|
حقوق الإنسان بين أمريكا وبريطانيا |
ما رأيناه من صور عن الممارسات الوحشية..
ومن لقطات مصورة عن العدوان الأمريكي الآثم..
حيث يجري تعذيب العراقيين بلا رحمة أو رأفة..
بمثل ذلك الأسلوب الذي يندي له الجبين..
وبهذا العمل المشين الذي تقشعر له الأبدان..
حيث لا التزام بمبادئ حقوق الإنسان..
أو رحمة بمن لا حول لهم ولا قوة للدفاع عن أنفسهم وهم قابعون في سجون الاحتلال المظلمة في العراق الجريح..
أقول إن ما رأيناه وما عرض علينا من مشاهد دامية، ليس بالضرورة أن يكون كل ما جرى ويجري من تعذيب للسجناء داخل السجون هناك..
فقد يكون هناك من يمارس ما هو أكثر قوة وأشد تنكيلاً في سلطة الاحتلال مما كان يمارسه صدام حسين قبل زواله وزوال حكمه..
***
لكن ماذا تفيد في مثل هذا الموقف وأمام تلك المشاهد دموع الرئيس بوش والسيد بلير..
وتأكيدهما على أن من قام بهذا العمل المشين سوف تتم محاسبته..
وكم من صور أخرى أخفاها الرقيب حتى لا تُظهر صورة الاحتلال البغيض على حقيقتها أمام عدسات المصورين..
وأين هي مزاعم الدولتين بالترويج لحقوق الإنسان والانتصار لشعب العراق ضد حُكْمٍ وحاكم فاسد..
وكيف يمكن بعد كل الذي رأيناه من إهانة لكرامة الإنسان أن تُجمَّل صورة الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا ويُحسَّن وجه تعامل الدولتين مع الأسرى والمساجين..
***
بعض أسئلة قاتلة..
تنتصب أمامنا حول ما يجري هناك..
بمثل هذا الخزي..
وفي مثل هذا التعامل القبيح..
لتعيد إلينا صورة الاستعمار من جديد..
بظلمه وظلامه وتاريخه الملطخ بالدماء..
ليذكّرنا ذلك كما لو أن هذا التاريخ القبيح يعيد نفسه بماضيه الأسود حين كانت الشعوب تحت العبودية وسطوة الاستعمار..
***
ما رأيناه يعد صورة لمرحلة قاتمة في تاريخ الإنسانية ليعزز بذلك ويؤصل الكراهية والحقد بين الدول وعلى مستوى الأفراد..
فضلاً عن أنه لا يساعد كما كنا نتمنى على استتباب الأمن في العالم، وإنما يوفر بيئة صالحة لتفريخ ما هو ضده في فترة زمنية يواجه فيها العقلاء الحرب مع الإرهاب..
وعلى أمريكا بعد ذلك ومثلها بريطانيا في ضوء ما رأيناه أن يفتحا السجون العراقية دون إبطاء أمام لجان حقوق الإنسان للتثبت من حقيقة أوضاع من أودعوا فيها من العراقيين..
وأن يُقتص عاجلاً لا آجلاً ممن عذب العراقيين بلا رحمة وبما يعيد لهم حقهم وكرامتهم ضمن تطبيق سيادة القانون على الجميع..
***
فهل تسمح أمريكا ومثلها بريطانيا لجهة مستقلة بالوقوف على حقيقة الأوضاع في السجون المكتظة بالعراقيين، لإجراء تحقيق أمين ونزيه بديلاً للدموع وإبداء مشاعر الحزن على ما عرض عن سوء المعاملة والتنكيل بأبناء العراق من قبل أفراد من عناصر الاحتلال يفتقدون الى الحس الإنساني ويتصرفون كما تتصرف الوحوش؟
هذا أقل ما يجب أن تفعله أمريكا..
أقل ما يجب أن تلتزم به بريطانيا..
