|
قمة تونس وما عليها؟ |
لم يبق كثير وقت على موعد انعقاد مؤتمر القمة العربي السنوي في العاصمة التونسية..
أيام معدودات لا تزيد على أصابع اليدين ويكون القادة العرب أمام مؤتمرهم السنوي الجديد..
وهذا المؤتمر..
كسابقاته..
مثله مثل كل المؤتمرات الأخرى..
سوف يعيد قراءة الأوراق من جديد، ويتصفح التطورات المتسارعة والخطيرة على الساحتين العربية والدولية..
***
فما الذي سيقوله القادة العرب لشعوبهم؟
وللعالم؟
وبأي منطق سيتحدثون لهذه الأمة عن القضايا الساخنة، وتلك التي تُعد أكثر سخونة؟
ماذا في أجندتهم عن الإرهاب، والمؤامرات الاستعمارية الجديدة، وأسلوب المعالجة؟
عن التصالح فيما بينهم، والوصول إلى قواسم مشتركة نحو آفاق العمل العربي المشترك..
وهل آن أوان تصدي دولنا لهذه المؤامرة الكبرى نحو شعوبنا، وما هو الأسلوب الأمثل؟
أسئلة يطرحها الشارع العربي، وغيرها هناك الكثير من الأسئلة التي لا يملك الإجابة عليها غير القادة العرب..
***
وهذا المؤتمر..
بما له من أهمية..
في هذا الزمن الصعب..
بما يؤمل منه..
ويتطلع إليه..
جدير بأن يخرج بقرارات تاريخية توقف هذا التفريط بحقوقنا..
وجدير بأن يتصدى من خلال المواقف الشجاعة لكل ما يُحاك من مؤامرات للإجهاض على حقوق أمتنا..
ومن المفترض فيه ومنه أن يقودنا إلى تصحيح الخطأ، وتعديل المائل، والعودة إلى ما يعزز مكانة الأمة، بعيداً عن هذه الهرولة التي يتسابق البعض للتفريط بحق دولنا في السيادة والاستقلال..
***
والأمة وهي بانتظار مثل هذه القرارات..
وإذ تتطلع من هذا المؤتمر إلى أخذ المبادرة بالاتفاق على مواقف جسورة..
وإلى حكمة ممزوجة بالتعقل تُؤخذ بالاعتبار عند الاتفاق على أي موقف في هذه القمة وكل القمم العربية القادمة..
فإن ما من أحد من العرب على امتداد وطننا من الخليج إلى المحيط إلا وسوف يثني ويقف ويدعم ويعزز مثل هذا الصمود..
ذلك لأن الجميع على قناعة بأن المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف..
وبخاصة حين تكون الحال على ما هو مشاهد الآن..
حيث الكلمة العليا لمن هو أقوى..
والسيادة وإملاء الرأي وتوجيه دفة العالم بيد من يملك القوة..
***
ولسنا في حاجة إلى تذكير قادتنا بمسؤولياتهم التاريخية..
أو البوح لهم بالهمّ الكبير الذي تعانيه أمتهم..
فهم جزء من هذا المجتمع الذي اكتوى ويكتوي بنار حقد الأعداء..
وبذلك، فإن صدور قرارات مهما كانت مهمة عن هذا المؤتمر لا يكفي..
إذ لا بد من التطبيق الفاعل لها، والالتزام بما يتم الاتفاق عليه..
وبدون ذلك فلا معنى لمثل هذه القرارات ولا لغيرها ما لم يلتزم الجميع بتطبيقها والالتزام بها..
مثلما أنه لا معنى حتى لعقد هذه القمم السنوية إن لم تقد إلى معالجة المشاكل العالقة والتصدي لها بحزم وقوة وبحسن تصرف جماعي يقود إلى صيانة حقوق الأمة في السيادة بعيداً عن التأثيرات الخارجية..
خالد المالك
|
|
|
همسة خفيفة عبقرية الروتين! عبد الوهاب الأسواني |
حزن الأديب العجوز حين قرأ تقريراً صادراً من إحدى الهيئات التابعة للأمم المتحدة يقول إن بلجيكا التي لا يزيد تعدادها عن تسعة ملايين تُصدر كُتباً ضعف ما تُصدره الدول العربية مجتمعة.
