الكثير من الخواطر الإيمانية تجول بنفس كل معاق، فأمله في هذه الدنيا أن يحقق الكثير، ولكنه يحتاج إلى المساندة والحب والرحمة من كل من حوله...
وهذا اليوم يذكرنا كأصحاء بمعاناة المعاق ويرقق قلوبنا ويدفعنا إلى المزيد من التعاطف والدعم والمساعدة بكل ما نستطيع، ويشترك العالم كله اليوم في الاحتفال بيوم المعاق...
وإيماناً بقضية المعاق وقدراته الفذة التي ستظهر وتفيد المجتمع أقيم احتفال بهذه المناسبة بجامعة الطائف للبنات بموافقة معالي مدير الجامعة عبد الإله بانجه، وعميدة الدراسات الجامعية د. سميرة كردي بالاشتراك مع مركز التأهيل الشامل للإناث ومركز المتميزين لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة ومدارس التربية والتعليم المدمجة وقسم التربية الخاصة من عضوات هيئة التدريس ورؤساء الأقسام والطالبات، وكذلك بالتعاون مع عميد شؤون الطالبات د. فهد الجهني والأستاذة صالحة الجعيد مديرة العلاقات العامة بالجامعة ومديرة النشاط أ.ربيعة أبو حربة.. اتحد كل هؤلاء لإقامة احتفال مشرف يليق بهذه المناسبة سواء في قسم الرجال بالحوية أو في قسم النساء بالقروي بالطائف، واشتمل الحفل على فقرات شارك فيها عدد من الأطفال وكلمة لعميدة الدراسات الجامعة ألقتها نيابة عنها د. وفاء اليافي وتركز الاهتمام في هذا اليوم حول ضرورة الاهتمام بهذه الفئة ودمجها في المجتمع وتفعيل دور ذوي الاحتياجات الخاصة والاهتمام بهم واكتشاف مواهبهم وتأهيلهم بالفعل لدمجهم في الوظائف المختلفة حتى لا يشعرون بالوحدة وتزداد همومهم، ثم ألقت د. سميرة جنبي من مستشفى القوات المسلحة بالهدا محاضرة تحدثت فيها عن الإعاقة كنتيجة للأمراض الوراثية وتناولت المحاضرة العلمية عدة قضايا كلها ترتبط بالوراثة والتوعية للفحص قبل الزواج حتى نحمي أطفالنا ومجتمعنا من الإعاقة وتلخصت فيما يلي:
ما هية الوراثة والأمراض الوراثية
لا بد أن نعرف أولاً ما هي الوراثة والأمراض الوراثية لكي نعرف كيف تحدث الإعاقة، فالخلية هي وحدة بناء الجسم الإنساني الذي يحتوي على بلايين الخلايا التي فيها معلومات كاملة لخلق الإنسان وهذه المعلومات محفوظة داخل النواة.... وتحتوي النواة على خيوط طويلة من الحمض النووى DNA كل خيط ملفوف بشكل متقن تظهر على شكل عصي صغيرة تسمى الكروموسومات أو الصبغات الوراثية..، في كل خلية 23 زوجاً منها (46 كروموسوما) وهذا الخيط الطويل من الحامض النووي مقسم إلى قطع تسمي مورثات.......... ويجتمع في الكروموسومات من 50 إلى 70 ألف مورث كل مورث عبارة عن خيطين طويلين متوازيين من القطع المتلاصقة من الحمض النووي كل قطعة منها تنتج مادة خاصة تسمى الحمض الأميني تلتصق ببعضها البعض لتصنع البروتين، ومن أمثلة الأمراض الوراثية المتنحية: الأنيميا المنجلية ، أنيميا البحر المتوسط (الثلاثيميا) ، مرض ضمور العضلات الشوكي ،الأمراض الاستقلابية التي من الممكن أن تؤدي إلى إعاقة ذهنية إذا لم تعالج مبكراً ، أمراض الجلد الوراثي الفقاعي........... وقد تحدث الطفرة الوراثية التي هي تغيير في تركيب المادة الوراثية مما قد يؤدي إلى تغيير في الصفات الوراثية، فقد تكون العائلة بأكملها خالية من الأمراض الوراثية ومع ذلك يحدث أن يولد طفل مصاب ففي هذه الحالة يكون هذا المرض نتيجة صدفة أو طفرة.
الإصابة بالأمراض نتيجة الوراثة
إذا كان كل من الأبوين سليماً فلا شك في أن الذرية كلها ستكون معافاة من كل الأمراض........ أما إذا كان أحد الأبوين حاملا للمرض والآخر سليم تكون نصف الذرية حاملة للمرض والنصف الآخر سليم..... وإذا كان كلا الوالدين حاملا للمرض كانت نصف الذرية حاملة للمرض وربعها مصاب والربع الأخير سليم.......... وأخيراً إذا كان أحد الأبوين مصاباً والآخر سليماً كان نصف الذرية مصابا بالمرض ونصفها الآخر حاملا للمرض.