إن كان قد بقي شيء من الحياء.
خالد المالك
|
|
|
محذرا ان كيري اكثر تطرفا من المحافظين الجدد صحفي بريطاني : محبو السلام عليهم التصويت لبوش |
* إعداد أشرف البربري
مع اشتداد وطأة الحرب الأمريكية في العراق سواء على العراقيين الذين فقدوا في الفلوجة وحدها وخلال أسبوع واحد من المواجهات أكثر من سبعمائة شهيد أغلبهم من الأطفال والنساء والشيوخ أو على الأمريكيين الذين فقدوا خلال الأسبوع نفسه حوالي سبعين قتيلا وهو ما يجعله أسوأ أسابيع الاحتلال الأمريكي في العراق، تتطلع أنظار الكثيرين إلى المرشح الديموقراطي للرئاسة الأمريكي جون كيري باعتباره الفارس المنتظر الذي سيطفئ لهيب هذه الحرب.
ولكن الكثيرين من المحللين يرون أن انتخاب كيري سوف يصب المزيد من الزيت على النار المشتعلة سواء في العراق أو خارجها من خلال رصد تصريحات المرشح الطامح إلى الجلوس في البيت الأبيض بحلول يناير المقبل.
في مقال بمجلة (سباكتاتور) البريطانية تحت عنوان (من يريد الحرب يصوت لكيري) يقول جون لافلاند الصحفي البريطاني الذي يكتب في العديد من الصحف البريطانية إنه في الوقت الذي تتعرض فيه إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش لانتقادات حادة بسبب غزو العراق فإن المرشح الديموقراطي للرئاسة الأمريكي جون كيري يبدو مستفيدا من هذا الهجوم بسبب ظهوره بمظهر المعارض للسياسة الخارجية للرئيس الأمريكي.
ورغم محاولات جون كيري إخفاء توجهاته الا أنه أخطر من جورج بوش ووصول كيري إلى البيت الأبيض ينطوي على تصعيد خطير للمواجهات العسكرية في العراق ويهدد بالفعل بتحويل هذا العراق إلى مستنقع على الطريقة الفيتنامية.
يقول لافلاند إن بعض الأمريكيين ربما ينظرون إلى كيري وهو الرجل الارستقراطي من أصول لاتينية والذي يمثل مزيجا من الليبرالية والوطنية كمنقذ من الرئيس الحالي ابن ولاية تكساس رمز الغرب الأمريكي الميال إلى القتال ورجاله الذين يبدون وكأنهم شبكة حلفاء للصناعات العسكرية الأمريكية لذلك فهم يسعون دائما وراء إشعال الحروب.
ولكن إذا صوت مناهضو الحرب لصالح كيري لهذا السبب فإنهم يخدعون أنفسهم. فالميل إلى الحرب سوف يكون في ظل رئاسة جون كيري أسوأ منه في ظل بوش. لذلك على محبي السلام الحقيقيين أن يصوتوا لصالح بوش.
سياسة خارجية متطابقة
ويضيف الصحفي البريطاني أن بوش وكيري متفقان تماما في كل شيء يتعلق بالسياسة الخارجية تقريبا ولكن كيري أشد تطرفا في نقاط الخلاف بين الرجلين.
ففي إشارة إلى اعتزامه عسكرة الحياة السياسية الأمريكية دشن جون كيري حملته الانتخابية من خلال تقديم نفسه في صورة بطل حرب فيتنام وتقديم الرئيس جورج بوش في صورة الشخص الذي هرب من الخدمة العسكرية أثناء الحرب والانضمام إلى الحرس الوطني لأداء فترة التجنيد الإجباري أثناء حرب فيتنام. كما أن كل البيانات التي يصدرها كيري وأنصاره بشأن السياسة الخارجية والأمن الداخلي الأمريكي تتهم الرئيس بوش بالليونة.
