|
وبعد ثلثي عام..!
|
هذه المجلة..
وهي توشك على بلوغ ثمانية أشهر من سنتها الأولى..
من عمر طويل إن شاء الله..
ومن نجاحات مستقبلية تعطي المزيد من الرضا عنها..
هل يكون من تكرار القول أن نتحدث عنها..
وان نقول فيها ولها ما يعْرفه القراء..
وأن نستعيد ما عبّر القراء كتابة عن رأيهم فيها..
اعتزازاً بما مضى من شهور من عمرها..
***
لقد اعتدنا أن نبوح بما نعتقد أن إعلام الناس به صحيح..
وأن ترديده يؤصل النجاحات ويضيف اليها..
ومع إطلالة «مجلة الجزيرة» على الثلث الاخير من عامها الأول ..
وتوديعها لثمانية شهور قبل الاحتفاء في ذكرى مرور عام على يوم ميلادها..
كانت هذه الكلمة..
***
ومع هذه الشهور وقد مضت من سنتها الأولى بكثير من التميز والتفرد بشهادة الجميع..
لابد من وقفة..
ومن لحظات تأمل..
لمراجعة خطوات مسيرتها..
بحثاً عن جواهر جديدة..
نضيفها الى هذا الاصدار..
***
هاهي مجلة الجزيرة سنة أولى تستعد بعد أربعة أشهر لأن تلوح لكم بوداع جميل..
يعترف للقراء بالفضل..
وبالدور الأكبر في نجاحها..
دون أن تغمط الزملاء أسرة تحريرها حقهم في هذا الجهد الصحفي الكبير..
وهذا العمل المهني غير المسبوق..
وبأمل أن نرى مجلة الجزيرة بعد أربعة أشهر في سنة ثانية أكثر بهاءً وجمالاً..
***
قراءنا الأعزاء:
مجلة الجزيرة، منكم ولكم..
وصحيفة الجزيرة تكفيك..
خالد المالك
|
|
|
أسرار المرض الغامض سارس.. الكابوس الذي دوَّخ العلماء
|
* إعداد: محمد شاهين
لا يزال فيروس سارس يشكل كابوسا مزعجا للعالم منذ ظهوره، حيث أدى إلى موت المئات من البشر في فترة زمنية قصيرة، ولم تكتشف منظمة الصحة العالمية علاجا ناجعا له، بل غاية ما فعلته هو إغلاق المنافذ، وفحص القادمين من الدول التي انتشر فيها الفيروس، وإعلان المدن التي يكثر فيها المرض بأنها مدن موبوءة.
ويعتبر سارس أول وباء يظهر في القرن الحادي والعشرين، اتفق العالم كله على اسم الفيروس ثم اختلف الناس حول كافة التفاصيل المتعلقة به.
الصين بلد المنشأ سعت لكشف خريطة جينوم الفيروس، تورنتو بكندا رفضت وضعها في القائمة السوداء للمرض، وأستراليا سارعت بإجراء تجارب على الحيوانات التي يشتبه أن المرض ينتقل منها، والألمان اخترعوا أداة اختبار تكشف عن أية إصابة جديدة خلال ساعتين بدلا من الاختبارات التقليدية التي تستغرق عشرة أيام، ومنظمة الصحة العالمية أصدرت لأول مرة في تاريخها إنذارا عالميا ولكنها تحفظت على وصفه بالوباء وترى أنه يمكن السيطرة عليه، خاصة وأن نسبة المتوفين لا تزيد عن 5% من إجمالي المصابين، والتقديرات تشير إلى إصابة 5000 شخص ووفاة ثلاثمائة آخرين في 25 دولة أهمها الدول الآسيوية إضافة إلى كندا.
وجاءت كلمة سارس اختصارا ل «Severe Acute Respiratory Syndrome» أي «المتلازمة التنفسية الحادة الشديدة»، أو كما ترجمها البعض الالتهاب الرئوي الحاد اللانمطي.
كيفية الانتشار
قالت منظمة الصحة العالمية إن الفيروس هو شكل جديد من أشكال فيروس كورونا الذي يتسبب في الإصابة بنزلات البرد.
