|
لكيلا نخسر الوطن.. لكيلا نخسر أنفسنا..!!
|
من حق الوطن علينا أن نخاف عليه..
أن نحميه بمهجنا وأرواحنا وأقلامنا..
وأن نفوّت على العدو في الداخل والخارج فرصة المساس بأمنه ومقدراته وحقوق مواطنيه..
وأن نتصدى بحزم وقوة لمحاولات إيذائه أو النيل منه..
في ظل إشاعة هؤلاء المجرمون للفوضى على امتداد أرضه ومائه وسمائه..
وباستخدام كل نوع من أنواع السلاح لإثارة الاضطرابات وتغييب النظام..
***
من حق الوطن علينا جميعاً أن نقف في سبيل عزته وكبريائه دروعاً بشرية للذود عن حماه..
من عدو شرس يتربص للانقضاض على مقدراته ومنجزاته..
أو حاقد لا يسره أن يرى هذا الوطن بما هو عليه اليوم من التقدم والشموخ والرقي..
ومن ذلك المتعالي الذي يريد أن يكون وصياً علينا في تحديد مسار حياتنا..
وفي إجبارنا على محاكاته وتقليده بما نختلف وينبغي أن نختلف معه عليه..
***
ولا شك أن استغلال ما تمر به العلاقات الدولية الآن من أزمات..
واستثمار حالة عدم الاستقرار في المنطقة..
والاستفادة من المساحة المعطاة لنا للتعبير الحر..
في إيذاء الوطن باسم الرغبة في الإصلاح..
إنما هو سلوك غير مقبول وغير مبرر ويرفضه الجميع..
لأنه تصرف يضر بالوطن ويقوض أمنه واستقراره..
وبالتالي يلحق بنا أفدح الأضرار..
فيما يفيد العدو المتربص بنا ويحقق أمانيه وأهدافه المعلنة وغير المعلنة..
***
أخلص من هذا..
إلى أننا اليوم في معركة شرسة وخطيرة..
وأن سلوك بعضنا سوف يقودنا بالتأكيد إلى ما لا نتمناه..
من فوضى لن يسلم مواطن واحد من أضرارها وآثارها..
مع ما يتيحه مثل هذا السلوك من فرص قد تبرر للآخرين الحق في التدخل بشؤوننا الداخلية..
***
وبذلك فقد آن الأوان كي نعود إلى ترسيخ وحدتنا الوطنية وبأقوى مما هي عليه..
والى تحكيم عقولنا بهذا الذي نراه من تداعيات سلبية تسيء إلى وطننا على المدى القريب والبعيد معاً..
كي نتمكن من الخروج من هذه الأزمة دون أن يصاب الوطن أو نصاب نحن كمواطنين في مقتل..
***
فالإرهاب جريمة لا تغتفر ويجب أن يندد به ويقاوم..
وهو مرفوض مهما قيل عنه من مبررات أو حاول البعض تحسين صورته لنا..
ولابد من مواجهته بحزم وقوة وشجاعة..
وهذا هو ما يجري اليوم وكل يوم..
وينبغي أن يستمر وأن يتواصل..
***
ولا يمكن أن يتعامل رجال الأمن مع الإرهابيين بغير ذلك..
وإلا خسرنا الوطن..
وخسرنا معه أنفسنا..
وهذا الذي لن يكون إن شاء الله.
++
خالد المالك
++
|
|
|
مادلين أولبلرايت منتقدة بوش الخارجية واشنطن تضع العالم على حافة الهاوية
|
* إعداد أشرف البربري
«كل دولة في كل منطقة من مناطق العالم عليها الآن أن تتخذا قرارا: إما أن تكون معنا أوتكون مع الإرهابيين». ربما لا يدرك بعض القراء أن هذا الاقتباس ورد على لسان الرئيس الأمريكي جورج بوش في خطاب له في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 الإرهابية مباشرة.
ومنذ الحرب العالمية الثانية لم تلعب أي دولة دورا في تحديد مثل هذه البدائل مثل الولايات المتحدة. ولكن على أية حال فإن إدارة الرئيس جورج بوش تسعى فيما يبدوإلى إعادة تحديد الخيار الأساسي «كل دولة في كل منطقة» يجب أن تفعل، الذين يقفون في المنتصف بين الولايات المتحدة وأعدائها يرون أن الخيارات المطروحة أمامهم ليست بمثل البساطة التي يتحدث عنها الرئيس الأمريكي جورج بوش. والحقيقة أن هجمات الحادي عشر من سبتمبر جاءت بمثابة إلهام للرئيس بوش لتقوده إلى الوصول إلى نتيجة نهائية مفادها أن العالم قد تغير بطرق أصبحت تمثل تهديدا خطيرا للأمن الأمريكي وربما للوجود الأمريكي ذاته بالفعل.