ففي فبراير الماضي قال كيري (أنا لا أهاجم جورج بوش لأنه توسع في حربه ضد الإرهاب ولكن لأنه لم يفعل سوى القليل في هذه الحرب).
وتعهد كيري بتبني استراتيجية أقوى وأكثر شمولا مما تتبناها إدارة الرئيس بوش من أجل الانتصار في الحرب على الإرهاب.
ليس هذا فحسب بل إن فولاند يحذر من النزعة الاستبدادية لدى كيري فيقول إن هؤلاء الذين لا يشعرون بالارتياح بسبب قانون مكافحة الإرهاب الذي استصدرته إدارة الرئيس بوش واعتبروه اعتداء على الحريات المدنية ولا يشعرون بالارتياح تجاه وزارة الأمن الداخلي التي أنشأتها إدارة الرئيس بوش أن يراجعوا رؤية المرشح دون كيري لهذه الموضوعات.
فالمرشح الديموقراطي الذي ينظر إليه مناهضو الحرب باعتباره المنقذ من حروب بوش على الحريات المدنية يعتزم ضم الحرس الوطني إلى وزارة الأمن الداخلي وتحطيم الحدود الفاصلة بين أجهزة المخابرات الاتحادية والوطنية الأمريكية وأجهزة الأمن المحلية. فمثل هذا الفاصل بين أجهزة الأمن الداخلية وأجهزة المخابرات هو الذي يميز المجتمعات الحرة عن المجتمعات الخاضعة لحكام مستبدين. وأما بالنسبة لأسلحة الدمار الشامل فإن كيري يبدو أكثر خضوعا لهواجس هذه الأسلحة من الرئيس بوش فهو يتحدث عن مخاطر تسرب أسلحة الدمار الشامل عبر الموانئ الأمريكية.
كما أن على هؤلاء الذين ينظرون إلى كيري باعتباره مبعوث السلام على الأرض تذكر حقيقة أن كيري وهو عضو في مجلس الشيوخ الأمريكي صوت لصالح قرار شن الحرب ضد العراق واستمر في تأييد هذه الحرب دون كلل. ففي ديسمبر الماضي قال إن هؤلاء الذين يواصلون معارضة الحرب لا يتمتعون بأي قدرة على تقييم الامور ليصبحوا رؤساء ولا يتمتعون بأي مصداقية لكي ينتخبوا كرؤساء وذلك في إشارة إلى هيوارد دين الذي كان ينافسه من أجل الفوز بترشيح الحزب الديموقراطية للرئاسة الأمريكية. بل إن كيري لم يقل ما قاله ريتشارد كلارك المسئول السابق عن مكافحة الإرهاب في مجلس الأمن القومي الأمريكي. فلم يقل المرشح الديموقراطي إن الرئيس بوش عرض الأمن الأمريكي للخطر عندما هاجم العراق بدلا من تركيز الجهود على مطاردة تنظيم القاعدة. وبدلا من ذلك قال كيري (لا أحد يشك في أننا أصبحنا الآن اكثر أمنا وأصبح العراق أفضل بعد أن وضع صدام حسين خلف القضبان). ليس هذا فحسب بل إن كيري في 17 ديسمبر الماضي ألمح إلى تأييده للنظرية التي تقول إن العراق كان المدبر الرئيسي لهجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 على نيويورك وواشنطن وهي النظرية التي استند إليها الرئيس بوش من أجل إقناع الشعب الأمريكي والكونجرس بضرورة شن الحرب على العراق. وفي فبراير الماضي شن كيري هجوما عنيفا على الرئيس بوش لآن الأخير يفكر في تسليم السلطة في العراق إلى العراقيين بسرعة كبيرة ووصف كيري هذا الموقف من جانب بوش بأنه (استراتيجية هروب) رغم أن الرئيس بوش يعتزم جعل السفارة الأمريكية في العراق أكبر سفارة أمريكية في العالم والاحتفاظ بحوالي 110 ألف جندي أمريكي هناك لأجل غير مسمى. وقبل كل ذلك وبعده يؤكد فولاند أن جون كيري مثل بوش تماما ملتزم بضرورة الحفاظ على التفوق العسكري الأمريكي على كل دول العالم. يقول كيري (لا يجب أن نتراجع عن امتلاك أقوى قوى عسكرية في العالم). ويتهم الرئيس المنتظر لأمريكا منافسه جورج بوش بأنه أضعف الجيش الأمريكي وتعهد في حالة وصوله إلى البيت الأبيض بزيادة عدد أفراد القوات المسلحة الأمريكية بمقدار أربعين ألف جندي.
