|
الافتتاحية نكون.. أو لا نكون!!
|
هذا الذي نراه..
ونعيش أحداثه صباح مساء..
منذ أن بدأنا نتعرَّف على الأشياء..
وإلى اليوم..
بكل آلامه...
وبما يسببه لنا من إيذاء وقهر..
ومن تهميش لآدميتنا وإنسانيتنا..
* * *
هذه الضربات الموجعة..
والقتل بدم بارد..
وهدم مساكن الرجال والنساء والأطفال على رؤوسهم..
ومنع الماء والطعام عنهم..
باستخدام أشد الأسلحة فتكاً..
وأكثرها إيذاءً..
دون وازع من ضمير..
أو خوفٍ من أن يمسوا بسوء..
* * *
في مثل هذا الجو الخانق..
المتسم بالظلم والقهر..
القائم على العدوان..
يعيش إخواننا في فلسطين..
حيث تمارس إسرائيل معهم كل أساليب البطش..
قتلاً وتعذيباً وحرماناً من أبسط حقوقهم..
* * *
وبعد يومين سوف ينعقد مؤتمر القمة الإسلامي..
وعلى إيقاع الدعم الأمريكي لعدوان إسرائيل..
ستكون القضية الفلسطينية محور المناقشات..
وستكون القدس حاضرة كما هي العادة..
مثلما كانت وستكون في كل المؤتمرات العربية والإسلامية..
فما الذي سوف يصدر عنها من قرارات وسط هذا الترقب؟
وهل سيكتفي المؤتمر بعبارات الشجب والإدانة والتنديد ثم يتوقف الأمر عند ذلك؟..
* * *
أخشى أن أقول: إن هذا المؤتمر بقراراته المنتظرة هو امتداد لما سبقه من قرارات في مؤتمرات سابقة..
غير أني لا أريد أن أسبق الأحداث وأخمِّن بشيء قد يأتي من الزعماء ما هو أفضل منه بكثير..
فالأجواء التي ينعقد فيها هذا المؤتمر مختلفة..
وأحداث الحادي عشر من سبتمبر لها حضورها الكبير في هذا المؤتمر..
واحتلال العراق نقطة في بحر من الغموض بالنسبة لمستقبل الدول الإسلامية..
وغطرسة إسرائيل وسط صمت العالم ودعم أمريكا تعدى الحدود..
وبالتالي فما ننتظره من قرارات عن هذا المؤتمر يجب أن يكون في مستوى التحدي...
لأن العالم الإسلامي الآن أمام خيارين: نكون أو لا نكون..!
خالد المالك
|
|
|
في ذكرى مرور 30 عاماً على اندلاعها الانتصار المصري في حرب أكتوبر مهَّد لاتفاقية السلام صحافي يهودي انقذ وزير الدفاع ديان من القتل على يد جنرال غاضب
|
* بقلم أوري أفينيري(*)
أحياناً تكون جملة واحدة كافية للكشف عن العالم النفسي والفكري لأي شخص. وهذه الجملة أدلى بها وزير الدفاع الإسرائيلي شاؤول موفاز منذ ثلاثة اسابيع أثناء زيارته للقوات الإسرائيلية في قطاع غزة. «بالنسبة لأعدائنا لا يوجد أي أنصاف حلول. فمصر لم توقع معاهدة سلام مع إسرائيل إلا بعد هزيمتها في حرب أكتوبر وسوف يحدث هذا مع الفلسطينيين أيضا».
هذه الكلمات تعني أنه لا يوجد بالنسبة للوزير الإسرائيلي أي حل سياسي. وإنما هناك حرب فقط. وأنه يجب أن «يهزم» الإسرائيليون الفلسطينيين في هذه الحرب.
وهذه العبارة رغم بساطتها تكشف الكثير عن النوايا الإسرائيلية. «مصر لم توقع معاهدة السلام إلا بعد هزيمتها في حرب أكتوبر». والحقيقة أن هذه الجملة التي قالها موفاز تتناقض تماما مع كل ما اتفق عليه المراقبون والمؤرخون في إسرائيل وفي العالم أيضا من أن إسرائيل تعرضت لأول هزيمة لها أمام العرب في حرب أكتوبر.
إذن فالعكس هو الصحيح تماماً، فالرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات لم يتمكن من عقد معاهدة سلام مع الإسرائيليين إلا لأنه تمكن من الفوز بإعجاب الشعب المصري كقائد قاده لهزيمة إسرائيل في حرب أكتوبر. فالمصريون لم يفكروا في التوصل إلى معاهدة سلام مع الإسرائيليين إلا بعد نجاحهم في استرداد كرامتهم الوطنية والثأر لهزيمتهم في حرب يونيو 1967.
