النعمة روح غير مكتملة تساعد في إنهاء تجارة العبيد
النعمة هي نظرة على الحياة والأوقات التي عاش فيها الإصلاحي ويليام ويلبرفورس في القرن الثامن عشر، وهي تحمل رائحة وعبق الإخلاص.
هي ليست بالرائحة السيئة، فهي تحمل خليطاً من الورود ودبس قصب السكر، ولكنها تحمل أيضاً عناصر الكفاح والألم.
ويلبرفورس، ولد عام 1759، كان من الإصلاحيين معظم حياته، وساهم في إنهاء تجارة الرقيق في الإمبراطورية البريطانية، ثم قضى على العبودية ذاتها.
كان محافظاً واجتماعياً وقام بالمناضلة من أجل حقوق الحيوانات وضد الاتحادات التجارية، مما أدى به إلى أن يصبح رجلاً صلباً يصعب قهره، ولا عجب أنه أصبح محط اهتمام الأفلام من الدرجة الأولى.
فيلمنا لهذا الأسبوع ذو عقلية جادة ونبرة حادة نظيفة، إنه فيلم النعمة ذو النظرة غير الكاملة على روح غير كاملة.
قام بإخراجه مايكل أبتد الذي استغل معارك ويلبرفورس بحس من الحكمة القوية، وقام بتأليفه ستيفن نايت.
والفيلم ممتع في مجمله وغالبا ما يكون مؤثراً، حتى عندما تخرج القصة عن السياق التاريخي وتذهب إلى الاتجاه الرومانسي؛ حيث يظهر ويلبرفورس وكأنه شخص صالح لدرجة من الصعب تصديقها، وكان هذا هو السبب الذي جعل الممثل الويلزي الجيد ايوان جروفود وبارشاد جيد من المخرج، يقوم بتمثيل الدور بلمحة من الجنون في عينيه.
برلماني مهزوم
يقوم الفيلم بسرد رحلة ويلبرفورس المعقدة في الحياة منذ أن كان الشاب الإصلاحي القوي إلى أن أصبح عضو البرلمان المهزوم تقريباً، مع التأرجح في الأحداث الزمنية، هو الابن الوحيد لتاجر غني، درس في كامبريدج، حيث قابل صديقه المقرب ويليام بيت الأصغر، والذي سيصبح رئيس الوزراء البريطاني في المستقبل.
عاش حياة فوق عادية وأظهرها ببراعة الممثل البريطاني الشاب بينيدكت كامبرباث.
في النهاية سيقابل امرأة، زوجته المستقبلية، باربرا (قامت بأدائها الممثلة رومولا جاراي)، والتي تدفع بالقصة إلى الأحداث الداخلية.
ولكن علاقته الحميمة بصديقه بيت هي التي تقوم بإحماء الأحداث والكلام، جزئياً بسبب التناغم بين الممثلين، حيث تطغى السمات الشخصية على السياسية.
إن أفلام السيرة الذاتية خادعة بشكل عام، حيث نادراً ما تشبه الشخصية في الفيلم الشخصية الحقيقية، وتكون أكثر خداعاً إذا دارت القصة في زمن مليء بالأحداث الحزينة والمناقشات الحادة.
وسينجح الفيلم في بعض الأوساط كتشتيت للحقيقة فضلاً عن القصة الحقيقية لويلبرفورس الذي اختلف المؤرخون على تراثه، لدرجة يقوم أحدهم بالحط فيها من شأنه فيصفه بأنه (دمية حزب النظام وعالم الأعمال).
قام معاصر بسؤال ويلبرفورس، حيث قام بسن قانون يحارب فيه الاتحاد التجاري، لماذا قام بالاهتمام بالعبيد الأفارقة فضلاً عن الفقراء البريطانيين؟
بينما نجد الكاتبين المتدينين ينجذبان نحو ويلبرفورس. لن نندهش حين نعلم أن صناع الفيلم لا يخاطبون النقد الحاد.
في الفيلم نجد ويلبرفورس متطرفاً، مؤمناً حقيقياً، ثورياً، ذا مبدأ ثابت وإرادة لا تهزم.
حرب ضد الاستعباد
فتارة نجده رجلاً نقياً ومغرياً ورمزاً رومانسياً يرتدي معطفاً أسود طويلاً ويتحدث وهو جالس في حديقته ويرعى الأرانب التي يعتبرها حيواناته الأليفة.
تلك الشخصية المثالية قد تكون شديدة البساطة، ولكن بالفعل هناك شيء لا يقاوم في شخصية سينمائية ميالة إلى الخير بشدة.
سيناريو الفيلم لا يتعمق كثيرا في أعمال الخير، ولكن مع هذا كانت حربه ضد الاستعباد حقيقية وطاهرة من داخل نفسه - وتجعلك تفكر كمشاهد.
قد تشعرون بالممل من مشاهدة الفيلم بسبب أحداثه التاريخية الطويلة لو لم يكن به الكثير من الممثلين البريطانيين العظماء وهم يرتدون الشعر المستعار والملابس المميزة لتلك الحقبة الزمنية، لكنه يستحق المشاهدة لأنه ممتع.
من بين الممثلين المتميزين روفوس سيويل الذي يلعب دور توماس كلاركسون، إصلاحي متعصب عندما يتحدث عن الثورة الفرنسية، قد تتوقع منه أن يندفع ويصبح عنيفا في أي لحظة ويهدر الدماء في قصر الكونكورد.
ومهما كانت الغرفة مزدحمة وممتلئة بالخطب، فإن العبقري مايكل جامبون، والذي يلعب دور اللورد تشارلز فوكس، ذي الذقن المرتعشة والعيون البراقة، يجلب حسا من المتعة في العالم حين تشاهده.
الممثل توبي جونس، الذي قام بدور أحد الأبناء الكثيرين للملك جورج الثالث، والممثل سياران هينتس، قاما بأداء دور أحد أقوى خصوم ويلبفورس في معاركه في البرلمان.
ألبرت فيني يظهر بين كل حين وقد كان المثل الأعلى لويلبرفورس، جون نيوتن، والذي قام بكتابة الأغنية التي أصبحت اسم الفيلم. يعرض الفيلم بداية انحدار وتقهقر الامبراطورية البريطانية كالمهيمن على العالم.
على الرغم من الأداء العبقري لويلبرفورس وإنجازاته الكثيرة المهمة، فليس من الصعب أن يتم ملاحظة أن الفيلم يقوم بتذكيرنا أن السياسة لا يتم عرضها فقط بطريقة هوليوود في السرد التاريخي، ولكن بطريقة أفضل.