كان الموظف يعمل في إحدى الشركات الكبرى بالمملكة العربية السعودية، وباعتباره سعودياً فقد كان يتقاضى راتباً لا بأس به وبعقد غير محدد المدة وينال التقدير من رؤسائه وفجأة بدأت الأمور تتغير بعد تعيين مدير مبيعات جديد بالمركز الرئيسي للشركة ومدير مبيعات لأكبر فرع تابع للشركة، وبدأ مدير المنطقة في مضايقة هذا الموظف بالتعاون مع مديري المبيعات بهدف إجباره على تقديم الاستقالة لكنه صمد أمام كل هذه المحاولات، فقلصوا مسمى وظيفته من مدير فرع إلى مدير معرض وبالتدريج سحب معظم الصلاحيات الممنوحة له، ثم أمطروه بوابل من الإنذارات بسبب وبغير سبب حتى بلغت تسعة إنذارات في فترة قصيرة.
وإزاء هذا التصرف العدائي من هؤلاء المديرين تقدم الموظف المذكور بشكوى إلى مكتب العمل طبقاً لأحكام النظام يطلب رفع الظلم عنه فسارعوا بفسخ عقده، رغم أن لديه خلال مدة خدمته بالشركة طوال عشر سنوات العديد من خطابات الشكر وشهادات التقدير على عمله كمدير فرع، وتساءل الموظف في شكواه لماذا كثرت الإنذارات والافتراءات خلال مدة عمله الطويلة لدى الشركة.
وردت الشركة على مكتب العمل بأنه تم إنهاء أعماله بالشركة نتيجة إهماله في أداء عمله خلال الفترة الأخيرة وليس بسبب تقديم شكوى إلى مكتب العمل ولا للخلافات التي حدثت بينه وبين مدير المبيعات ومدير الفرع الآخر، وإنما بسبب قصوره في أداء واجبه وتراجعه بصورة ملموسة، أما عن مسألة سحب اختصاصاته فقد أجابت الشركة بأنها مسائل شؤون إدارية لتنظيم العمل، وأن ما تم توجيهه له من إنذارات أو خطابات أو تقارير في غير صالحه فهي بسبب تصرفاته في الفترة الأخيرة وأن إمكانياته محدودة جداً.
وقد رد الموظف على كلام الشركة بأنه غير صحيح ولا يمثل الواقع وطلب إيقاف قرار الفصل لأنه تعسفي ولا يستند إلى سبب مشروع وإعادته إلى عمله، وأبدت الشركة رفضها لعودته إلى العمل ورفعت القضية للدراسة لدى اللجنة الابتدائية لتسوية الخلافات العمالية وكانت نتيجة الدراسة كالآتي:
من حيث إن المدعي قدم مذكرة مطولة أوضح فيها حياته العملية مع الشركة وتفانيه في العمل، وما حصل عليه من شكر وتقدير من المسؤولين بالشركة والعمل على الارتقاء بالمكان الذي عمل به.
ومن حيث إن المدعي تقدم بدعواه وفق أحكام المادة 75 من نظام العمل فإنها تكون مقبولة من الناحية الشكلية ومن حيث طلبه وقف تنفيذ قرار فصله ودفع أجوره فإن المدعى عليها تستند في فصل المدعي إلى تصرفاته الشخصية وإهماله في أداء عمله وسوء علاقته برؤسائه في السنوات الأخيرة.
ومن حيث إنه بالرجوع لما ذكرته الشركة فإنه خلال الفترة التي اتهمته فيها بالإهمال وأثناءها أعطى المدعي عدة خطابات شكر كما أعطى مكافآت وحوافز، وهذا يتناقض مع ما ذكرته الشركة، وأن الإنذارات لم يكن هناك دليل عليها وطالما أن المدعي أوضح اعتراضه عليها، وكان يجب على المدعى عليها إجراء تحقيق مع المدعي وسماع دفاعه، ولو فرض جدلاً صحة ما تدعي به الشركة على المدعي فإن هذه الأسباب لا ترقى إلى درجة إيقاع أقصى العقوبة بالمدعي وهي حرمانه من عمله خاصة وخدمة المدعي مع الشركة طويلة مع ما حصل عليه من شكر وتقدير عليه وعملاً بأحكام نظام العمل فإن اللجنة الابتدائية تقرر بالإجماع ما يلي:
القرار
1- وقف تنفيذ قرار فصل المدعي ودفع أجوره من تاريخ فصله وحتى النطق بالحكم.
2- قرار نهائي واجب التنفيذ يحدد جلسة للدخول في أصل الدعوى.
وعند الدخول في أصل الدعوى في جلسة لاحقة فإن اللجنة قررت الآتي:
أن الشركة المدعى عليها لم تقدم في مذكرتها جديداً يمكن مناقشته كما لم تأت المدعى عليها بجديد يجعل اللجنة تعدل عن قرارها السابق.
لهذا وعملاً بأحكام نظام العمل فإن اللجنة بعد المرافعة والدراسة والمداولة تقرر بالإجماع ما يلي:
على المدعى عليها إعادة المدعي لعمله واعتبار خدماته متصلة ودفع أجوره حتى عودته للعمل.
وهكذا يوضح هذا القرار مدى فاعلية تلك اللجان القضائية. ومدى الخبرة النظامية التي تتمتع بها ومدى العدل والإنصاف في القضايا العمالية، وذلك بفضل من الله وبتوجيه من أولي الأمر في هذا البلد الأمين وهذه المملكة الحبيبة أعزها الله وبارك في ولاة الأمر وأطال في أعمارهم وسدد خطاهم.