مهاجمة الدول الصديقة
وكيري الذي يرتدى حاليا لباس الحمائم هو نفسه الذي جعل شعاره (الاستعداد لاصدار الأوامر بتنفيذ عمليات عسكرية مباشرة) والذي يقول إن الولايات المتحدة يمكن أن تهاجم بعض الدول الصديقة عسكريا في إطار الحرب ضد الإرهاب. ويقول إن القوات الأمريكية الخاصة يمكنها مهاجمة الخلايا الإرهابية في دول حليفة مثل السويد وكندا وأسبانيا وإيطاليا والفلبين.
ويسعى كيري إلى التأكيد على أهمية تحرك الولايات المتحدة في إطار المجتمع الدولي لتحقيق أهدافها ويتهم الرئيس بوش بقيامه بعزل أمريكا عن حلفائها. ربما لهذا السبب يرى البعض كيري أقل ميلا للحرب من بوش. ولكن هؤلاء مخطئون تماما.
فالرئيس بوش نفسه تعهد شخصيا بالتحرك الجماعي في إطار الجتمع الدولي. فالبيت الأبيض نادرا ما يفوت أي فرصة من أجل التأكيد على الإيمان الكامل للرئيس بوش بالتحرك الجماعي ومؤسسات المجتمع الدولي. ونادرا ما يفوت فرصة لكي يعدد أسماء الدول الأعضاء في التحالف الذي يقوده في الحرب ضد الإرهاب أو الادعاء بأن الحرب على العراق كانت ضرورية لحماية مصداقية الأمم المتحدة.
ثم إن جون كيري نفسه يرى أنه لا يمكن أن تكون التحركات العسكرية الأمريكية موضوعا للمناقشات في الأمم المتحدة. وفي ديسمبر الماضي شن كيري هجوما على منافسه الديموقراطي هيوارد دين بسبب تبني الأخير لمبدأ ضرورة الحصول على تفويض من الأمم المتحدة قبل استخدام القوة العسكرية ضد أي دولة. وفي فبراير قال كيري (كرئيس للولايات المتحدة لن انتظر ضوء أخضر من الخارج عندما يكون أمننا في خطر). بل إن التزام كيري (بالدولية التقدمية الشجاعة) هو نفسه تقريبا التزام بوش بضرورة الحفاظ على التقدم في (الثورة الديموقراطية العالمية) وتقديم القدوة في (الدفاع عن الحرية). فكل من بوش وكيري يعيدان إلى الذاكرة الرئيسين الأمريكيين الديموقراطيين الأسبق ويدرو ويلسون وفرانكلين روزفلت.
ويتابع الصحفي البريطاني قائلا: الحقيقة أن كيري أكثر تطرفا من بوش فيما يتعلق بالنظر إلى الإسلام وبعض أنظمة الحكم العربية وهي الفكرة المفضلة لدى المحافظين الجدد. ففي حين يؤكد الرئيس بوش غالبا على أن أمريكا ليست في عداء مع الإسلام، فإن كيري يتحدث عن خطر محدد من العالم الإسلامي على أمريكا ويستخدم لغة لا تختلف على الإطلاق عن اللغة التي يستخدمها عتاة المحافظين الجدد ريتشارد بيرل وديفيد فروم في كتابهما (نهاية الشر). ويستخدم كيري قائمة بأسماء عدة شعوب يرى أنها تمثل تهديدا للولايات المتحدة ويتخذ كيري موقفا معاديا للغاية من الدول العربية عموما ويتهم بعض هذه الدول بتمويل وتشجيع الأفكار المتطرفة.
