|
حقوق الإنسان بين أمريكا وبريطانيا |
ما رأيناه من صور عن الممارسات الوحشية..
ومن لقطات مصورة عن العدوان الأمريكي الآثم..
حيث يجري تعذيب العراقيين بلا رحمة أو رأفة..
بمثل ذلك الأسلوب الذي يندي له الجبين..
وبهذا العمل المشين الذي تقشعر له الأبدان..
حيث لا التزام بمبادئ حقوق الإنسان..
أو رحمة بمن لا حول لهم ولا قوة للدفاع عن أنفسهم وهم قابعون في سجون الاحتلال المظلمة في العراق الجريح..
أقول إن ما رأيناه وما عرض علينا من مشاهد دامية، ليس بالضرورة أن يكون كل ما جرى ويجري من تعذيب للسجناء داخل السجون هناك..
فقد يكون هناك من يمارس ما هو أكثر قوة وأشد تنكيلاً في سلطة الاحتلال مما كان يمارسه صدام حسين قبل زواله وزوال حكمه..
***
لكن ماذا تفيد في مثل هذا الموقف وأمام تلك المشاهد دموع الرئيس بوش والسيد بلير..
وتأكيدهما على أن من قام بهذا العمل المشين سوف تتم محاسبته..
وكم من صور أخرى أخفاها الرقيب حتى لا تُظهر صورة الاحتلال البغيض على حقيقتها أمام عدسات المصورين..
وأين هي مزاعم الدولتين بالترويج لحقوق الإنسان والانتصار لشعب العراق ضد حُكْمٍ وحاكم فاسد..
وكيف يمكن بعد كل الذي رأيناه من إهانة لكرامة الإنسان أن تُجمَّل صورة الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا ويُحسَّن وجه تعامل الدولتين مع الأسرى والمساجين..
***
بعض أسئلة قاتلة..
تنتصب أمامنا حول ما يجري هناك..
بمثل هذا الخزي..
وفي مثل هذا التعامل القبيح..
لتعيد إلينا صورة الاستعمار من جديد..
بظلمه وظلامه وتاريخه الملطخ بالدماء..
ليذكّرنا ذلك كما لو أن هذا التاريخ القبيح يعيد نفسه بماضيه الأسود حين كانت الشعوب تحت العبودية وسطوة الاستعمار..
***
ما رأيناه يعد صورة لمرحلة قاتمة في تاريخ الإنسانية ليعزز بذلك ويؤصل الكراهية والحقد بين الدول وعلى مستوى الأفراد..
فضلاً عن أنه لا يساعد كما كنا نتمنى على استتباب الأمن في العالم، وإنما يوفر بيئة صالحة لتفريخ ما هو ضده في فترة زمنية يواجه فيها العقلاء الحرب مع الإرهاب..
وعلى أمريكا بعد ذلك ومثلها بريطانيا في ضوء ما رأيناه أن يفتحا السجون العراقية دون إبطاء أمام لجان حقوق الإنسان للتثبت من حقيقة أوضاع من أودعوا فيها من العراقيين..
وأن يُقتص عاجلاً لا آجلاً ممن عذب العراقيين بلا رحمة وبما يعيد لهم حقهم وكرامتهم ضمن تطبيق سيادة القانون على الجميع..
***
فهل تسمح أمريكا ومثلها بريطانيا لجهة مستقلة بالوقوف على حقيقة الأوضاع في السجون المكتظة بالعراقيين، لإجراء تحقيق أمين ونزيه بديلاً للدموع وإبداء مشاعر الحزن على ما عرض عن سوء المعاملة والتنكيل بأبناء العراق من قبل أفراد من عناصر الاحتلال يفتقدون الى الحس الإنساني ويتصرفون كما تتصرف الوحوش؟
هذا أقل ما يجب أن تفعله أمريكا..
أقل ما يجب أن تلتزم به بريطانيا..
إن كان قد بقي شيء من الحياء.
خالد المالك
|
|
|
سعر الواحدة في طوكيو يصل إلى 2800 دولار الخنفساء.. حشرة لها تاريخ! |
* القاهرة هيفاء دربك
بدأت رياضة من نوع غريب تنتعش في اليابان مؤخراً، وهي (مصارعة الخنافس) التي أصبحت الشغل الشاغل لمئات الآلاف من اليابانيين المولعين بالغرائب والعجائب رغم أنهم من أكثر شعوب العالم واقعية، ولكن ولعهم بكل ما هو جديد أدى إلى ازدهار تجارة الخنافس في البلاد، ويصل سعر الخنفساء الواحدة في بعض الأحيان إلى 2800 دولار.. فقط!
