|
أي عراق نريد..؟!
|
ما زال العراق يسبح في حمام من الدم..
ويئن كثيراً وطويلاً من آلام جروحه المثخنة..
بما يفقده يومياً الكثير من القتلى الأبرياء وغير الأبرياء..
فيما لا تزال أمريكا تبشر الشعب بالحرية وحقوقه الإنسانية والديموقراطية..
***
عراق ما بعد الاحتلال فَقَدَ أمنه واستقلاله وتوازنه، ومن غير أن يكون له قرار أو سلطة على أراضيه..
وهو اليوم مثلما كان في الأمس يعيش مأساة كبيرة ودامية، ولا يدري متى ستنتهي وإلى أين المصير..
حيث يغطي السواد هذا البلد الجريح دون أن تلوح بوادر أمل لانتهاء مأساته ومشكلته وضياعه..
***
أكاد لا أصدق ما يجري، لولا مشهد الجثث في الطرقات..
والسيارات المفخخة التي تحصد الأرواح بالعشرات والمئات..
وتلك السجون التي امتلأت بما فيها دون أن يحدَّ المحتلُ وحكومة العراق من حجم المأساة التي يعيشها عراقنا الحبيب..
***
مَنْ يطفئ هذا الحريق المستمر والمتواصل؟..
ومَنْ يعيد إلى العراق عافيته، وإلى شعبه تلك الابتسامة التي اختفت منذ زمن طويل؟..
ومَنْ يعوضه خيراً مما لم يحصل عليه في حكم صدام بعد أن أقصي وأودع سجن المحتل؟..
مَنْ يعيد إلى شعب العراق كبرياءه وحقه في حياة حرة كريمة وشريفة؟..
***
جنونٌ بكل تأكيد ما نشاهده ونسمعه عن الأوضاع هناك..
ومأساة حقاً أن يُدار هذا البلد نحو مزيد من القتل والسحل وسفك هذا الكم الهائل من الدماء..
فيما يمضي شعب العراق حياته مخدراً بالوعود..
وكأن العالم يجهزه لما هو أنكى وأسوأ..
***
أسأل من جديد:
متى يحين زمن الخلاص من هذا الذي نراه؟..
ومتى تستنطق الدماء الزكية ضمير العالم بانتظار مساعدته ودعمه للخروج من هذا النفق المظلم؟..
فقد طال مدى الظلم والقهر والجبروت واستخدام القوة، فيما المشكلة تكبر وتتفاقم نحو مزيد من الضياع..
***
إنَّ العراق الذي لم يبقَ في جسده كما يبدو مكانٌ لطلقة من سلاح، قد عانى بما فيه الكفاية، وهو اليوم أحق بأن يكون دولة حرة يعيش فيها المواطنون سواسية وآمنين وبحقوق متساوية..
وهذا لا يتحقق إلا بالتفاهم بين المواطنين، بعيداً عن التأثير الأمريكي أو التدخل الخارجي، أو الإغراءات المشكوك في نواياها، أو الرغبة من هذا الطرف العراقي أو ذاك في الاستحواذ على ما ليس له به حق.
خالد المالك
|
|
| width="68%" valign="top" align="center" dir="rtl">
في الذكرى الخمسين لرحيل أسطورة السينما الأمريكية هل مات جيمس دين مبكراً ليعيش في القلوب طويلاً؟!
|
* إعداد: إسلام السعدني
(ماذا لو؟).. لعبة تستهوي الكثيرين.. فماذا لو لم يكتشف كريستوفر كولومبس أمريكا؟ وماذا لو لم ينهزم هتلر في الحرب العالمية الثانية؟ وماذا لو لم يتفكك الاتحاد السوفيتي؟.. كلها أسئلة تثير احتمالات عجيبة ومتنوعة ولا نهائية. لكن السؤال الذي سنحاول الإجابة عنه في السطور القادمة أبسط من ذلك بكثير، أو على الأقل في مجال يختلف عن المجال الذي دارت حوله تلك الأسئلة الثلاثة التي ضربنا بها المثل في البداية ألا وهو: ماذا لو لم يفارق النجم الأمريكي الشاب جيمس دين الحياة وهو لم يتجاوز الرابعة والعشرين من العمر، وظل حيا حتى يومنا هذا مثله مثل العديد من النجوم الذين كانوا معاصرين له؟
***
قبل الإجابة عن هذا السؤال ربما يتعين علينا الحديث عن جيمس دين نفسه الذي ولد عام 1931 في ولاية إنديانا الأمريكية، وشغف بالتمثيل منذ صغره مما جعله ينتقل للعيش في نيويورك لبدء مشواره مع السينما. وبعد عدة أدوار تلفزيونية نجح الفتى الشاب في الولوج إلى عالم السينما، ولكن القدر لم يمهله إذ لقي مصرعه جراء حادث سيارة مروع وقع له وهو في طريقه إلى كاليفورنيا عام 1955 أي منذ خمسين عاماً.