وأكد د. أدريان موكيت، الذي ساعد في تطوير لقاحات مضادة لفيروس كورونا ان لدى الفيروس خصائص مميزة قد تجعله مشكلة عسيرة للبشر والأرجح، «على حد زعمه» أن السلالة الجديدة من فيروس كورونا «قفزت» مؤخرا إلى البشر، من الحيوانات في مقاطعة جواندونج في جنوب الصين.
وتجرى حاليا اختبارات على الخنازير والدواجن والصراصير لمعرفة كيفية إصابة الحيوانات بفيروس سارس.
ويرجح خبراء الصحة أن تكون الصراصير مسؤولة عن انتشار الفيروس في مبنى سكني كامل بهونج كونج، حيث يعتقد أن العدوى انتقلت منها إلى البشر.
أما انتشار المرض بين مختلف دول العالم فيرجع سببه إلى قيام البعض برحلات إلى تلك الدول الموبوءة سواء للسياحة أو القيام بالأعمال التجارية ومن ثم العودة إلى بلادهم وهم حاملون للمرض لينتشر بين عائلاتهم وتتسع رقعته بعد ذلك.
فهذا أحد الأطباء المسؤولين عن علاج إحدى الحالات المصابة في منطقة جوانجدونج بالصين يسافر منها حاملا المرض إلى هونج كونج وهو لا يدري لحضور حفل زفاف أحد أصدقائه، وعندما وصل ظهرت عليه علامات المرض وأدخل المستشفى، وبالرغم من تحذيره المسؤولين في المستشفى بأن هذه الحالة خطيرة وأنه يريد عزل نفسه بعيدا عن الأقسام المشتركة إلا أن المسؤولين لم يهتموا بما قاله.
وكانت النتيجة أن انتقل المرض إلى تسعة أشخاص ما بين معالجين ومرضى آخرين من غير الصينيين نقلوا المرض إلى مناطق أخرى مثل سنغافورة وكندا وفيتنام، بالإضافة إلى انتقال المرض إلى مستشفيات أخرى في هونج كونج.
الانتقال بين الفصائل
يعتقد الكثير من العلماء والباحثين أن المرض قد انتقل عن طريق الحيوانات إلى الإنسان مثله في ذلك مثل بقية الأمراض الفيروسية بما فيها الإيدز والانفلونزا الألمانية إلا أن ذلك لا يمكن تأكيده حيث ان الفيروس التاجي الجديد لا يحمل صفات التشابه بينه وبين بقية فصيلة الفيروسات التاجية والمسؤولة عن نسبة كبيرة من أمراض البرد والالتهاب الرئوي في الإنسان وعند الحيوانات أيضاً.
كما توالت المحاولات الطبية من أجل التعرف على طبيعة الفيروس إلى أن أعلن العلماء في هونج كونج نجاحهم في فك الشفرة الوراثية للفيروس وأكدت النتائج التي توصلوا إليها أنه شكل جديد تماما من الحمى التاجية لم ير من قبل.
أيضا قام فريق من العلماء بجامعة ايراسموس في روتردام بهولندا وهم من ضمن ثلاثة عشر فريقا يعملون بالتنسيق مع منظمة الصحة العالمية بحقن القردة بالفيروس كورونا، الذي يعتقد أنه المسبب لمرض سارس، ووجدوا أن الحيوانات أصيبت بنفس الأعراض التي تصيب الإنسان، وقد كانت هذه الخطوة حاسمة في التأكد من سبب المرض.
وعلى الرغم من أن الخبراء يعتقدون أن نوعا جديدا من فيروس كورونا هو السبب الرئيسي في الإصابة بمرض سارس إلا أنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت العدوى «بنوع ثان» من الفيروس هي ما يصيب الإنسان أم لا.
وإذا كان الباحثون بجامعة هونج كونج يرون أن التسلسل الوراثي الجديد لفيروس سارس يثبت أن سببه الحيوانات فإن علماء من ثماني دول منها ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية يرون أن فيروس سارس ليس شبيها لأي فيروس آخر معروف كما أن الاختبارات الجينية على الفيروس، أوضحت أن له «مجرد ارتباط بعيد» بفيروس كورونا المعروف!!
