|
إلى أين ...؟!
|
مثلي مثلكم، أحزنني ما حدث..
وهزني هذا العمل المشين الذي قُتل بسببه هذا العدد الكبير من الأبرياء..
ودمّر بعض ما بنيناه على مدى سنوات..
في جهد غير مسبوق..
من مالنا..
وعرق جبين الأحياء والأموات من أبناء الوطن..
***
مثلي مثل كل مواطن..
كأي إنسان..
آلمني هذا المشهد الدامي..
وهذه الممارسة الشاذة..
وأدمى قلبي كثيراً هذا التصرف المجنون..
***
فالرياض، عاصمتنا وحبنا الكبير..
هذه المدينة الفاتنة..
والوردة التي يفوح شذاها على امتداد فيافي وصحارى الوطن..
زرعناها على مدى سنوات طويلة لتبدو زاهية رائعة وبما هي عليه من جمال آخاذ..
واسقيناها من حبنا وحناننا ما منحها كل هذا البريق الجميل..
وأرويناها من دفق قيمنا وأخلاقنا الكثير والكثير..
واخترناها عاصمة لنا..
ومصدراً لخير العالم..
***
أسأل نفسي..
وأسألكم بعد ذلك..
ما الذي حدث لكي نتنكر لها..
ونشوِّه لمسات الجمال والإبداع فيها..
وماذا دهانا حتى ندمرها على ساكنيها..
بلا رحمة..
وفي عمل مجنون..
يأخذ شكل الإرهاب..
في أعمال انتحارية..
بأساليب لا يقدم عليها إلاّ سفاح قاتل..
***
أبحث عن سبب واحد يبرر لمثل تلك المشاهد الدامية..
عن حجة أتكئ عليها لإقناع نفسي بما حدث..
فلا أجد شيئاً..
لأعود كما بدأت..
حزيناً..
متألماً..
وقد تأكد لي أن هذا عمل انتحاري دخيل على مجتمعنا.. ومرفوض من الجميع..
ويجب أن يطوق ولا يسمح بتكراره.
خالد المالك
|
|
|
الوجه الآخر للثورة التقنية تصدير السموم القاتلة
|
10jpg
إعداد نورين جبريل
أصبحت الثورة العلمية في كثير من جوانبها وبالا على الإنسان، وخطرا على صحته وتدميرا لبيئته، فالعلم هو الذي أوجد أسلحة الدمار الشامل، وهو
المسؤول عن القنابل الذكية، وأدوات الترويع، وكل وسائل فناء الكون، إذن الإنسان عدو نفسه وصانع أسباب موته بيديه، وللأسف صار التسابق في
ميادين العلم للفوز بقصب السبق لا يلازمه تنافس في إيجاد الحلول العملية والصحية لإفرازات هذا التسابق العلمي المحموم، في هذا الصدد تأتي مخلفات
الأجهزة التقنية التي تستخدم كمواد خام على رأس المشكلات التي أوجدها العلم و لم يوجد لها الحل الناجع حتى باتت تهدد البيئة والكون و الإنسان معا.
هذه دراسة أعدها كل من «جيم بوكيت» و«لسلي بايستر» عن «شبكة احداث باسيل» إضافة إلى رابطة السميات بوادي السيليكون» بالهند وبالمشاركة
مع منظمة «اسكوب» المعنية بشؤون البيئة في باكستان ومنظمة «السلام الأخضر» بالصين لالقاء الضوءعلى خطر ظهر قويا وانتشر سريعا تحت مظلة
التطور وتقنية المعلومات التي اوجد فيها المارد الآسيوي لنفسه مكانة خاصة في صناعة هندسة البرامج، إلا أن نزعته القوية نحو صناعة أجهزة تشغيل هذه
الهندسة شكلت خطرا كبيرا لبيئته وشعبه وذلك بسبب شح المادة الخام التي حاول الاستعاضة عنها بإعادة تصنيع النفايات متجاهلا ما تمثله هذه الأعمال من
مخاطر.
المخلفات أو النفايات الإلكترونية هي أكبر مشكلة نفايات متعاظمة بالعالم. ولا تكمن مشكلتها في كميتها فقط بل في مكوناتها السامة المتمثلة في عناصر
البرليوم والزئبق والكادميوم فضلا عن غاز البروم وينبعث عن احتراق مكونات الأدوات الإلكترونية الذي يعتبر تهديدا للصحة وللبيئة. ورغم هذه المخاطر
نلحظ أن الخطوات الحكومية والصناعية التي اتخذت لمواجهة هذه المخاطر تعتبر متواضعة مقارنة بحجم التهديد. ويظهر هذا التقرير أسباب القصور التي تتخذ
من الولايات المتحدة على وجه الخصوص بجانب الدول الاقتصادية الكبرى الأخرى في تعاملها مع هذه الكارثة رغم أنها تسهم بقدر كبير في تصدير هذه
النفايات إلى الدول الآسيوية النامية. ويعد الاتجار في المخلفات الإلكترونية بمثابة تصديرالأذى. فالحريق المفتوح لهذه النفايات وأنهار الأحماض والمكونات
السامة التي تمر عبر مركبات هذه النفايات تعد من أهم الملوثات للأرض والهواء والماء ومجلبة لكثير من الأمراض التي يواجهها رجال ونساء وأطفال دول
جنوب وشرق آسيا خاصة. فالثمن الصحي والاقتصادي لهذه الممارسات باهظ جدا عند مقارنة أذى هذه الصناعة بنفعها وتظل عملية تصدير نفايات
الإلكترونيات من أسرار الثورة التقنية.