تأسّف الأديب العجوز على حال أمّته التي سبق لها أن قادت البشرية خمسة قرون كانت لغتها خلالها هي لغة الثقافة العالمية حتى أن بعض قياصرة الرومان كانوا يتعلّمونها بل إن بعضهم كان يوقّع باسمه على الأوراق الرسميّة باللغة العربية لكي يُثبت لمن حوله أنه (مثقّف).. وتذكّر الأديب العجوز ما قرأه عن القيصر الروماني (فردريك الثاني) الذي كان يؤلّف كتبه بلغة الضاد حتى أن بعض خصومه اتهموه بأنه يعتنق ديانة أصحاب هذه اللغة سراً وحاولوا إسقاطه..
كما تذكّر تلك (المؤسسة) التي أنشأها هارون الرشيد وأطلق عليها اسم (دار الحكمة) ثم طوّرها ولده المأمون فيما بعد وخصَّص لها جيشاً من الموظفين يخدمون العلماء الباحثين الذين كانوا يقيمون فيها إقامة كاملة ويصنّفون الكتب التي تُشبه رسائل الماجستير والدكتوراه في زماننا هذا..
عقد الأديب العجوز جلسة مطوّلة مع أصدقائه من الأدباء والشعراء تدارسوا فيها الأسباب الكامنة وراء عدم إقبال الناس على القراءة في بلداننا العربية وأجمعوا على أن الطالب في الجامعة والتلميذ في المدرسة لو وجدا الكتاب أمامهما ميسَّراً لما تردّدا في قراءته.. واتفقوا على أن يتبرع كل منهم بنصف ما يملكه من كتب لتكون نواة لمكتبة صغيرة يقيمها في القرية التي ولد فيها أو الحيّ الذي يعيش فيه بالمدينة..
وسافر الأديب العجوز إلى قريته وهناك فصل إحدى الغرف عن بقية البيت الذي ورثه عن أبيه وحوّلها إلى مكتبة.. وعثر على موظف صغير على المعاش وجعل منه أميناً لها بعد أن تعاقد معه على راتب شهري معقول، وقد صمّم أمين المكتبة على أن يوقّع له على (بيان) بأسماء الكتب الموجودة حيث أنه يحب التعامل بطريقة قانونية لأنه كما قال يحفظ (اللوائح) عن ظهر قلب ويعتبر نفسه حجّة فيها..
عاد الأديب العجوز إلى المدينة والسعادة تملأ جوانحه.. والتقى بزملائه الأدباء والشعراء وحكى كل منهم عن التجربة التي خاضها وهو يقيم المكتبة الخاصة به في القرية أو في الحيّ الذي يعيش فيه.. واتفقوا على أن ما فعلوه سوف يترتّب عليه ظهور جيل جديد قارئ سيكون له تأثيره على من حوله واستبشروا أخيرا بالمستقبل الزاهر الذي ينتظر الأمَّة.
بعد سنة تقريباً سافر الأديب العجوز إلى قريته وكان أوّل ما فعله هو أن زار المكتبة التي أنشأها فوجد الكتب منسَّقة بطريقة رائعة حيث كانت منظمة في صفوف تشبه الجنود يستعدون لخوض معركة.. فسأل أمين المكتبة عن عدد الكتب التي نقصت لكي يعوِّضها له وعدد الكتب التي اهترأت وتلك التي تمزّقت أغلفتها ليعيد تجليدها فقال الأمين:
اطمئن.. لم ينقص كتاب واحد أو يتمزَّق غلاف.. فقد مَنَعْتُ الاستعارات منعاً باتاً واشترطت على من يريد أن يقرأ في داخل المكتبة أن يدفع تأميناً على كل كتاب يطلبه بحيث إذا وجدتُ فيه ورقة مطوية أو مخدوشة أو متّسخة يضيع عليه التأمين.. لذلك امتنع الجميع عن دخول المكتبة بعد سفرك مباشرة.. فكن مطمئناً يا سيّدي على (العُهْدَة) التي تركتها في ذمّتي!.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|