|
لا تعتذروا..!! |
بمثل هذه الدموع الكاذبة..
وهذا التنديد المفتعل..
بكل ما رأيناه وسمعناه من أسى وشعور بالألم مشكوك في مصداقية أصحابها..
وبهذا الذي كان صدى لسلوك السجّان المحتل في بغداد في ضوء وحول جرائمه مع سجانيه..
بهذه الاعتذارات المترددة المعلنة على استيحاء لإطفاء ردود الفعل الغاضبة..
وبكل اللقاءات الإعلامية التي وظفت للتخفيف من هول الجريمة الإنسانية بحق سجناء أبو غريب دون أن تطفئ نار الكراهية للمعتدين..
أقول للمحتلين: تباً لكم ولا تعتذروا فالجريمة أكبر من كل دموع التماسيح والاعتذارات الكاذبة..
***
ولكل الأبواق العربية المأجورة والمعادية لأمتها..
لتلك الأقلام المشكوك في انتماء أصحابها إلى العروبة والإسلامية..
لهؤلاء ولمن ينتمون إلى لغتنا وديننا ممن بلغ بهم عدم الحياء حد الدفاع عن أعمال العدو وسوءاته الأخلاقية بحق شعب العراق الشقيق..
أقول لهم: لا تعتذروا فقد ظهرتم على حقيقتكم وانكشف دافعكم وتبين للأمة حالكم..
***
إلى ما يزيد كثيراً على المليار مسلم..
عرباً كانوا أم عجماً..
وإلى الشرفاء في العالم من غير هؤلاء..
إلى ذوي الحس الإنساني والعاطفي..
والمتأدبين بأخلاق الديانات السماوية..
أسألكم لماذا غابت النخوة والانتصار للحق في تعاملكم مع هذا الموقف المقزز..؟
وأينكم من الدعوة إلى حقوق الإنسان وكرامة الإنسان وحق الإنسان في حياة حرة كريمة وشريفة؟
***
قتل وتعذيب..
وممارسات جنسية يقوم به السّجّان مع السجناء والسجينات في العراق المحتل..
وصور مؤذية تفضح الحال هناك وتنقل للعالم القليل مما يجري في السجون هناك..
فيما يكتفي العالم بالصمت ويلوذ بالفرار عن إبداء الرأي مراعاةً أو خوفاً أو نفاقاً للولايات المتحدة الأمريكية..
وكان قدر هذا الشعب أن يعيش هذا العذاب بديلاً للحرية التي وُعِدَ بها وبُشِّرَ بحلولها وعاش على أمل بإطلالتها..
***
أتساءل:
أين الضمير العالمي..
وأين العدل..
وأين عقلاء أمريكا من هذا الذي يسيء إلى تاريخها ويقوّض ما تدعيه من مبادئ وأخلاق!
خالد المالك
|
|
|
فراشة في بكين تثير عاصفة في نيويورك (الهيولية). . العلم المنسي في العالم العربي! |
* القاهرة هيفاء دربك
يكاد يكون علم الهيولية مجهولاً تماماً للمكتبة العربية، فلم نسمع بعد عن كتاب أو مقالة علمية تتناول هذا العلم، اللهم إلا بعض الإشارات المتفرقة عما يسمى (علم الفوضى)، وهى التسمية التي ارتآها البعض لهذا التخصص على أساس أن لفظ الفوضى هو المقابل المعجمي لكلمة (chaos)، رغم أن هذا العلم يتناول ظواهر أبعد ما تكون عن صفة الفوضى.
فعلم (الكيوس) أو الهيولية حسب الترجمة الحرفية يدرس تداعيات التداخل بين العوالم التي تتفاقم وتستمر في التفاقم بحيث إن أتفه عامل من العوامل يمكن أن يؤدي إلى اخطر النتائج، ولهذا السبب في التداخل الشديد فإنه يقال: إذا رفرفت فراشة في بكين مثلاً، يمكن أن يتولد عن ذلك عاصفة شديدة في نيويورك.