ويستخدم اليابانيون في مصارعة الخنافس نوعاً معيناً منها يصل طوله إلى سبعة سنتيمترات، وعندما يبدأ النزال يندفع اثنان من هذه الخنافس ذات الفك الحاد تجاه بعضهما البعض، فوق (حلبة) هي عبارة عن جذع شجرة ضخم، في حين يراقب الجمهور المعركة بحماس منقطع النظير، ويدخل الخنفسان المتصارعان في معركة من عدة جولات، حتى يتمكن أحدهما من إلقاء صاحبه بعد صراع عنيف من فوق جذع الشجرة، ومن المعروف أن الخنافس ذات الأرجل المتعددة شديدة المراس في تشبثها بالأرض، ومن هنا فإن الشاطر هو من يزحزح خصمه عن أرض المعركة ليحتلها بمفرده! ويقول أحد هواة جمع الخنافس اليابانيين إن هذه الحشرات أدخلت السعادة حسب قوله إلى قلوب مئات الآلاف من البشر في اليابان، وبدأت المتاجر في طوكيو تبيع خنافس حقيقية بجميع الأشكال والأحجام، وهو الأمر الذي دفع الدولة لتخفيف القيود عن استيرادها في مطلع فبراير الماضي، وتم وضع قائمة جديدة تتضمن 44 نوعاً جديداً من الخنافس، فضلاً عن الأنواع الأربعة المسموح بها فعلاً.
الخنفساء بنت الشر!
ولحسن حظ اليابانيين فإن الخنافس من أكثر المخلوقات تنوعاً وعدداً، إذ يوجد منها على سطح الأرض وتحته نحو 300 ألف نوع، وبذلك تكون هذه الحشرات هي المخلوق الوحيد الذي يحظى بهذا العدد الهائل من الأنواع، خاصة إذا علمنا أن مجموع أنواع الثدييات في عالمنا لا يتجاوز 4500 نوع فحسب.
وأشهر أنواع الخنافس عند العرب هي الرقطاء المعروفة حالياً باسم (خنفساء الدومينو) وهي تعيش في صحراء الجزيرة العربية منذ القدم، وشكلها أسود لامع به بقع بيضاء منتظمة ولديها إحدى عشرة عقلة بمثابة قرون استشعار، وكان العرب القدامى يتشاءمون من هذه الخنفساء ويعتبرونها نذير سوء، كما أن جريها السريع في الرمال جعلها كمن يجري لتحذير الناس من اقتراب الشر!
ويبدو أن سمعة الخنفسة الرقطاء ليست بهذا السوء لدى العرب وحدهم، بل إن البريطانيين كانوا ينظرون إليها على أنها (ابنة الشر)، وفي التراث الشعبي الإنجليزي حكايات خرافية تلعب الخنفساء فيها دوراً شريراً أو تكون طالع شؤم، ومن الطريف هنا أن العالم التجريبي البريطاني الشهير تشارلز دارون صاحب نظرية (النشوء والارتقاء) الذي كان واحداً من أكثر العقليات الأوربية تعصباً للمنطق العلمي يشارك في هذه الخرافة بقوله (كلما سمعت أن طفلاً اصطاد خنفساء شعرت بدنو الحرب)!
ومن جانبها تؤكد الباحثة الكويتية د. وسمية الحوطي أن الخنافس حشرات مظلومة تعرضت للافتراء على مر التاريخ رغم أنها حشرات نافعة للإنسان، ففي أوروبا القديمة كان الناس يعتقدون أنها جالبة للشقاء، وكان الأيرلنديون يزعمون أن هناك نوعاً من الخنافس تستطيع قتل الشخص بمجرد النظر إليه، وفي المعتقد الإنساني العام وبالذات لدى الشعوب التي تشتغل بزراعة الأرض، أن من الأفضل ترك الخنفساء في حال سبيلها، ولهذا كان لزاماً على الفلاح الذي يشاهد خنفسة مقلوبة على ظهرها تصارع للعودة إلى الوضع الطبيعي أن يقوم فوراً بقلبها على أرجلها لتأخذ الشر معها وتذهب!
ذات القذائف الحارقة
ويشير الدكتور فرانك كريك الباحث بقسم الحشرات في (متحف التاريخ الطبيعي) في لندن إلى أنه يوجد في إفريقيا الاستوائية نوع من الخنافس يطلق على أعدائه شيئاً يشبه القذائف الحارقة على شكل سائل ملتهب، وقد قام د. كريك بتجربة عملية عندما وضع خنفساء من هذا النوع الغريب في إناء زجاجي، وراح يمد يده نحوها بحرص شديد، وفي كل مرة يلاحظ أن هناك سائلاً حارقاً أصاب يده في لمح البصر، وحينما استعان د. كريل بمصور محترف تبين له أن هذه الخنفساء تطلق قذائفها في سرعة خاطفة، وأن عملية التأهب والإطلاق تستغرق جزءاً من الثانية وبمنتهى الدقة في التصويب.