تعلق مرضي
وبسبب الشهرة الواسعة التي يحظى بها دين مع أن رصيده في السينما لم يتجاوز ثلاثة أفلام تم تنظيم رحلة لحطام سيارته وهي من طراز (بورش) في مختلف أنحاء الولايات المتحدة من أجل إقناع الأمريكيين بشكل عملي وملموس بأهمية التحلي بالحرص والحكمة عند قيادة السيارات، ولكن بدلا من ذلك احتشدت حول الحطام تلك الجماهير الغفيرة التي كانت تعشق دين إلى حد الهوس والتي كانت تلهث وراء أي أثر خلّفه وراءه هذا النجم.
وقد بلغ هذا الهوس حد أن هذه الجولة التي كان يفترض أن تؤدي إلى تبصير الناس بعواقب القيادة المتهورة قادت في نهاية المطاف إلى زيادة الإقبال على السيارات التي تصنّعها شركة (بورش)، وهو ما دفع الشركة إلى تصميم سيارة جديدة خصيصا لتهديها إلى روح دين، وهي السيارة التي سيتم الكشف عنها في نفس موقع الحادث المروع الذي أودى بحياة النجم الأمريكي.
وربما يقول البعض إن ما قامت به (بورش) في هذا المضمار ليس إلا عملا ذا طابع مرضي، ولكن الحقيقة أن مثل هذا الطابع دوما ما كان جزءا من جوهر الإعجاب ب(دين). فعلى سبيل المثال يبدو المعجبون بهذا الممثل الراحل حريصين على إحياء ذكرى وفاته أكثر من حرصهم على الاحتفال بيوم ميلاده. وفي ذكرى وفاته الخمسين سيجد هؤلاء المعجبون العديد والعديد من الأشياء التي ستذكرهم بنجمهم المحبوب، من بينها السيارة الجديدة التي ستطلقها (بورش)، إلى جانب كتاب مصور جديد عن جيمس دين، إضافة إلى فيلم وثائقي جديد أيضا عنه، فضلا عن أعماله الكاملة على قرص (دي. في. دي).
المعجبات المهووسات
ومن المتوقع أن يتوجه نحو 150 ألفا من عشاق دين إلى منطقة ماريون بولاية إنديانا، وهي المنطقة التي تقع بالقرب من مسقط رأس النجم الراحل، وذلك للمشاركة في مهرجان (جيمس دين). وسيزور هؤلاء المعجبون المشرحة التي نقل إليها جثمان دين بعد مصرعه، والكنيسة التي احتضنت مراسم جنازته، إلى جانب قبره الذي تكسوه آثار المعجبات المهووسات بهذا النجم الذي رحل عن دنيانا وهو في ريعان شبابه.
وعلى الرغم من أن وفاة المشاهير في ظروف غير طبيعية عادة ما تثير في النفوس الريبة والشك وتجعل الكثيرين يجنحون لتفسيرات تآمرية غريبة، إلا أن الأمر اختلف مع دين الذي اعتبر عشاقه أن موته المبكر ليس إلا جزءا من سحره؛ فرحيل جيمس دين عن الدنيا في سن صغيرة جعله يظل في أذهان الملايين غضا يانعا، ليبقى أشبه ب(بيتر بان) تلك الشخصية الكارتونية الخيالية التي لا تكبر أبدا ولكن دين كان (بيتر بان) عصريا.. يرتدي (الجينز) والسترات الجلدية القصيرة.
