|
دولة يهودية.. لماذا؟!
|
مع تقديرنا الجم لكل جهد بذل ويبذل من أجل إيجاد حل عادل للصراع العربي الإسرائيلي الذي طال مداه، باتجاه توفير الاجواء المناسبة للتعايش بين شعوب المنطقة بأمن وسلام ورفاه..
ومع فرحنا الكبير بالتوافق الأمريكي الإسرائيلي على حتمية قيام الدولة الفلسطينية واتفاقهما أخيراً على انه لا سلام لاسرائيل من دون اعطاء شعب فلسطين حقه في العودة واقامة الدولة الفلسطينية..
مع قناعتنا بأن مثل هذا التوافق ما كان لتأخيره أن يمتد الى أكثر من نصف قرن بانتظار الافصاح عنه، والاعلان عن انه طريق دول المنطقة لايقاف نزيف الدم والاقتتال فيما بينها لو كانت هناك جدية من الولايات المتحدة الأمريكية لحله..
ومع شعورنا بأن ما تم انجازه في رباعية العقبة وسداسية شرم الشيخ في لحظات تاريخية، انما يأتي استجابة للوضع الطبيعي المستقبلي الذي يجب أن تنعم به دول المنطقة وأن يسود حياة شعوبها.
***
اقول: مع ذلك الاستقبال البهي لقرارات القمتين..
فإن اعلان الرئيس الامريكي عن دولة يهودية للاسرائيليين ربما يعرقل كل ما تم تحقيقه في كل من شرم الشيخ والعقبة، بل وقد "يفرمل" لخطوات التحدي نحو انجاز ماهو مطلوب مستقبلا..
فإلى جانب التخوفات الفلسطينية الكثيرة والكبيرة من أن ما أعلن عنه لا يعدو أن يكون حفلة اعلامية لها اكثر من تفسير واكثر من هدف وهو ما يجب ان يؤخذ بعين الإعتبار..
ومع الشعور بالصدمة من ان خطاب شارون قد خلا من اي مضمون واضح عن الدولة الفلسطينية المرتقبة، في مقابل الصاق ابو مازن صفة الاعمال الارهابية على ما يقوم به الفلسطينيون..
فإن الاعلان عن دولة يهودية في هذا الوقت المبكر من المفاوضات لا يصب بنظرنا في مصلحة انهاء النزاع وتمكين الفلسطينيين من بناء دولتهم الحرة والمستقلة وادارتها على النحو الذي سوف يُتفق عليه بين الاطراف المعنية.
***
أتساءل بعد ذلك وبصدق..
هل فكر الرئيس بوش وهو يعلن عن الدولة اليهودية للاسرائيليين بتبعات ذلك على مستقبل المباحثات بين الطرفين ومدى تقبل الشارع الفلسطيني لذلك؟!.
وأسأل ثانية..
كيف سيكون التعامل مع العرب غير اليهود من يقيمون في اسرائيل، واولئك الذين شردوا بعد النكبة في العام 1948م من العرب غير اليهود؟!.
ماهو الخيار المتاح والمباح امام صيغة جديدة لدولة اسرائيل التي ترسخ الديانة اليهودية كهوية لها وفق ما أعلنه الرئيس الامريكي من العقبة عن ذلك؟!.
***
إن ما أخشاه، أن يكون اعلان الرئيس الامريكي عن الدولة اليهودية القادمة، بمثابة اجهاض لجهوده وجهود كل من سانده للوصول الى حل للقضية الفلسطينية..
وان ضبابية كلام رئيس الوزراء الاسرائيلي وهو يعلن عن عدم رغبته في حكم الفلسطينيين وتقبله للدولة الفلسطينية، حين يضاف الى ما قاله الرئيس بوش عن عزم الولايات المتحدة على دعم الدولة اليهودية وضمانها، انما كمن يضع مسماراً جديداً في نعش هذه القضية التي يستعصي على الجميع إماتتها بحكم تصميم الشعب الفلسطيني على انتزاع حقه بالقوة اذا ما فشل في الحصول عليه من خلال الحوار.