ويضيف قائلا: الحقيقة التي يجب أن يدركها كل أنصار الحريات المدنية والسلام ومناهضو الحرب في الولايات المتحدة هي ان جون كيري أشد تطرفا وخطرا على كل ما يدافعون عنه من جورج بوش. وأن المحافظين الجدد الذين سيطروا على الرئيس بوش وإدارته من أجل تنفيذ أجندتهم المتطرفة يمكن أن يجدوا في جون كيري نصيرا أشد إخلاصا لأجندتهم خاصة فيما يتعلق بالشرق الأوسط.
شن حروب جديدة
يؤكد الصحفي البريطاني على أن جون كيري سيكون أكثر قدرة على خداع الرأي العام داخل امريكا وخارجها من أجل شن حروب جديدة مقارنة بالرئيس جورج بوش الذي فقد مصداقيته وثقة الرأي العام فيه. لذلك أقول لهؤلاء الذين يعتقدون أن انتخاب رئيس ديموقراطي للولايات المتحدة سوف يوقف النزعة العنصرية الأمريكية (إنكم واهمون).
وتشير لورا بومنفيلد في مقال لها بصحيفة واشنطن بوست إلى الموقف الذي حدث خلال حرب فيتنام عندما تمكن كيري الذي كان يبلغ من العمر 25 عاما وقتها، من إنقاذ قارب كان يستقله هو ومجموعة من جنود البحرية الأمريكية في دلتا نهر ميكونج، حيث تمكن كيري من رصد أحد المقاتلين الفيتناميين على ضفة النهر يستعد لإطلاق صاروخ على القارب فتمكن من التصويب عليه وقتله قبل أن يشن هجومه، مما أهله للحصول على وسام جراء شجاعته هذه فيما بعد.
ولكن ستيف هايز أحد موظفي الحكومة الأمريكية والذي خدم أربع سنوات في القوات البحرية الأمريكية أيام حرب فيتنام وزامل كيري في هذه الحرب فيقول في مقال له نشرته الصحيفة الأمريكية ذاتها أن جون كيري لم يكن ذلك البطل العسكري الذي يحاول أنصاره تصويره. ففي الحقيقة أن الرجل الذي أمضى أربعة أشهر فقط في فيتنام قبل أن تلعب اتصالات عائلته دورها لتعيده مرة أخرى إلى الولايات المتحدة لم تتضمن الكثير من البطولات بقدر ما شهدت إلحاحا غريبا منه على قادته من اجل وضع اسمه ضمن أسماء المرشحين للحصول على أنواط بطولة.
في الوقت نفسه يحذر ستيف هايز من الإفراط في التفاؤل بشأن موقف كيري من الحرب في العراق بزعم أنه خاض الحرب وعايش أهوالها على عكس الرئيس جورج بوش الذي خدم في صفوف الحرس الوطني بأمريكا وكذلك كبار مساعديه الذين لم يخوضوا حربا.
فجون كيري أكد دائما أنه يؤيد استمرار الحرب بكل قوة ولعل أهم دليل على ذلك هو قرار كيري بالتصويت في الكونجرس خلال أكتوبر من عام 2002 لتأييد مشروع قرار قدمته الإدارة الأمريكية يسمح بشن الحرب على العراق، وقد وصف المقربون منه هذا القرار بأنه كان شديد الوطأة على نفس كيري خاصة لأنه خاض الحرب من قبل ويعرف ويلاتها.