وفي هذا الصدد، أكد دونالد سبوتو في السيرة الذاتية التي كتبها ل(دين) وحفلت بعبارات الإعجاب به أن (جيمس دين مات قبل أن يرتكب أخطاء، وقبل أن يفقد شعره أو ملامحه الصبيانية.. مات قبل أن يكبر). حسنا.. ولكن قد يكمن وراء الاحتفاء الكبير بشباب هذا النجم الذي لم تشُبه شائبة خوف من أن دين لم يكن ليستطيع تحقيق أكثر مما حققه بالفعل خلال مشواره القصير إذا بقي على قيد الحياة لسنوات أطول، بل قد يتخوف البعض من أن السنوات التي لم يقدر ل(دين) أن يعيشها، ربما كانت ستحفل بأخطاء تلوث صفحته التي ظلت بيضاء بسبب وفاته المبكرة.
شبح براندو
وإذا تأملنا ملياً مشوار جيمس دين بعيدا عن صخب المعجبين الذين يعدون العدة للذهاب إلى ماريون في يونيو، فإننا سنجد أن هذا السجل حافل بمؤشرات تبشر بالنجاح أكثر مما يحفل بإنجازات ونجاحات حقيقية. وقد يدفع ذلك البعض منّا للتساؤل عما كان من الممكن أن يحققه دين إذا أكمل مشواره.
وهنا نعود إلى السؤال الذي بدأنا به سطورنا: ماذا لو ظل دين على قيد الحياة، وما الذي كان سيضيفه إلى رصيده الفني في هذه الحالة؟.. إذا كنا بصدد الإجابة عن هذا السؤال فسنجد أن هناك أجواء من التشاؤم تسود بين النقاد السينمائيين وجمهور المعجبين ب(دين) على حد سواء حيال هذا الأمر.
فعلى سبيل المثال إذا طالعنا ما كتبه ديفيد تومسون الذي تحدث عن النجم الراحل بشكل يتقد حماسة في الباب الخاص ب(دين) في قاموسه السينمائي الرائع سنجد أن تومسون يعزو تفرد وتميز جيمس دين كفنان إلى الشباب والحيوية اللذين كانا يشعان منه بشكل مستمر.
ومثله مثل الكثيرين، يضرب تومسون المثل بالنجم الشهير مارلون براندو كنقيض لظاهرة (دين)، من حيث كون براندو قد عاش حتى بلغ سنا متقدمة مما أدى إلى تضاؤل شهرته بشكل ما بعد أن فقد وسامته، ويقول تومسون في هذا الصدد إن ملامح براندو (تحولت من الوسامة إلى الدمامة) بعد أن تقدم في السن، وهو ما لم يحدث ل(دين) الذي (ظل على حاله لم يتغير).
حتى ريتشارد شيكيل كاتب السيرة الذاتية لبراندو يقر بأن وفاة الفنان في سن مبكرة، وفي ظروف دراماتيكية تؤثر إيجابا في صورته الذهنية لدى الجماهير، مضيفا أن الأمر يختلف مع من يعمرون طويلا من الفنانين مما قد يؤدي في بعض الأحوال إلى أن يطمر النسيان صورتهم.
ومن المؤكد أن دين الذي لم يعش حتى يصبح بدينا، أو ليرتكب حماقات كتلك التي وقع فيها مارلون براندو خلال مشواره لم تتح له الفرصة من الأصل ليحقق إنجازات مماثلة لتلك التي حققها براندو في مراحل متقدمة من حياته مثل بطولته للفيلمين الشهيرين (التانجو الأخير في باريس) و(الأب الروحي). كما أن دين لم يحالفه الحظ ليتمكن من تطوير نفسه وموهبته.
موهبة ناقصة
ولا تتمثل المشكلة في هذا الشأن في أن جيمس دين لم يسعفه عمره القصير سوى للقيام ببطولة ثلاثة أفلام فقط، فالكاتب الآيرلندي ذائع الصيت جيمس جويس لم يكتب سوى ثلاث روايات فحسب هو الآخر، بل إن المشكلة الحقيقية تكمن في أن المرء إذا شاهد تلك الأفلام بإمعان سيجد أنها تكشف قدرات (دين) الحقيقية في مجال التمثيل، وهي قدرات كانت كما أسلفنا تبشر بموهبة ولكنها لم تكن موهبة نضجت بشكل كامل.
