|
الصحافة في خدمة المجتمع
|
أفهم أن مهمة الصحافة تتمثل في نقل الأخبار إلى متلقيها..
وأن هذا كان هدفاً أساسياً ضمن أهداف أخرى قامت عليها نشأة الصحافة في العالم..
وأزعم أنه لايخونني سوء التقدير أو البعد عن الفهم حين أقول إن هذا التصور هو السائد إلى اليوم في عقول الكثيرين منا..
والأمر في هذا لا يحتاج إلى استحضار أدلة أو البحث عن مسوغات لتأكيد سلامة وجهة النظر هذه وصحة مثل هذا الاعتقاد..
***
نعم، هناك الرأي في الصحافة وله أهميته..
وهناك دور الصحافة في تثقيف قرائها وله من الأهمية ما له..
ولايجوز إغفال مهام الصحافة في نشر المعلومة لما تمثله من عنصر جذب للقراء..
كما لا يصح تجاهل رسالتها في خلق الوعي بضوابطه الأخلاقية..
ونخطئ في كل حساباتنا لو لم نلق بالاً لما ينبغي أن نقوم به في قضايا ساخنة وحساسة، وهذا ما عنيته وأعنيه باختياري لدور الصحافة في خدمة المجتمع عنواناً لمقال هذا الاسبوع..
***
مناسبة كتابة هذا الموضوع..
دون حاجة إلى مزيد من ذكر الأسباب ومبررات اختيار هذا التوقيت..
قيام سمو الأمير عبدالله بن عبدالعزيز بزيارته التفقدية للفقراء في الأحياء الأشد فقراً..
كان من ضمن دلالات الزيارة..
كما أفهمها..
ومع كل ما حملته من مؤشرات كثيرة..
توجيه رسالة إلى الصحافة..
إلى العاملين في بلاطها..
وإلى القيادات فيها..
كما لو كان نقداً مهذباً على تقصيرها في دور أوكل لها..
تقصير في مسؤولية هي من أول واجباتها..
على شكل سؤال، كما لو ان سموه قد قال: أينكم مما رأيته..؟
***
نعم، أين الصحافة من هذه الحالة وحالات أخرى كثيرة..؟
ومتى تمارس دورها في خدمة المجتمع..؟
بعد أن فتح سمو ولي العهد الطريق أمامها نحو آفاق رحبة لممارسة دورها المسؤول..؟
***
أريد باختصار ان أقول إن خدمة المجتمع تبدأ من اقتحام الصحافة للأحياء التي بلغها البؤس ويعوز قاطنيها الحاجة إلى لقمة العيش ويسكنها صوت من لا صوت له في جهد أمين ونزيه وصادق يقدم على كشف المستور ونقل واقعه إلى القيادة للوصول إلى حل..
***
واسأل الزملاء في هذه المجلة..
هل فكرتم قبل زيارة سمو الأمير في زيارة لهذه الأحياء..؟
وماذا أنتم فاعلون بعد هذه الزيارة..؟
خالد المالك
|
|
|
|
البغتة
|
لم يخلق الله الكريم هذا الكون العظيم بغتة، بل خلقه في ستة أيام وهذا ما أشارت إليه الآية 38 من سورة ق {وّلّقّدً خّلّقًنّا السَّمّوّاتٌ وّالأّرًضّ وّمّا بّيًنّهٍمّا فٌي سٌتَّةٌ أّيَّامُ وّمّا مّسَّنّا مٌن لٍَغٍوبُ} والله القوي كان قادراً على خلق هذا الكون بأصغر كلمة تحمل الأمر الإلهي وهي (كن) ولكنه أراد أن يتم خلقه في هذه الأيام الستة لحكمة لا يعلمها إلا هو وإن قال بعض أهل العلم بأن الحكمة من وراء ذلك هو تعلُّم الصبر.
وهذه الآية الكريمة رد على الافتراء الذي جاءت به اليهود في توراتها المحرفة بأن الله خلق الكون في ستة أيام ثم أصابه تعب فارتاح في اليوم السابع تعالى الله عما يصفون علواً كبيراً .
وقد خلق الله الكريم الأرض وهيأ عليها جميع سبل الحياة وحماها بغلاف جوي يمتد لمئات الكيلومترات هو عماد حياة الإنسان والحيوان والنبات. والمتفكر في خلق الله تعالى يرى أن فوائد هذا الغلاف كثيرة جداً، فمن هذه الفوائد أنه ينثر ضوء الشمس ويضيء الأرض دون أن تضيئها أشعتها مباشرة، فيسبب حدوث الشفق والفجر حيث يخرج الليل من النهار والنهار من الليل تدريجيا وفق نظام إلهي بديع. ولولا وجود هذا الغلاف لحدث الانتقال من النهار إلى الليل فجأة كما يحدث على سطح القمر، فهذا التسلسل الرائع العظيم من الانتقال من جوف الليل البهيم إلى النهار المبصر الباهر النور بعد المرور على حالة تدرج الضوء تجعل جميع الخلائق في حالة هدوء لاستقبال يومها الجديد.