إنجاز مصري
فعندما انطلقت حرب أكتوبر تمكَّن المصريون من تحقيق إنجاز أثار دهشة العالم وأصاب إسرائيل بالصدمة وهو عبور قناة السويس واقتحام خط بارليف. وقد اعتبر الجميع أن ما تحقق هو عبقرية عسكرية تحسب للمصريين. والحقيقة أن الغباء المطلق للمخابرات الإسرائيلية وغطرسة رئيسة الوزراء في ذلك الوقت جولدا مائير ساعدت المصريين في تحقيق المفاجأة الكاملة للقوات الإسرائيلية وتدمير عدد كبير من الدبابات الإسرائيلية وتحييد القوات الجوية الإسرائيلية.
وزير دفاع إسرائيل في ذلك الوقت موشيه ديان تحدث عن «تدمير الدولة اليهودية الثالثة». والحقيقة أن الحرب شهدت مجموعة من التحولات العسكرية حيث انتهت الحرب بوجود قوات إسرائيلية على الجانب الغربي من قناة السويس فيما عرف باسم الثغرة. ولكن في نفس الوقت فإن هذه القوات الإسرائيلية ظلت محاصرة بقوات مصرية ضخمة في سيناء على الشاطئ الشرقي لقناة السويس. وقد صدرت دراسة أخيرة عن الجيش الإسرائيلي نفسه بعد مرور حوالي ثلاثين عاماً على الحرب لتعلن بوضوح كامل أن إسرائيل «لم تكسب الحرب».
ولكن التحليل العسكري المهني غير مهم في هذا السياق بالنسبة لقادة الجيش الإسرائيلي. والمهم هو كيف بدأت الأحداث في وعي المصريين وتأثيرها على تصرفاتهم منذ ذلك الوقت. لقد نجحت في الوصول إلى القاهرة في صباح يوم زيارة الرئيس الراحل أنور السادت إلى القدس ووجدت نفسي وسط مدينة تعيش في سعادة غامرة. وقد وجدت آلاف الشعارات التي تغطي الشوارع الرئيسية للقاهرة وتحتفي بما قام به السادات. وكانت كل شركة أو منشأة في المدينة ترفع لافتة تحمل هذا المعنى ورسالة للسلام. وكان الشعار الطاغي على كل الشعارات هو «أنور السادات بطل الحرب والسلام». والحقيقة أن المصريين لم يكونوا ليؤيدوا السلام مع إسرائيل ويحتفوا به لو كانوا قد اعتبروه استسلاما في أعقاب هزيمة عسكرية عام 1973 كما قال وزير الدفاع موفاز. فقد كان مجرد نجاح الجيش المصري في عبور قناة السويس قبل أربع سنوات فقط من مبادرة السلام المصرية عام 1977بمثابة أعظم انتصار عسكري في تاريخ مصر الممتد لأكثر من ثمانية آلاف عام من وجهة نظر الشعب المصري. ولذلك فقد كان المصريون مستعدين للوصول إلى حلول وسط مع إسرائيل دون أن يفقدوا شرفهم. والحقيقة أن المصريين والدول العربية كلها كأغلب شعوب العالم تعتبر الكرامة الوطنية أهم كنوزها.
بانوراما حرب أكتوبر
ربما يجب على شاؤول موفاز السفر إلى القاهرة وزيارة بانوراما حرب أكتوبرالتي تعد بمثابة متحف وطني مصري لحرب أكتوبر. وسيجد أن هذا المكان الذي يصور انتصار المصريين ونجاحهم في عبور قناة السويس عام 1973 يستقطب الكثير من المصريين وبخاصة الأطفال الذين يحتفون بذلك الانتصار الذي يؤمنون به. وإذاما أراد أحدنا أن يقيم نوعا من المقارنة بين المصريين والفلسطينيين كما فعل موفاز فإن النتيجة التي يمكن التوصل إليها تكون: لن يتمكن الفلسطينيون من تحقيق السلام مع الإسرائيليين إلا بعد نجاحهم في استرداد كرامتهم الوطنية. ففي الانتفاضة الفلسطينية الأولى في الثمانينيات أدى شعور الفلسطينيين بالانتصار المعنوي على الجيش الإسرائيلي ذي القوة الهائلة إلى قبولهم لاتفاقات أوسلو للسلام. كما أن الانتفاضة الثانية التي أكدت أن الجيش الإسرائيلي أعجز من أن يقمع الثورة الفلسطينية هي فقط التي مهدت الطريق أمام الفلسطينيين لقبول خطة السلام الدولية المعروفة باسم خريطة الطريق التي يفترض أن تؤدي إلى سلام نهائي بينهم وبين الإسرائيليين وإقامة دولة فلسطينية.