ولوحظ بتشريح هذه الخنفساء الإفريقية أن لديها على كل جانب في جسمها غرفة متناهية الصغر تحتوى على مادة (البتروكينون) التي تتفاعل مع الأكسجين وترتفع درجة حرارتها لدى خروجها من جسم الخنفساء، التي تستعمل هذه الطريقة في إبعاد المتطفلين والأعداء فضلاً عن اصطياد النمل.
في صحبة القمر!
ويبدو أن إفريقيا هي موطن أكثر الخنافس غرابة وتفرداً، ففيها تعيش خنفساء فريدة من نوعها تستخدم القمر (كبوصلة) في تحركاتها ليلاً، وكان من المعتقد على نطاق واسع أن الطيور وحدها هي التي تستعمل الشمس والقمر والنجوم كمؤشر في السماء، ولكن الباحثين اكتشفوا أن تلك الخنفساء الإفريقية تتمتع بمهارة تفوق الطيور في هذا المجال، وبشكل أكثر تعقيداً منها.
وتؤكد الخبيرة السويدية (ماري داك) أن الخنفساء الإفريقية تستخدم النموذج الذي يتكون عندما يضرب ضوء القمر الجزئيات الصغيرة في الجو، وهو المعروف علمياً باسم (استقطاب الضوء) تستعين الخنفساء بهذا الاستقطاب القمري في سعيها أثناء الليل، وهي تمشى في خط مستقيم غالباً لكنها تصاب بما يشبه العمى المؤقت عندما تحجب السحب نور القمر، وهنا تتحرك الخنفساء بلا هدى وحركة عشوائية كأنها تدور حول نفسها بلا هدف حتى يظهر القمر من جديد.
وثمة اعتقاد خاطئ بأن هناك أنواعاً مضيئة من الخنافس منها (الجعران) المعروف أيضاً باسم (أبو جعل)، ولكن الحقيقة أن هذه الخنافس لا تصدر ضوءاً من تلقاء نفسها بالمرة، بل هي تتمتع بوجود مستقبلات خاصة بالغة الحساسية في عيونها، تعمل على تتبع مصدر الضوء مهما كان خافتاً، ومن هنا يبدو النور المنعكس في عيون الخنفساء كما لو كان صادراً عنها.
خديعة فرعونية!
وربما بسبب من هذا الاعتقاد القديم ولأسباب أخرى أصبح (أبو جعل) حشرة مقدسة لدى قدماء المصريين، وتقول د. الحوطي إن الأساطير الفرعونية نموذج للمكانة التي حظيت بها الخنافس عامة في فكر الإنسان منذ القدم، وحتى أصبحت في عصرنا الراهن بطلاً (للمصارعة) على يد اليابانيين!
والواقع أن الفراعنة هم أول من أعطى لخنفساء (أبو جعل) المضيئة كل هذا الاهتمام، لاعتقادهم أن طريقة حياتها الصارمة تمثل نسخة لدورة الحياة الأبدية، وإن تكن هذه النسخة مستمدة من عالم الحشرات، فمن المعروف أن أنثى (الجعران) تقوم بجلب كرة كبيرة من الروث إلى نفق تحفره بعمق قدمين في الأرض، تكون قد وضعت فيه بيضها من قبل، وتدحرج الأنثى كرة الروث حتى تسد فوهة الحفرة على نفسها مع البيض.
وبعد عام كامل من ذلك تخرج من النفق عشرات الخنافس الصغيرة التي تسعى في الأرض، وتقوم بتجديد دورة الحياة بعد مواتها، وقد كان الفراعنة البسطاء يعتقدون أن الخنفساء الأم (تدفن) نفسها في النفق وتموت ليخرج الصغار، بينما الحقيقة أنها تقضى إجازة سعيدة مع الذكر، ويقومان معاً بتنظيف الروث من الفطريات حتى لا يتعفن حفاظاً على غذاء الصغار القادمين!
ومهما يكن من أمر فقد نالت الخنافس من التكريم على يد الفراعنة ما لم تعرفه على أيدي شعوب العالم قاطبة، فقد صنع المصريون القدماء خنافس من الذهب الخالص والأحجار الكريمة، واستعملت الخنفساء كشكل في الكتابة (الهيروغليفية) وكان معناها (يصير) من الصيرورة، أي أنها أصبحت رمزاً أبجدياً وفكرياً للتحول، مثلما تحولت سيرة (أبو جعل) من العدم إلى الوجود، ومن الموت إلى الحياة.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|