تجارة الموت
هناك الكثير من قطاعات إعادة التصنيع الإلكتروني تحاول ان تبرر قيامها بهذا العمل مدعية أنها تسعى إلى تحسين الوضع المعيشي والاقتصادي لبعض الشرائح
الاجتماعية بالدول الفقيرة كما أن هناك الكثير من القطاعات التي تعرض حلولا مغلفة بمنع إعادة التصنيع المباشر وتشجيع الطرق غير المباشرة أو عبر
الوسطاء.
وصرحت شركة لاعادة تصنيع الإلكترونيات أن من 5080% من النفايات التي يتم تجميعها لاعادة تصنيعها في الولايات المتحدة لا تتم عملية إعادة
تصنيعها داخليا وإنما يتم شحنها وإرسالها إلى دولة مثل الصين لتتم معالجتها واعادة تصنيعها هناك. ومن خلال الدراسة يتضح الآتي:
ملايين أطنان النفيات الإلكترونية التي تجمع في الولايات المتحدة كل عام بقصد إعادة تصنيعها يتم تصدير 5080% منها لتتم معالجتها بالخارج. من أهم
أسباب هذا التصدير هو رخص الأيدي العاملة وغياب الرقابة البيئية في الدول الآسيوية. ولأن هذا النوع من التصدير ما يزال قانونيا بالولايات المتحدة.
عمليات إعادة التصنيع في كل من الصين والهند وباكستان من أهم مسببات التلوث والأضرار الصحية التي تعاني منها شعوب هذه الدول.
وعلى عكس مبادئ العدل البيئي نجد ان الولايات المتحدة بدلا من ان تمنع وتحارب مثل هذا التصدير فهي تعمل على تشجيعه وتهيئة مسبباته.
بعد أن منعت الصين هذا النوع من الاستيراد لاتزال الولايات المتحدة ترفض دعم هذه الخطوة بمنع تصدير هذه المواد إلى الصين.
وبسبب غياب المسؤولية لدى الحكومة الفدرالية ومصانع الإلكترونيات ولدى المستهلك. نجد ان قطاعات إعادة التصنيع والحكومات المحلية قد وجدت
نفسها أمام خيارات متاحة قليلة في مواجهة النفايات الإلكترونية؟
حقائق بشعة
خلف أستار فوائد الثروة التي تزين واجهة صناعة تقنية المعلومات تقبع حقائق في غاية الظلمة والبشاعة. فمصادر الاستهلاك المتزايدة وتوالد النفايات المستمر
يتكاثران بشكل ينذر بالخطر. حيث أصبحت صناعة الاليكترونيات من اكثر الصناعات نموا في العالم. ونتيجة لهذا النمو الذي يتزامن مع مزيد من المنتجات
المستهلكة التي أصبحت غير مرغوب بها أصبحت منابع لنفايات إلكترونية في دنيا الصناعة. وباتت هذه الكميات تشكل نسبا تنذر بكوارث في الوقت الذي
بدأت فيه الدول الصناعية مجابهة هذه المشكلة. بعد ان غضت معظم الدول الطرف عنها في بادئ الأمر. وتشمل النفايات الإلكترونية المعدل المتزايد للأدوات
الإلكترونية بدءا بالأدوات المنزلية الضخمة كالثلاجات ومكيفات الهواء انتهاء بالهواتف النقالة والحاسب الآلي بجميع مكوناته. وتعد نفايات هذه الأدوات
من أكثر المخاطر المهددة للحياة للأسباب التالية:
مكونات سامة
خطورة النفايات الإلكترونية. تتمثل في أنها تحتوي على اكثر من 1000 مادة مختلفة الكثير منها ذات مكونات سامة .
النفايات الإلكترونية تتوالد بشكل متزايد وذلك بسبب ارتفاع معدل التقنية المستمر والنزعة العامة لامتلاك كل ما هو مطور وجديد. واصبح من النادر جدا
إعادة صيانة الأدوات المعطلة وذلك بسبب سهولة الحصول على البديل الأفضل والجديد.
تعد الولايات المتحدة اكبر قوة شرائية للحاسبات الآلية. حيث يعتبر شعبها اكبر الشعوب امتلاكا للحواسيب في العالم وأكثره تخلصا منها.
أكدت دراسة لعملية تجميع مخلفات إعادة التصنيع ليوم واحد أن 50% من أجهزة الحاسب الآلي التي تم جمعها في ذلك اليوم تعمل بشكل جيد إلا أنها لا
توازي آخر تطورات التقنية مما يعني أن التخلص من هذه النفايات ليس مرهونا بصلاحيتها وحسب.
مع حلول العام 2005م سيمثل كل حاسب آلي مادة خام لحاسب آلي جديد مما يؤكد أن اللجوء إلى اعادة التصنيع أقل كلفة من استخدام مادة خام
جديدة.
ستبلغ تكلفة النفقات على المخلفات الإلكترونية في ولاية كاليفورينا وحدها 2 ،1 مليار دولار خلال الخمس سنوات القادمة.
النفايات الإلكترونية
بلغت التقديرات في عام 1998م أن 20 مليون جهاز كومبيوتر قد اصبح مخلفا في الولايات المتحدة. أما تقديرات الحجم الكلي للنفايات الإلكترونية كان
من 5 إلى 7 ملايين طن. وتتوقع الدراسة مضاعفة القيمة في الوقت الحالي مع تزايدها في النمو.
وأشارت إحدى الدراسات الأوروبية إلى أن معدل نسبة ارتفاع المخلفات الإلكترونية تتراوح بين 35% سنويا مما يعد ثلاثة أضعاف ارتفاع نسبة
النفايات البلدية. وتتوقع وكالات النفايات واعادة التصنيع أن يزداد عدد شاشات التلفزيونات والحاسبات الآلية خلال السنوات الخمس القادمة بصورة
كبيرة جدا وذلك بعد أن يتم استبدال شاشات الكاثود التقليدية الحالية بشاشات عرض الكرستال السائل (LCD) المسطحة المتطورة.
