|
بين أن يكون الإنسان محترماً أو لا يكون؟!
|
يكون احترام الإنسان عالياً وكبيراً لدى غيره متى كان حريصاً على احترام نفسه أولاً واحترام غيره ثانياً..
في آرائه..
وتصرفاته..
ومستوى علاقاته وتعاملاته مع الآخرين..
وبقدر التزام المرء بما يلقي بظلال من الاقتراب لما يلبّي تحقيق ذلك، بقدر امتلاكه لاحترام الناس له وتقديرهم لشخصه، فضلاً عن احترام المرء لنفسه أولاً وأخيراً.
***
في مقابل ذلك..
وعلى النقيض منه..
سيكون الإنسان سيئ الحظ..
وستكون هناك مسافة غير طبيعية بين الإنسان وبين ما ينبغي أن يكون عليه..
بما لا قدرة لنا على تفسير ذلك، إلا على أنه بمثابة محصّلة لعدم احترام الإنسان لنفسه أولاً، وبالتالي عدم احترام غيره له ثانياً.
***
وكُلٌّ منَّا يستطيع أن يختار أياً من الطريقين بما لهما من قياسات وأبعاد، وذلك بقدر ما يستوعبه فهمه ووعيه واحترام هذا الإنسان أو ذاك لذاته..
ويُفترض بالمرء مع رؤيته السليمة، أن يكون انحيازه نحو ذلك السلوك الذي يضعه حيث يجب أن يكون من حيث الاستحقاق بما يؤهله في النهاية لكل صفات الاحترام.
***
على أن كثيرين ممن تنقصهم الخبرة..
ويفتقرون إلى ما لدى غيرهم من التجارب..
نجدهم - مع كل هذا - لا يتخلّون أبداً ولو عن صفة واحدة من الصفات التي يُقاس من خلالها درجة احترامهم، بل إنهم غالباً ما يلتزمون بها بوصفها شعاراً وعلامةً مستحقينِ للحالة التي يريدون أن يكونوا عليها..
لكن هناك غيرهم مَنْ لا يأبه بما يُقال عنه أو يُنعت به من صفات سلبية، انطلاقاً من أنه لا يعنيه تقييم الناس لآرائه وسلوكه وأسلوب تعامله معهم.
***
وبين أن يكون الإنسان محترماً أو لا يكون..
تظل المعادلة واضحة ومفهومة، ومتاحاً لكل منَّا إمكانية التوصل إلى قياسات لها، وبالتالي اختيار ما يناسبنا منها..
غير أن بعضنا - أقول بعضنا - إنما يسيء إلى نفسه حين يتصرف بما يبعده من المواقع الأمامية إلى صفوف خلفية دون أن يفكر بإفرازاتها آنياً وفي المستقبل على حالته وموقف الآخرين منه.
***
الإشكالية ليست بالجدل حول المفاضلة بين خيارين..
وإنما في الفكر السليم الذي يقود الإنسان إلى أخذ القرار المناسب الذي يعزِّز احترام الناس له..
وفي الممارسة التي تضفي على الإنسان صورةً جميلةً من خلال آرائه وسلوكه وتعامله مع غيره..
وفي زعمي أن مرحلة من المراجعة يقوم بها الإنسان من حين لآخر للتأكد من أنه يسير في الطريق الصحيح ربما كان ذلك مهماً وضرورياً، لكي لا يبقى المرء بلا احترام أو من غير قيمة لدى الآخرين.
خالد المالك
|
|
|
بعد تغير موازين القوة الاقتصادية في آسيا التنين الصيني يبتلع المارد الياباني!!
|
* إعداد - عايدة السنوسي
منذ سنوات قليلة نجحت الصين في فرض نفسها على العالم كقوة اقتصادية منطلقة بسرعة لتحتل مكانة متميزة على الخريطة العالمية. ورغم كل الضجيج الذي تشهده الولايات المتحدة بسبب تنامي القوة الاقتصادية للصين بما يهدد الولايات المتحدة صاحبة أكبر اقتصاد في العالم فإن اليابان تبدو الخاسر الأكبر من صعود التنين الصيني.
وقد نشرت صحيفة إنترناشيونال هيرالد تربيون تقريرا تحت عنوان (رسالة من الصين: قصة مدينتين- شنغهاي وأوساكا) استعرض فيه الكاتب هيوارد لافرنشي ملامح التحول في موازين القوة بشرق آسيا لصالح الصين وعلى حساب اليابان من خلال رصد التحولات التي تشهدها مدينتا شنغهاي الصينية وأوساكا اليابانية.