والأكثر غرابة أن هذا العلم استطاع أن يربط بين التخصصات المختلفة في العلوم، فأصبح من المقبول أن يقوم عالم الرياضيات بتحليل ظاهرة طبية.
وقد حدث ذلك بالفعل في أوائل السبعينات في بريطانيا التي واجهت وباء الحصبة، وفشلت المواد المضادة في إيقافها، مما أعطى الأطباء إحساساً بأن هذه المواد غير مؤثرة، وتدخل في الأمر أحد علماء الرياضيات والمتخصصين في علم (الكيوس) وقال: إنها حالة من حالات(الهيولية) التي لا علاقة لها بالدواء، وأن الوباء سينحسر بعد فترة وجيزة، وهذا ما حدث بالفعل. وربما يزداد الأمر غرابة عندما نعلم أن الظواهر الطبيعية عندما تخرج إلى حالة اللانظام يمكن تحليلها بهذا العلم، وأول من استفاد من ذلك مرضى القلب.
حيث توجد أجهزة مصممة على هذا العلم تشعر بإرهاصات تحول القلب إلى حالة من عدم الانضباط فيواجهها الأطباء بردة إلى حالة الانضباط.
والطريف أن نجد إحدى التعليقات عن هذا العلم ظهر في إحدى المجلات تحت عنوان (الحقائق العلمية وراء قصة حب بين صحافي وراقصة) طبق فيها المعلق مبادئ هذا العلم على هذه التجربة العاطفية.
وحتى يزول الغموض عن هذا العلم كان لابد من اللقاء التالي مع المهندس علي يوسف أول من اهتم بهذا العلم في الوطن العربي وتفرغ لدراسته وأنجز عدداً من الترجمات منها (ما وراء العلم) و(الهيولية تصنع علماً جديداً) و(الهيولية في الكون).
وفيما يلي نص اللقاء:
* في البداية سألناه عن سر انصراف الثقافة العربية عن هذا العلم الذي هزّ العالم المتقدم ومازال؟
السبب هو الخطأ في ترجمة اسمه، فالعلم اسمه الرسمي (النظم الديناميكية غير الخطية)، ولإعطاء اسم شعبي للعلم اختير له لفظ (chaos) وهذا معناه الدارج (الفوضى)، ولكن معناها الأصلي (هيولية) ويقصد بها الحالة التي كان عليها الكون طبقا ل الأساطير اليونانية، فاسم العلم لا يقصد به أنه فوضى، ولكن اختيرت الكلمة لمناسبتها لموضوع العلم من حيث إنه يتحدث عن الظواهر الطبيعية التي تكون في حالة غير منضبطة.
ولكن لسوء الحظ حينما وضع اسم العلم باللغة العربية، ارتكب عدة أخطاء ذائعة في ثقافتنا العربية للجهل بقواعد الترجمة، أولاً: الإصرار على ترجمة المصطلحات من تراث كل أمة.
وكان الخطأ الثاني أن ترجم اسم العلم بناءً على المعنى الدارج، فترجم علم الفوضى، وكانت هذه ضربة قاصمة للعلم، حيث انصرف عنه العالم العربي بشقية الأكاديمي والثقافي. ولهذا السبب حينما تصديت لترجمة كتاب (chaos making a new science) لجأت للمقابل الصحيح لكلمة الهيولية، فكان الكتاب باسم (الهيولية تصنع علماً جديداً)، وما أن ظهر الكتاب في الأسواق حتى قامت الدنيا ولم تقعد لأن هذا الاختيار لاسم العلم أوجد لي معارك كثيرة انتصر لي فيها علماء اللغة والترجمة ومنهم الدكتور محمد عناني والدكتور جابر عصفور، أما غير المتخصصين والمتمسكين بالقديم، فقد هاجموا هذا الاختيار، ومع ذلك فالاسم الذي اخترته لهذا العلم وهو (الهيولي) يأخذ رسوخه بالتدريج، لأنه في النهاية لا يصح إلى الصحيح.