فقبل وفاته، لم يبرع جيمس دين سوى في تقديم شخصية المراهق المنعزل غريب الأطوار، أي أنه لم يتمكن إلا من تقديم شخصيته هو نفسه بكل ملامحها، ولم يكن أشهر دورين قدمهما دين على شاشة السينما، وهما (كال تراسك) في فيلم (شرق عدن) و(جيم ستارك) في فيلم (متمرد دون قضية) سوى تنويعتين على هذه الشخصية أيضا. وقد أدى جيمس دين هذين الدورين بأسلوب عفوي لم يكن معتادا في ذلك الوقت من منتصف خمسينيات القرن الماضي، وقد جذب ذلك انتباه عشاق السينما في تلك الحقبة، ولكن يشوب هذا الأمر حقيقة أن الإعجاب بأداء دين على الشاشة الفضية كان مرتبطا بطبيعة ما كان سائدا في الفترة التي ظهر فيها، ولذا يمكن للكثيرين ممن لم يعاصروه ويحكموا على أدائه بمقاييسنا الراهنة، ألا يعجبوا كثيرا به. ومع ذلك، فإذا كان دين يستحق التقدير لتجسيده البارع شخصية المراهق القلق مثير المشاكل، فإن هذا الفضل يجب أن ينسب أيضا لمن اختاره لأداء مثل هذه الأدوار، بقدر ما ينسب إليه هو نفسه.
حقد دين!
على سبيل المثال اختار المخرج الشهير إيليا كازان أن يسند دور (كال) في (شرق عدن) إلى دين لأنه يعلم أن النجم الشاب وقتها عايش تفاصيل هذا الدور في حياته الخاصة؛ فوالدة دين التي كانت تُعنى بتنمية قدراته ومواهبه الإبداعية ماتت بالسرطان، وهو لم يتجاوز الثامنة من العمر، وذلك عقب انتقال الأسرة للحياة في لوس أنجلوس. وبعد وفاة أمه أرسله أبوه إلى خالته وزوجها اللذين كانا يعيشان في إنديانا، وذلك على نفس القطار الذي كان يحمل جثة الأم.
وعلى الرغم من أن الصغير عاد فيما بعد إلى لوس أنجلوس، إلا أنه لم يغفر لأبيه أبدا ما فعله معه في طفولته، وقد بدت ملامح التوتر واضحة بين الاثنين عندما رآهما كازان حينما حضر لاصطحاب دين ليخوض اختبار كاميرا قبل البدء في تصوير (شرق عدن)، وأدرك وقتها هذا المخرج الشهير أنه لو نجح في استنفار تلك الخبرة الحياتية التي عاشها هذا الشاب مع أبيه أمام الكاميرات، فلن يكون هناك مرشح أفضل من دين لأداء دور كال.
يقول كازان في هذا الشأن: (لقد كان دين يكنّ حقدا عارما تجاه كل الآباء).
وقد نجح هذا المخرج المبدع في إذكاء جذوة هذا الحقد بالفعل عندما وضع دين وجها لوجه مع أبيه في الفيلم (رايموند ماسي) الذي أظهره العمل على أنه يهتم بالتعرف على أفضل طريقة لتجميد الخس أكثر من اهتمامه بأن يسعى لفهم شخصية ابنه المتوتر! وبفعل هذا المؤثر، أبدع جيمس دين في أداء دوره مما أدى إلى سطوع نجمه. وبعد ذلك كرر النجم الراحل نفس الدور تقريبا في (متمرد دون قضية)، وحل جيم باكوس هذه المرة محل رايموند ماسي، وظهر الأب في هذا الفيلم رعديدا يخشى بأس زوجته المتسلطة المستبدة، وهو ما يؤدي بابنه الذي جسد دين شخصيته إلى الجنون بسبب أن أباه لم يقو ولو لمرة واحدة على الدفاع عن نفسه. وهكذا وقبل نهاية الفيلم بقليل لا يتمالك الابن نفسه ولا يستطيع التحمل أكثر من ذلك فيلقي بأبيه على الأرض ويقبض بيديه على عنقه محاولاً إزهاق روحه.
