شراء منزل متوسط في ايرلندا ليس بالشيء الذي يقدر عليه المواطن العادي بسهولة بل يلزمه الفوز بواحدة من جوائز اليانصيب أو أن يسعده الحظ بتحقيق مكاسب في البورصة. فقد ارتفعت أسعار المنازل في ايرلندا بواقع 64 في المئة في غضون خمس سنوات فقط وأدى هذا مع تزايد السكان ومرور البلاد بمرحلة رخاء اقتصادي وارتفاع الدخول بشكل صاروخي وتغير نمط الحياة الاجتماعية والنقص في المعروض من المساكن لحدوث أزمة في السوق.
وبحسب أحدث البيانات الحكومية التي نشرت عام 2005 فإن سعر المنزل العائلي المتوسط يبلغ نحو 272 ألف يورو. ويعادل هذا كلفة منزل في نيويورك.
ووصف المجلس الاقتصادي والاجتماعي الوطني وهو معهد بحثي أزمة الإسكان الحالية بأنها تمثل واحدة من التحديات القومية الكبرى التي يمكن مقارنتها بغيرها من التحديات الكبرى التي واجهتها ايرلندا وتصدت لها على مدى نصف قرن مضى.
وأدرج مسح أجرته منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية سوق الإسكان في ايرلندا بوصفه (الخطر الداخلي الرئيسي الذي يتهددها).
وجاء في المسح أن أسعار المساكن على مدى العقد الماضي زادت بوتيرة أسرع مما حدث في أي بلد آخر من بلدان المنظمة: فمتوسط الأسعار تضاعف ثلاث مرات تقريبا.
وأوصت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ايرلندا - وهي بلد يتبنى نظاماً ضرائبياً هو الأكثر تشجيعاً على بناء المساكن بين دول المنظمة - بتحاشي إجراء أية تعديلات ضريبية. كما أوصت المنظمة ومقرها باريس ايرلندا بتحسين سياسة الإسكان الاجتماعي بها، وتشمل قائمة الانتظار في نظام الإسكان الاجتماعي نحو 44 ألف أسرة، ويتجه قسم كبير من المواطنين في ايرلندا إلى نظام الإيجار ليس فقط بسبب الارتفاع الصاروخي في الأسعار ولكن أيضا رفضاً لنظامي الرهن والإقراض العقاري. ولا تقتصر المعاناة على المشترين فقط، فالإيجار الشهري لشقة من حجرة واحدة في مدينة دبلن المفعمة بالحركة والنشاط يقل بالكاد الآن عن ألف يورو بحسب المنظمة الايرلندية الوطنية للإسكان (ثريشولد).
وسلّطت المنظمة غير الربحية الضوء على المفارقة المتمثلة في حصول من تتوافر لديهم القدرة المالية على شراء مسكن على دعم حكومي أكبر من الحكومة يتمثل أغلبه في صورة إعفاءات ضريبية وذلك مقارنة بالعمال أصحاب الأجور المنخفضة الذين يكافحون لتدبير مبلغ الإيجار الشهري.
وأظهر مسح لاتجاهات المستهلكين أجراه معهد البحوث الاقتصادية والاجتماعية وأحد البنوك الايرلندية هذا الأسبوع أن الرغبة في شراء منزل بين المستهلكين الايرلنديين هي الآن في أدنى مستوياتها منذ أكثر من 10 سنوات.
وقال التقرير: إننا نرى أن المقترضين البالغ عددهم 40 ألفاً ربما سيواجهون صعوبات ملحوظة حيث سيعانون من ضغوط بالنسبة لقدرتهم على الإنفاق في حالة استمرار الارتفاع في أسعار الفائدة.
وصرح جاريت كاهيل - 33 عاماً - وهو أمين مكتبة من مدينة كورك لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) بقوله: إن الإسكان وليس الطقس صار هو محور الجدل بين قسم كبير من الايرلنديين. وأضاف أن شراء منزل صار يمثل عبئاً اجتماعياً على المواطنين.