بهذه السطور استهلت وزيرة الخارجية الامريكية السابقة مادلين اولبرايت مقالاً لها نشر في دورية «فورين افايرز» انتقدت من خلاله بشدة السياسة الخارجية الامريكية في عهد الرئيس جورج بوش الابن بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 م والتي تقوم على الانفرادية واستخدام القوة العسكرية بدون كابح.
الهجمات الاجهاضية
وتضيف مادلين اولبرايت: «الخلاصة التي
توصل إليها بوش قادته على الفور إلى اتخاذ قرار مصيري بالتخلي وبشكل جذري عن المنهج الذي ميز السياسة الخارجية الأمريكية على مدى أكثر من نصف قرن. لذلك فالاعتماد على التحالف لم يعد قائما وحل محله التخلص من الخطر عبر الهجمات الإجهاضية وجعل القوة هي الورقة الرابحة في الدبلوماسية الامريكية».
وتؤكد مادلين اولبرايت على ان إدارة الرئيس بوش الابن فشلت في بذل الجهد اللازم للحفاظ على تعاطف العالم معها وكانت النتيجة أن العالم لم يعد يشترك مع أمريكا في نفس الرؤية لهذه الحرب ولا لغيرها من قضايا العالم. فمن المؤكد أن أغلب دول العالم لا تتفق مع الرئيس بوش في أن هجمات الحادي عشر من سبتمبرقد «غيرت كل شيء». وعلى مدى الشهور التي أعقبت هجمات سبتمبر بدا أن إدارة بوش تحاول استخدام ردود الفعل العالمية على هذه الهجمات لكي توحد العالم في مواجهة تهديد واحد مشترك.
الإطاحة بحركة طالبان
وتنوه اولبرايت بخطوة الرئيس بوش عندما ركز على مجموعة الجنسيات المختلفة لضحايا الهجوم على برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك في الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 وتمكنه من حشد التأييد الدولي الواسع للعملية العسكرية التي شنها ضد أفغانستان. وبالفعل تمكن بوش من الإطاحة بحركة طالبان التي كانت تحكم في أفغانستان والتي كانت توفر الحماية لتنظيم القاعدة من الحكم، كما تم تدمير قواعد التدريب التابعة لتنظيم القاعدة هناك وتمت مصادرة كميات كبيرة من الأسلحة الخاصة بها كما تم قتل أو أسر اعداد كبيرة من أعضاء هذا التنظيم. ولكن بسبب إصرار إدارة الرئيس بوش على النزعة الانفرادية في التعامل مع الموقف زاد من تعقيد مهمته في أفغانستان على الرغم من الإطاحة بحركة طالبان. وتنتقد اولبرايت خطاب الرئيس بوش عن حالة الاتحاد الذي ألقاه في يناير عام2002 لانه لم يركز على تنظيم القاعدة ولا عن العمل المتبقى في أفغانستان ولكن بدلا من ذلك ركز على دول ما أسماه محور الشر. وفي سلسلة احاديثه العلنية التي تلت هذا الخطاب ركز بوش ليس على أهمية بناء تحالف دولي ولكن على التحرك الفردي الأمريكي وضرورة بناء قوة عسكرية أمريكية قادرة على مواجهة اي تحدي بما يجعل من فكرة عدم استقرار سباقات التسلح في أي منطقة بالعالم بلا جدوى. كما تنتقد اولبرايت طلب بوش من الكونجرس تفويض إدارته للبحث عن استخدامات جديدة للأسلحة النووية ليخلق انطباعا خارج أمريكا بأنه قلل من القيود المفروضة على استخدام الأسلحة النووية على الرغم من أن الولايات المتحدة تمتلك أكبرقوة عسكرية تقليدية في العالم.
وهذا الموقف الجديد من وجهة نظر وزيرة الخارجية السابقة يهدد بزيادة المخاطر التي تهدد الأمن القومي الأمريكي بسبب انتشار أسلحة الدمار الشامل وتضيف مادلين اولبرايت: عندما نشرت الإدارة الامريكية الحالية استراتيجيتها للامن القومي الامريكي لعام 2002 في سبتمبر من العام الماضي فإنها سارت بهذه العملية إلى ما هو أبعد وجعلت الضربات الاستباقية محورا لسياسة الامن القومي الامريكي.