إضافة إلى الدور الذي ستلعبه تلفزيونات الوضوح العالي (HDTV) التي ستكون أكثر فعالية مع حلول العام 2004م. هذا التطور التقني يتوقع له أن يزيد
من كمية التلفزيونات المخلفة بشكل كبير. كما توقعت إحدى الدراسات التي أجريت عام 1999م بواسطة «استانفورد ريسورسيس» أن اكثر من 41
مليون كومبيوتر شخصي ستصبح في عداد النفايات في العام 2001م لتشير التحاليل الحالية من خلال هذه الدراسة أن في ولاية كاليفورنيا وحدها يصبح
كل يوم 6000 جهاز حاسب آلي في عداد النفايات. وفي ولاية أوريغون يكون عدد الحاسبات الآلية الملقاة على صناديق النفايات يوميا 1600. ليؤكد
أحد الخبراء أن هذا العدد سيبلغ 500 مليون مع بلوغ العام 2007م.
مصادر السموم
أهم القطاعات المسببة للنفايات الإلكترونية في الولايات المتحدة هي:
* الأفراد وقطاعات العمل الصغيرة .
* قطاعات العمل الكبرى والمؤسسات والحكومات .
* مصنعو الابتكارات الجديدة .
* الأدوات الإلكترونية الحاسبات الآلية خاصة. تلك التي يمتلكها الأفراد وقطاعات العمل الصغيرة كثيرا ما يكون مصيرها صناديق النفايات. وليس لأنها
تعرضت للتلف بل لأن هناك تقنية جديدة اضطرتهم للقيام بذلك. فالتقنيات الحديثة تجد طريقها إلى الظهور كل 18 شهراً تقريبا هذا ما جعل العمر
الافتراضي للحاسب الآلي يتقلص من 5 أعوام إلى عام ونصف أو عامين. كما أن التقدم الذي يطرأ على هندسة البرامج والذي يتطلب أجهزة ذات
مواصفات خاصة يكون محفزا للشركات المصنعة على ابتكار أجهزة توازي في تطورها هندسات البرامج الحديثة ويضطر المستهلك إلى شراء الحديث من
المنتجات. كما أن غياب المقاييس القانونية للتفريق بين النفايات السامة والنفايات الأخرى يسمح للأفراد وقطاعات العمل الصغيرة بإلقاء مخلفاتهم
الإلكترونية على مكبات النفايات. فالثغرات القانونية تجعل من رمي المخلفات العشوائي أمرا اعتياديا.
إعادة التصنيع
إضافة إلى أن قطاعات إعادة التصنيع لا تعرض أسعارا مشجعة على المخلفات الإلكترونية ولذلك نجد أن رمي شاشة كومبيوتر لدى المستخدم لا يختلف
كثيرا عن رمي قشرة برتقال. وفيما يختص بقطاعات العمل الكبرى نجد أن الحكومات والمؤسسات الكبرى تعمل على تحديث حاسبات منسوبيها الآلية
بانتظام. فمثلا نجد أن شركة مايكروسوفت البالغ عدد منسوبيها نحو 000،50 موظف منتشرون بجميع أنحاء العالم (بعضهم يعمل على أكثر من حاسب
آلي واحد) تعمل على تغيير حاسبات منسوبيها كل ثلاثة أعوام. هذا العدد الضخم وغيره من المستخدمين الآخرين يصرح لهم بإلقاء هذه الأجهزة على
ساحات النفايات حيث تجد طريقها إلى سوق إعادة التصنيع.
هناك الكثير من الشركات الكبرى تستأجر أجهزتها من شركات لتأجير الأجهزة بنظام تعاقد زمني محدد تقوم الشركة المستأجرة بتبديل جميع الأجهزة
بأخرى جديدة حسب الفترة المتفق عليها. لتقوم هي ببيع الأجهزة المستعملة إلى وسطاء الأدوات المستعملة وقطاعات إعادة التصنيع والتي في الغالب يتم
تصديرها إلى خارج الولايات المتحدة.
هناك بعض شركات صناعة الكومبيوتر تمتلك مصانع لاعادة التصنيع وذلك عندما لا تجد ما يناسبها من المصانع الأخرى. فمثلا نجد شركة «هيولت
باكارد» تمتلك وحدتين لاعادة التصنيع في كل من كاليفورنيا وتينيسي. كما نجد أن (IBM) لديها برنامج لاعادة التصنيع في نيويورك.
وجهة النفايات القاتلة
معدل الحاسبات الآلية المستهلكة والتي تأخذ طريقها إلى مكبات النفايات يرتفع بشكل ينذر بكوارث مستقبلية. وبينما تجرى الجهود للتخلص من هذه
النفايات عبر إعادة تصنيعها. نجد أن مسألة إعادة التصنيع تمر بمراحل متفاوتة تتمثل في الفرز والتفكيك والتطويع والحرق وغيرها حيث تتم هذه العمليات
بصورة عشوائية غير مدروسة وعادة ما تشكل خطورة إضافية كبيرة.
وتقول الأبحاث والدراسات الحكومية في الولايات المتحدة أن ثلاثة أرباع أجهزةالحاسب الآلي التي تم بيعها في أمريكا قد أصبحت مخلفات الآن وأخذت
طريقها إلى النفايات. وبذلك علينا أن نتخيل حجم النفايات التي ستصدر عن 500 مليون جهاز حاسب آلي وهو العدد المخزن في المستودعات وينتظر
طريقه إلى مكبات النفايات.