***
كل ما نأمله، حتى مع الاهتمام الامريكي بأن تكون اسرائيل دولة يهودية، الحرص على عدم المساس بحقوق المواطنين العرب غير اليهود في إسرائيل، وحق اللاجئين العرب من غير اليهود بالعودة الى وطنهم الذي شردوا منه في اعقاب نكبة العام 1948م، فخيار السلام لا يتحقق الا حين يستفيد كل طرف من ظله.
خالد المالك
|
|
|
لماذا تأخر السلام في الشرق الأوسط؟! ترسيم حدود إسرائيل يعني نهاية الحلم اليهودي! بقلم: مايكل لومبير(*)
|
في الوقت الذي تحتفل به إسرائيل بمضي 55 سنة على وجودها، لا بد للعالم أن يتذكر شيئين مهمين: أولا أن الدولة العبرية قامت على أرض ليست لها، و ثانيا أن الدول الغربية كي تكفر على ما اقترفته في الماضي ضد اليهود ساندت إقامة دولة ليست لها حدود واضحة مع أحد، هذه نقطة في غاية الأهمية، ربما في سنوات من الجدال ومن الصراع اقتنع الإسرائيليون بأن لهم دولة، لكن لا أحد سألهم: ما هي حدودكم؟ قطعا ليست هنالك حدود..
مؤتمر 1981 المنعقد في مدينة "نيوجيرزي" والذي ضم كل التشكيلات السياسية والدينية اليهودية، رفض في صياغة البيان النهائي الداخلي الإعلان عن الحدود "المحتملة" للدولةالعبرية.. طبعاً عدم الإعلان عن ذلك لا علاقة له بالحرب القائمة وغير المنتهية، وليس لأن الصراع بلغ من مداه الأيدلوجي أشواطا خطيرة، بل لأن إسرائيل ترفض إقامة الحدود أصلا..!
دعونا لا نكون انطباعيين فقط ونتناول كتابين مهمين الأول صادر قبل خمسين سنة لصاحبه "آزر بن يمين" بعنوان "التاريخ الأعظم" والثاني صادر سنة2000 لكاتبه "فرانك ادموند" بعنوان "معيار الدولة القوية".. سوف نطرح موضوعين أساسيين جاءا في الكتابين وهما: الدولة والحدود.. ففي منظور "آزر بن يمين" فإن "فرضية إقامة الحدود للدولة الإسرائيلية سيكون خطأ فادحاً لأنه سوف يحبسها سياسياً وتاريخياً على اعتبار أنها ستقضي على حلم اليهود الأول، من عهد الآباء إلى الأبناء.." في الكتاب الثاني يقول "فرانك أدموند" ان الإسرائيليين تنبهوا لأمر في غاية الأهمية وهو أن إقامة حدود واضحة يعني أنه سيكون لهم جيران رسميون، في الوقت الذي يرفض اليهودي البسيط أن تكون حدوده خارج الحلم الكبير.."
لاحظوا معي عبارة "الحلم" التي تتكرر ليس في كتابين مدة صدورهما متباعدتين بل في أكثر من خمسين بالمئة من التصريحات الإسرائيلية التي ترى في إقامة الحدود أمراً مرفوضاً من دون اللجوء إلى عوامل أمنية و التي تعني أن المشروع التوسعي للدولة العبرية أبعد مما هي عليه الآن كي تضمن أمنها الشخصي..!