والحقيقة أنه من السهل تماما إساءة تفسير هذه الخطوة. وهل نريد فعلا أن نعيش في عالم تشعر فيه أي دولة بحقها في مهاجمة أي دولة أخرى قد تبدو خطرا عليها في يوم ما؟ وعندما بدأ بوش مناقشة مسألة تعقب تنظيم القاعدة فإنه لم يصور المسألة باعتبارها حربا عالمية ضد تهديد عالمي ولكنه صورها في صورة جهود تهدف إلى تقديم الارهابيين إلى «العدالة الامريكية».
«شيطنة» العراق!
وأخيرا وفي عام 2003 حاولت الإدارة الأمريكية حشد الدعم العالمي لها ولكن هذه المرة ضد العراق وليس ضد تنظيم القاعدة. ولكي تدعم قرارها بالاطاحة بصدام حسين حاول مسئولو الإدارة إيجاد علاقة بين نظام حكم صدام حسين وتنظيم القاعدة معتبرين أن هذا النظام وتنظيم القاعدة عبارة عن وجهان لعملة واحدة. وقال الرئيس بوش إن أمريكا ليس لديها خيار آخر سوى الذهاب إلى الحرب لمنع الاعداء من الحصول على أسلحة أشد خطورة أو من اكتساب قوة اكبر. وهكذا شنت أمريكا الحرب ضد العراق مع أنها لم تقنع أكثر من أربعة أعضاء فقط من بين أعضاء مجلس الامن الدولي الخمسة عشر بمساندة التحرك الامريكي.
وتقول اولبرايت: يرى بعض المراقبين سياسات الإدارة الأمريكية باعتبارها إظهاراً للإصرار على مواجهة هؤلاء الذين يهددون أمن الشعب الامريكي بطريقة مثيرة للاعجاب. وتؤكد قائلة: «أنني كنت سأنضم إلى هذه الجوقة التي تتطبل لسياسات بوش لو أن هذه السياسات أدت فعلا إلى زيادة الامن المتوافر للمواطنيين الامريكيين. ولازلت مقتنعة أنه لو كان قد تم انتخاب الديموقراطي آل جور نائب الرئيس الامريكي السابق بيل كلينتون رئيسا لأمريكا بدلا من الرئيس بوش ووقعت هجمات الحادي عشر من سبتمبر فإن الولايات المتحدة وحلف شمال الاطلنطي «الناتو» كانوا سيشنون الحرب فعلا ضد أفغانستان ثم ينشرون قواتهم في كل مكان بهذه البلاد ويقيمون هناك حتى تتم إعادة بناء أفغانستان».
رد فعل آل جور
الديموقراطيون، حسب اعتقاد اولبرايت، رغم كل شيء يؤمنون بمهمة إعادة بناء الدول كما أنهم يؤمنون أيضا بفكرة إتمام أي عمل نبدأه، كما أعتقد أيضا أن أمريكا وحلف الناتوكانا سيواصلان تركيزهما على محاربة تنظيم القاعدة ولن يدعيا وبالتأكيد لن يكون مسموحا لهم بإدعاء أن الفشل في العثور على أسامة بن لادن غير مهم.
أما بالنسبة لصدام حسين فأنا أعتقد أن فريق آل جور كان سيقرأ معلومات المخابرات حول أنشطة صدام حسين بطريقة مختلفة ويصل إلى نتيجة تقول أنه على الرغم من أن الحرب ضد العراق مبررة إلا أنها ليست ضرورة على المدى القصير لحماية الامن الأمريكي. وأن سياسة الاحتواء ستكون كافية في الوقت الذي ستواصل هذه الادارة تعقبها لهؤلاء المجرمين الذين قتلوا الآلاف على التراب الامريكي. وتشير مادلين اولبرايت الى أن توسيع إدارة بوش لدائرة تركيزها من مجرد مواجهة تنظيم القاعدة إلى غزوالعراق والتهديد بالعمل العسكري ضد دول أخرى كانت له عواقب غير مرغوبة وغير سارة.
فوفقا لنتائج أحدث استطلاع رأي قام به مركز «بيو» لدراسة الاتجاهات العالميةوالذي شمل 16 ألف شخص في عشرين دولة بالاضافة إلى الاراضي الفلسطينية المحتلة في مايو الماضي، تراجعت نسبة هؤلاء الذين يحملون وجهة نظر مؤيدة لأمريكا بصورة حادة فلم تزد عن 15 في المئة في دول كانت حليفا تقليديا لأمريكا مثل فرنسا وألمانيا وتركيا واليابان وكذلك البرازيل ونيجيريا والاردن وروسيا.