وبذلك يتضح أن هذا القدر من التلوث المتنامي لن يتخطى أي دولة أو مكان على هذه الأرض. فأحوال السوق الحالية وأدوات التصنيع ومدخلاته تعمل
على إعاقة النظام الصحيح لاعادة التصنيع بصورة لا تضر بالبيئة والصحة. فمعظم النفايات الإلكترونية التي يجري إعادة تصنيعها الآن هي في الواقع تم
تصديرها وتم تفكيك معضمها في السجون أو تم تقطيعها بواسطة قطاعات المجتمع الفقير.
تلويث المياه
تشير دراسة أخرى إلى أن حجم المخزون الأمريكي من أجهزة الحاسب الآلي غيرالمستخدمة في تزايد مستمر وسيبلغ قريبا 680 ،315 مليون وحدة. فكل
مستهلك يملك من 23 أجهزة مهملة بمنزله على أمل أن تصبح ذات قيمة يوما ما إلا أن قيمة الحاسبات الآلية تنهار بشكل سريع ومع مرور الزمن لن
تسوى أكثر من قيمة المادة الخام الذي تتكون منها وهي أقل من قيمة إعادة التصنيع المحلي.
وتتفاوت القيمةالمتبقية للأجهزة الإلكترونية ما بين 1 5 % من قيمتها الأصلية. حتى ان كثيرامن المستهلكين لا يتقبلون حقيقة أن ما اشتروه قبل 3 أعوام
فقط اصبح يساوي هذا المبلغ الضئيل مما يشجعهم على الاحتفاظ بها اكثر حتى تجد طريقها إلى مكب النفايات. ففي عام 1997م سجل حجم النفايات
الإلكترونية الملقاة على مكبات النفايات في الولايات المتحدة وحدها 2 ،3 مليون طن مما يؤكد أن معظم مستخدمي المنازل وقطاعات العمل الصغيرة
يفضلون ساحة النفايات على وسطاء إعادة التصنيع. وهذا القدر الكبير من النفايات الإلكترونية سيؤثر حتى على الدول التي تدعي أنها تمتلك تقنية تمكنها من
السيطرة الكاملة على مقومات البيئة وذلك من خلال تراكم المعادن والبلاستيك والمواد الكيميائية السامة التي تتكون منها أجزاء الأجهزة الإلكترونية
كلوحات الدوائر وأنابيب الزجاج والأسلاك والمقاومات والمكثفات وغيرها من الأجزاء الداخلية الدقيقة.
إن اكثر من 70% من المعادن الثقيلة بما فيها الزئبق والكادميوم والقصدير التي تتواجد في مكبات النفيات تأتي من النفايات الإلكترونية. هذه المعادن
والمكونات الإلكترونية السامة الأخرى تعمل على تلويث المياه الجوفية. وهذا ما حدث عام 2001م عندما تم منع مكبات النفايات المفتوحة بواسطة القانون
البلدي في كاليفورنيا و ميسشوست وذلك لطبيعة هذه النفايات شديدة السموم التي تتمثل في ثاني اكسيد الكربون الذي ينتج عن حريق النفايات وتؤدي
الى تلوث الهواء وثاني أكسيد الحديد والنحاس ويكثر عند تعرض النفايات للرطوبة والأمطار مما يؤدي الى تلوث المياه. وهناك بعض المنتجين يرسلون نفاياتهم
الالكترونية الى محارق الاسمنت ليتم الاستعاضة بها بدلا عن الوقود.
تراجع فرص الشراء
كانت إعادة الاستخدام تمثل تداولا طفيفا لأجهزة الكومبيوتر في الماضي القريب. فقد كان يعمد الكثير على إهداء الأجهزة غير المرغوب بها إلى المدارس
والمؤسسات الطوعية لتقوم باستخدامها في تعليم التلاميذ مع تطوير بسيط في الذاكرة وبعض فعاليات الجهاز إلا أن المدارس امتنعت مؤخرا عن قبول
الأجهزة القديمة سعيا وراء مواكبة التلاميذ للتطور التقني. ومن ناحية أخرى كانت السوق الخارجية تساهم بشكل كبير في تخفيف عبء النفايات الثقيل
وذلك عن طريق الاتجار بالحاسبات الآلية المستعملة في بعض الدول ذات الاقتصاد المتواضع إلا ان اتساع رقعة المنافسة في في سوق تقنية المعلومات العالمي
ومعداته والذي تزامن مع الانتشار الواسع للشركات متعددة الجنسيات أدى إلى تقلص تجارة الأجهزة المستعملة. كما أن إطالة أمد استخدام الأجهزة ليست
بالحل النهائي للمشكلة لأن هناك فترة زمنية معينة ومنها سيصبح هذا الجهاز أو ذاك في عداد النفايات لا محال سواء كان ذلك داخليا أو في دولة أخرى
ويظل الخطر قائما وقد يكون أكبر وخاصة في تلك الدول التي يكون تعاملها مع هذه المسائل متواضعا نتيجة للوضع الاقتصادي المتردي.
