|
عن الصحافة..
|
الصحافة قضية إن نأت بنفسها عن الأحداث..
وهي كذلك إن وضعت نفسها طرفاً فيها..
والمعادلة المطلوبة لإرضاء كل القراء يستحيل تحقيقها..
ومن العبث إضاعة الوقت حتى ولو بالتفكير فيها..
ما أعنيه أننا أمام مفهوم غريب أحياناً..
كلٌّ يريد أن يضع مقاسات معينة لما ينشر فيها..
ومواصفات لها تتفق مع قناعاته ودون اهتمام بغيره..
* * *
والمطلوب في ظل هذا الفهم..
أن تختار الصحافة بين أن تكتب
بقناعات هؤلاء أو لا تكتب..
أن يأتي رأيها في هموم الأمة منسجماً مع ما يريده هؤلاء أو أن تصمت...
وتلك قاعدة لا يمكن أن يُبنى عليها مستقبل العمل الصحفي الناجح..
* * *
على الصحافة مسؤولية كبيرة..
ورسالة ينبغي أن تقوم بها..
فهي لسان حال الأمة..
وهي ضمير كل قارىء من قرائها..
ولا ينبغي أن تنكفىء على نفسها..
أو تتعامل مع الأحداث بسلبية..
لأنها حينذِ سوف تفتقد لأهم متطلبات صدورها..
* * *
وبهذا الفهم المتواضع..
لكاتب هذه السطور..
في ضوء ما يقال وما سوف يقال..
من دور يُرسم لها..
ومن اجتهادات تفرّغها من مسؤولياتها..
وتضعها في الموقع الذي يجب أن تكون بعيدة عنه..
أقول لكم صادقاً..
وبأمانة..
انطلاقاً من نقاش نسمعه بين الحين والآخر..
ومن آراء يتكرم بعض القراء في إسماعنا إياها..
إن الصحافة سيبقى ما ينشر فيها محور خلاف..
وتباين في وجهات النظر..
وتلك ظاهرة صحية..
لكن علينا أن نتأمل في قراءة وتفسير ما ينشر فيها..
لكي لا نشطّ في آرائنا..
لكي لا نبتعد عن بعضنا..
* * *
ولأنه يستحيل أن يرضى جميع القراء عن الصحافة..
وأن يُقابل بعين الرضا كل موضوع.
ينشر فيها...
سواء في صحافة المملكة..
أو صحافة الدنيا كلها..
سواء في هذا الوقت..
أو في الأزمان الغابرة..
لهذا يجب أن نسقط هذا من تفكيرنا..
وأن نبعده عن خانة التمنيات التي نسعى لتحقيقها..
دون إغفال منا لأخلاقيات الصحافة..
أو تجاهل لرسالتها..
مع الابتعاد عن كل ما يكون سبباً في تشويهاتها..
فهذا هو المطلوب منها ومنا..
الآن ومستقبلاً.
خالد المالك
|
|
|
عجائب وغرائب.. الأهرامات..؟!
|
.. بعد وفاة الفنان "محمد بن عبدالوهاب"؛ منذ عدة سنوات؛ قالت بعض الصحف العربية في نعيه: "سقوط الهرم الرابع في مصر"..! والقصد بطبيعة الحال هو: الهرم الفني الرابع بعد، وفاة كل من: "أم كلثوم، وفريد الأطرش، وعبدالحليم حافظ". ففي هذا إشارة إلى شهرة مصر العالمية؛ بأهراماتها الفرعونية المعروفة، فهي معالم تاريخية فريدة في هذا العالم، وتعد من عجائب الدنيا السبع. وظل المشاهير منذ زمن بعيد؛ يتشوقون لمشاهدتها، فيأتون مصر لرؤيتها.
.. ومن هؤلاء المشاهير القدامى؛ الخليفة العباسي "المأمون"، فقد ذكر المسعودي في: "أخبار الزمان، ومن أباده الحدثان"؛ أن "المأمون" لما دخل الديار المصرية، أراد هدم الأهرامات؛ فلم يقدر على ذلك، فاجتهد وأنفق أموالاً عظيمة، حتى فتح في أحدها طاقة صغيرة، فوجد خلف الطاقة من الأموال؛ قدر الذي أنفقه، وكتاباً فيه: "قد علمنا أنك تأتي في عصر كذا، ولا تستطيع أكثر من ذلك، فجعلنا لك ما أنفقت فلا تتعب.. فأنشد "المأمون" في ذلك:
===============================
انظر إلى الهرمين.. واسمع منهما
ما يرويان عن الزمان الغابر
لو ينطقان..! لخبرانا بالذي
فعل الزمان بأولٍ وبآخر
===============================
.. وسواء صحت مقولة المسعودي أم لم تصح؛ فإن من المعالم التاريخية، ما هو من الشواهد الحية؛ التي لا ينبغي التفريط في شأنها، فكم درت الأهرامات على مصر وأهل مصر؛ من سمعة عالمية؛ ومن عملات صعبة؛ ومن آفاق ثقافية وتاريخية.. ولو أحسن باحثو مصر؛ فجمعوا لنا ما قيل من شعر وطرائف في أهراماتهم،؛ لأثروا المكتبة العربية والعالمية؛ بما هو أثمن من الكنز.
.. لقد أكثر الشعراء من ذكر الأهرامات؛ فهذا المتنبئ يقول:
===============================
أين الذي.. الهرمان من بنيانه
ما قومه؛ ما يومه؛ ما المصرع
تتخلف الأيام عن أصحابها
حيناً.. ويدركها الفناء فتصرع
===============================
.. وكان شعره هذا؛ من قصيدة له في رثاء أبي شجاع؛ فاتك. المتوفى سنة 350هـ.
.. وهذا الفقيه؛ عمارة اليمني؛ يقول في وصف بليغ:
===============================
خليلي.. ما تحت السماء بنية
تماثل في إتقانها هرمي مصر
بناء يخاف الدهر منه.. وكل ما
على ظاهر الدنيا.. يخاف من الدهر
تنزه طرفي.. في بديع بنائها
ولم يتنزه في المراد بها فكري
===============================
.. ثم قال بعد ذلك في وصف مصر:
===============================
تبين أن صدر الأرض مصر
ونهداها.. من الهرمين شاهد
فيا عجباً.. وقد ولدت كثيراً
على هرم.. وذاك النهد ناهد
===============================
.. وقال سيف الدين بن جبارة؛ يصف أهرامات مصر العجيبة:
===============================
لله.. أي عجيبة وغريبة
في صنعة الأهرام.. للألباب
أخفت عن الأسماع.. قصة أهلها
ونضت على الإبداع كل نقاب
فكأنما هي.. كالخيام مقامة
من غير ما عمدٍ.. ولا أطناب
===============================
.. ولشاعرين آخرين؛ ما ينبئ عن تأثرهما بعظمة هذه الأهرامات؛ وبعدها التاريخي. قال الأول:
===============================
قد علا.. نيل مصر في زيادته
حتى لقد بلغ الأهرام حين طما
فقلت: هذا عجيب في دياركم
إن ابن ستة عشر.. يبلغ الهرما
===============================
.. وقال الثاني:
===============================
مصر التي لحسنها.. قد قيل فيها أرم
لما جفت عشاقها.. بدا عليها الهرم
===============================
.. ولا يفوتنا أن نلمح هاهنا؛ ملاحة التورية البديعة؛ من وراء "الهرم" في البيت الأخير..!
++++++++++++++++++++++++++
حمّاد بن حامد السالمي الطائف
++++++++++++++++++++++++++
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|