وفي إندونيسيا التي تعد أكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان فإن الاتجاهات نحو أمريكا تحولت من تأييد 75 من السكان لأمريكا قبل سلسلة الاحداث الاخيرة إلى معارضة 83 في المئة من السكان لأمريكا خلال الفترة من عامي 2000 إلى2003. كما تراجع التأييد الشعبي في الدول التي سبق ذكرها للحرب ضد الارهاب بالاضافة الى باكستان التي لم تزد نسبة المؤيدين فيها عن عشرين في المئة.
بل إن المواطنين في دول حلف الناتو الحلفاء لأمريكا مثل فرنسا وبريطانيا وإيطاليا وألمانيا يرون أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين زعيماً للعالم أفضل من الرئيس الامريكي جورج بوش.
كما أشارت أغلبية من جرى استطلاع رأيهم في روسيا وسبع دول من بين ثماني دول إسلامية أنهم يشعرون بدرجة أوبأخرى بالخطرالذي تمثله السيطرة العسكرية الامريكية على مجتمعاتهم.
مبادرة دولية
وتأسف مادلين اولبرايت على المشاعر المعادية تجاه بلدها من عديد من دول العالم وتقول: «الحقيقة أنني لم أكن أفكر أبدا في أنه سيأتي يوم تشعر فيه شعوب لا تنوي أمريكا ولا تفكر في إلحاق أي ضرر بها بالخوف من أمريكا». وتتابع قائلة: بالفعل الاطاحة بصدام حسين جعل العالم أوعلى الاقل العراق مكانا افضل ولكن عندما تلتزم أمريكا بتنفيذ مشروع يتكلف مثلا عشرات المليارات من الدولارات يجب أن تكون قادرة على قول ذلك. بل إن الاكثر حيوية وأهمية هو تحقيق تقدم تجاه حشد مبادرة دولية متعددة الجنسية ومتعددة الثقافات ومتعددة السنوات تهدف إلى تشويه سمعة تنظيم القاعدة وتفكيكه والقضاء عليه وكذلك أي منظمات يمكن أن تنشأ في المستقبل على غرار القاعدة. ومثل هذه المبادرة تحتاج أقصى قدر من التنسيق العالمي وتكامل القوى الدبلوماسية والمخابراتية والقانونية. كما تحتاج إلى علاقات عمل قوية جدا مع المناطق التي تزدهر فيها الافكار المتطرفة وتنكمش فيها المشاعر المؤيدة للغرب.
والمشكلة أن الرئيس بوش أعاد تحديد إطار قضيته. فبدلا من أن يطالب الآخرين ببساطة بمواجهة تنظيم القاعدة فإنه يطالبهم الآن بمناهضة القاعدة وبتأييد غزو دولة عربية وبالموافقة على مبدأ الحرب الاستباقية كحزمة سياسية واحدة. وهذا الموقف دفع الكثيرين ممن كانوا يناهضون تنظيم القاعدة إلى القول بأنهم لا يريدون أن يظلوا مع أمريكا تماما كما فعل بعض العراقيين الذين أعلنوا معارضتهم لكل من صدام حسين ولهؤلاء الذين حرروهم منه.
واعتقد أنه ليست مفاجأة إذا ما وجدت أن هذا هوالاتجاه الشائع في مختلف أنحاء العالم العربي.
الشرخ الأوروبي
ولكن المفاجأة الحقيقية أن تجد هذا الاتجاه منتشرا في أوروبا أيضا، وإذا كان الرئيس بوش خاض حملته للرئاسة الامريكية عام 2000 تحت شعار «موحد لامقسم» فإن الارقام تشير إلى أن بوش أحدث شرخا كبيرا في العلاقة بين أمريكا وأقرب أصدقائها في أوروبا.
والحقيقة أن هذا الشرخ حدث حتى قبل هجمات الحادي عشر من سبتمبر وظهور مبدأ الحرب الاستباقية بفضل ازدراء إدارة الرئيس بوش للقواعد الدولية مثل برتوكول كيوتو لحماية مناخ الارض. ثم تعمق الانقسام أثناء اندفاع أمريكا نحوالحرب ضد العراق ثم تقلص الانقسام بصورة طفيفة منذ ذلك الوقت. الخلاف عبر الاطلنطي ليس جديدا بالتأكيد، ولكن القلق الاوروبي بشأن المشروعات الامريكية تزامن مع شكوك أمريكية في مدى تصميم الاوروبيين مما أوجد احتمال حدوث انشقاق خطير طويل المدى بين الحلفاء عبر الاطلنطي، بعض المعلقين حاولوا تفسير المعارضة الاوروبية للحرب على أساس ولاء عبودي للمنظمات الدولية وشعور نسبي بالعجز وببساطة بسبب الغيرة من الولايات المتحدة الامريكية، ومثل هذه التحليلات تتجاهل احتمال أنه ربما لم تكن الحجج الامريكية للحرب مقنعة بدرجة كافية.