عواقب وخيمة
جميع المعلومات الحالية عن اعادة تصنيع النفايات الالكترونية تشير الى ان هذه الفعاليات تتم في الدول النامية بصورة اكبر من تلك التي تتم بالدول المتقدمة
إلا ان الدراسات لم تتطرق الى الفروقات الاقتصادية بين الدول مع الافتراض أن الأثر السلبي لهذه الاعمال في تأثيرها على البيئة والصحة يكون كبيرا في كلتا
الحالتين. كما ان افتراض اعادة التصنيع خير من رمي النفايات الالكترونية على الأراضي ليس بالامر المقنع عندما يكون الناتج عن هذه الممارسات عمالا
ملوثين ومرضى صحيا. فضلا عن مكبات النفايات المكشوفة وحرقها بالعراء كما هو مشهود في الدول الآسيوية. فبينما تعد عملية اعادة تصنيع المواد
الضارة من أهم مسببات التلوث البيئي قد تكون هذه الممارسة من اشد الكوارث في مناطق العالم التي يقل فيها مستوى الوعي وتنعدم فيها البنية التحتية التي
يسعها التعامل مع مثل هذا النوع من القضايا.
مع هذه المؤشرات الخطيرة فقد جرت التقديرات على ان 11% من اجمالي انتاج عام 1998م من الحاسبات الآلية تم اعادة تصنيعها بما فيها تلك التي تم
ارسالها خارجيا ويتوقع ان ترتفع النسبة بمعدل 18% سنويا. وبذلك يكون حجم الحاسبات الآلية التي تم اعادة تصنيعها في العام 2002م قد بلغ 75 ،12
مليون حاسب آلي (تشمل الشاشات ولوحات المفاتيح). وتجري قطاعات العمل الكبرى وكبار مصنعي الأدوات الحديثة عمليات اعادة التصنيع بصورة أكبر
من القطاعات الصغيرة. حيث تمثل القطاعات الكبيرة 75% من الاجمالي العام.
غياب الرقابة
ظهرت في الآونة الاخيرة بعض الوحدات لاعادة تصنيع النفايات الالكترونية في الولايات المتحدة خاصة في ولاية كاليفورنيا وبعض الولايات الاخرى
وتتركز هذه الوحدات في السجون. وتعتبر هي الأقل ثمنا مقارنة بالحلول الأخرى لمشكلة النفايات الالكترونية. وستشغل وحدة جديدة في سجن «أتواتر»
الفيدرالي بولاية كاليفورنيا مساحة تبلغ 000 ،50 قدم مربع وتوفر نحو 350 وظيفة لمعالجة هذه المشكلة التي تعاني منها كاليفورنيا كثيرا منذ ان منع قسم
السميات والتحكم رمي الانابيب التي تحتوي على اشعة الكاثود على مكبات النفايات. ونسبة لقلة أجور الأيدي العاملة المحلية اقتنع اصحاب العمل في حقل
اعادة التصنيع المحليين بعدم امكانية المنافسة حيث يتوجب عليهم مراعاة صحة وسلامة السجناء الذين يعملون وسط المكونات الضارة التي تحتويها الشاشات
والمكونات الاخرى فلجأ هؤلاء الى تصدير هذه المكونات الى الدول النامية تحت دوافع أهمها:
رخص الايدي العاملة (50 ،1 دولار باليوم في الصين).
غياب الرقابة والنظم الوظيفية في تلك الدول.
يعد تصدير النفايات الالكترونية السامة مشروعا في الولايات المتحدة رغم عدم قانونيته عالميا.
أضرار النفايات
من المعروف أن النفايات الإلكترونية تحتوي على كميات كبيرة من المكونات السامة والضارة كالرصاص والكادميوم المكون الأساسي للوحات الدوائر
فضلا عن أكسيد الرصاص وأنابيب أشعة الكاثود بالشاشات وبطاريات الكمبيوتر كما نجد الزئبق في لوحة المفاتيح والشاشات المسطحة وكلوريدات
البيفنيل التي تحتويها كل من المكثفات والمحولات إضافة إلى اللهب البرومي الذي ينتج عن حرق لوحات دوائر الطابعات والأغطية البلاستيكية وكلوريدات
البيفنيل.
إضافة إلى الأضرار العامة المتمثلة في تلوث المياه والهواء هناك أضرارخطيرة تتخلل عملية إعادة التصنيع وتنتج عن النفايات الإلكترونية وخاصة إذاكانت سعيا
وراء الربح المادي فقط. ومن بين هذه الأضرار المخاطر تلك التي تتواجد بشكل كبير في مكونات الأجهزة الإلكترونية:
المكونات الخطرة
الرصاص. ونسبة لمكوناته الخطيرة تم إصدار قرار عام 1970م بوجوب تنقيته من الوقود نسبة لتأثيره المباشر والخطير على الجهاز العصبي والدورة الدموية
والكلى وجهاز المناعة لدى الجسم البشري فضلا عن أثره السلبي على النمو العقلي للأطفال. ويتركز الرصاص في الأجهزة الإلكترونية على كل من لوحات
التحكم وشاشات (58 أرطال بالشاشة الواحدة) وبطاريات الكومبيوتر ولوحات الطابعات.
عنصر الكادميوم. من العناصر الفلزية ذات التأثير الخطير على جسم الانسان عند ترسبه على الكلى والجهاز البولي. ويتركز هذا العنصر على مقاومات
الشرائح وعلى المكثفات وعلى رقائق التوصيل الصغيرة. ويتواجد الكادميوم بشكل كبيرعلى انابيب اشعة الكاثود.
تحطيم شامل
الزئبق. يعمل على تحطيم الأعضاء الداخلية وخاصة الدماغ والكلى ويؤثر سلبيا على تكوين الجنين. وينتج عن اختلاط الزئبق بالماء ميثالين الزئبق الذي
يترسب داخل الأعضاء الحية بكل سهولة ويتركز على السلسلة الغذائية وخاصة الأسماك.
وتشير الدراسات أن 22% من الاستهلاك السنوي للزئبق يتم عبر المعدات الكهربائية والإلكترونية والأجهزة الطبية والهواتف المحمولة وأجهزة الاستشعار.
