تشتدّ العضلات ويرتفع ضغط الدم في الرؤوس عند مشاهدة فيلم (القنّاص). إنها مادة ترفيهية شديدة العنف. في هذا الفيلم يظهر رجال ومسدسات وأشياء تطلق النيران خاصةً على الرؤوس؛ يجمع المشاهدون على أنها تشعرك بسعادة طاغية. ورغم أنك ترى الأشياء تحترق إلا أنه يوجد شيء لا يمكن تفسيره يشعرك بالرضا الطاغي الذي أحياناً كثيرة يؤكد أن مشاهدة الشاشة الكبيرة هي الأفضل - حيث تصبح مغموراً بأمواج جيّاشة من اللون البرتقالي في صورة عربة تنفجر في الهواء مثل الصاروخ داخل حجرة أو مبني أو مركب أو شاحنة أو أي شيء آخر، حيث تتمزق إلى أشلاء.
تعتبر أواخر الثمانينات والتسعينات الزمن الجميل لأفلام ضخمة تتناول العنف وتبرز فيها المهارات العضلية حيث كانت العصر الذهبي للأولاد الأشقياء والولد سكوت البارع وغير المبالي والرومانسية والعنف الأمريكي الشديد. ويمكن القول إن أحداث الحادي عشر من سبتمبر قد ثبطّت رغبتنا في الدمار ورغم أن مشاهد فيلم مثل (قذيفة: إكس ضد سرفر) فيلم أكشن رخيص لسنة 2002 يجعلك غير مرتاح إلا إنه عاد العنف مرة أخرى بشدة بعد الهجوم مباشرةً كما تظهر مؤشرات للحرب في كل مكان على الشاشة الكبيرة (السينما) تتضمن بالتالي تزايُد مشاهد التعذيب حتى لو كانت لجيمس بوند أو لسائح مٌقيد بكرسي ومغامرات عجيبة وأيضاً في المشاهد الجميلة لفيلم (القنّاص).
هروب فاشل
القصة مثل القصص الأسطورية البسيطة، تتحدث عن قنّاص عسكري سابق يُدعى بوب لي سواجر، يجسّده الممثل مارك ويلبرج، كان قد تم اختياره من بين بحّارة بعد عملية هروب غير ناجحة للخارج ولجأ للغابات العميقة مع كلبه وبندقيته. وإذا بجريميا جونسون في حديقة مليئة بالخضراوات وثلاجة مليئة بالبيرة، حيث يظهر سواجر في هيئة رجل جبلي يتأمل الطبيعة يعيش حياة بسيطة ولديه كمبيوتر ويرتدي ملابس غير مزخرفة وله ذقن. يبدو عليه أنه يعيش في سلام في مثل هذا العالم حيث يجلس على قمة مواجهة للغابة، غير أن العالم لا يسوده السلام كما يتضح لنا منذ الدقائق الأولي للفيلم إنه مكان بعيد جداً مليء بالأتربة والرعب.
نزل سواجر من الجبل ووقع في مستنقع من الجرائم والأسلحة. حيث توجد طائرات هليكوبتر ورأس أحمر (تجسدها كيت مارا) ورشاش مدهون بلون أحمر وأبيض وأزرق. تبدو كيت حسنة في تنورتها القصيرة وهي تحمل مسدسا خفيفا مثل الهراوة وترمق ويلبرج، الذي أصبح أكثر جاذبية بعد أن حلق ذقنه، بنظرة غرامية. في حضور طبيعي، تجلّي ويلبرج صادقاً يبدو كرجل بسيط مثل مات دامون، رجل الشارع. غير أنه عندما يخلع ملابسه تبدو نظرة عينيه مثل نظرة شخص عجوز من فيجاس يستعرض جسده.
نقطة تصادم
قام بإخراج الفيلم أنتوان فوكوا وقام بكتابته جوناثان لمكين وهو مأخوذ عن رواية (نقطة تصادم) لستيفان هانتر الذي يعمل كناقد سينمائي بجريدة واشنطن بوست ويعمل كأديب روائي حين يتيح له الوقت.
ويفضل السيد فوكوا، كاتب هذا اللهو المليء مثل (يوم التدريب) و(دموع الشمس) أن يحتفظ بأسلوب غير ثابت وحركة عنيفة. ومثل كثير من مخرجي الأفلام الأكشن الحاليين فهو يصوّر مشاهد ويغيّر في النص كثيراً كما إنه يتخم أفلامه بضوضاء مرئية وسمعية بلا داعٍ. رغم أن ذلك الإسلوب المتطرف يمكن أن يرهق الأعصاب لكنه يجعلك دائماً مترقّباً للأحداث بالإضافة إلى أنه شيّق. والسيد فوكوا الذي يبدو حسناً مع الممثلين، على غير العادة، لديه فعلاً موهبة خاصة في التعامل مع الفوضى.
وقد امتدت تلك الفوضى للقصة ذاتها حيث جمعت بين (الحياة الصاخبة أو الموت بإثارة) وبين (عش مع بعض الأصدقاء المقربين وبيدك السلاح والعلم باحثاً عن الحب الحقيقي أو اترُك الحياة ومُت بإثارة. احبِس نفسك، وعمّر سلاحك، وعِش يومك مثل حياة هوليوود الصاخبة).
يبدو أن اسم بوب لي سواجر يقصد أن يستحضر اسم لي هارفي أوسولد تماماً مثل صورة بندقية موجهة ناحية رئيس أمريكي. ولكن من الصعب أن تحدد كيف أن تلك الإشارة التاريخية المكتفية لاغتيال الرئيس كيندي تتلاءم مع المحادثات العنيفة بشأن الكونجرس. وبنهاية الفيلم نعلم أن بوب لي سواجر مثل ميخائيل بينيا، عميل المخابرات الفيدرالية الأمريكية FBI المعشوق، بتجربته المليئة بالأحداث رجل جيد.
(القنّاص )
أخرجه انتوان فوكوا وكتبه جوناثان لمكين وهو مأخوذ عن رواية (نقطة تصادم) لستيفان هانتر والمدير التصويري بيتر منزيس جر وحرره دنيس واشنطن وأنتجه لورنزو بونافنتورا وريك كيدني وقام بعرضه صور بارامونت ويستغرق مدّة عرضه 126 دقيقة.
* الفيلم بطولة:
- مارك ويلبرج في دور بوب لي سواجر
- ميخائيل بينيا في دور نيك ممفيس داني جلوفر في دور كولونيل إيزاك جونسون
- كيت مارا في دور سارة فن
- إلياس كوتياس في دور جاك بايني
- رونا ميترا في دور الورديس جالينو
- ريد شيربدجيا في دور ميخائيل سا ندور
- ونيد بيتي في دور السيناتور تشارلز ميشوم