وتقول مادلين اولبرايت حول الحرب ضد العراق: «انا شخصيا أشعر أن الحرب كانت مبررة ليس على أساس أن صدام حسين استمر لمدة عشر سنوات يرفض الخضوع لقرارات مجلس الامن المتعلقة بأسلحة الدمار الشامل، ولكن الإدارة الأمريكية زعمت أن صدام حسين يشكل تهديدا حاليا لأمريكا وهوزعم غير حقيقي ولا يوجد ما يؤيده تماما كما كان الحل مع زعم الإدارة عن وجود علاقة بين العراق وبين تنظيم القاعدة، كما أن معارضي الحرب أثاروا عدداً من الاسئلة لم تقدم لها الإدارة الأمريكية أي إجابات مثل الخطط الامريكية الخاصة بالعراق بعد الحرب وجهود إعادة بناء ما ستدمره هذه الحرب ومدى إمكانية أن تساعد هذه الحرب قدرة تنظيم القاعدة على تجنيد أعضاء جدد فيه.
لذلك لا يجب أن ندهش أبدا عندما نجد كل هذا الخلاف حول حكمة هذه الحرب من الاساس، وقد كان واضحا من كل ذلك أن الحرب الأمريكية ضد العراق كانت حربا اختيارية بالنسبة للادارة الامريكية ولم تكن حربا محتومة. كما كانت مبادرة من جانب واشنطن لإظهار سيطرتها وتفوقها نتيجة شعور بالتعرض للخطر وهو أمر لم تشترك فيه أوروبا مع أمريكا.
والحقيقة أن المخاوف التي أعرب عنها معارضو الحرب في أوروبا لم تكن تافهة أولا يمكن الاجابة عنها. وقد كان يجب أن يحصل الاوروبيون على إجابات عن مخاوفهم ليس من خلال المبالغة في تصوير الخطر العراقي ولا بترديد مزاعم غير مؤكدة ولكن من خلال مزيج من الصبر وتقديم الادلة الدامغة. فإدارة الرئيس بوش حاولت من خلال الربط بين بغداد وتنظيم القاعدة تحويل الحرب ضد العراق إلى مجرد جولة في حربها ضد أسامة بن لادن. وهذا الأسلوب لم يكن صحيحا على الإطلاق وفي الوقت نفسه حاولت أن تصور كل من فرنسا وألمانيا أمام الرأي العام الامريكي ليس فقط في صورة مثيري المشكلات ولكن في صورة الخونة لأمريكا.
أفضل حجة التغيير
وتقول اولبرايت: «لقد كانت أفضل حجة يمكن أن تستخدمها واشنطن بشأن تغييرنظام الحكم في العراق هي أن القوة العسكرية تعد الطريقة الوحيدة في غياب عمليات تفتيش فعالة تابعة للامم المتحدة لتطبيق قرارات مجلس الامن الدولي على العراق وبالتالي دعم مصداقية الامم المتحدة والقانون الدولي». ولكن لسوء الحظ فإن إدارة الرئيس بوش كانت متحمسة لافشال مهمة عمل رئيس لجنة التفتيش الدولية على الاسلحة العراقية هانز بليكس وفريقه واعتبار مبدأ الضربات الاستباقية بديلا عن القانون الدولي، ولذلك فإن الكثيرين حول العالم نظروا إلى الغزو الامريكي للعراق ليس باعتباره استخدام القوة لفرض القواعد المقبولة ولكن باعتباره محاولة أمريكية لوضع قواعد جديدة للتعاملات الدولية تكتبها الولايات المتحدة وتطبقها بمفردها على العالم. والحقيقة أنه لم يكن يجب أن يكون الامر هكذا، فبعد الحرب العالمية الثانية كانت الولايات المتحدة الامريكية أيضا على قمة القوة في العالم وكانت تواجه أيضا أخطارا غير مسبوقة، ولكن الرئيس الامريكي في ذلك الوقت هاري ترومان لم يجلس في مقعده بالبيت الابيض ليدخل في مساومات مع الدول الاقل قوة حول قواعد القانون الدولي الجديد وما يجب أن تكون عليه.