وازداد استعمال الزئبق بصورة كبيرة مؤخرا بعد تطوير شاشات العرض الحديثة والمسطحة التي ظهرت لتحل محل أنابيب الكاثود التقليدية.
عنصر الكروم. الذي يخترق الخلايا بسهولة لسهولة تشربه ويعمل على تحطيم الحمض النووي. ويعد من اكثر العناصر تهديدا للبيئة. وتزن الادوات
البلاستيكية التي تحتوي على عنصر الكروم نحو 8 ،13 رطل في الكومبيوتر. و26% من هذه المواد البلاستيكية تحتوي على كلوريد البوليفنيل.
الأمراض المزمنة
عنصر الباريوم. ويستخدم لحماية مستخدمي الحاسبات الآلية من الإشعاعات. وأشارت الدراسات إلى إن التعرض للباريوم لفترة قصيرة يؤدي إلى أورام المخ
وضعف عضلات الجسم ويعمل على إصابة القلب والكبد والطحال بأمراض مزمنة. البيرليوم. وهو عنصر فلزي نادر وموصل جيد للحرارة والكهرباء لذا
يدخل في مكونات الحاسب الآلي وخاصة في اللوحة الأم (Motherboard) والمقابض. وتم تصنيف البيرليوم مؤخرا ضمن مسببات سرطان الرئة.
وذلك من خلال استنشاق ذراته أوبلوغها الجسم بأي صورة ما. كما يؤدي تعرض العمال للبيرليوم بشكل مستمر ومباشرإلى الإصابة بأمراض جلدية مزمنة
فضلا عن الأمراض التي تعرف بأمراض البيرليوم المزمنة وهي التي تصيب الرئة.
وأشارت بعض الدراسات إلى أن الأمراض المصاحبة للبيرليوم قد تظهر حتى بعد مرور وقت طويل على التعرض إليه.
السرطانات
الأحبار. تحتوي النفايات الإلكترونية على حاويات بلاستيكية مليئة بالأحبار الملونة والسوداء. تتكون هذه الأحبار من اخطر العناصر وهو الكربون المسبب
الرئيسي لامراض الجهاز التنفسي والسرطان حسب تصنيف الوكالة الدولية لأبحاث السرطان. كما تحتوي هذه الأحبار على معادن ثقيلة.
الفسفور وملحقاته. وهي مكونات عضوية كيميائية ومعلومات أضرارها ليست معروفة بشكل شائع إلا أن سلاح البحرية الأمريكي أبان بعض الأضرار التي
يسببها الفسفور وحذر من المساس بحطام ألواح الفسفور نظرا لما تحتويه من سميات.
تدمير الدول الفقيرة
أحد الأسباب الرئيسية التي جعلت الولايات المتحدة تغض الطرف عن تصدير النفايات الالكترونية هي وبعض الدول الصناعية الغنية انها استفادت من هذا
الأمر كثيرا. وما زال حتى هذه اللحظة الوجهة الوحيدة لهذه النفايات هي دول آسيا الناميةرغم أن القدر الكبير لهذه النفايات السامة يصدر عن الدول الغنية
اقتصاديا. ويعد تصدير هذه النفايات الى الدول النامية هو احد الطرق التي انتهجتها الدول المتقدمة في التعامل مع هذه المشكلة المكلفة داخليا.
وازدادت في الآونة الأخيرة موجات النفايات الإلكترونية المسماة تجارة النفايات بما تحتويه من مكونات سامة إلى دول جنوب آسيا وسيظل هذا الأمر طالما
العالم يحكم بوحشية القوة الاقتصادية وطالما لا توجد ضوابط لهذه الممارسة. وستظل وجهة هذه النفايات هي الدول الفقيرة تحت غطاء إعادة التصنيع.
ونتيجة الجهود المتواصلة في مواجهة حرية الاتجار بالنفايات الالكترونية السامة كان الخروج بمعاهدة (باسيل) عام1989م. ولهذا السبب ايضا تم الاتفاق
عام 1994م على ان تتبنى معاهدة (باسيل)التحريم التام لتصدير جميع انواع النفايات السامة من الدول الغنية إلى الدول الفقيرة أيا كان السبب.
أسباب الحظر
أهم الأسباب التي أدت إلى منع الاتجار في النفايات السامة هي: تعتبر تجارة النفايات السامة غير عادلة كونها تستهدف الشريحة الفقيرة. وترهقهم ببيئتها
السيئة. كما يكون الأمر أسوأ عندما يكون نصيب الضحية هزيلا من الفوائد والدوافع.
تجارة النفايات السامة تسمح لمسببي هذه الكارثة من ايجاد مخرج خارجي لما ارتكبوه من جرم. وطالما كان هناك مخرج رخيص التكلفة لمشكلة هذه النفايات
متمثلة في المجتمعات الفقيرة لن تسعى مصادر هذه النفايات إلى تقليل الحجم والكمية.
من الصعب اجتناب الأثر السام لاعادة تصنيع النفايات الضارة مهما كانت درجة التطور التي تتمتع بها قطاعات إعادة التصنيع. فهو عمل ملوث حتى في
أحسن حالاته. والهدف الأساسي هو تقليل مصادر هذه النفايات وليس إعادة تصنيعها. ومن المدهش أن يعلم المستهلك أن قطاعات اعادة صناعة النفايات
الالكترونية تنقل كمية نفايات تفوق تلك التي يعاد تصنيعها بقدر كبير.
وتشير التقارير إلى ان 80%من النفايات الالكترونية يتم تصديرها الى الدول الآسيوية ويبلغ نصيب الصين وحدها من هذا المقدار نحو 90%. حيث تصل
السفن المحملة بالنفايات الى ميناء «ناهاي» في اقليم غوانغ دونغ بالقرب من هونغ كونغ. والتي يوجد بها أكبر 4 مستودعات نفايات الكترونية في العالم.
