|
صاحبةُ الجلالة..!!
|
الصحافة رسالة:
ولهذا ينبغي للقيِّمين عليها والعاملين فيها أن يمارسوها على النحو الذي لا يخلُّ بأهدافها..
والصحافة سلطة:
وفي زعمي أن على المنتسبين لها أن يتوخَوْا الحذر والخوف من تأنيب الضمير في كل كلمة تصدر منهم وعنهم، وأن يتذكروا أنها السُّلطة الرابعة لا الأولى ولا الثانية أو الثالثة..
الصحافة علم:
ولولم تكن كذلك لما درَّسَتها الجامعات والكليَّات والمعاهد في مختلف دول العالم..
والصحافة فن:
إذ من المؤكد أنه لا يُحسن العمل فيها إلا من أعطاه الله ذائقة فنية تمكنه من توظيفها واستثمارها في تقديم صحيفة مخدومة مهنيَّاً بما يُرضي القارئ ويستجيب لتطلعاته..
الصحافة ثقافة:
وبدون تحصين الصحفي لنفسه بالحد الأدنى من العلوم والمعارف ضمن الحرص على أن يأخذ من كل فن بطرفٍ فعليه أن يبحث عن عملٍ يناسب قدراته في غير بلاطها..
والصحافة مهنة:
ولكنها ليست ككلِّ الحِرَف ولا ككل المهن، والقائمة للتعرف على متطلبات العمل فيها كثيرة وكبيرة وخطيرة وتطول لو أردنا استعراضها..
الصحافة هواية:
والذين أحبُّوا الصحافة حُبَّ العاشقين لها ضمن إطارها الصحيح وحدودها المطلوبة، هم الذين ترجموا هذه الهواية الى إنجازات جعلت منهم ومن أسمائهم ذات قيمة في ذاكرة القراء لم ولن تُنسى..
والصحافة شهرة:
ولكنها قد تحرق من يختار هذا الباب للدخول إلى عالمها متناسياً أن الشهرة والنجومية يمكن أن تطارده وتسلط الأضواء عليه بالممارسة الصحيحة لهذا العمل وليس العكس..
الصحافة خيرٌ وشر:
وهذا يتوقف على نوايا وتوجهات وأهداف مَن اختارها دون غيرها للعمل فيها، فقد يدمر وقد يبني عن علم أو عن جهل، عن حسن تقدير أو سوء تقدير، إنها من ينطبق عليها القول: سلاحٌ ذو حدين..
والصحافة ورق وحبر:
والمطلوبُ تبييض ورقها الأبيض الناصع بالأفكار ذات البياض الأنصع، حتى وإن استُخدمت كل الألوان حبراً وورقاً في إصدار الصحيفة..
الصحافة هي الصحافة:
وأخيراً فإن الصحافة هي الصحافة ببريقها وأضوائها وارتباط الناس بها حتى مع تقدم التقنية في وسائل الإعلام الأخرى، وعلى المنتسبين لها أن يقدموا لقرائهم العمل الأمثل والأفضل والأبقى في ذواكر القراء..
والسؤال:
بعد هذه الإشارات الاجتهادية من كاتبها، تُرى أين موقع «مجلة الجزيرة» من كل هذا..؟.
الإجابة، أن الجزيرة تكفيك، هكذا يقول بريد القراء من خلال تواصلهم مع المجلة.
خالد المالك
|
|
|
كشف للروس أكثر من 100عملية و30 جاسوساً آلدريش إيمز: 10 سنوات من الخيانة والحماقة
|
يعتبر آلدريش إيمز أخطر العملاء الذين نجح الروس في زرعهم أو تجنيدهم داخل وكالة المخابرات الأمريكية منذ إنشائها، وكان أكثرهم ضررا بأمن الولايات المتحدة، حيث استمر نشاطه داخل الوكالة العتيدة دون اكتشافه مدة عشر سنوات، تمكن خلالها من كشف أكثر من مائة من عمليات الوكالة السرية، بالإضافة إلى ثلاثين عميلا على الأقل من عملاء الوكالة العاملين داخل الاتحاد السوفييتي، وتسبب في إعدام عدد كبير من الجواسيس العاملين لصالح الولايات المتحدة، واستمرإيمز وزوجته في خدمة الروس بين عامي 1985 و 1994 إلى أن ألقي القبض عليه، وحكم عليه بالسجن مدى الحياة.
في بداية السبعينات، كانت الشكوك قد بدأت تساور حول جدوى الكثير من الأعمال والأنشطة التي تقوم بها وكالة المخابرات المركزية، ومدى تأثيرها على توجهات السياسات الرسمية للولايات المتحدة.
في أوائل الثمانينات، نقل إيمز إلى إدارة مكافحة الجاسوسية بالقطاع الخاص بمراقبة الاتحاد السوفييتي. حيث تأكدت له معظم شكوكه وثبت أنها في محلها،وزاد في يقينه أن معظم جهود الأمريكيين في التجسس على السوفييت لم يكن لها أثر ملحوظ في تحسين رؤية الولايات المتحدة الكلية أو إثراء معلوماتها السياسية والاقتصادية عن الجانب السوفييتي.
