|
الخطاب الإعلامي...!
|
لا تتوفر بين يدي معلومات عن حجم حقيقي بأعداد وسائل الإعلام العربية، وأزعم أن كثيرين مثلي يبحثون عن جهة توثيقية تملك مثل هذه المعلومة وقد أصيبوا بخيبة الأمل والإحباط بعد أن تأكد لهم بأنه لا وجود لها البتة..
وبقدر ما يستجد من إطلالات لصحف ومحطات تلفزة عربية جديدة، بقدر ما يعلن عن إقفال وتوقف لكثير مما كان قائماً منها، في ظاهرة تكاد تنفرد بها الدول العربية، مما يحول دون قدرة المهتمين على اصطياد المعلومة المطلوبة وعلى إجراء رصد علمي سليم لها.
***
أريد بعد هذه الاستهلالة، أن أتجاوز في حديثي لكم نقاط القوة في الإعلام العربي وهي محدودة إلى مناقشة نقطة واحدة من نقاط ضعفه وما أكثرها لإبلاغ رسالة من خلال هذه السياحة معكم لكل من وجد نفسه في هذا الجو المزاجي المتقلب بسبب ضعف الخطاب الإعلامي العربي وخلوه من قيمه النبيلة ضمن التهميش المتواصل وربما المتعمد!! لدور وسائل الاعلام في الدفاع عن قضايا الأمة ومكتسباتها وتفريغها من كل مضمون يساعدها على أداء هذا الدور الذي ينبغي أن يتنامى نحو الأفضل في ظل المستجدات والتحديات الجديدة التي نواجهها.
***
وبنظرة فاحصة نتوقف من خلالها عند مضمون الطرح الإعلامي العربي ومدى ملاءمته لواقعنا اليوم، مستذكرين هذا الكم الهائل من المحطات الفضائية والصحف والمجلات والدوريات العربية في مقابل وسائل الإعلام الأجنبية وما هي عليه الأخيرة من مستوى متميز أهّلها لكي تلعب دوراً مؤثراً في توجيه الرأي العام ورسم السياسات لحكوماتها ضمن إستراتيجية بعيدة المدى هدفها تفكيك تماسك أمتنا واسقاط كل ما تم إنجازه عربياً وإسلامياً على مدى سنوات طويلة من عمر هذه الشعوب بأساليب وأفكار وإن بدت في ظاهرها جيدة حد الإغراء الا أن ما تخفيه غير ذلك.
***
ولا شك عندي أن الخطاب الإعلامي العربي المفرغ من كل ما يشير إلى دفاعه عن هموم الأمة، سواء قيل عن طريق القنوات الفضائية أو بيح به من خلال وسائل الإعلام الأخرى، هو خطاب لا يعول عليه ولا يعتد به ولا ينتظر منه فائدة لخلق جيل إعلامي متمرس وقادر على مواجهة العدو بذات السلاح الذي ترشنا به وسائل الإعلام الأجنبية صباح مساء..
إن على المؤسسات الإعلامية، حكومية أو أهلية، ما هو موجود منها على الأرض العربية، ومن اختارت وطناً بديلاً لبثها وطباعتها، أن توازن بين ما تؤديه من دور يشوبه الحذر والتردد في مقابل دور منهجي وفاعل وقوي ومؤثر يرسم من خلاله الإعلام الغربي خريطة العالم المستقبلية.
***
وأنا لا أزعم أن الاعلام العربي يملك كل الادوات والآليات بما في ذلك العناصر البشرية المؤهلة للقيام بمثل هذا الدور، وأعرف أن أحدا منا لا يملك كل القدرات القادرة على إيصال صوته وفكره وثقافته على النحو الذي نتمنى، غير أننا نرتكب خطأً كبيراً إذا ما استسلمنا لمثل ذلك دون محاولة منا لمواجهته بما ينبغي، لأن الشعور بالدونية بانتظار هذه الوجبات الإعلامية اليومية التي يقدمها الإعلام الأجنبي بعناية فائقة للقضاء على طموحاتنا وآمالنا في هذه الحياة، إنما يؤصل بذلك هذا التوجه الاستعماري ويجسِّد نجاحاته ضمن الحرص على حرمان الشعوب الصغيرة من حقها في حياة كريمة.
***
إذاً..
لابد من منهجية إعلامية عربية أفضل..
ومن خطاب إعلامي فاعل..
في الطريق إلى خلق موقف عربي قوي وموحد..
وهذا هو الأمل..
++
خالد المالك
++
|
|
|
طرد «الجوييم» فكرة صهيونية قديمة «الترانسفير» عقيدة يهودية ترسخ مبدأ «الاستيلاء»!!
|
إعداد: د. يحيى محمد
ثمة اعتقاد مشوش ومنقوص في الإدراك العربي لمفهوم الترحيل «الترانسفير» يقول بأنه مفهوم ذو بعد صهيوني وحسب ويرجع هذا اللبس إلى الارتباط القوي والمباشر والملموس في الوعي العربي عامة والفلسطيني خاصة بين المنطلقات الفكرية للحركة الصهيونية منذ ظهورها على المسرح السياسي في نهاية القرن التاسع عشر وبين ممارساتها الفعلية والوحشية في أرض فلسطين وضد أهلها منذ ذلك التاريخ وحتى الآن.
