأنه قوي ويتحمل إذا وقع من يد العازف أثناء العزف مثلاً والعود المصنوع من خشب الجوز وهو الأخف وزنا والأجود في توصيل النغم المطلوب.
وعن أسعار العود يحدثنا الحاج حسين قائلا: أغلى عود يصل ثمنه إلى ثمانية آلاف جنيه، وهو عادة المحلّى بالأحجار الكريمة، مثل الياقوت أو الزبرجد الأخضر، وأرخص عود يصل سعره إلى 800 جنيه.
ورداً على سؤالنا له إن كانت الزخرفة الخلفية للعود ضرورية يقول: ليست ضرورية، وهذا يرجع إلى طلب الزبون، فمثلاً العود الذي غنّى به فريد الأطرش أغنية (الربيع) تكلف 4 آلاف جنيه وقت كان الجنيه يساوي مائة بأسعار هذه الأيام وكان قد صنعه عم جميل جورجي أشهر صانعي العود في شارع محمد علي، وظل يعمل في هذا العود حوالي ستة شهور كاملة، وسمعت أن الفنان فريد الأطرش أهداه ساعة ذهبية تكريماً له.
ويستطرد أشهر صانعي العود في شارع محمد علي قائلا: عبدالوهاب رحمه الله كان يمتلك ما لا يقل عن 200 عود، أغلبها مصنوع في تركيا، وهذه الأعواد كانت تأتيه كهدايا من الصناع وكان الصناع يتسابقون لإهداء الأعواد لعبدالوهاب كنوع من الدعاية وكان عبدالوهاب يرسل للصانع صورته مع العود الذي صنعه وأهداه له، لكي يعلقها الصانع في محله أو ورشته فيحصل على ثقة الزبائن.
أشهر عازفي العود
ويعد اسحق الموصلي أشهر من أتخذ العود لتجنيس الألحان العربية وتطويرها بما يناسب عصره آنذاك حيث وصف صوت العود بأنه (شجى وطرب) وهو أقرب الآلات للصوت الإنساني.
وفي العصر الحديث تميز محمد عثمان والد الفنان الراحل عزيز عثمان في العزف على العود، ثم سلامة حجازي وقد تتلمذ على أيديهما الفنان سيد درويش، ومن كامل الخلعي إلى محمد عبدالوهاب تميز الموسيقيون المصريون بالعزف على آلة العود بألحان شجية ومبهجة، ويعد الفنان فريد الأطرش من أهم عازفي الألحان المرحة على العود.
وبعد انتقال آلة العود إلى إنجلترا في آواخر القرن الخامس عشر، ظهر أنتونى هولبورن الذي يعد من أمهر عازفي العود في إنجلترا، أما في إسبانيا فقد لعب العود دوراً كبيراً في موسيقاها وبخاصة في القرن السادس عشر.
وقد اهتم الموسيقيون الألمان كثيراً بتوظيف آلة العود في ألحانهم وتشهد على ذلك المقطوعات الخالدة التي تركها الموسيقي الألماني (باخ) في العزف على تلك الآلة الرائعة.
حسناوات على العود
جذب العود الجنس اللطيف، فلم تكتف الحسناوات بمصاحبته لهن عند الغناء، ولكن عزفن عليه أجمل الألحان، وتعد (ألمظ) و(بديعة مصابني) من الرائدات في العزف على العود.
وأجادت العزف على العود أيضا أم كلثوم لدرجة أنها مزحت ذات يوم مع رياض السنباطي وقالت له: (إنني أتحداك في عزف أشهر الألحان الغربية على العود دون أن تشعر للحظة أنها غربية)، وكثيراً ما صاحبت أم كلثوم الملحنين بالعزف على العود مع الغناء حتى تضبط صوتها تماماً مع اللحن المكتوب.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|