تكشف الحقائق
والحقيقة أنه عشية الاحتفال بالذكرى الثلاثين لحرب أكتوبر امتلأت الصحف الإسرائيلية بالكثير من الحقائق المتعلقة بتلك الحرب والتي يتم الكشف عنها لأول مرة. ومن بين هذه الحقائق التي يتم الكشف عنها أنني أنقذت حياة وزير الدفاع الإسرائيلي في ذلك الوقت موشيه ديان. والحقيقة أن ذلك كان مفاجأة بالنسبة لي كما كان مفاجأة بالنسبة لديان لو كان مازال على قيد الحياة. ولكن يبدو أن هذه حقيقة بالفعل. فالوقائع الجديدة كشف عنها عامير بورات ضابط الاتصالات الإسرائيلي السابق والسكرتير الشخصي لشاؤول جونين الذي كان يتولى قيادة المنطقة الجنوبية أثناء حرب أكتوبر. والحقيقة أن الحكومة الإسرائيلية قررت تحميل الجانب الأكبر من المسئولية عن الهزيمة التي تسربت أخبارها للرأي العام في ذلك الوقت للجنرال جونين المعروف عالميا باسم جوردش. وهنا قرر الجنرال جوردش الانتقام من وزير الدفاع ديان بسبب شعوره بالظلم واعتزم الرجل إطلاق النار على ديان ثم على نفسه. وقبل موعد الاجتماع المقرر بين جوردش وديان تمكن رينو تازرو مراسل مجلة «حالوم هازيح» من ترتيب لقاء لكاتب هذه السطور مع جوردش حيث كنت رئيس تحرير إحدى المجلات التي كانت المجلة الوحيدة في إسرائيل المستقلة عن المؤسسة الحاكمة في تل أبيب. وقد كانت المجلة معروفة بأنها تنصر المظلوم وتتحدى أصحاب النفوذ والسلطات. وقد تحدثت مع الجنرال المهزوم باستفاضة. وقد كان الرجل يلهو بمسدسه طوال وقت الحوار. وقد كان جوردش أبعد ما يكون عن رؤيتي السياسية فقد كان الرجل يمينيا وعسكرياً من الطراز الأول ولكنه أقنعني بأن التحقيق الرسمي في الحرب قد ظلمه. لذلك فقد وعدته بالمساعدة حتى يعرف الرأي العام الإسرائيلي حقيقة القصة من وجهة نظره. وهنا شعر الرجل أن العالم لم يعد مغلقا بالكامل أمامه.
وقد كان عثوره على شخص واحد قَبِلَ أن يساعده وينشر وجهة نظره سبباً كافياً لكي يتراجع عن فكرة قتل موشيه ديان والانتحار. وقد نشرت موضوعاً كبيراً تحت عنوان «درايفوس الإسرائيلي» في إشارة إلى الضابط اليهودي في الجيش الفرنسي درايفوس الذي اتهم ظلماً بالخيانة خلال القرن التاسع عشر وأثارت قضيته ردود فعل واسعة في فرنسا والعالم في ذلك الوقت. وقد كان لهذه القصة جانبها المثير للسخرية.
فلم يكن هناك من يعارض ديان مثلي. فالحقيقة أن ديان كان يكذب أكثر من أي شخص آخر خلال حرب السويس التي شنتها إسرائيل بالتآمر مع بريطانيا وفرنسا ضد مصر طبعا باستثناء رئيس الوزراء في ذلك الوقت دافيد بن جورين ونائب وزير الخارجية شيمون بيريز. وكنت أهاجم ديان على صفحات مجلة «حالوم هازح» بلا هوادة وكتبت مئات المقالات ضده منددا بما كان يقوم به من عمليات تهريب غير مشروعة للآثار المسروقة ولكن اتضح في نهاية الأمر أنني أنقذت حياته.
ونعود إلى النقطة الأساسية. فحرب أكتوبر لم تؤد إلى «تدمير الدولة اليهودية الثالثة» كما صرخ ديان ولكنها أدت إلى تحقيق السلام مع مصر بعد أن استرد المصريون كرامتهم الوطنية. وإذا نجح شارون وقادته العسكريون في نسف الهدنة الفلسطينية لتشتعل الانتفاضة الفلسطينية مرة ثانية فلن ينجح الإسرائيليون في تحطيم الفلسطينيين الذين سيرفضون الاستسلام. وبعد أن تسيل دماء كثيرة سوف يلقي ياسر عرفات خطاباً في الكنيست كما فعل السادات منذ نحو 25 عاماً.
(*) أحد نشطاء السلام
في حركة «جوش شالوم» الإسرائيلية.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|