لكن ثمة بعدا دينيا مهما منسيا في هذا الصدد يستوجب التوقف عنده وتأمله وكشف أبعاده إذ أن مفهوم «الترانسفير» في الفكر الديني اليهودي مفهوم راسخ وتليد وسابق لآليات ومنطلقات الفكر الصهيوني وينطلق هذا المفهوم في أساسه من فكرة «التمايز» اليهودي عن بقية سائر أمم الأرض ومن زعم «اصطفاء» الله لليهود دون سواهم من شعوب الأرض.
مفهوم ديني
وتزخر الكتابات الدينية اليهودية بالعديد من الشواهد والأمثلة الصارخة على تجذر مفهوم «الترانسفير» في الوجدان اليهودي بحيث يمكن القول وبوضوح تام إنه مفهوم ديني في المقام الأول قبل أن يكون صهيونيا فقد ورد في سفر «المزامير» (الإصحاح 80) على سبيل المثال ما نصه والخطاب موجه إلى شعب إسرائيل: «كرمة من مصر نقلت طردت أمما (من غير اليهود) وغرستها هيأت قدَّامها فأصَّلت أصولها فملأت الأرض» إن الفقرة التوراتية تحث وبصريح العبارة شعب اسرائيل على طرد «الجوييم» (غير اليهود) من أراضيهم فماذا يكون هذا اذن، إن لم يكن هو «الترانسفير» بالمفهوم الحديث؟ وفي أحد أهم كتب تفسير «العهد القديم» (كتاب اليهود المقدس) وهو تفسير يعرف باسم تفسير «راشي» (نسبة إلى حاخام يدعى شلومو يتسحاق عاش في القرن الحادي عشر) ورد في شرح الفقرة الأولى من سفر «التكوين» (أول أسفار العهد القديم) تأكيد صريح على مبدأ «الترانسفير» بحذافيره.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن مبدأ «الترانسفير» كان محل اهتمام «دافيد بن جوريون» أول رئيس وزراء لدولة إسرائيل مما يعنى أن الأمر ركن ركين في منظومة العمل الصهيونية.
لحظة درامية
إذن فالأمر ديني في المقام الأول وهو ما ينبغي التنبه والتحسب له والآن تتردد أحاديث عديدة عن المرحلة الصعبة المقبلة على الصعيد الفلسطيني وخاصة فيما يتعلق بمسألة «الترانسفير» وعن تهيئة الأجواء لذلك لكن ما نود الإشارة إليه هنا أن «الترانسفير» قائم بالفعل ويتم تنفيذه حاليا في هدوء وصمت وبشكل غير مباشر فليس بالضرورة أن يكون «الترانسفير» لحظة درامية تأخذ شكل أناس يطردون ويفرون من أراضيهم أو شكل حافلات وشاحنات يتم تحميل الناس عليها قسرا كما حدث مع أهالي مدينة قلقيلية على سبيل المثال عام 1967. وإن كان هذا يحدث الآن أيضا.
ف «الترانسفير» الآن عملية أكثر عمقا وتعقيدا وغير ظاهرة للعيان كما أنها عملية غير موثقة أو مصورة ولذا فإن من ينتظر اللحظة الدرامية التي تحدثنا عنها سابقا قد يفوته الكثير.
أما العنصر الرئيسي في عملية «الترانسفير» الحالية فهو التقويض التدريجي للبنية الأساسية التي تقوم عليها حياة الفلسطينيين في الأراضي المحتلة.
أطواق عسكرية
من خلال الخنق المستمر لهم عبر الأطواق العسكرية وإغلاق تجمعاتهم السكنية بحيث يتعذر عليهم الوصول إلى أعمالهم أو إلى الدراسة أو الحصول على خدمات طبية ومن شأن كل هذه الأمور وأمثالها أن يقوض تشبث الفلسطينيين بأراضيهم، كما حدث مؤخرا في قرية «يانون» على سبيل المثال التي هجرها أهلوها من الفلسطينيين تحت ضغوط من هذا القبيل.
وهناك العديد من الشبان الفلسطينيين الذين اعتادوا العمل خارج قراهم ومن ثم العودة إليها في نهاية يوم العمل بقوا في الخارج بدلا من التعرض للمضايقات والإهانات المستمرة على سلسلة الحواجز العسكرية الإسرائيلية كل صباح كما أن كثيرا من العائلات الفلسطينية القادرة تترك مكان إقامتها في الضواحي والقرى وترتحل إلى أماكن أكثر أمنا وأكثر قربا من أماكن اكتساب الرزق في التجمعات السكانية الكثيفة.
ترويع الفلسطينيين
ويضاف إلى العنصر السابق عنصر آخر لا يقل ضراوة عن سابقه ويساهم بشكل فاعل في ترويع الفلسطينيين ودفعهم إلى التخلي عن قراهم وأراضيهم ألا وهو المستوطنون الذين يشكلون الذراع الطويلة لآلة الحرب الإسرائيلية في الصراع مع الفلسطينيين فقد أصبحت إقامة المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة أمرا مألوفا وروتينيا ويحدث كل يوم تقريبا وهو أمر يتطلب بالطبع توفير «الحماية» لها ومعنى ذلك ببساطة وحسب المفهوم الإسرائيلي الاستيطاني إبعاد الفلسطينيين المتاخمين لهذه المستوطنات وتبوير أراضيهم وإتلاف محاصيلهم أوسرقتها.
يحدث كل هذا للأسف وبشكل يومي تقريبا دون ضجة أو ضجيج وبعيدا عن أعين الإعلام والهدف النهائي هو إفراغ الأرض الفلسطينية من أهلها.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|