أرباح خيالية
ومن المتوقع أن ترتفع نسبة إعادة التصنيع إلى 18% بالعام كما سترتفع نسبة تصدير هذه النفايات بنفس النسبة سنويا. وسيعمل ذلك على ارتفاع نسبة
تداول هذه التجارة خاصة انها تحتوي على نسبة لابأس بها من المعادن النفيسة كالذهب والفضة والبلاديوم والبلتونيوم. ويتفق وسطاء هذا النوع من التجارة
في الولايات المتحدة على أن تصدير هذه النفايات يعود بارباح تضاعف اعادة تصنيعها محليا فضلا عن قلة المجهود المبذول الذي يتخلل عملية التصدير كونه
يحصل على تسهيلات واسعة. ويجني مصدرو النفايات الإلكترونية الثمن ثلاثة مرات.
الأول من المستخدمين والمجلس البلدي كأجر على خدمات نقل النفايات.
والثاني ثمن بيع هذه النفايات للوسطاء.
والثالث وهو الأهم ثمن التخلص من هذا النوع من النفايات من الدولة. وأشارت التقارير التي درست بعض النقاط التي وضعت لاعادة التصنيع الالكتروني
داخليا أن تكلفة جمع النفايات واعادة تصنيعها في مركز «سان خوسي» بكالفورنيا تفوق تكلفة تصديرها 10 اضعاف.
ويعلم الامريكان والدول الصناعية الكبرى جيدا أن اعادة تصنيع النفايات الالكترونية مهما بلغت فوائدها المادية تظل مخاطرها الصحية والبيئية تفوق هذه
الفوائد. فضلا عن صعوبة استخراج المعادن النفيسة المأمولة عن المكونات الاخرى وتكون عملية الفصل اكثر تكلفة.
تبريرات واهية
ويجب التذكير هنا انه في ظل وجود أسواق رخيصة لاعادة تصنيع النفايات الالكترونية آسيوياً مقارنة بالسوق الامريكي لن تكون هناك خطوات جادة
تهدف الى تنظيم هذا النوع من العمل بفرض قيود حازمة من اجل مناخ عملي آمن لسلامة العامل والبيئة.
وقد دار نقاش على مستوى عالمي مع بعض الجهات الأمريكية المسؤولة كشف عن الوجه الحقيقي وراء اصرار الولايات المتحدة على تصدير النفايات.
وكان هدف أمريكا المعلن لم يكن سوى تبرير واه لتصدير هذه النفايات الى الدول النامية هو الارتقاء بمستوى هذه الدول في مجال الصناعة والخدمات.
إلا أن القليل من التساؤل يؤكد هشاشة هذا الادعاء وهي: هل تملك الدول النامية البنية التحتية التي تمكنها من مضاهاة الدول المتقدمة في مجال التقنية؟.
هل تصلح البنية التحتية لحماية حقوق العمال والبيئة في الدول النامية؟. هل توجد بالدول النامية حماية كافية لحقوق المواطن الصحية والبيئية والملكية تؤكد
حمايتها من الاضرار؟.
وتوظف الحكومة الأمريكية جميع انظمتها وتقنيتها الحديثة لرصد ملايين تعاملات الاستيراد والتصدير التي تمر عبر حدودها وفقا لنظم التنسيق العالمي التي
تضم نحو 8000 فئة منتجة ولكن ليس من بينها واحدة تضم النفايات الالكترونية أو مخلفات حاسب آلي. وظل سيل جريان النفايات الالكترونية في اتجاه
واحد وذلك بسبب الصمام القوي المدعوم من قبل القوة الشرائية العكسية.
واشارت الدراسات إلى أن أعداد الحاسبات الآلية التي وجدت طريقها إلى اعادة التصنيع في العام 2002م بالولايات المتحدة بلغ حجمها 75 ،12 مليون
جهاز توجهت 2 ،10 مليون منها إلى آسيا أي 85% من اجمالي العدد. والغريب في الأمر ان جهات الاختصاص والحكومة الأمريكية لا تعلم شيئا عن
هذه التفاصيل ولم تعر الأمر اهتماماً بأجراء أية دراسة فيما يتعلق بهذا النوع من التجارة والتصدير الضار.
الصين
في ديسمبر من عام 2001م أجرت شبكة فعاليات باسيل (BAN) تحت غطاء منظمة السلام الأخضر القانوني في الصين وهونغ كونغ تحقيقا للوقوف على
مجريات أعمال إعادة تصنيع النفايات الإلكترونية المصدرة إلى الصين. وبعد جولة ميدانية مكثفة دامت ثلاثة أيام أجرى خلالها الباحثون لقاءات وتصوير
فوتوغرافي وتصوير فيديو مع أخذ عينات من التربة والمياه بالقرب وفي مناطق الفعاليات بقصد تحليلها. كانت النتيجة مثيرة للاندهاش بالرغم من جهلنا التام
بالعدد الفعلي لمراكز معالجة النفايات الإلكترونية بالمنطقة إلا أن ما شاهدناه كان كافيا للتأكد من خطورة هذا العمل فبعد أن يتم الفرز والتقطيع والجمع
يقوم العمال وغالبيتهم من القرى المحيطة بمراكز النفايات بحرق ما تبقى.
تصبح الحالة الصحية لهؤلاء العمال يرثى لها فمعظمهم مصاب بأمراض الرئة والكلى والأمراض الجلدية المزمنة نتيجة استنشاقهم اليومي لهذا المناخ الملوث
فضلا عن تناول الأكل والمياه في بيئة غير صالحة تماما.