مجرد مبتدئ
وعلى الرغم من أنه لا يمكن لنا أن نعتبر أن من قبيل الخطأ أن يحاول ممثل ما الاستفادة من تجاربه الشخصية للعب دور أمام الكاميرات، فبدون ذلك لم يكن لأمنيم مثلا أن يؤدي دوره في فيلم (8 ميل) بكل هذه البراعة، إلا أن المشكلة بالنسبة ل(دين) تكمن في أنه لا يمتلك سوى خبرته الأليمة مع والده فحسب، وهو ما جعل رصيده في هذا الصدد محدودا للغاية. وقد ظهر ذلك بوضوح في فيلمه الأخير (العملاق) المأخوذ عن تلك الملحمة التي كتبها جورج ستيفنز عن ولاية تكساس. وجسد دين في الفيلم شخصية مغامر يتحول إلى واحد من كبار أثرياء النفط في الولاية. وكشف هذا الدور عن مدى محدودية قدرات جيمس دين في المجال السينمائي خاصة أنه لم يكن هناك أي أب في العمل!
وبدا أداء دين في الفيلم مهتزا، وشيئا فشيئا، ومع تقدم الشخصية التي يجسدها في العمر يصبح هذا الأداء أقل مصداقية وتأثيرا. وبنهاية الفيلم يصبح دين أشبه بطفل يتظاهر بأنه كبير في السن، أو كما وصفه كازان بقوله إن دين في هذا الفيلم (بدا على حقيقته.. مجرد مبتدئ).
وإذا عدنا إلى لعبة الأسئلة، سيواجهنا سؤال آخر يتمحور حول (ماذا لو كان دين قد عاش وأصبح ممثلا مخضرما؟).. وهنا لدينا إجابتان محتملتان لهذا السؤال: أولهما تفيد بأن ذلك كان يمكن أن يؤدي إلى تدهور صورة جيمس دين سواء كإنسان أو كممثل كما حدث لبراندو، أما الإجابة الثانية فتشير إلى أن بقاء دين على قيد الحياة وانخراطه في العمل السينمائي أكثر وأكثر ربما كان سيمكنه من شحذ قدراته وتطوير نفسه ليصبح قادرا على تقديم أنماط أخرى وأدوار مختلفة عن مجرد إعادة تجسيد مأساته الشخصية، وذلك بالنظر إلى أن تحقيق فنان ما نجاحا كبيرا في بداياته، لا يعد بالضرورة نذيرا بفشل سيمنى به بعد ذلك، ولدينا مثال في هذا الصدد من بين معاصري دين ألا وهو بول نيومان.
هاملت والأمير
لعلنا في النهاية نتذكر أن دين قبل وفاته المفاجئة، تحدث عن أنه يحلم بتقديم فيلمين سينمائيين أحدهما مأخوذ عن نسخة منقحة من روايته المفضلة (الأمير الصغير) للكاتب أنطون إكسوبري.. وربما لم يكن من العسير على دين تمثيل مثل هذا الفيلم، لأنه على الأرجح كان سيصبح مجرد فيلم آخر يحكي عن المعاناة التي يمر بها الأطفال الذين لا يفهمهم آباؤهم.
أما الفيلم الثاني الذي كان يحلم بعمله دين، فمأخوذ عن مسرحية شكسبير الشهيرة (هاملت)، ليجسد شخصية ذاك الابن المرتبك الذي لا يعرف كيف يرضي روح والده القلقة. ولكن حتى يستطيع دين أداء مثل هذا الدور المعقد بجدارة، كان سيحتاج إلى ما هو أكثر من اجترار عذاباته مع والده، لأن الفارق كبير بين حيرة مراهق يبحث عن إجابة لسؤال مفاده (من أنا؟)، وبين حيرة شاب يشغله هاجس من قبيل (أكون أو لا أكون).
ربما كان قيام جيمس دين بدور (هاملت) سيشكل خطوة لها قيمتها في مسيرة هذا النجم ليطور من خلالها نفسه، ويصبح بعدها مؤهلا لأن يحظى بمكانة فنية أكبر، بل وكان من الممكن أن يضفي دين أبعادا أخرى على شخصية هاملت من خلال العذابات التي عاشها، كما أن هذا الدور ربما كان سيعلمه شيئا ما بشأن النضج الفني، ذلك الشيء الذي كان عشاق هذا النجم الراحل سيتمنون لو أن جيمس دين عاش كي يتعلمه.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|