والحقيقة أن الادارة الامريكية الحالية تعطي انطباعا بأنها غير مهتمة بما يعتقده الآخرون وهي لذلك تضع العالم على حافة الهاوية. وتتابع اولبرايت قائلة: «كما أشرت من قبل فمسئولية الشرخ الحالي في جدار التحالف عبر الاطلنطي لا تقع بالكامل على كاهل إدارة الرئيس جورج بوش بمفردها، فالحقيقة أن الدور الفرنسي لم يكن إيجابيا هو هذه القضية وذلك من خلال دعوتهم المستمرة على سبيل المثال لجعل كل اقتراح بالتكامل الاوروبي محاولة لمواجهة القوة الامريكية». وهذا تجسد في قول وزير الخارجية دومنيك دي فيلبيان الاختيار«بين رؤيتين للعالم» والذي يقصد به الاختيار بين عالم أحادي القطبية تنفرد فيه واشنطن بالسيطرة على العالم وبين عالم متعدد الاقطاب تكون فيه القوة الامريكية مجرد قوة واحدة تكبحها قوى أخرى تكون في الغالب أوروبا الموحدة.
ولكن مثل هذه الحجة مثيرة للسخرية، فالفكرة التي تقول أن القوة الامريكية تهدد مصالح الديموقراطيات الاوروبية بدلا من أن تدعمها هي كلام فارغ، ربما تكون القوة الامريكية مضرة للفخر والغرور الفرنسي الاحتلال النازي وهي التي أعادت توحيد برلين وهي التي هزمت الشيوعية وخلصت منطقة البلقان من الطاغية الصربي سلوبودان ميليوسفيتش.
والحقيقة أنه يمكن بل ويجب تضييق الخلاف بين الولايات المتحدة والكثير من الدول الاوروبية. والتحدي الذي تواجهه اوروبا هو ضرورة رفض الرؤية الفرنسية لطغيان القوة الامريكية والحفاظ على رؤيتها الاوروبية التقليدية لهذه القوة الامريكية باعتبارها عاملاً مساعداً لاوروبا. كما أن الولايات المتحدة لم تفقد بعد كل شواطئ النجاة ويمكن للشعب الامريكي بمساعدة من وزير خارجيته كولن باول وغيره من الاصوات العاقلة أن يمكن الإدارة الأمريكية من المضي قدما في الطريق المظلم الذي تسير فيه.
تكامل الجهود
على إدارة بوش أن ترحب وبحماس بالجهود الاوروبية التي تهدف إلى إنشاء قوة تدخل سريع أوروبية مستقلة تعمل بصورة خاص في مجالات حفظ السلام وعمليات الاغاثة الانسانية، وعندما يؤدي الاوروبيون مهام كبيرة ومهمة كما يفعل الالمان والاتراك في أفغانستان منذ انتهاء الحرب هناك فإنهم يستحقون التهنئة بغض النظر عن الخلاف حول بعض القضايا الاخرى الاقل أهمية. أكثر من ذلك، يجب دعوة الاوروبيين وليس توجيههم للعمل مع واشنطن في مواجهة التحديات الخطيرة، وربما الاهم من ذلك هو معاملة الاوروبيين باعتبارهم ناضجين. ربما هناك سبب واحد يجعل الإدارة الامريكية الحالية تشعر بأنها لا تحتاج إلى التشاور مع الآخرين وهو ثقتها الكاملة في رؤيتها للامور.
ففي مارس الماضي زعم الرئيس بوش أن الحرب ضد العراق سوف تكون مجرد خطوة أولى نحو تحول كامل في منطقة الشرق الاوسط بأكملها، وأن إظهار الولايات المتحدة عزمها وإصرارها على تحقيق التحول سوف يخيف الارهابيين وهؤلاء الذين يساعدونهم أويساندونهم أويقدمون لهم المأوى. فوفقا لما يقوله الرئيس فإن «الإرهابيين الذين يهددون الولايات المتحدة سوف يتلاشون بمجرد سقوط صدام حسين ونزع سلاحه». وأن بناء حكم جديد ديموقراطي في العراق بمساعدة عدد محدود من القوات الامريكية سوف يرسل رسالة واضحة لأنظمة الحكم العربية الاخرى ويقدم نموذجا للدولة الفلسطينية المنتظرة.