وقد اتخذ كيري هذا القرار بعد لقاءات أجراها مع العديد والعديد من الشخصيات من بينهم وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد، ووزير الخارجية كولن باول والأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان، بالإضافة إلى عدد من سفراء الدول الأعضاء في مجلس الأمن.
وعن هذا القرار قال كيري (لقد قررت أن أحدد موقفي في هذا الشأن كما لو كنت رئيس هذه البلاد).
وفي مقال لجون كيري نشرته صحيفة واشنطن بوست أيضا بشأن موقفه من الحرب الأمريكية في العراق أكد الرجل مجددا دعمه اللامحدود لاستمرار العمليات العسكرية الأمريكية في العراق وإن كان يعارض طريقة بوش في إدارة هذه العمليات.
يقول في المقال إنه سوف يسعى إلى تدويل الأزمة العراقية على الصعيد السياسي مع الاحتفاظ للولايات المتحدة بالسيطرة على الجوانب العسكرية.
ليس هذا فحسب بل إنه يدعو الشعب الأمريكي إلى الالتفاف حول القوات التي تحارب في العراق على عكس موقفه السابق عندما عاد من حرب فيتنام قبل نحو ثلاثين عاما لكي يشارك في المظاهرات المناهضة للحرب.
ويضيف في المقال (يجب أن نوفر أفضل الفرص للنجاح ونقلص احتمالات الفشل إلى أدنى درجة ممكنة من خلال استغلال كل الإمكانيات المتاحة. فإذا كان القادة في العراق يريدون مزيدا من القوات فيجب إرسالها لهم على الفور).
كما يسعى كيري إلى مواصلة الحرب على العراق ولكن مع تحميل ثمنها على دول أخرى حيث يقول : علينا أن نحث حلف شمال الأطلنطي من أجل تشكيل قوة للعمل في العراق.
فهذا سوف يساعد أمريكا في الحصول على المزيد من القوات. كما أن التصعيد الأخير في أعمال العنف في العراق دفع العديد من الدول الحليفة إلى التفكير في سحب قواتها من العراق وهو ما يعني ضرورة وجود غطاء دولي شرعي لتواجد قوات هذه الدول في العراق.
وافتتاحية واشنطن بوست المنشورة بتاريخ 15 فبراير الماضي تكشف الكثير من التناقضات في مواقف جون كيري تجاه الحرب.
ففي عام 1990 رفض السيناتور الأمريكي جون كيري شن الحرب من أجل تحرير الكويت بزعم الحاجة إلى المزيد من التأييد الشعبي الأمريكي لهذه الحرب قبل أن يصوت لصالحها في مجلس الشيوخ. ولكن عام 1998 عندما كان الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون وهو ديموقراطي يستعد لتوجيه ضربة عسكرية إلى العراق بدعوى عدم التعاون مع مفتشي الأسلحة الدوليين فإن كيري كان من أشد المتحمسين لهذه الخطوة.
وبعد ذلك بأربع سنوات وفي أكتوبر عام 2002 صوت كيري لصالح قرار يفوض الرئيس الأمريكي جورج بوش بغزو العراق ولكنه انتقد فشل بوش في حشد التأييد الدولي اللازم لشن هذه الحرب. وبعد ذلك بشهور رفض الموافقة على تخصيص حوالي 90 مليار دولار لتمويل مشروعات إعادة الإعمار في العراق بعد الحرب ولكنه يطالب إدارة الرئيس بوش بإقامة نظام حكم ديموقراطي في العراق.
فالهجوم الذي يشنه كيري باستمرار على الرئيس بوش ينصب على الوسائل وليس على الغايات.
ففي هجوم له على السياسات التي ينتهجها الرئيس الأمريكي جورج بوش حاليا، انتقد (كيري) السياسة الخارجية لإدارة بوش، متسائلا عن الأسباب التي جعلت الولايات المتحدة معزولة تقريبا عن العديد من حلفائها في العراق.