كانت الصورة العامة التي نقلها عملاء المخابرات الأمريكية من داخل الاتحاد السوفييتي تؤكد أن القيادة السوفيتية، ممثلة في بريجنيف سكرتير عام الحزب الشيوعي ورئيس الدولة وجروميكو وزير الخارجية، تتبنى سياسات دفاعية في مجملها، وتناقض الانطباع السائد في الغرب عن الخطط الروسية السرية لغزو العالم، من خلال اتباع سياسات عدوانية وجريئة كما كان مفهوما في أواخر السبعينات.
السقوط
كان لدى إيمز قناعة بأن دور الوكالة وتأثيرها على توجيه السياسة الأمريكية دور ضعيف، علاوة على دوافع شخصية في الإثراء السهل السريع، وكان هذان العاملان يسيطران على فكره حين قام بتسليم قائمة بأسماء عملاء الولايات المتحدة في الاتحاد السوفييتي إلى عملاء المخابرات السوفييتية، ولعلمه بأن هذا العمل لن يهدد الأمن القومي الأمريكي بشكل خطير، ولن يعرض المصالح السياسية أوالدبلوماسية الغربية للخطر، ويعترف إيمز في حديث أجري معه بأن دوافعه الشخصية حين بدأت العمل لصالح الروس في إبريل 1985 كانت تافهة وأنانية وحمقاء، وأنه وقع فريسة للجشع والطمع، فقد سولت له نفسه الإقدام على هذا العمل رغبة في الإثراء السريع دون تعرض لأي مخاطر تذكر، وأقنع نفسه بأن ذلك لن يهدد أمن بلاده ومصالحها، وأن الأمر أشبه بلعبة أو صفقة أو خدعة يمارسها مع الروس، لعبة يبيع لهم فيها أسماء العملاء المزدوجين الذين يخدعون الطرفين، ومن ثم يحصل على مبتغاه من الأموال دون مشقة.
والواقع أن قضية العمالة بالنسبة لإيمز كانت شخصية ولايحركها سوى الشراهة إلى المزيد من المال السهل، وكانت حالته أشبه برجل بائس ويائس في منتصف العمر، معروف بالاستقامة وحسن الخلق، يقدم فجأة وفي لحظة ضعف أو يأس أو جنون على مهاجمة بنك لسرقته دون أن يملك السلاح المناسب أو الخبرة الضرورية لذلك، ودون سبب واضح أو منطقي سوى الضعف الطبيعي الكامن في أعماق النفس الإنسانية.
واصل إيمز اللعبة مع الروس بعد ذلك من هذا المنطلق الشخصي الأناني الرخيص ليس إلا.غير عابىء بأي اعتبارات وطنية او أخلاقية، وراح يقايض اموال الروس بأسماء العملاء والزملاء، والمؤسف أنه وقع ضحية لهم وخدعوه على عكس الاتفاق الذي أبرم بين الطرفين، فقد علم إيمز بعد فوات الأوان أنه باع بضاعته الثمينة بثمن بخس لايتناسب مع قيمتها ولا مع مركزه الوظيفي الحساس داخل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، حيث لم يتقاض منهم أكثر من خمسين ألف دولار في أول صفقة، ولم يتجاوز كل ما وصله منهم خلال عشر سنوات مبلغ 7،2 مليون دولار لا غير.
الغرق
يقول إيمز عن دافعه للاستمرار في هذا العمل الوضيع بعد الصفقة الأولى:«إنه أمر لا يمكن شرحه أوتفسيره»، فلم يكن بمقدور الروس إرغامه على الاستمرارفي التعاون معهم لو كان قرر الانسحاب، بل كان في وسعهم الاعتماد على أن ضعفه أمام المال وجشعه سيتكفلان بإقناعه بالاستمرار إلى النهاية، وهكذا ظل يقنع نفسه بأن عمله لن يترتب عليه ضرر يذكر لبلاده، غافلا أو متغافلا عن أن هذا العمل هو الخيانة بعينها، وأن الأسماء التي سلمها للروس ليست أسماء خونة أوعملاء مزدوجين كما زين له عقله في البداية، حتى أوهم نفسه بأنهم لن يتعرضواللضرر.
يقول إيمز انه في الفترة من إبريل إلى يونيو عام 1985 قد مر بحالة من التشويش والتردد الذي جعل تفكيره كله ضبايبا، وأنه لم يكن يتصرف بشكل طبيعي أوعقلاني، فبعد استلام الدفعة الأولى من ثمن الخيانة، «استيقظ ضميره فجأة»( على حد قوله)، وشعر بفداحة العبء الذي ينوء به كاهله، ومر بحالة من الصراع الداخلي المرير، انتهت بحسم ولائه الأخير في اتجاه الروس، ولم يكن ذلك بدافع سياسي أوعقائدي، ولكنه كان شخصيا وأنانيا في الأساس، وهكذا قام بتجميع أسماءالعملاء ووثائق أخرى، ثم سملها للروس شاعرا بأنه (استكمل)عملا بدأه، رغم أنه لم يكن يملك العزم على البدء فيه أصلا. الأغرب من كل هذا أنه لم يكلف نفسه مشقة التساؤل عن مصير الزملاء الذين باعهم للعدو، ولم يتطوع الروس بالطبع بتقديم الإجابة.