خريطة الجينوم
يحتوي الفيروس على كمية كبيرة من المعلومات الجينية، وفي كل مرة «يستنسخ نفسه» داخل خلية تحدث «أخطاء» جينية ضئيلة.
وقد يعني بعض من تلك الأخطاء نجاح الفيروس، أو ربما لا تحدث فيه تغييرا ذا شأن والعكس صحيح أيضا فقد تجعله الأخطاء الجينية أكثر قدرة على إصابة البشر واستنساخ نفسه داخلهم.
والانتقاء الطبيعي يعني أن «الأخطاء» التي تفيد الفيروس في نهاية الأمر هي التي تقود إلى خلق سلالات جديدة أكثر قدرة على البقاء وعلى الانتقال بسهولة من إنسان إلى آخر.
كما نجح العلماء بمعهد بكين للجينوم التابع للأكاديمية الصينية للعلوم في إكمال تسلسل الجينوم للفيروس وتطوير اختبار وصلة إنزيمية خاصة لامتصاص المناعة من أجل الاكتشاف السريع للسارس.
وقال يانغ هوان مينغ مدير معهد بكين للجينوم إن التجربة دقيقة وحساسة وسريعة وملائمة وأيضا اقتصادية حيث يمكن لصفيحة اختبار واحدة اختبار إجمالي 96 عينة في وقت واحد.
وأضاف أن الأهم من ذلك هو انه يمكن معرفة نتائج الاختبار بعد ساعة واحدة.
وقال العلماء إنه بمجرد إصابة الشخص بالسارس، فإن جسمه ينتج أجساما مضادة لبروتين الفيروس ويتحد عمل الاختبار في بروتينات الفيروس مع الأجسام المضادة المحددة، ومن خلال تفاعل وصلة الإنزيم يتغير لون الاختبار في إشارة إلى وجود الفيروس.
وتوصل الباحثون في معهد البكتريا والأمراض الوبائية بالأكاديمية إلى ترتيب تسلسل القواعد الزوجية للحمض النووي للفيروس.
وقد أرسى هذا النجاح أساسا للفحص والتشخيص السريع لمرض السارس وبحث وصنع لقاحات وأدوية لمكافحة هذا المرض ومسبباته.
انتقال العدوى
ويتفق العلماء على أن المرض ينتشر عن طريق رذاذ يخرج من الرئة مع السعال أو العطس، لكنهم غير متأكدين من وجود طرق أخرى لنقل العدوى.
ويشير بعضهم إلى أن فيروسات كورونا أخرى توجد في الحيوانات يمكن أن تكون مسببة للمرض قد تحورت بحيث لم يعد الانتشار ممكن الحدوث عن طريق السعال والعطس فقط، ولكن أيضا عن طريق المواد الإخراجية الأخرى مثل البول والبراز، مما يزيد احتمال حدوث تفش مستقبلي للمرض من خلال إمدادات الماء أو الأغذية الملوثة، ولا يستبعد البروفيسور ريتشارد بليموث انتقال العدوى عبر الدم أو الاتصال الجنسي، خاصة مع اكتشاف حالات مصابة من كبار السن الذين لا يغادرون منازلهم، وأكد بليموث على أن قوة العدوى تتجاوز فيروس الإيبولا القاتل.
ويعتقد العلماء أنه في بعض الحالات على الأقل، يمكن للفيروس الانتشار عن طريق الهواء أو عن طريق لمس الأجسام.
من ناحية أخرى قدم أحد الأطباء في تايوان بحثا عن بعض الحالات المصابة بالمرض جاء فيه أن الفيروس يمكن أن ينتقل عن طريق الأطعمة وخاصة المحفوظة منها، تماما كما ينتقل عن طريق اللعاب.
واعتمد الطبيب في ذلك على حالات كثيرة قام بالإشراف عليها حيث لاحظ أنها تصاب بالتهاب في المعدة يصاحبه إسهال في الغالب في بادئ الأمر وحتى قبل أن تبدأ أعراض السعال والعطس في الظهور.