أما لو حدث وجاء النهار بغتة بعد ظلام دامس فيستيقظ الناس في أشد الهلع صرعى على الأرض، وهذا ما يحدث في معسكرات التعذيب لبني البشر، فبعد أن يوضع الإنسان في زنزانة معتمة لفترة طويلة يزج به فجأة في ضوء النهار ليصدم بهذا الانتقال الرهيب من حالة الاعتام إلى حالة الضوء الشديد. ولكن الله اللطيف بعباده على اختلاف عقائدهم لا يعذبهم، بل يتساوى الجميع عند نومهم وإيقاظهم ولكنهم لا يتساوون عند موتهم وحسابهم، حيث يبدأ الحساب من القبر إلى يوم الحشر. ونرى نفس النظام عند إقبال آية الليل، فإن الظلام لا يأتي بغتة ولكن بنظام تسلسلي هادىء حيث يلي غروب الشمس الشفق المدني ثم الشفق البحري فالشفق الفلكي حيث تظهر فيه السماء وقد امتلأت بالنجوم والكواكب ويظهر القمر المنير فتكون صفحة الفلك كاملة ويبدأ معها موعد صلاة العشاء. قال تعالى: {يٍولٌجٍ اللّيًلّ فٌي النَّهّارٌ وّيٍولٌجٍ النَّهّارّ فٌي اللّيًلٌ وّسّخَّرّ الشَّمًسّ وّالًقّمّرّ كٍلَِ يّجًرٌي لأّجّلُ مٍَسّمَْى } فاطر (13).
كذلك الأمر نرى من رحمة الله تعالى أن فصل الربيع أشد برودة من الصيف مع أن مدة النهار وميل الشمس في الربيع لهما شبههما في الصيف تقريباً، ذلك لأن الأرض لا تسخن فجأة وإنما بالتدريج، ففصل الربيع يعقب فصل الشتاء والأرض ما تزال بعد باردة، ولنفس السبب يكون الخريف أحر من الشتاء ولكن الله سبحانه وتعالى جعل الناس جميعاً يخضعون لسلطان البغتة يوم القيامة لشدة هول ذلك اليوم العظيم وهذا ما أشارت إليه الآية 187 من سورة الأعراف {يّسًأّلٍونّكّ عّنٌ السَّاعّةٌ أّيَّانّ مٍرًسّاهّا قٍلً إنَّمّا عٌلًمٍهّا عٌندّ رّبٌَي لا يٍجّلٌَيهّا لٌوّقًتٌهّا إلاّ هٍوّ ثّقٍلّتً فٌي السَّمّوّاتٌ وّالأّرًضٌ لا تّأًتٌيكٍمً إلاَّ بّغًتّةْ} .
(73)} الزمر (73)، نلاحظ أن وجود الواو في هذه الآية الكريمة هو في غاية الأهمية وقد أضيفت إلى كلمة (فُتحت) رأفة ورحمة بالمؤمنين وهي حالية وتعرف أيضاً بواو الثمانية لأن الجنة لها ثمانية أبواب. ذهب الكثير من المفسرين على أن زيادة الواو هنا دليل على أن الأبواب فُتحت لهم قبل أن يأتوا لكرامتهم على الله تعالى، والتقدير حتى إذا جاءوها وأبوابها مفتحة بدليل قوله تعالى: {جّنَّاتٌ عّدًنُ مٍَفّتَّحّةْ لَّهٍمٍ الأّبًوّابٍ} ص (50)، فأهل الجنان سيرون الجنة من بعد بشكل تدريجي وهم في طريقهم إليها لكي لا يبهروا ويصدموا بهذا المشهد العجيب الذي يأخذ بالألباب، بينما لا نجد هذه الواو في الحديث عن أهل النار، قال تعالى:{وّسٌيقّ الذٌينّ كّفّرٍوا إلّى" جّهّنَّمّ زٍمّرْا حّتَّى" إذّا جّاءٍوهّا فٍتٌحّتً أّبًوّابٍهّا} الزمر (71)، فحذف الواو هنا دل على أنهم وقفوا على الأبواب وفُتحت بعد وقوفهم فجأة إذلالاً وترويعاً لهم، فدل ذلك على أن أبواب جهنم السبعة كانت مغلقة خلاف أبواب الجنة الثمانية التي كانت مفتحة وهم في طريقهم إليها ليألفوا ذلك المشهد العجيب رأفة ورحمة بهم.. والأمثلة على رحمة الله تعالى بالمؤمنين كثيرة جداً في القرآن الكريم ولا تسع هذه العجالة ذكرها.. فتبارك الله رب العالمين.
أحمد رامي محمودي
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|