النظام والفوضى
* وماذا عن قدرة هذا العلم في تحليل الظواهر الطبيعية؟
العلم يعطي آليات لتحليل الظواهر الطبيعية إذا خرجت عن حالة النظام إلى حالة اللانظام، مثال ذلك أننا نستطيع أن نتنبأ بحركات الأجرام السماوية فنقول المذنب كذا سيصل إلى الأرض في وقت كذا، ولكن لا نستطيع أن نتنبأ بما سيكون عليه الطقس إلا لفترة محدودة، تكاد لا تزيد على ثلاثة أيام رغم ما لدينا من حشد تكنولوجي، والسبب أن الظواهر الطبيعية حينما تكون قوانينها بسيطة ومباشرة فإننا من خلالها يمكن أن نتنبأ بالظواهر حتى لو بعد مئات السنين، ولكن حينما تكون القوانين معقدة ومتشابكة فإن عملية التنبؤ مستحيلة، هذا بالإضافة إلى أن النظام أو الظاهرة التي تقوم عليها حالات (الهيولة) حساساً للمتغيرات الطفيفة مثل الطقس كما ذكرت والذي هو حالة مثالية لحالة الهيولية.
* وهل يمكن التنبؤ عن طريق الهيولية بالحوادث التاريخية؟
برغم قدرات هذا العلم التي فاقت قدرات العلوم الأخرى إلا أنه يصعب تطبيقاته من حيث التنبؤ بالحوادث التاريخية، لأن الباحث التاريخي مهما قويت أدواته لا يمكن أن يحيط بكافة العوامل مهما كانت تافهة، فلا يعلم الغيب إلا الله، ولدينا أدلة من التاريخ مثل (مالتوس) في نظرته التشاؤمية، لم يكن يدري أن هناك أبحاثاً حول طاقة مهولة سيمد الله بها الإنسان، وهى الطاقة الذرية، وأيضاً (كارل ماركسي) لم يكن يعرف أن مردود التطبيقات الماركسية سيعطي رد فعل لدى الطبقة التي قام لينتصر لها ليكون انهيار الشيوعية على يدها.
عموماً فالنظرة الهيولية اليوم تعتبر بلا نزاع أهم الاكتشافات في القرن العشرين، وتقف على قدم المساواة مع النظرية الكمية والنسبية وأكثر ما في هذه النظرية إثارة أنها ليست مقصورة على النظم المعقدة، بل أن أبسط النظم يمكن أن تنتابها حالة الهيولية.
* وما الجديد الذي يربط الهيولية بالظواهر الكونية؟
يجب أن نعرف بأنه على مر التاريخ كان ينظر للكون على أنه تحديدي أي يمكن التعرف عليه مع كم معقول من البيانات، وهذا يعني أننا في النهاية سوف نعلم كل شيء عن الكون من لحظة ميلاده ، ولكن هذا الأمل كان مبنياً على افتراض أن الظواهر الطبيعية خطية في علاقاتها، بمعنى أنها ليست عشوائية، إلا أنه بدأ يتكشف للعلماء أن هذا الافتراض عار من الصحة تماماً، فأغلب ظواهر الطبيعة إن لم تكن كلها غير خطية العلاقات، ويترتب على اللاخطية، الهيولية التي تعني ضمناً استحالة التنبؤ، وهذه الهيولية شيء مختلف تماماً عن العشوائية، فلها هيكل منضبط يحكمها.
بالتالي فإن تطبيقاتها مهمة في علم الفلك، فالفراغات داخل حزام الكويكبات يعتقد حالياً أنها نتاج هذه الحالة، ومدار قمر واحد على الأقل من أقمار كواكب المجموعة الشمسية، وكذلك مدارات بعض الكواكب ذاتها هيولية، وفيما يتجاوز النظام الشمسي، فقد أظهرت بعض النجوم المتغيرة سلوكاً هيولياً، كما أن بعض نجوم مجرتنا ومجرات أخرى ذات مدارات هيولية، وأخيراً فقد رأينا أن الهيولية كامنة في النظريات النسبية العامة، وأن ما فعلناه إلى الان هو خدش على السطح، فتطبيق نظرية الهيولية على علم الفلك مجال مزدهر.