وعلى ذلك فإن الفيروس يحتمل أنه يبدأ في المعدة أولا ومن ثم ينتشر في الجسم وخاصة الرئتين حيث تظهر الأعراض السابقة.
ولعل هذا الاكتشاف الجديد سيجعل من الواجب على الناس اتباع طرق للوقاية أكثر من المتعارف عليها حيث ان الوقاية لا بد وأن تشمل الأغذية المتناولة وليس فقط اتباع إجراءات الوقاية العادية من اجتناب المرضى وعدم الاقتراب من محيط الهواء الذي يتنفسونه وما إلى ذلك.
وربما يساعد على تأكيد ذلك أيضا أن هناك العديد من الأطباء المشرفين على علاج مرضى السارس لم تسجل إصابتهم بالفيروس بالرغم من أن البعض لم يكن يتبع إجراءات الوقاية المناسبة ولكن ذلك بأي حال لا يعني تنحي طرق الانتشار الأخرى للمرض.
مخاوف تتجدد
ويخشى عالم الحميات في معهد باستور جان كلود مانوغيرا من أن يؤدي انتشار الفيروس إلى «تحسين طريقة انتقاله»، مما سيجعله أكثر قدرة على العدوى، ورداعلى سؤال عما إذا كان من المحتمل أن يتحول الفيروس إلى مرض منتشر على غرار الزكام أجاب مانوغيرا أن كل شيء يتوقف على طريقة تفاعل الأشخاص الذين أصيبوا.
فإذا ما أفرز هؤلاء المصابون مواد مضادة فإنها ستحميهم في حال تفشى المرض مجددا إن لم يكن في وسع الفيروس التحول وراثيا، وعندها نخشى حقا من أن يتفشى المرض كالوباء.
وهذا يعني أن بعض الأجسام يمكن أن تحظى بالقدرة على احتواء الفيروس ومقاومته ولكن ذلك لا يمكن أن يؤخذ بعين الاعتبار إذ ان من الصعب الاعتماد على ذلك.
ومن المعروف أن الوسيلة الأولى لانتشار المرض هي الاتصال المباشر بين الأفراد المصابين وذلك عن طريق اختلاط السوائل أو التنفس أوحتى ملامسة جلد المصاب.
ولعل ذلك ما يسبب انتشاره بسرعة بين أفراد العائلة الواحدة نظرا لحتمية التعامل والاختلاط بينهم.
ولعل ذلك أيضا ما سبب ظاهرة انتشار المرض بين الأطباء ورجال الصحة حيث كانوا أول من يتعامل مع المرضى بدون إدراك أن ذلك المرض من النوع الخطير والمعدي.
أعراض المرض
عندما انتشر المرض كانت أعمار المصابين تتراوح ما بين 25 إلى 70 عاما، بينما لا يوجد الكثير من الحالات بين الأطفال الأصغر من 15 عاما.
أما أول الأعراض المرضية فتبدأ بشكل حمى ترتفع فيها درجة حرارة المريض إلى 38 درجة مئوية، مع الشعور بالبرودة والرعشة.
وربما يصاحب تلك الأعراض الشعور بآلام الرأس والضعف العام وآلام العضلات. وقد يعاني المصابون في بعض الحالات بصعوبة في التنفس.
ومن جهة أخرى، يمكن الإصابة بالإسهال، وإذا كانت فترة حضانة الفيروس داخل الجسم تتراوح ما بين 2 إلى 10 أيام على أقصى تقدير فإن المريض بعد اليوم الثالث يبدأ في الشعور بضيق شديد في التنفس يصاحبه جفاف شديد في الحلق.
وفي كثير من الحالات التي يحدث فيها ضيق في التنفس يضطر المعالج إلى تحويل المريض إلى التنفس الصناعي ليساعده على البقاء.
كما تمتاز المرحلة الأولى للمرض بزيادة أعداد الخلايا الليمفاوية بينما تبقى معدلات كريات الدم البيضاء في معدلاتها إن لم ترتفع قليلا، وتشهد ذروة هذه المرحلة التنفسية قلة ملحوظة في كريات الدم البيضاء مع تعرض المريض لحالات تجلط الدم، وقلة الصفائح الدموية، وتختلف حدة المرض بين حالة وأخرى حيث يمكن لبعض الحالات أن تستجيب للعلاج بينما يسيطر الفيروس على بعض الحالات حتى النهاية كما أن الحالات التي تأتي عن طريق العدوى قد تسجل إصابات أقل في العدد والأعراض أيضا.