يقول الكاتب، مهما كانت التسمية سواء عملية إحلال أو صعود وهبوط أو تبادل مواقع أو غير ذلك فهناك تحول في المكانة النسبية لكل من الصين واليابان. ومن المؤكد أنك تستطيع رصد هذا التحول من خلال الاحصائيات التي تظهر أن التجارة الصينية أصبحت أكثر حيوية وخطورة بالنسبة لليابان حيث أصبحت الصين تستحوذ على حوالي 21 في المئة من إجمالي التبادل التجاري لليابان متقدمة على الولايات المتحدة. في حين أن التجارة اليابانية ورغم أنها مازالت تشكل جزءا أساسيا من التجارة الخارجية للصين فإنها تتجه إلى الانكماش.
ولكي ترصد ذلك التحول في موازين القوة الاقتصادية على الأقل في شرق آسيا بين الصين واليابان يمكنك إلقاء نظرة على الموقف في ثاني أكبر مدينتين بالدولتين وهما شنغهاي الصينية وأوساكا اليابانية، يجب أن تنتبه إلى أنه لا يوجد شيء يسمى مدينة ثانية بالمعنى التقليدي.
فعدد قليل جدا من المدن في هذه المنطقة مؤهل لاعتباره مدينة ضخمة على النمط الغربي سواء من حيث ضخامة الحجم أو من حيث آليات الحياة فيها. ومع ذلك فإن شنغهاي وأوساكا على رأس قائمة مثل هذه المدن. ولكن في الوقت الذي ما زالت شنغهاي في مرحلة النمو ربما بمعدلات أسرع كثيرا من أوساكا فإن الأخيرة التي كانت قاطرة المعجزة الاقتصادية في آسيا خلال النصف الأول من القرن العشرين دخلت مرحلة الركود منذ أكثر من عشر سنوات. بل إن مؤشرات الركود وربما الانكماش بها لم تعد تخطئها العين.
ويقول الكاتب: لقد صفعتني حقيقة التحول الحالي في مراكز القوة والثقل بمنطقة شرق آسيا عندما كنت على متن طائرة متجهة من شنغهاي إلى أوساكا مؤخرا. وقد جاء مقعدي بالقرب من مؤخرة الطائرة الأمر الذي أتاح لي رؤية كل الركاب تقريبا. وفيما بعد صعدت شابتان ترتديان أحدث الموديلات ولكن بأناقة واضحة.
وقد خمنت أن تكونا يابانيتين وفقا لتصنيف الروائي نيل ستيفنسون لشعوب آسيا في روايته (كريبتونوميكون) حيث صنفهما إلى مجموعتين الأولى تجيد اختيار ملابسها والثانية لا تجيد ذلك. وكان اليابانيون في هذه الرواية ضمن الفئة الأولى في حين كان الصينيون ضمن الفئة الثانية. وقد نسيت تماما أمر الفتاتين وملابسهما الأنيقة وشعرهما المصفف بعناية وحذائيهما غاليي الثمن عندما لاحظت طابور الركاب الذين نزلوا من الطائرة واصطفوا أمام الباب المخصص لخروج الأجانب من مطار أوساكا الدولي حيث كانت اللغة الصينية بلهجة أهل شنغهاي هي السائدة. وخلال الأيام القليلة التي أمضيتها في مدينة أوساكا كانت المفاجأة الكبيرة بالنسبة لي هي حالة الهدوء التي كانت تسيطر عليها.
فإلى جانب الحياة الصاخبة والمرور المزدحم في شنغهاي فإنني افتقدت خلال وجودي بمدينة أوساكا مشاهد أعمال البناء والتعمير التي كانت عيني تقع عليها أينما وجهت نظري بشنغهاي. ففي تلك المدينة التي تعتبر قاطرة المعجزة الاقتصادية التي تحققها الصين حاليا ترى أعمال البناء والتشييد في كل مكان وترى عمال البناء الذين يمهدون الأرض لبناء ناطحات السحاب كتلك الموجودة حاليا في اليابان والولايات المتحدة.