وتعهد كيري بأنه سيعمل حال فوزه بانتخابات الرئاسة القادمة في الولايات المتحدة على التعاون بشكل أكبر مع المجتمع الدولي.
وأكد كيري في كلمة ألقاها أمام تجمع انتخابي في مدينة ميلووكي بولاية وسكونسن أنه من الضروري التساؤل عن العوامل التي جعلت أمريكا تتحمل أغلب العبء على كاهلها في عراق ما بعد الحرب.
وواصل كيري انتقاداته لإدارة بوش قائلا إن (الوضع الراهن في العراق لا يكفل الأمن لأي من الدول العربية أو الأوروبية.. حتى هذه الدول التي رفضت الانضواء تحت لواء التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في العراق).
وأضاف أن على واشنطن الانخراط في جهود واضحة ومباشرة لحث المجتمع الدولي على المشاركة في الجهود الرامية إلى إرساء الاستقرار في الأراضي العراقية.
وقد أعرب المرشح الديموقراطي للرئاسة الأمريكية عن أسفه لقرار أسبانيا سحب قواتها من العراق غير أنه أعرب عن أمله في أن يعيد رئيس الوزراء الأسباني الجديد خوسيه لويس ثاباتيرو النظر في موقفه.
وقال إن (لإسبانيا والعالم أجمع مصلحة في إعادة إعمار عراق لا ان يكون ملجأ للإرهابيين).
وتمنى أن يعيد رئيس الوزراء الإسباني خوسيه لويس ثاباتيرو النظر في موقفه، كما عبر عن الأمل في أن (تتمكن الولايات المتحدة والعالم في الأيام المقبلة من العمل معه لإيجاد وسيلة تمكن إسبانيا من الإبقاء على التزامها في العراق). وقال ان (إيجاد شركاء جدد داخل التحالف لتقاسم العبء في العراق مسألة حاسمة).
ويؤكد كيري أن سياسات الرئيس الأمريكي على الصعيد الخارجي قد أدت إلى تراجع مكانة أمريكا في العالم، مشيرا في هذا الصدد إلى نتائج استطلاعات الرأي التي تكشف عن أن الولايات المتحدة بلغت أسوأ مكانة لها على المستوى العالمي على الإطلاق.
انتقاد بوش
وخلال أحد التجمعات الانتخابية أكدت إحدى الحاضرات وهي (سوزان ماكجفرن) ابنة (جورج ماكجفرن) الذي كان مرشحا ديموقراطيا للرئاسة عام 1972 أن الناخبين في وسكنسون يريدون أن يستمعوا لانتقادات قوية يوجهها كيري لسياسات بوش في مجالي السياسة الخارجية وحماية البيئة، وهو ما رد عليها كيري بالقول إنه يظن أن انتقاداته لبوش في هذا الشأن قوية بما يكفي.
وهكذا يتضح لنا أنه حتى الديموقراطيون أنفسهم غير مرتاحين لهذا التقارب الحاد بين كيري وبوش على صعيد السياسات الخارجية وبخاصة فيما يتعلق بالعراق والانتشار العسكري الأمريكي حول العالم.
أما إليزابيث شولت فكتبت مقالا قويا في موقع العمال الاشتراكيين على الإنترنت اتهمت فيه كيري بالنفاق وارتداء العديد من الأقنعة وبخاصة فيما يتعلق بالحرب على العراق. وتقول إنه في الوقت الذي يقول فيه كيري إنه يجب محاسبة جورج بوش على الحرب ضد العراق وما ارتكب فيها من أخطاء وفي الوقت نفسه فقد كان من أول الموافقين على أكبر ميزانية عسكرية في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكي باعتباره عضواً في مجلس الشيوخ العام الماضي.