ولكن لماذا تحدث الأمراض في الإنسان؟؟ والإجابة هي أن الأمراض تحدث لعدة أسباب منها: عوامل وراثية مثل الأنيميا المنجلية أو عوامل بيئية مثل الحوادث أو عوامل وراثية وبيئية معا مثل السكرى والربو...... فمعنى ذلك أنه إذا وجد أن شخصاً لديه تاريخ عائلي بمرض الربو مثلا فذلك يعني أن لديه استعداداً وراثياً للإصابة بالإضافة إلى العوامل البيئية التي تساعد على حدوث الربو.
العيوب الخلقية
هناك عيوب خلقية منفردة مثل زيادة أصبع أو لحمية عند الأذن، كما أن هناك عيوبا خلقية متعددة كالتي تحدث عند ولادة الطفل بأكثر من عيب خلقي واحد ولها عدة أسباب تحدد بأنواعها ومن أهمها ما يلي:
1-العيوب الخلقية الناتجة عن اختلال الصبغيات والكروموسومات في العدد أو التركيب، وفي هذه الحالة يكون لدية إعاقة ذهنية وجسمية.
2- العيوب الخلقية الناتجة عن المورثات (الجينات) مثل العيوب الخلقية الناتجة عن أمراض وراثية سائدة والعيوب الخلقية الناتجة عن أمراض وراثية متنحية.
هل هناك ضرورة للفحص الطبي
قبل الزواج
يعد الفحص الوراثي قبل الزواج وسيلة لتجنب مآسي أسرية وأطفال مرضى كما أنه ضروري من أجل حياة أفضل ومستقبل خال من الأمراض المستعصية بإذن الله، ويعد الالتزام والتقيد بإجراءات الفحوصات الوراثية قبل ارتباط الطرفين مهما جداً لتكوين نواة أسرية جديدة وحماية للمجتمع من الأمراض الوراثية التي يتكلف علاجها مبالغ طائلة لذلك ينصح بشدة في مثل هذا اليوم بأهمية الفحص لما قبل الزواج. ويساعد الفحص قبل الزواج على التشخيص المبكر لبعض الأمراض الوراثية التي قد يكون الرجل أو المرأة أو الاثنين معا حاملين لها دون أن يعلما لأن الحامل للمرض الوراثي ليس مريضاً ولكن المشكلة هي أنه إذا ارتبط بشخص آخر حامل للمرض فإن نسبة إنجاب أطفال مرضى هي 25 % وأطفال صحيحين هي 25% وأطفال حاملين للمرضى بنسبة 50%... لذلك فلا بأس من ارتباط امرأة حاملة للمرض برجل سليم، ولكن المهم ألا يرتبط رجل حامل للمرض بامرأة حاملة للمرض، وكمثال لهذه الأمراض الوراثية مرض فقر الدم المنجلي وفقر الدم الثلاثيميا والهيموفيليا.... وكما يمكن عمل فحوصات وراثية للجنين في حالة وجود أطفال مصابين بأمراض وراثية فيمكن للحامل في الشهور الأولى أن تقوم بعمل فحص للجنين من خلال السائل الأميوني لمعرفة ما إذا كان الجنين مصاباً بنفس المرض أم لا أو بفحص المشيمة أو بالموجات الفوق صوتية.
الوراثة وزواج الأقارب:
تعد فحوصات ما قبل الزواج مهمة للأقارب وغير الأقارب، ولكنها تكون أكثر أهمية للأقارب خاصة في حالة وجود أمراض وراثية، فقد أثبتت دراسات عديدة زيادة نسبة الأمراض الوراثية والإجهاض المتكرر والولادة المبكرة عند المتزوجين الأقارب عنها في غير المتزوجين من أقارب، وتزداد نسبة هذه الأمراض كلما زادت درجة القرابة.
متى تجب الاستشارة الوراثية:
-وجود أمراض وراثية في العائلة مثل أمراض الدم الوراثية.
- وجود عيب خلقي أو تخلف عقلي في أحد أفراد العائلة.
- تكرار الإجهاض لدى الأم.
- إذا كانت الأم متقدمة في العمر (فوق 35 سنة).
- وجود إعاقات سمعية أو بصرية.
- الأمراض السرطانية ونقص المناعة الوراثية.
ولكن.... هل هناك علاج للأمراض الوراثية؟
للأسف ليس من السهل علاج المرض الوراثي ولكن هناك بعض المحاولات مثل:
- نقل الدم بصفة منتظمة كمرض أنيميا الثلاثيميا أو أنيميا البحر الأبيض المتوسط.
- قد يكون بالحمية الغذائية مثل الأمراض الاستقلابية أو بزراعة نخاع العظام في مرض عديد السكر المخاطي.
- وهناك أمراض وراثية ليس لها علاج، أما عن العلاج الجيني فلا زال في دور التجربة وأخيراً التأكيد على الفحص قبل الزواج فالوقاية خير من العلاج.