طبيعة الفيروس
لعل ما يفسر عدم نجاح المحاولات الكثيرة في إيجاد علاج ملائم كما يرى ذلك العلماء والباحثون هو تحور أشكال الفيروس إلى حالات عديدة بمعنى عدم استقراره على وضع معين لكي يتمكن الأطباء من محاربته والتعامل معه من أجل تطوير دواء معين له.
وفيما يتعلق بوجود لقاح عاجل وفعال بالنسبة لهذا المرض هناك من يرى إمكانية السيطرة علي المرض وتوفير علاج له خلال أسابيع محدودة، كما أن هناك من يرى أن هذه المسألة تحتاج إلى سنوات طويلة من البحث والتجربة مما يرجع السبب إلى قدرة الفيروس على التحول.
ويؤكد العلماء في معهد الأبحاث الوراثية في بكين أن الفيروس المسبب لهذا المرض يتحول بسرعة كبيرة وبسهولة، بعد أن بينت الخريطة الوراثية من عينات أخذت في الصين، اختلافات مع تلك التي توصل إليها علماء أميركيون وكنديون.
وتزيد هذه الطبيعة المتحولة للفيروس من صعوبة مكافحته، أو تطوير لقاح لمقاومته.
قال الدكتور ديفيد هيمان من منظمة الصحة العالمية إنه لا يستطيع تحديد موعد معين للتوصل لعلاج، لكنه توقع أن الأمر «سيستغرق أسابيع وليس شهورا» أما الدكتور لوك مونتانيي رئيس المؤسسة العالمية لأبحاث الإيدز فيرى أن اكتشاف علاج للمرض سيستغرق سنوات إلا أنه أعرب عن اعتقاده بأن خلاصة ثمرة الباباي المخمرة يمكن أن تحسن المناعة ضد أعراض تسببها فيروسات من بينها سارس.
ويقول مونتانيي، وهو أحد أعضاء فريق علمي قام بعزل الفيروس المسبب للإيدز«HIV»إن فيروس الإيدز اكتشف عام 1983 واستغرق الأمر حتى 1993 للتوصل إلى أساليب علاج يمكنها بالفعل تحسين حالة المرضى.
وكما أشارت أطقم البحث العلمي المتسابقة لإنتاج لقاح قادر على مقاومة السلالة الجديدة إلى أن ذلك قد يستغرق أعواما، مضيفة أن اللقاح ربما لا يوفر سوى حماية محدودة ومؤقتة، في حيال ذلك لا يجد الأطباء المعالجون حلا أكثر من استخدام العقاقير العادية من المضادات الحيوية والتي تستخدم في الحالات العادية من أمراض الرئة وما إلى ذلك، ولكن أحدا لم يعلن عن اكتشاف العلاج الفعال لهذا المرض حتى الآن، الأمر الذي دعا منظمة الصحة العالمية إلى تبني سياسة طبية تعتبرها أكثر واقعية والتي تعتمد على أن الوقاية خير من العلاج وأنها في هذه الحالة تعتبر الطريقة الوحيدة للعلاج حيث يعجز الطب حتى الآن عن حل لغز ذلك المرض وإيجاد العلاج المناسب له.
تاريخ المرض
بدأت أول حالات المرض في الظهور في السادس عشر من نوفمبر من العام الماضي، وذلك في الصين وبالتحديد المنطقة الجنوبية من مقاطعة جوانجدونج.
وكانت الإجراءات المتبعة لعلاج الحالات لا تعدو تلك الإجراءات التي تتخذ من أجل علاج حالات الالتهاب العادية مما أدى إلى انتشار المرض بين عدد كبير من الصينيين.
