|
مجلة الجزيرة كما هي وكما نخطط لها
|
أما وأنَّ هذا العدد هو الرابع من "مجلة الجزيرة" التي أطلَّت عليكم دون أن يكون هناك إسناد تسويقي مسبق لصدورها..
وأنها صدرت دون كلمة عن هويتها، وبلا إفصاح عن الهدف من إصدارها فضلاً عن عدم معرفتكم ربما لما نخططه لمستقبلها..
***
في ضوء ذلك فإن عليَّ أن أسرع لأقول لكم..
لقد ملَّ القراء من الادعاء الذي تمارسه الكثير من الصحف مع كل خطوة هامشية من خطواتها..
ولا نريد للجزيرة الصحيفة أو المجلة أن تصنف ضمن منظومة هذه الصحف فيما لو قامت بمثل هذا التوجه..
***
وأننا لهذا آثرنا إصدارها دون أن يسبق ذلك ما اعتيد عليه من عمل دعائي مسبوق لمثل هذا الإصدار..
وفضلنا أن تكون المجلة بمضمونها وشكلها بمثابة الإعلان عنها والمسوق لها وأن يقتصر التنويه عن إشهارها على الأهم وفي أضيق الحدود..
ولا بأس أن أشير الآن مع صدور العدد الرابع من مجلة الجزيرة إلى:
أنَّ فكرة المجلة أن تكون منوعة ورشيقة وذات طابع علمي توثيقي..
وأن تجمع مادتها بين الجديَّة والإثارة معاً.. مع التزام بالصدق والموضوعية.. وأن يصاحب ذلك التقاط الغريب والتفتيش عن النادر والتنقيب عن الجواهر من بين هذا الكم الهائل من المواد الصحفية..
مع التأكيد على أن تكون مجلتكم جديدة في فكرتها ومواضيعها.. مختلفة عن غيرها من حيث الإخراج وتصميم الغلاف وحتى في صياغة المادة وكتابة العناوين..
وأن تبتعد مجلة الجزيرة عن القضايا والموضوعات المحلية مما هي مادة يومية مستهلكة ومكررة في صحفنا المحلية.. ومن ذلك تلك التي لا تمثل جديداً أو انفراداً للمجلة فيما لو نشرت فيها..
***
هذه بعض ملامح مجلة الجزيرة وليس كلها..
نحاول من خلال إصدارنا لها أن نرسخ قواعد وأصول المهنة...
وبالتالي تقديم أفضل خدمة صحفية لقرائنا..
ضمن تخطيط مستقبلي أفضل لهذه المجلة..
إنه هاجس الزملاء وهاجسي أيضاً..
***
وبكم..
ومعكم..
ومن أجلكم..
سيظلُّ شعارُنا:
الجزيرةُ تكفيك..
+
خالد المالك
|
|
|
تساؤلات وخواطر وأفكار عبدالسلام العجيلي(*)
|
قال له صاحبه: حين يرى الفرنسي مستغرقا في تفكيره مثلك يقول له: (أشتري ما تفكر به بخمسة فرنكات)، أما أنا فأشتريه منك بخمس ليرات. ما الذي تفكر به في هذه اللحظة ويجعلك غير منتبه إلى ما أحدثك به؟
هز هو رأسه وقال وعلى شفتيه ابتسامة ضئيلة: أفكر بجواب على سؤال دأبت في الزمن الأخير على إلقائه على نفسي بين الحين والحين.
قال صاحبه: أي سؤال هذا؟
قال هو: كنت أتساءل، كيف يمكن للمرء أن يرحل عن هذا الدنيا بهدوء، دون أن يتألم أو أن ينزعج، ودون أن يؤلم الآخرين أو يزعجهم؟
قال الصاحب: يا له من تساؤل، أتعني به نفسك؟ لا تقل لي إنك مللت من الحياة ورحت تفكر بمغادرتها بتصميم وفي طواعية.
اتسعت ابتسامته هو على شفتيه وقال: وما يمنع أن يكون الأمر كذلك؟
قال صاحبه: أنت تثيرني، ما الذي تشكو منه في حياتك؟ نحن نغبطك، بل نحسدك، على أمور كثيرة تتصف بها أو تتمتع بها في هذه الحياة: وفرة فيما تملك، وتوفيق فيما تعمل، وشهرة بين الناس، ومحبة لك من رجالهم ونسائهم، صحتك، ما شاء الله، وهي الأهم فيما بلغته من العمر، لا يتمنى خيرا منها من هم في سن أبنائك، فما الذي يدعوك إلى أن تلقي على نفسك مثل هذه الأسئلة؟
انطلقت من صدره هو تنهيدة خفيفة قبل أن يقول: رحم الله أبا نواس وهو القائل:
يا ويح أهلي، أبلى بين أعينهم
على الفراش، ولايدرون ما دائي
قال صاحبه: كنت تثيرني، والآن اصبحت تخيفني، هل تشكو من داء عضال في جسمك ونحن لا نعرفه؟
عادت الابتسامة إلى شفتيه هو، وقال: لو انشدتك البيت الذي يسبق هذا البيت في القصيدة لما خفت يا صديقي، قبله يقول أبو نواس، موجها الكلام الى محبوبه:
لو كان زهدك في الدنيا كزهدك في
وصلي مشيت بلا شك على الماء
قال صاحبه: الآن طمأنتني. داؤك إذن داء حب، داء روح لا داء جسد، هذا أدعى إلى أن تتمسك بالحياة وألا تمل منها، أما قال واحد من أصحابك الشعراء:
إذا أنت لم تعشق ولم تدر ما الهوى
فكن حجرا من يابس الصخر جلمدا
قال هو: لا أدري إذا كنت قادرا ياصديقي على أن تفهمني. ولكني اعرف ان سكان إحدى جزر الباسيفيك، إذا بلغ واحد منهم ما بلغته أنا صديقك من العمر يحملونه، حتى اذا لم يشك شيئاً في جسده، في قارب يوقرونه طعاما وشرابا، ويسيرون به حتى إذا بلغوا وسط المحيط تركوه هناك وحيدا وعادوا من دونه الى جزيرتهم، ما أجمل ما يفعل أولئك السكان!! أتدري أن رحلتي القادمة ستكون إلى أرخبيل من الجزر في المحيط الهادي، أعني في الباسيفيك؟
قال صاحبه: أراك عدت إلى إخافتي، أو إلى إثارتي، أرجوك احتفظ لنفسك، ولنا، بنفسك، إذا كنت أنت زاهدا بالدنيا فإننا نحن بحاجة إليك فيها، صدقني، واسمح لي أن أتركك إلى موعد حان وقته، باي باي يا صديقي.
وتركه صاحبه في مجلسه، معيدا اياه في ذلك المجلس إلى تساؤلاته وخواطره وأفكاره.
(*) روائي عربي
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|