وفي القريب العاجل سوف يقتحم آفاقاً جديدة، من ذلك باطن الأرض، فنحن مازلنا غير متأكدين تماماً لما يجري فيها، ولكن أثراً من ذلك نشاهده وهو انعكاس محور المجال المغناطيسي لها على دورات مدتها من 100 إلى 150 ألف من الأعوام. . إن هذا التغير يبدو عشوائياً، ولذا فليس من المستبعد أن يكون هيولياً.
كما قد يكون بإمكانها تفسير ما للشمس من أنشطة عنيفة غير متوقعة، بل أن أسطح كافة النجوم تبدو على هذه الشاكلة، فالنجوم النيترونية تقذف بين الحين والآخر برفقات عشوائية من أشعة إكس لا يعرف لها سبب.
ابن الكمبيوتر الشرعي!
* كلامك بصفة عامة يعني أن علم الهيولية أزال الحواجز بين التخصصات العلمية؟
لاشك أن هذا العلم أزال الحواجز بين التخصصات المختلفة، ولدينا في مصر رسالة ماجستير مقدمة من مهندس اتصالات قام بتصميم جهاز لمواجهة ضغط القلب كما ذكرت بهذا العلم الذي مكن من تمثيل الطبيعة تمثيلاً صادقاً، لأن حالة الهيولية تترجم رياضياً على صورة مجموعة من المعاملات الرياضية قليلة العدد، فإذا وضعت هذه المعادلات في جهاز حاسوب، فإنه يمكن تمثيل الظاهرة كما تشاء، وعلى هذا يقوم حالياً ما تراه في السينما من مناظر للأعاصير المدمرة.
ولعلني أؤكد أن هذا العلم هو أحد الأبناء الشرعيين للكمبيوتر، والذي كان سبباً في ظهور هذا العلم من خلال أحد علماء الطبيعة الجوية ويسمى (لونتس)، أمريكي الجنسية، وكان صديقاً حميماً (لفون بمن) الأب الروحي للكمبيوتر، وتولد لدى الصديقين آملاً طموحاً أن يستخدم الكمبيوتر التنبؤ بالطقس الجوي على غرار تنبؤ الفلكيين بالظواهر الفلكية، وحينما بدأ عالم الرياضيات في إجراء تجاربه بتطبيق هذه الفكرة، إذا به يصطدم بظاهرة الفراشة.
حيث وجد كل ما يجري التجربة لنفس المعاملات تكون النتائج مختلفة تماماً، حتى شك في جهازه، إلا أنه اكتشف أن الخطأ في أي معمل مهما كان طفيفاً بحيث لا يمكن للأجهزة أن تحس به ويتحول بعد فترة وجيزة إلى أن يسبب آثاراً خطيرة تجعل التنبؤ بالطقس مستحيلاً. وإذا كانت ظاهرة الفراشة قد قضت على أحلامه هو وزميله في استخدام الكمبيوتر في التنبؤ بالطقس، إلا أنه تولد عن هذا الفشل ظهور هذا العلم.
* وأخيراً هل يمكن تطبيق الهيولية على الإنسان، خاصة ونحن نعرف فوضى حالته النفسية؟
إن أهم ما يمكن أن يطبق عليه العلم هو الإنسان، فالعلم يتناول العوامل المؤثرة للشيء الخاضع له، ومدى تداخلها مع بعضها لإخراجه من حالة الاستقرار إلى حالة اللانظام الذي يختلط على الناس ويسمونه فوضى، لذلك فالإنسان هو الوحيد الذي يتعرض لثلاثة عوامل مادية وبيولوجية ونفسية، وكل نوع يؤثر في الأنواع الأخرى، فالأزمة النفسية قد تحدث عوارض مرضية والعكس، وحينما يصل التداخل إلى درجة معينة، تخرج المنظومة الإنسانية إلى أفضل استقرارها، وأعتقد أن علم النفس سيثرى ثراء شديداً لو أدخل عليه مبادئ هذا العلم.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|