وفي العاشر من شهر فبراير من هذا العام أعلنت الصين أمام منظمة الصحة العالمية عن ظهور مرض جديد بين 305 أشخاص ووفاة خمس حالات في هذه المقاطعة، ولكنهارفضت إرسال أي وفود تابعين للمنظمة للتحقيق في المرض وفحص الحالات.
بعد ذلك أعلنت الصين أن المرض بدا تحت السيطرة ولا داعي للقلق، وفوجئ العالم بعد ذلك بإعلان كل من كندا وفيتنام وهونج كونج عن وجود حالات جديدة للمرض بين سكانها، مما اضطر منظمة الصحة العالمية إلى إصدار بيان تحذيري مفاده أن المرض بدأ ينتشر على مستوى العالم، وعلى المسافرين إلى هذه الدول اتخاذ الحذر من أن تنتقل العدوى إليهم، كما أن عليهم إبلاغ الجهات الأمنية في المطارات التي يسافرون إليها في حالة ما إذا كانت هناك حالات مشتبهة قد صاحبتهم على متن الطائرة.
ولم تتحرك الصين تجاه الأمر على المستوى العالمي إلا في الحادي والعشرين من مارس حيث طلبت من منظمة الصحة العالمية إرسال فريق لبحث هذه الحالات ومتابعتها.
من ناحية أخرى، أعلن الأطباء في ألمانيا عن وجود فيروس من عائلة الفيروسات المسببة للحصبة في عينات الدم المأخوذة من المصابين.
وقد أكد خبراء الصحة ذلك بقولهم إن هذا الفيروس يحتمل أن يكون من ضمن الأسباب المؤدية للمرض سارس.
بعد ذلك أعلن الباحثون أن ذلك المرض (سارس) يسببه فيروس من فصيلة (كورونافيروس) تلك الفصيلة التي تسبب أمراض البرد والانفلونزا العادية.
وبعد أن كانت منظمة الصحة العالمية قد اكتفت بتحذير المسافرين فقط أصدرت قائمة بأسماء الدول التي أسمتها الدول الموبوءة كما أصدرت تحذيرا آخر تطالب فيه القائمين على المطارات بفحص العائدين من تلك الدول قبل منحهم تأشيرات الدخول.
الصين وتجاهل خطورة المرض
ارتكبت الصين العديد من الأخطاء في مواجهة مثل هذه الكارثة الصحية، وقد بدأت هذه الأخطاء منذ بداية تعاملها مع المرض حيث اتبعت سياسة السرية والكتمان إلى أن تفاقم الموقف إلى هذا الحد.
ولم تبد الصين أية رغبة في التعاون أو الحاجة للمساعدة الخارجية إلا تحت إلحاح شديد من قبل الهيئات الدولية حيث اتهمت أكثر من مرة بإخفاء الصورة الفعلية التي أصبح عليها المرض داخل البلاد.
واستمر الضغط إلى أن أعلنت الصين أن عدد الحالات قد ارتفع إلى807 ،1 حالات، وصاحب ذلك إجبار وزير الصحة وعمدة مدينة بكين على الاستقالة من منصبيهما.
وفي الثاني والعشرين من شهر ابريل قررت السلطات في هونج كونج إعادة 000 ،200 طالب إلى مدارسهم بعد أن كانت الدراسة قد توقفت في البلاد لأجل غير مسمى وذلك بعد أن لاحظت تراجعا في معدلات التزايد في انتشار المرض.
من جهة أخرى، منعت مدينة بكين 7 ،1 مليون طالب من ممارسة الدراسة وذلك حتى السابع من شهر مايو الجاري.
كما توالت عمليات إغلاق المستشفيات في العديد من مدن الصين لإصابة طاقمها بالمرض، بالإضافة إلى إغلاق دور السينما والمسارح وكافة أماكن التجمعات لما تلعبه من دور كبير في عملية نقل المرض.
وهكذا ظلت الإجراءات الوقائية سيدة الموقف، أمام هذا المرض الخطير الذي ينتشر بأسهل الوسائل وأسرعها، ويفتك بضحاياه في ظل غياب علاج فاعل لمواجهة الفيروس القاتل مع فشل المنظمات العالمية وعجزها الصريح عن إيجاد حل لهذه الكارثة التي باتت تهدد البشرية.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|