يستند هذا الفيلم الذي قام المخرج بوسسيمي بإخراجه وشارك في كتابة النصّ له أيضاً على فيلم آخر يحمل نفس الاسم للمخرج الهولندي الراحل ثيو فإن جوخ الذي يدور حول مقابلة تلفزيونية (أو بالأحرى حوار تلفزيوني) تبدأ بشكل مروّع وتأخذ العديد من المنحنيات غير المتوقّعة طوال الفيلم الذي تدور أحداثه خلال ليلة واحدة فقط، وبينما كان الأداء التمثيلي قويا مع بناء إحساس بالتوتّر الخانق، إلا أن الفكرة في النهاية تبدو فقط غير قابلة للتصديق.
فيلم «المقابلة» هو الأول من بين ثلاثة أفلام ناطقة باللغة الإنجليزية أعيد صنعها عن أفلام للمخرج فان جوخ. أما الفيلمان التاليان فكانا للمخرجين ستانلي توكسي وجون تورتوررو.
يبدأ الفيلم مع كاتيا الممثلة الشقراء الجميلة (ميلير) التي تذهب في ساعة متأخرة من الليل إلى مطعم في مانهاتن لتلتقي مع الكتاب الصحافي بيير (بوسسيمي).
يعمل بيير في مجال تحرير وتحليل الأخبار السياسية، وعلى الرغم من أن هذا المجال يبعد كل البعد عن مجال السينما والفن وأهله، إلا أننا نجد رئيسه بالعمل يكلفه بإجراء حوار تلك النجمة السينمائية كنوع من العقاب من رئيسه.
من خلال هذا المأزق الذي وُضع فيه يظهر لنا المحلل السياسي مشكلاته الداخلية الدرامية في تلك الليلة الغريبة التي يتشارك فيها الاثنان.
لم يقم بيير بتحضير أي شيء لهذا اللقاء، لا أسئلة ولا أفكار أو محاور معينة للتحدث فيها الأمر الذي اعتبرته كاتيا إهانة لها. فهو أكثر قلقاً على تحري أخبار فضيحة سياسية قوية ما زالت تختمر في واشنطن، وليس لديه اهتمام بطرح أسئلة تافهة حول مهنتها كنجمة وممثلة تلفيزيونية وسينمائية. في نقطة ما، يشعر بيير بأن كاتيا هي عقابه، وأنها من أعاقته عن ضربته الصحافية فيبدأ بتوجيه بعض أسئلة الاستهزاء والاستخفاف بما تقوم به من أدوار. على إثر ذلك تندفع كاتيا إلى خارج المطعم غاضبة تريد الانصراف، ويندفع وراءها بيير إلى الشارع حيث تصدمه سيارة فيجرح بعض الشيء. تشعر كاتيا بالمسؤولية تجاه ما حدث لبيير وتساعده على النهوض وتدعوه لزيارة منزلها البوهيمي. هناك يحتسيان الشاي ويدخنان السجائر بينما يكملان حديثهما.
يتعرف الاثنان على بعضهما بعضا شيئاً فشيئاً، ويزداد الحوار رصانة وعقلانية بين الاثنين. تصبح كاتيا أكثر صراحة وتقبلاً للأسئلة التي يطرحها بيير، بل والأكثر من ذلك أنها تتركه يتطفّل خلال حاسوبها النقال، وكما أنها لم تفتح قلبها لأحد منذ وقت طويل تشعر برغبة ملحة في حكي قصة حياتها على مسامع بيير بكل ما فيها متخلية بذلك عن كبريائها المعتاد كنجمة ونجدها تقول له: «أشعر برغبة شديدة بالبكاء ... هل تعرف؟ لم أبك يوماً أمام أحد».
الإخراج .. واستلهام روح فان جوخ
تبنّي بوسسيمي طريقة فان جوخ لتشغيل ثلاثة آلات تصوير محمولة يدويا في الوقت نفسه، بحيث يسلط واحدة على كلّ ممثل وواحد في صورة رئيسية أو متوسطة، ذلك الأسلوب الذي يراه بعضا إضعافاً لسير الدراما، كما أنه يبدو مزعجاً في بعض الأحيان للمشاهد، لكنّه يقدم مرونة فائقة للعمل وحرية أكبر للتنقل بين المشاهد والأماكن في مكان التصوير.