والحقيقة أن عدم ازدحام الشوارع في أوساكا لا يعني أبدا أنه لا توجد سيارات في الشوارع ولكن هذه المدينة مثل غيرها من المدن اليابانية تتمتع بنظام مروري منضبط وبالتالي لا يمكن أن يحدث أي ارتباك أو ازدحام مروري بشوارعها. ولكن ما لفت نظري بالفعل هو تلك الصفوف الطويلة من سيارات الأجرة التي اصطفت أمام محطات القطارات وقطارات الأنفاق الرئيسية في مختلف أنحاء المدينة تبحث عن ركاب. وقد اقتربت من أحد السائقين واسمه يوجي ياماماتو وقدمت نفسي له كأمريكي يعيش في شنغهاي. وقد أثار هذا رد فعل قويا جدا حيث بدا كما لو كان أمريكيا من إحدى المدن الأمريكية المتوسطة وقد عاد لتوه إلى مسقط رأسه قادما من أوروبا على متن سفينة بخارية عملاقة منذ نحو مائة عام. يقول ياماماتو الذي يبلغ من العمر 58 عاما (إن الأمر يبدو وكأن كل الشركات قد انتقلت إلى شنغهاي وأن كل رجال الأعمال قد انتقلوا إلى هناك أيضا.. ومن خلال القصص التي أسمعها اعتقد أن شنغهاي تبدو مدينة غير عادية. فالكثير من اليابانيين يذهبون إلى هناك ولا يعودون). وعندما سألته عن الوضع الاقتصادي في مدينة أوساكا قال (الوضع كما تراه تماما. فأنت قد تنتظر ثلاث ساعات دون أن تجد زبونا واحدا يريد استخدام السيارة الأجرة. فالناس لم تعد مستعدة لانفاق المال الآن). والحقيقة أن إحدى اليابانيات أمطرتني بقائمة من الأسئلة عن شنغهاي وبنفس الشعور بالدهشة تجاه تلك المدينة الصينية الواعدة.
وعندما رددت عليها بوصف شكل الحياة في شنغهاي والإيقاع السريع للحياة بها وغياب اللمسة الإنسانية والتغيير المطرد في كل شيء فإنها صمتت لحظات قبل أن تبدأ الحديث لتقول (هذا الكلام يذكرني بما كان يقوله والداي عن أوساكا قبل عشرات السنين. فكل شيء كان يتغير بسرعة وكل شيء كان يبدو جيدا في تلك المدينة اليابانية في سنوات شباب والدي).
ولا يبدو أن الحكومة اليابانية تدرك التحولات التي تحدث حاليا في شرق آسيا.
وربما تكون تلك الحكومة برئاسة جينشيرو كويزومي رئيس الوزراء اختارت التظاهر بتجاهل تدهور مكانة اليابان الاقتصادية في آسيا كوسيلة للحد من الأضرار التي يمكن أن تتعرض لها حكومته بسبب هذا التدهور. ولكن هذا التجاهل لا يمكن أن يكون الخيار المفضل لدى الناس في مدينة أوساكا الذين يبدو أنهم يدفعون ثمن صعود القوة الصينية أكثر من غيرهم من اليابانيين. فهناك شعور عام بالإحباط بين سكان مدينة أوساكا.
فبعد سنوات من الركود الذي أصاب الاقتصاد الياباني ككل بدأت بوادر الانتعاش تظهر من جديد. ولكن المشكلة أن هذا الانتعاش لا وجود له في أوساكا التي كانت في يوم من الأيام قاطرة الاقتصاد الياباني. وقد التقيت مع أحد اليابانيين في القطار بمدينة أوساكا وسألته عن هذا الوضع فقال لي إنه إذا كان هناك نمو في الاقتصاد الياباني فإنه يتحقق في العاصمة طوكيو بفضل القطاع المصرفي وفي ناجويا بفضل صناعة السيارات. يقول شنجي سوزوكي موظف في شركة تأمين (عندما تذهب إلى ناجويا سوف تشعر بالازدهار قبل أن تغادر محطة القطار. لكن باقي الدولة تعاني الركود).
وإذا صح كلام هذا الرجل فإنه يعني أن طوكيو وناجويا التي يوجد بها مقر شركة تويوتا موتور كورب ثاني أكبر منتج سيارات في العالم هما آخر المدن التي تحتفظ بسمات اليابان القديمة التي هزمت العديد من دول العالم في العديد من المجالات الاقتصادية خلال السنوات الخمسين الماضية حتى أصبحت اليابان تمتلك ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
والآن أصبحت أغلب مناطق اليابان الأخرى تنظر إلى الصين بشعور مختلط ما بين الخوف والامتنان حيث تقدم الصين للشركات اليابانية فرص نمو غير محدودة وتفتح أبوابا أمام اليابانيين لاقامة مشروعاتهم الاقتصادية هناك لكنها في الوقت نفسه تحرم اليابانيين من الكثير من فرص العمل التي كان يفترض أن تتاح على الأراضي اليابانية.
وقد ازداد عدد اليابانيين في مدينة شنغهاي إلى درجة انتشار المجلات التي تصدر باللغة اليابانية فيها أكثر من انتشار المجلات الصادرة باللغة الإنجليزية في أي مدينة أمريكية كبيرة.
وقد تجسدت صورة هؤلاء المستثمرين والباحثين عن الفرص اليابانيين الذين يتطلعون إلى الصين في طريق عودتي إلى شنغهاي من اليابان حيث استغرق خروجي من المطار أكثر من ساعة كاملة ليس بسبب نقص كفاءة موظفي الجوازات في المطار وإنما بسبب الزحام الكبير لليابانيين الذين يريدون دخول الصين.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|