وباء حقيقي
أما الشيء الذي يثير التساؤل حقا هو أن جميع مواقع النفايات الالكترونية تقع في مناطق قروية بسيطة يعيش أهلها في ظروف اقتصادية قاسية. فمثلا نجد
«غوياو» التي كان معظم سكانها يعيشون على زراعة الارز في السابق وكانت من انقى المناطق مناخا أصبحت حاليا ومنذ العام 1995م من اكبر مكبات
النفايات في العالم وهذا بفضل السعي الحثيث من قبل الأهالي لبلوغ الحياة المدنية الصناعية ومفارقة حياة الزراعة الفقيرة.
وبالرغم من قصر مدة هذه الفعاليات بتلك المنطقة إلا أن مياه المنطقة أصبحت غير صالحة للشرب تماما وصار أهالي المنطقة يجلبون المياه يوميا بالشاحنات من
مدينة «نينجنج» التي تبعد عن «غوياو» نحو 30 كيلومترا.
وقد قدرت السلطات الصينية حجم عمالة لإعادة تصنيع النفايات الالكترونية في «غوياو» وحدها بنحو 00 ،100 شخص يتزايد عددهم يوميا. إلا ان
حجم النفايات في تلك المنطقة غير محدد كونه في حركة دائمة. و«غوياو» هي مثال بسيط لكثير من المناطق والقرى الصينية الأخرى الكثيرة التي فقدت
شكلها المعهود وباتت تنام على جبال من النفايات الخطرة والتي هددت الزرع والضرع ولوثت الماء والهواء خلال 7 أعوام فقط وجعلت من تلك المنطقة
وباء صحيا حقيقيا ولا تصلح للعيش بها.
باكستان
وفي باكستان لنأخذ مدينة كرا تشي مثلا وليس حصرا حيث نجد فيها «شير شاه» أكبر سوق للأدوات المستعملة التي تصل إلى البلاد عبر التهريب أو الطرق
المشروعة.
وفيها تتوفر جميع أنواع الأجهزة الكهربائية والالكترونية وقطع الغيار والحاسبات الآلية المعاد تأهيلها للاستخدام ليعاد توزيعها إلى بقية المدن الباكستانية
الأخرى. وتخدم «شير شاه» كسوق مفتوح لا تسيطر عليه الحكومة بأي حال من الأحوال. وتكثر فيها مستودعات النفايات الضخمة التي تأتي من معظم
دول العالم. إضافة إلى أمريكا نجد نفايات الكترونية تأتي من دول مثل: استراليا واليابان وانجلترا وسنغافورة إضافة إلى بعض دول الخليج العربي.
قليل من البحوث كشفت أن باكستان تجري فعاليات اعادة تصنيع النفايات الالكترونية في بيئة لا تختلف كثيرا عن تلك الموجودة في الصين. ويتضح من
ذلك أن هجرة نفيات الغرب إلى آسيا ليست مقصورة على الصين.
إلا أن باكستان لا تملك البنية التحتية التي تمكنها من اتخاذ الاجراءات الكفيلة بإيجاد حلول جذرية لهذه المشكلة التي باتت تهدد مواطنيها وبيئتها كالتي بدأت
تتخذها الصين. وبالرغم من قلة حجم النفايات الالكترونية في باكستان والهند مقارنة بالصين إلا أن التهديد في هذه الدول يعتبر أخطر وأكبر حيث تجري
فعاليات اعادة التصنيع دون استخدام ابسط أنواع الوقاية.
الهند
وفي الهند تتركز اعادة تصنيع النفايات الالكترونية في المناطق التي تحيط بنيو دلهي حيث يوجد في هذه المناطق أكبر مستودعات واسواق النفايات المستوردة
التي تدخل البلاد عبر الموانئ الغربية. وتعد مدينة دبي الاماراتية من أهم المنافذ التي تغذي منطقة دول شبه القارة الهندية بالنفايات الالكترونية. وحول نيو
دلهي نجد مناطق «ماندولي» و«سدار بازار» و«كانتي نغار» و«اولدسالم بور» وغيرها من المناطق التي أصبحت موبوءة بالتلوث الصادر عن فعاليات اعادة
تصنيع التفايات الالكترونية.
وقد نظم وسطاء وتجار هذه السلعة انفسهم ويوجد الكثير من الوسطاء الذين يجمعون هذه النفايت في الخارج وخاصة مدينة دبي حيث تعتبر ملتقى طرق
للسفن القادمة من الغرب ومن بين هؤلاء الوسطاء الذين كونوا ثروة كبيرة من هذه التجارة نجد «تشاندر موهان» الذي يتخذ من دبي مقراً لنشاطه.
وقد أصيب الباحثون الميدانيون لجمعية «رابطة السموم» الهندية بدهشة كبيرة عند زيارتهم لمناطق اعادة تصنيع هذه النفايات لما وجدوه من نسبة تلوث عالية
إضافة إلى العديد من الأمراض الجلدية والرئوية حتى ان العديد من تلك الأمراض لم يتم تحديده ومعرفته بعد.
وفي هذه الدول الثلاث لوحظ استخدام اعداد كبيرة من النساء والأطفال القصر في هذه الأعمال وخاصة لفصل مكونات الأجهزة الالكترونية وهي من
اخطر المراحل للاتصال المباشر بالمكونات الخطيرة وخاصة تلك التي تكون لوحات الدوائر. كما يعمل هؤلاء الاطفال على اضرام النار واستنشاق
العناصرالأولية النابعة عن الاحتراق مما يؤثر كثيرا على صحة الأطفال والنساء والأجنة داخل بطون العاملات.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|