ضحايا الخيانة
عند تسليم الأسماء للروس، كان إيمز يدرك طبيعة الأهوال والفظائع التي قد يتعرضون لها، والمحاكمات وأحكام الإعدام التي تنتظرهم، وكان تصوره أن الروس سيبقون الأمر كله طي الكتمان، حماية له شخصيا من الانكشاف، وتوفيرا لما سيتعرضون له في الداخل ومعهم الحكومة الأمريكية من حرج سياسي ودبلوماسي عند انفجارالفضائح ونشر الأسماء والمراكز الوظيفية التي يحتلها أولئك العملاء، وبذلك يكون إيمز ( كما توهم) قد حصن نفسه ضد الشعور بالذنب تجاه مصير الزملاءالذين ضحى بهم إرضاء لشهوته للمال، ويعترف إيمز أنه تعمد أن يحجب عن الروس اسمي عميلين كان يعرفهما معرفة شخصية وتعامل معهما بحكم وظيفته، وهو تصرف ينبىء عن شعور كامن بالذنب أو المسؤولية عما قد يجري لهما، لكنه عاد بعد فترة من التردد وسلم اسميهما للروس، وأقنع نفسه بأنهما لن يتعرضا للاعتقال أو السجن أو الإعدام، وتجدر الإشارة هنا إلى أن بعض هؤلاء العملاء تم إعدامهم بالفعل، بينما كان البعض الآخر أفضل حظا، حيث حكم على أحدهم بالسجن لخمسة عشر عاما فقط، ثم أفرج عنه بعد فترة وسمح له بالهجرة إلى أمريكا.
ويحلل إيمز هذه القضية موضحا أن بعض عملاء الولايات المتحدة في الاتحاد السوفييتي (مثل بولياكوف وغيره) تعاونوا مع الأمريكيين لأسباب أو دوافع وجدوها مقنعة أو كافية، فقد أمدوا المخابرات الأمريكية بأسماء وأسرار ومعلومات اعتبرتها أوطانهم وحكوماتهم خطرا جسيما على أمنها ومصالحها، وخانوا ثقة أناس وأصدقاء وزملاء ائتمنوهم على أسرارهم، وهذا ما فعله هو بالضبط، ولأسباب رأها كافية ومقنعة من وجهة نظره، فقد أفشى أسماء عملاء ظن أنهم (خانوا) زملاءهم من قبل، وهي دائرة خبيثة وشريرة، قد تكون آثارها السياسية متواضعة، ولكن تكاليفها الإنسانية باهظة بكل المقاييس، والغريب أنه في كل هذه الملحمة لم يساوره أي شعور بالذنب أو الخيانة تجاه أهله أو وطنه، رغم أنه كان قد انسلخ فعليا عن كل انتماءاته الشخصية والعائلية والاجتماعية الطبيعية، وهوالشعور الذي تسرب إلى قلبه واستقر في وجدانه وجثم على صدره بعدها بفترة قصيرة ولازمه حتى بعد تقاعده وتوقفه عن العمل.
هل انتصر الروس؟
هل انتصر الروس في النهاية على الغرب؟ أم أن المعلومات والخدمات التي قدمها إيمز وأمثاله لم تكن كافية للإسهام في تحقيق النصر المنشود؟
يقول إيمز ان كل المعلومات التي سربها للروس قد ساعدت المخابرات السوفيتية في مجال مكافحة التجسس على إنجاز مهامها بنجاح، وسهلت لها ملاحقة وضبط العملاء الذين انتهكوا القوانين السوفيتية في مجال الأمن القومي، ويسرت لها فهم أساليب عمل المخابرات الأمريكية، ووضعت تحت تصرفها ثروة من المعلومات يستحيل الحصول عليها بسهولة او في مثل هذا الوقت القصير.ومن منظور آخر، ربما كان الضررالذي ألحقته هذه المعلومات بالجانب الروسي أكبر بكثير من نفعها، ويضيف أنه ليس متيقنا من هذه المسألة، .فهذا جانب لم يتعرض لمناقشته معهم، ولا يعرف الكيفية التي تعاملوا بها مع قوائم الأسماء التي قدمها لهم، وكيف استوعبوا الصدمة التي صاحبت ذلك ثم تعايشوا معها، ومن المؤكد أن أجهزة وإدارات الأمن السوفيتية العديدة مثل(KGB GRU&) وغيرها قد تعرضت لحرج شديد، وكان تأثير معلوماته السلبي عليهم قاسيا وواسع الأثر، بحيث تجاوز ما تعرض له من ضرر كل ما جناه من وراء الروس من منافع.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|