والحقيقة أن هناك سلسلة من الخيارات التي ستحدد إلى درجة كبيرة احتمالات نجاح هذه الرؤية الامريكية، وفي مقدمة هذه الخيارات تحديد شرعية أوعدم شرعية استخدام الإرهاب وسيلة لتحقيق تغييرات سياسية. وحتى اليوم مازالت أغلبية الشعوب العربية ترى أن الكفاح الفلسطيني ضد إسرائيل مشروع مهما تكن الوسائل المستخدمة فيه. ورغم ذلك فمازال هناك باب للأمل، فقد كشف استطلاع رأي مركز بيوعن انتشار استياء كبير في العالم العربي من السياسات الامريكية وبخاصة في الشرق الاوسط. ولكن هل كان غزوالعراق هو الطريق الصحيح لبدء بناء الديموقراطية في العالم العربي؟ الاجابة على هذا السؤال تتوقف على مدى استمرار العراق مقسما كما هوالحال الآن وإلى أي مدى سيتدهور الموقف الامني. فالجنود الامريكيون سوف يعانون من أوقات صعبة من أجل دمقرطقة العراق ولن ينجزوا هذه المهمة إذا اضطروا للبقاء طوال الوقت داخل أسوار قواعدهم أوداخل الدبابات. وسوف يفقد المسئولون الامريكيون كل مصداقية لهم إذا أصروا على مواصلة الرقابة على التلفزيون العراقي الجديد وواصلوا تفتيش منازل المواطنيين العراقيين دون أي احترام لحقوق الانسان التي يتغنون بها وواصلوا حظر الاحزاب السياسية وواصلوا رفض مطالب العراقيين بالحصول على قدر أكبر من الحكم الذاتي. والواقع أن إدارة بوش مصرة على السيطرة على كل شيء في المرحلة الانتقالية بالعراق بعد الحرب، والتاريخ هو الذي يحدد لنا مدى حكمة مثل هذا القرار من عدمه ولكن للاسف المبدأ الذي يحكم سياسة الإدارة الامريكية يتمثل فيما يمكن أن يقال عنه حكمة رامسفيلد التي تقول «من السهل الدخول إلى شيء من أكثر من الخروج منه».
إنجازات كلينتون
ورغم كل شيء فقد كانت هجمات الحادي عشر من سبتمبر دراماتيكية وصادمة ولكنها بالتأكيد لم تكن بداية قلق الإدارة الأمريكية من وقوع أسلحة دمار شامل في أيدي الإرهابيين. فقد كان الرئيس الامريكي السابق بيل كلينتون أول من اهتم بهذه القضية. ومن أولى إنجازاته في هذا المجال إقناعه لكل من أوكرانيا وكازاخستان وبيلاروسيا بالتخلي طواعية عن ترسانتهم النووية. وقد جعل كلينتون نفسه خبيرا في خطر الهجمات الارهابية بأسلحة دمار شامل ضد الاراضي الامريكية. ولكن الرئيس كلينتون كان مختلفا عن خليفته بوش في الايمان بقدرة الولايات المتحدة على إنزال الهزيمة بأعدائها فقط إذا كان حلف شمال الاطلنطي «الناتو» قويا وإذا كانت الأمم المتحدة قوية وإذا كانت المنظمات الدولية مثل الوكالة الدولية للطاقة الذرية فعالة وأنه يجب أن تتشاور أمريكا مع أصدقائها في كل أنحاء العالم باحترام متبادل.
لحظات تاريخية
لقد كانت هجمات الحادي عشر من سبتمبر هي اللحظة التاريخية التي كانت إدارة بوش تنتظرها من أجل مزج الإرهابيين بأنظمة الحكم المارقة معا وحشد التأييد لمحاربتهم معا فيما يسمى بالحرب الاستباقية الامر الذي أدى إلى تقسيم العالم وانتشار الصراعات في كل أنحائه مع أن الامن القومي الامريكي يعتمد على احتشاد العالم معا من أجل خوض المعركة ضد الإرهاب.