سوف نطرح سؤالاً يحرق شفاهنا وهو: لماذا تأخر السلام في منطقة الشرق الأوسط إلى يومنا هذا؟ ما الذي كان ينقص الأطراف المتنازعة كي ترى مصلحة أبنائها وتنحاز للسلام؟ الجواب الذي أتعبنا كثيراً عثرنا على بعضه في حقيقة الواقع اليومي داخل الأرض المحتلة.. واقع عسكري مفروض على شعب أعزل.. هل يمكن القول مثلاً أن الفلسطينيين احتلوا إسرائيل؟ لا أحد سيقولها، ولهذا السبب يجب أن نرى الوضع الآن بشكل مختلف.. نعترف أن للحرب الأمريكية على العراق "الفضل" لنسمي الأشياء باسمها الآن، ونقول ان الوضع السائد في فلسطين هو احتلال مقيت دام أكثر من خمسين سنة، و أكثر من هذا نفسياً وقمعياً.. هذا كلام لم نكن نقوله من قبل بهذا الوضوح.. ونحن ندرك تماماً أن الحرب التي قادت قوة عظمى لتطيح بنظام دولة من العالم الثالث عليها أن تفعل نفس الشيء تقريباً كي تفرض القانون..! قطعاً القانون كان ضحية المجتمع الدولي لسنوات طويلة كانت فيها القوة العظمى تقيم وزنها في العالم نحو سياسة جارحة ألغت الدول الأخرى وبالخصوص الهيئات الرسمية، مخطئ من يظن أن هيئة الأمم المتحدة مثلاً قدمت استقالتها دولياً في أزمة العراق الأخيرة.. التواريخ المهمة تؤكد أن الغياب الفعلي للأمم المتحدة كان منذ الانتهاء الرسمي من الحرب الباردة، والتي كانت نتيجة وحيدة لميلاد القوة العظمى بهذا الشكل المخيف والمطلق، يمكننا الكلام عن الهيمنة أو ببساطة عن الإمبريالية للكلام عن الولايات المتحدة، بعضنا اعتقد أن مصطلح الإمبريالية سقط مع سقوط جدار برلين، لكنه لم يسقط لأن الإمبريالية ليست نتيجة ظرفية، بل واقع بعينه.. الإمبريالية هي سياسة الاستحواذ على خيرات الآخرين بالأساليب العنيفة، وهو بالفعل ما جرى في العشر سنوات الأخيرة بالتحديد.. الأمم المتحدة كانت ضحية أخرى لتلك الإمبريالية، وبالتالي لم تكن لتفعل شيئاً في العالم أكثر من طموح تنظيف مائدة الأكل في المناسبات الرسمية الدولية، هذا كلام قاله الإسرائيليون للأمين العام للأمم المتحدة "كوفي عنان" بمناسبة إقامة لجنة للتحقيق في مجزرة جنين من السنة الماضية.. الأمم المتحدة بكل مكاتبها عجزت عن مجرد تسمية الفظائع التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي في جينين. واعتبرته ملفاً مغلقاً لعدم كفاية الأدلة التي بامكانها توريط الجيش الإسرائيلي "مع أن الصور القادمة من تلك المدينة الشهيدة كانت كافية للجزم على الأقل في أن ما ارتكبته إسرائيل في جينين اسمه ببساطة: مجزرة".. إسرائيل تحتفل بمرور 55 سنة على إقامتها.. سيحتفل البريطانيون معها لأنهم "عبدوا" الطريق لذلك، مثلما يحتفل الأمريكيون الذين يشكل اليهود نسبة 48 بالمئة منهم، و 79 بالمئة من الفاعلين في الإدارة الأمريكية الرسمية "في البيت الأبيض، والخارجية الأمريكية والبانتاجون".. لكن العالم لن ينسى قطعاً أن الاحتفال هو ذاكرة أخرى تحكي ما جرى و ما يجري و ما سيجري، فالاحتلال الذي صار "نظاماً مناهضاً للإرهاب" هو أبشع أنواع الإرهاب.. سيقولها أبناؤنا غداً بصوت أقوى من أصواتنا لأن الحق لا يضيع!
++++++++++++++++++++++++++
(*) "لوسوار أون لاين" البلجيكية
ترجمة: ياسمينة صالح
++++++++++++++++++++++++++
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|