تمر منطقة الجوف الآن بطفرة كبيرة من المشاريع التي تؤسس لتطور يبدو أنها موعودة به خلال السنوات القليلة القادمة.
فالعمل يجري ليلاً ونهاراً وبإمكانات كبيرة للإسراع في إنجاز خط سكة الحديد، كما أن الطريق العملاق الذي يربط المنطقة بمدن ومناطق أخرى تم الانتهاء من إنجازه كاملاً.
* * *
هذا يعني ربط المنطقة مع غيرها ضمن شبكة من الطرق البرية الحديثة، وكذلك توظيف السكك الحديدية ضمن شريان اتصال المنطقة بغيرها من مناطق ومدن المملكة.
والتنمية بدون وجود طرق بمثل تلك المواصفات التي تم ويتم إنجازها في منطقة الجوف، تعد تنمية مشلولة ومهددة برامجها بالفشل، وفي المقابل فإنجاز الطرق هو المفتاح السحري للتنمية القادمة والمشاريع العملاقة المنتظرة.
* * *
ومنطقة الجوف، بمحافظاتها: سكاكا والقريات ودومة الجندل وطبرجل وبقية القرى المتناثرة بين هذه المحافظات تستحق من الدولة كل هذا الاهتمام.
ولو أمكن اكتشاف مادة الفوسفات التي يقدر الخبراء وجود كميات كبيرة منها حول حزم الجلاميد التابعة لمنطقة الحدود الشمالية، وكذلك لو نجحت الشركة التي تنقب عن الغاز والفوسفات في مدينة دومة الجندل بمنطقة الجوف فسوف تكون حركة القطارات والناقلات العملاقة التي تنطلق من هناك بمثابة عامل مساند ومهم لدعم الاقتصاد وإيجاد فرص عمل للمواطنين هناك.
* * *
ولا شك أن جامعة الجوف تضاف إلى ما أعطي لمنطقة الجوف من اهتمام وإن جاء قرار إنشائها متأخراً، إذ إن هذا الاهتمام الكبير من الدولة يؤذن بأن هناك على الدرب مشاريع أخرى قادمة لتعمير كل شبر في هذه المنطقة الغالية.
كما أن حركة الإعمار التي كانت مشاهدها وعلاماتها واضحة لنا أثناء عبورنا لبعض شوارعها، يعزز الشعور ويزيد من الثقة لدى من يشاهدها بأن مرحلة قادمة ستضيف إلى هذه المنطقة ما يمكّن أهلها من الشعور بالراحة والاطمئنان بعد سنوات من الانتظار والترقب.
* * *
أهم ما يميز منطقة الجوف وتتفرد به عن غيرها من المناطق والمدن الأخرى في المملكة تكاثر النخيل وأشجار الزيتون في أراضيها بكميات لو أمكن استثمارها اقتصادياً لغطى حاجة المملكة من بعض أنواع التمور والزيتون وزيت الزيتون ذات الجودة العالية.
يقول أهالي منطقة الجوف: كلما ترك الإنسان منطقة الجوف باتجاه الشرق حيث منطقة القصيم والأحساء سيجد وفراً في النخيل فقط، وكلما كانت وجهته إلى الغرب حيث بلاد الشام فسوف تستقبله أشجار الزيتون فقط، فيما أن منطقة الجوف تجمع بين زراعة الزيتون وغرس أنواع طيبة من النخيل.
* * *
لقد أنهيت زيارتي لمنطقة الجوف بسهرة شتوية رائعة في مخيم الربيع وبين أهلنا هناك، حيث العزف على الربابة، والعرضة السعودية، وأنواع أخرى من الفلكلور الشعبي، فيما كان يتناوب الشعراء في إلقاء قصائدهم، وكلنا إصغاء ومتابعة واستمتاع.
وبين مشهد القمر في كبد السماء، ولهب النار التي أوقدت لمقاومة برودة الطقس، وحيث الرمال الذهبية الكثيفة على امتداد النظر وحول بيت الشعر الذي نصب لهذا الغرض، كان زميلي الدكتور هاشم عبده هاشم وكنت نقضي أمتع ليلة في هذه الصحراء مع مضيفنا بعيداً عن صخب المدن والانشغال بالعمل وهموم الحياة، في أول زيارة لكلينا مع زميلنا جميل الذيابي الذي فضّل أن يسبقنا في مغادرة أرض النخيل والزيتون.
****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMSتبدأ برقم الكاتب «2» ثم أرسلها إلى الكود 82244