الأسلحة الرديئة
في الوقت نفسه فإن كيري الذي يرتدي قناع الليبراليين المناهضين للحرب عندما يتحدث عن ضرورة التخلص من الكثير من الأنظمة التسليحية مثل القاذفات الثقيلة بي 52 وصواريخ باتريوت المضادة للصواريخ وطائرات الأباتشي المضادة للدبابات فإنه يتحدث انطلاقا من رغبته في (التخلص من الأسلحة الرديئة بهدف تحسين القدرات التسليحية للقوات الأمريكية).
وتشير الكاتبة الأمريكية إلى التناقض في مواقف كيري من الحرب وفقا لطبيعة الجمهور الذي يستمع إليه. فعندما يتحدث أمام جمهور من مناهضي الحرب والمحاربين القدماء وضحايا الحروب فإنه يردد على مسامعهم مشاركته في الحملة المناهضة لحرب فيتنام في أعقاب عودته من تلك الحرب بعد حصوله على ثلاث ميداليات تقديرا لشجاعته في أقل من خمسة أشهر قضاها هناك.
ولكنه عندما يتحدث أمام المحافظين وأنصار القوة فإنه يتحدث عن خبرته في الحروب مقابل جهل الرئيس الأمريكي جورج بوش بها ويتحدث عن بوش الذي استغل نفوذ عائلته ليقضي خدمته العسكرية الإجبارية في الحرس الوطني بتكساس في الوقت الذي كان شباب أمريكا يرسلون إلى الحرب في الهند الصينية حيث تدور معارك فيتنام. وتضيف إليزابيث شولت أن تاريخ كيري في تأييد استخدام القوة العسكرية الأمريكية لتحقيق أهداف السياسة الأمريكية سابق على خوضه معركة الانتخابات الرئاسية. ففي عام 1994 قال إن أمريكا لها كل الحق في شن الضربات الوقائية ولكن في حالات الضرورة القصوى فقط.
ورغم ذلك فإنه كان من مؤيدي الغزو الأمريكي لجزيرة جرينادا الصغيرة في عهد الرئيس الجمهوري السابق رونالد ريجان. وقال كيري إنه رغم عدم حماسه لغزو هذه الجزيرة الصغيرة إلا أنه لم يعلن أي معارضة لهذه الخطوة على الإطلاق.
أما موشيه نايم رئيس تحرير مجلة فورين بولسي الأمريكية المتخصصة في الشئون الدولية فنشر مقالاً تحت عنوان (لا توجد بللورة مسحورة) قال فيها إنه لا يمكن التنبؤ بسلوك جون كيري في حالة فوزه في الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة على حساب الرئيس جورج بوش خاصة على صعيد الحرب الأمريكية ضد ما يسمى بالإرهاب.
وأضاف موشيه نايم (على الولايات المتحدة أن تتعاون مع دول العالم الأخرى وتتحالف معها في الحرب ضد الإرهاب تحقيقا لمصالح الولايات المتحدة وليس تحقيقا لمصالح هذه الدول الأخرى).
والاقتباس الثاني يقول (إنني أشعر بالراحة أكثر من أي سياسي آخر عندما أتعاون مع المؤسسات الدولية والدول الحليفة).
ويقول الكاتب الأمريكي إن المفاجأة هي أن الاقتباس الأول قاله المرشح الديموقراطي للرئاسة الأمريكية جون كيري في حين أن صاحب الاقتباس الثاني هو الرئيس جورج بوش.
ويضيف الكاتب نايم إن هؤلاء الذين يراهنون على كيري قد يرتكبون حماقة كبرى لآن بقاء بوش في البيت الأبيض قد يكون أفضل لسلام العالم ككل. فربما يتخلى بوش عن الكثير من السياسات التي تبناها خلال فترة الرئاسة الأولى وسببت له من المشكلات أكثر مما حققت له من فوائد. في الوقت نفسه فإن كيري قد يفعل العكس بمعنى أن يحاول المضي قدما في سياسات بوش العسكرية والتوسعية بحثاً عن مجد جديد له.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|