كانت العصور القديمة زاخرة بالحضارات العريقة التي مازال العصر الحديث يقف بدهشة أمامها، ومن ذلك حضارة الطب القديم الذي تدل آثاره على عظم ما وصل إليه من تقدم، وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك حينما تحدى عيسى عليه السلام الحضارة الطبية الموجودة آنذاك، فتم علاج الأكمه والأبرص بالمعجزة التي أجراها الله على يده..
ومازالت تلك الآثار تضفي على العالم الذي يعج بالأمراض بسمة الأمل في التخلص من الأمراض أكثرِها، ولم يبق في العالم محتفظاً بحضارته الطبية القديمة ومطوراً لها سوى بعض الدول - مع الاحتفاظ بالطب النبوي الذي مازال محفوظاً إلى يوم القيامة-.
ومن هذه الدول الصين، فقد احتفظت بالطب القديم، وأنشأت له كبرى الجامعات في العالم، ومن أهم العلاجات ذلك العلاج البعيد عن إدخال أي مواد خارجية للجسم؛ وهو العلاج بالوخز بالإبر الصينية الذي لقي نتائج مذهلة وانتشاراً واسعاً في جميع الدول التي تبحث جاهدة عن توفير كل السبل العلاجية للمرضى المحتاجين.
وهذا العلاج يعتمد في أصوله القديمة والحديثة على التشخيص الدقيق الذي يحتاج إلى المعرفة الدقيقة بأصول هذا التشخيص، ولايكلف هذه التكاليف الباهظة للتشخيص من خلال الطب الحديث. كما يعتمد على رفع مستوى الطاقة لما حدث من ضعف في أعضاء الجسم، فيبدأ المريض بالشعور بالتحسن التدريجي، ومن ثم الوصول إلى مرحلة الشفاء بإذن الله.
وأما عن تجربتي الخاصة، فقد درست في المدرستين الحديثة الغربية والقديمة الصينية، ورأيت نتائج وعجائب من خلال العلاج القائم على أصول المدرسة القديمة الصينية التي هي امتداد للحضارات العريقة القديمة العربية والفرعونية وغيرهما مروراً بالحضارة الإسلامية المنقطعة النظير.
حصلت لي تجربة خاصة دعتني إلى اللحاق بهذه المدرسة الطبية الرائدة؛ وهي أنني أصبت ببحة في صوتي لثلاثة أشهر استنفدت فيها سبل العلاج والتشخيص الحديثة، ولم يبق إلا البحث عن الأمراض المخيفة..!! وبعد هذه المدة قابلت أحد الزملاء الأطباء الذين درسوا في دورة بسيطة عن الإبر الصينية فقلت له: دعنا نطبق هذا العلاج على بحة الصوت عندي، وفعلاً أجريت لي وخزة واحدة في اليد لمدة 40 دقيقة تقريباً.. بعدها وخلال يومين رجع الصوت كما كان بل ربما أفضل من السابق بعد أن أوشكت على اليأس.. مما دفعني إلى هذه الدراسة لتحقيق الفائدة للمرضى.
أما عن مجال العمل والتطبيق، فنزداد إيماناً بصدق الرسالة النبوية وصدق حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (ما أنزل الله من داء إلا أنزل له شفاء عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ وجهله من جهله).
وعن الحالات التي يعالجها الوخز بالإبر الصينية، فهو طب قائم بذاته في علاج معظم الحالات مع تفاوت النتائج العلاجية وسرعتها.. ومن الحالات: علاج الشقيقة والصداع المزمن، وعلاج أمراض القولون والقرحة المعوية أو قرحة القولون والاثني عشر وارتجاع الحمض، وعلاج الأمراض القلبية، وعلاج آلام المفاصل والعظام والأعصاب، وعلاج الضعف العام، وعلاج كثرة التبول، وعلاج الأمراض الجلدية وعلاج الثعلبة وتساقط الشعر، وعلاج بعض حالات الجلطات وآثارها، وعلاج الأمراض النسائية، وعلاج القلق والتوتر..
د. ماهر محمود صيدم
بكالوريوس الطب والجراحة العامة