وأنا أعتقد أن هناك منهجاً آخر للتعامل مع هذه التحديات يتمثل في التركيز الدائم والمستمر على تنظيم القاعدة إلى جانب الشرق الاوسط والعراق وإيران وكوريا الشمالية والتعامل مع كل ملف بقوة ولكن بطريقة منفصلة فهذا يمكن أن يحقق نتائج أفضل. فمثل هذا المنهج يمنح الرئيس بوش من وجهة نظري القدرة على تقديم خيارات أكثر وضوحا بشأن محور قضية الإرهاب لحلفائه الاوروبيين ولاغلب شعوب العالم المعرضة لاسلوب الإدارة الامريكية بما في ذلك الاغلبية الصامتة من المسلمين وشعوب الشرق الأوسط وفي كل مكان بالعالم. فمثل هذه الجدية في الخيارات سوف تمنح الولايات المتحدة دعما كذلك الدعم الذي حصلت وتحصل عليه في أفغانستان التي يجب أن تظل محورتركيز جهود الولايات المتحدة الامريكية لإعادة بناء الدولة هناك. وبدلا من الاستسلام لغرور القوة. على الإدارة الامريكية أن تركز على القوة الجماعية لعالم متحد عن طريق التأكيد على أن الإرهاب خطأ وخطير. يجب أن تتجه الجهود الامريكية ليس فقط إلى اعتقال أوالقضاء على المشتبه في انتمائهم لتنظيم القاعدة ولكن أيضا إلى وقف تعليم الكراهية وتمجيد القتلة ووقف انتاج الاكاذيب عن الغرب الذي يستمر حتى اليوم في الشرق الاوسط وجنوب آسيا!!. أيضا على واشنطن أن تؤكد احترامها لقيمة كل روح بشرية من خلال استمرار مشاركتها وبصورة يومية من أجل وقف أعمال القتل في جانبي الصراع في الشرق الاوسط. أعلم أن الوقت تأخر لكنه لم يتأخر تماما بالنسبة لإدارة الرئيس بوش لكي تعدل مسارالاحداث. فقد فقدت بالفعل الكثير من رؤاها المتفائلة الواهمة عن العراق والتعهدالرئاسي بالتدخل لحسم الصراع في الشرق الاوسط وأقامت بعض الحواجز بين أمريكا وأوروبا وتراجع مستوى الثقة في تصريحات مسئوليها.
وأعتقد أنه سيكون من المفيد أن يختفي مبدأ الضربات الاستباقية تماما من استراتيجية الامن القومي الامريكي. كما أنه سيكون من المهم أيضا ألا تتسرع الإدارة الأمريكية لتعلن الانتصارمرة أخرى في العراق أوأفغانستان قبل أن تنجز مهتمها بالفعل.
وفي النهاية أعتقد أنه يجب على المسؤولين في إدارة الرئيس بوش أن يدركوا أنه ربما لاتوجد أي منظمة دولية قادرة بمفردها على عمل كل شيء ولكن يمكن لكل منظمة أن تقوم بشيء ما، وربما على هؤلاء المسؤولين أيضا أن يتخلوا عن موقفهم الذي يقوم على أساس تجاهل كل شيء كانت تقوم به إدارة الرئيس بيل كلينتون ويدرسوا نموذج كوسوفو، هذه العملية لم تكن مجرد بداية جيدة ولكنها أيضا منحت كل طرف مشارك فيها الشعور بالمهمة والحرص على نجاحها. الامر يحتاج بالطبع إلى صبر لكي تعمل مع حلفاء ومن أجل إشراك أفضل ما في المنظمات الدولية، ولكن القيام بهذا يحقق أيضا الكثير من المزايا حيث يتقاسم كل الاطراف النفقات ويتم توزيع الاعباء ويتولى اناس مهرة العمل ويصبح النجاح هدفا لكل المشاركين.
وأخيرا يجب على الإدارة الأمريكية أن تفعل أكثر مما فعل الرئيس بوش أثناء جولته الافريقية من أجل الاستفادة من نقاط القوة الحقيقية للولايات المتحدة، ففكرة أن الامريكيين يعيشون بالفعل في أقوى دولة في التاريخ لكنهم يخافون من أسامة بن لادن لا تجد صداها لدى الكثيرين من شعوب العالم النامي والذين لا يمثل الخوف من الارهاب بالنسبة لهم قضية كبرى في ظل التحديات التي يواجهونها في حياتهم اليومية من أجل مواصلة الحياة رغم الفقر والمرض والجوع.
وأعتقدأن قضية الولايات المتحدة يمكن أن تجد تأييداً أفضل لو أن إدارة الرئيس بوش سارعت ببناء الجسور بينها وبين تلك الشعوب الفقيرة من خلال المساعدات التي تعين هؤلاء الفقراء على مواجهة مشكلات حياتهم اليومية بدلا من إرسال القنابل التي تهدم الأكواخ الفقيرة فوق روؤس ساكنيها.
فالولايات المتحدة لن تنتصر في معركتها ضد الإرهاب إلا إذا أقنعت شعوب العالم أن هدف هذه الحرب ليس مجرد حماية أرواح الأمريكيين ولكن جعل هؤلاء الفقراء أغنى وأكثر حرية وأمنا أيضا.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|